موسكو تؤكد تنفيذ اتفاق إدلب وتعتبر المنطقة العازلة مؤقتة

TT

موسكو تؤكد تنفيذ اتفاق إدلب وتعتبر المنطقة العازلة مؤقتة

أكدت الخارجية الروسية أمس، أن تركيا تقوم بـ«خطوات عملية» لتنفيذ اتفاق إدلب بشأن إقامة منطقة منزوعة السلاح، وأعرب نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف عن ارتياح لبدء عملية نزع السلاح من المنطقة، لكنه شدد على أن «هذا إجراء مؤقت» مؤكدا ضرورة «تحرير كل الأراضي السورية من الإرهاب».
ولفت بوغدانوف في حديث مع الصحافيين أمس، إلى أن «استعدادات نزاع السلاح من المنطقة دخلت حيز التنفيذ وفقا للاتفاق الذي تم التوصل إليه في سوتشي بين الرئيسين فلاديمير بوتين ورجب طيب إردوغان». وزاد أن موسكو «واثقة بصحة تأكيدات أنقرة بأن الجماعات الإرهابية بدأت بالانسحاب من المنطقة» مؤكدا أن الاتصالات الروسية التركية متواصلة في هذا الشأن. وأعرب الدبلوماسي الروسي عن قناعة بأن «كل الاتفاقات حول سوريا، بما في ذلك بشأن إدلب، والتي تم التوصل إليها في إطار صيغة أستانة والقمة الروسية التركية في سوتشي، ستطبق بشكل كامل».
لكن بوغدانوف لفت إلى أن الاتفاق حول إدلب هو «إجراء مؤقت» موضحا في معرض تعليقه على تصريحات أميركية وصفت الوضع في إدلب بأنه «مجمد» أن موسكو «قالت دائما بأن هذا الإجراء مؤقت، مثلما كان الوضع بالنسبة إلى بقية مناطق خفض التصعيد في سوريا التي أقيمت بناء على اتفاقات في الجولة الرابعة من مفوضات أستانة».
وزاد أنه «حاليا لم يبق من تلك المناطق إلا واحدة، ونقول هنا أيضا، بأن هذا إجراء مؤقت، لأنه لا بد في المحصلة من تحرير كافة الأراضي السورية من أي وجود للإرهابيين».
وكان المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا جيمس جيفري قال الخميس بأن الوضع الراهن في إدلب «مجمد»، معتبرا ذلك «معجزة» تحققت نتيجة الاتفاق الأخير بين الرئيسين الروسي والتركي. وأضاف أن واشنطن «ستواصل ممارسة الضغوط لضمان استمرار الوضع الحالي وعدم تغييره».
واعتبر جيفري أن على روسيا أن تتوقف عن دعم الرئيس السوري بشار الأسد، لأن الدولة تنهار اقتصاديا فضلا عن عدم الاستقرار، منوها بأن هذا الدعم سيكلف روسيا كثيرا.
وأشار جيفري إلى أن بلاده لا تعتقد أن الرئيس السوري انتصر في النزاع، «إنه يرأس دولة ميتة، لا اقتصاد فيها عمليا، دون الوصول إلى موارد النفط والغاز».
في سياق آخر، شدد بوغدانوف على أن «موسكو تولي أهمية خاصة لإقناع إسرائيل بصحة المآخذ الروسية عليها، إثر حادث إسقاط طائرة «إيليوشين - 20» قبالة الساحل السوري».
وأوضح نائب الوزير الروسي أن «لدينا جميعا مصلحة في توضيح هذا الأمر بكل جلاء، للجميع ولشركائنا الإسرائيليين، كي يفهموا صحة مآخذنا عليهم، والاتصالات في هذا الخصوص مستمرة مع تل أبيب».
على صعيد آخر، تحدثت وسائل إعلام روسية عن «أمر واقع تبلور في سوريا حيث غدت البلاد مقسمة عمليا إلى ثلاث مناطق نفوذ».
ونقلت شبكة «غازيتا رو» الإعلامية الواسعة الانتشار عن خبراء تقديرات للوضع الحالي بعد التوصل إلى اتفاق سوتشي حول إدلب، ركزت على أن «إيران لن تنسحب أبدا من سوريا وكلما زادت الضغوط عليها ازدادت رغبة طهران في الحفاظ على وجودها العسكري في سوريا، وكذلك في مناطق أخرى من الشرق الأوسط».
وعلى خلفية التوقعات بتمسك إيران بموقع نفوذها، وبسط تركيا سيطرة شبه كاملة في الشمال، رأى خبراء تحدثت إليهم الصحيفة أن «الوضع الراهن يعكس تقسيما فعليا لسوريا إلى ثلاث مناطق نفوذ على الأقل»، و«المنطقة الواقعة شرقي الفرات، منطقة نفوذ أميركي، فيما محافظة إدلب، وبعض مناطق الشمال منطقة نفوذ تركي، رغم الاتفاقات بين رئيسي روسيا وتركيا. وكل ما تبقى هو منطقة نفوذ إيران، وبالتالي قوات بشار الأسد الحكومية».
ورأى الخبراء أنه «لن يتخلى أي من هؤلاء اللاعبين الرئيسيين عن مراكزهم في المستقبل القريب».
وبرغم ذلك لم يستبعد بعض الخبراء انسحابا محدودا لإيران من بعض الأراضي السورية، في إشارة إلى أن الوجود الإيراني «يمكن أن يتأثر جديا بتشديد العقوبات الأميركية ضد الجمهورية الإسلامية، والتي من المتوقع اعتمادها في 4 نوفمبر (تشرين الثاني). بشكل يؤثر على صادرات النفط والأنشطة المالية لطهران. هذا يمكن أن يلحق ضررا شديدا باقتصاد إيران. ما يطرح أسئلة حول قدرة طهران على توفير ما يكفي من القوات والموارد للحفاظ على التشكيلات المسلحة الكثيرة في الخارج».



منصة يمنية تحذر من مخاطر التوسع الحوثي في القرن الأفريقي

للشهر التاسع على التوالي يهاجم الحوثيون السفن في البحر الأحمر وخليج عدن (أ.ف.ب)
للشهر التاسع على التوالي يهاجم الحوثيون السفن في البحر الأحمر وخليج عدن (أ.ف.ب)
TT

منصة يمنية تحذر من مخاطر التوسع الحوثي في القرن الأفريقي

للشهر التاسع على التوالي يهاجم الحوثيون السفن في البحر الأحمر وخليج عدن (أ.ف.ب)
للشهر التاسع على التوالي يهاجم الحوثيون السفن في البحر الأحمر وخليج عدن (أ.ف.ب)

حذّرت منصّة يمنية متخصصة في تعقّب الجريمة المنظّمة وغسل الأموال (P.T.O.C) من مخاطر التوسع الحوثي في القرن الأفريقي، وكشفت عن بيانات تنشر لأوّل مرة عن مشروع توسع الجماعة، الذي يديره بشكل مباشر «الحرس الثوري» الإيراني، بتنسيق مع ميليشيا «حزب الله» اللبناني.

وتضمن تقرير المنصة، الذي اطلعت عليه «الشرق الأوسط»، معلومات عن خريطة التوسّع الخارجي للجماعة الحوثية بتكليف من إيران، وخريطة تهريب وتسليح الجماعة، ومفاتيح مشروع التوسّع الحوثي في القرن الأفريقي والمشرفين عليه والمنفّذين.

ابن عم زعيم الجماعة الحوثية خلال تجمع في صنعاء (أ.ف.ب)

ويتناول التقرير نشاط جماعة الحوثيين خارجياً في القرن الأفريقي، ابتداءً من تهريب الأسلحة وتجنيد الأفارقة ومعسكرات تدريبهم، واستخدامهم في الأنشطة الاستخبارية والإرهابية التوسّعية.

ووفق التقرير، أكدت محاضر سرية لاجتماعات ما يسمى «جهاز الأمن والمخابرات» التابع للحوثيين أنه جرى إسناد مسؤولية مشروع التوسّع الخارجي في القرن الأفريقي إلى القيادي عبد الواحد أبو راس، ورئيس الجهاز عبد الحكيم الخيواني، ووكيل الجهاز لقطاع العمليات الخارجية حسن الكحلاني (أبو شهيد)، والقيادي الحسن المرّاني، والقيادي أبو حيدر القحوم، بهدف تحقيق مساعي إيران في التوسّع في القارة الأفريقية والسيطرة على ممرّات الملاحة الدولية.

وأشار التقرير إلى الدور الذي يلعبه نائب وزير الخارجية في حكومة الحوثيين الانقلابية، حسين العزّي، من خلال المصادر الدبلوماسية والشخصيات التي تعمل معه في كل من إثيوبيا، وإريتريا، وجيبوتي، والسودان، وكينيا، إذ تُجرى إقامة علاقات استخباراتية وأمنية وسياسية ولوجستية مع الشخصيات والعناصر الموجودة والمقرّبة من جماعة الحوثيين في تلك الدول، والعمل على استقطاب أكبر قدر ممكن من الدبلوماسيين في السفارات اليمنية في تلك الدول.

تجهيز وتدريب

وكشفت المنصة اليمنية في تقريرها عن سعي الحوثيين لإنشاء محطات استخباراتية حسّاسة ودقيقة في كل دول القرن الأفريقي والدول المحيطة باليمن، والعمل على تجهيز وتدريب وتأهيل كوادرها في أسرع وقت ممكن؛ بهدف تفعيلها بشكل مناسب، وفي وقت مناسب، لما يحقّق أهداف ما تُسمّى «المسيرة القرآنية والمصالح المشتركة مع دول المقاومة، خصوصاً إيران، وغزة، ولبنان».

عشرات الآلاف من الأفارقة المهاجرين يصلون سنوياً إلى اليمن (الأمم المتحدة)

وأظهرت الوثائق التي أشار إليها التقرير إلى هدف الحوثيين المتمثّل في التحضير والتجهيز مع العناصر والشخصيات التي جرى إنشاء علاقة معها في أفريقيا لـ«إنجاز أعمال وتحرّكات ونشاط في البحر الأحمر ودول القرن الأفريقي لمساندة الحوثيين في حال ما تعرّضوا لأي ضغوط سياسية أو دبلوماسية دولية خارجية».

واحتوى التقرير على أسماء القيادات المسؤولة عن هذا الملف، ابتداءً من المشرف في «الحرس الثوري» الإيراني المدعو أبو مهدي، وانتهاءً بمالك أصغر قارب تهريب للأسلحة في البحر الأحمر، إضافة إلى علاقة تنظيم «الشباب المجاهدين» الصومالي بجماعة الحوثيين والأفارقة ومافيا تجنيد الأفارقة وتهريبهم من وإلى اليمن، في واحدة من أخطر جرائم الاتجار بالبشر والجريمة المنظّمة.

ويؤكد تقرير منصّة تعقّب الجريمة المنظّمة وغسل الأموال (P.T.O.C) أن جماعة الحوثيين قامت باستقطاب وتجنيد كثير من العناصر الأفريقية من جنسيات مختلفة، خصوصاً عقب اجتياح صنعاء ومحافظات عدّة في سبتمبر (أيلول) 2014، إذ جرى إخضاعهم لدورات ثقافية وعسكرية، وتوزيعهم على جبهات القتال (تعز - الساحل الغربي - مأرب - الحدود)، وأرجع البعض إلى دولهم لغرض التوسّع في أفريقيا.

تعنت الحوثيين أدى إلى تعطيل مسار السلام في اليمن (أ.ب)

كما استقطبت الجماعة - وفق المنصة - كثيراً من الشخصيات والرموز الأفارقة المؤثّرين (قبيلة العفر - الأورومو - أوجادين) بين أوساط الجاليات الأفريقية في صنعاء (الصومالية - الإثيوبية - الإريترية) والاعتماد عليهم في الحشد والاستقطاب من اللاجئين الأفارقة الموجودين في صنعاء، وكذلك من يجري استقطابهم من مناطقهم بالقرن الأفريقي، والتنسيق لهم للوصول إلى صنعاء.

أبو راس والكحلاني

وذكرت المنصة اليمنية في تقريرها أن مسؤول ملف التوسّع الخارجي والقرن الأفريقي في الجماعة الحوثية هو عبد الواحد ناجي محمد أبو راس، واسمه الحركي «أبو حسين»، وهو من مواليد محافظة الجوف اليمنية، إذ تولّى هذا الملف بتوصية مباشرة من قبل قيادات إيرانية سياسية عليا وقيادات في «الحرس الثوري» الإيراني.

ومن أبرز الملفات التي يعمل عليها أبو راس، وفق التقرير، التنسيق مع عناصر «الحرس الثوري» الإيراني، وقيادة الحركة الحوثية للعمل الميداني، كما أنه المسؤول المباشر عن تأمين وإدخال وتهريب عناصر «الحرس الثوري» الإيراني و«حزب الله» من وإلى اليمن.

وتوارى أبو راس - وفق التقرير - عن الأنظار منذ عدة أعوام، ولكنه كان المكلّف السري بأخطر الملفات السياسية والاستخباراتية لدى جماعة الحوثي، إذ كُلّف بمهام وكيل الشؤون الخارجية في جهاز الأمن والمخابرات الحوثي، حتى تعيين المدعو حسن الكحلاني بالمنصب نفسه، وترقية أبو راس لتولي ملف التوسّع الخارجي والقرن الأفريقي، بتوصية واتفاق مباشر بين عبد الملك الحوثي وقيادة «الحرس الثوري» الإيراني.

الحوثيون يطمحون إلى التحول إلى لاعب دولي ضمن المحور الذي تقوده إيران في المنطقة (أ.ب)

وإلى جانب أبو راس يأتي القيادي حسن أحمد الكحلاني، المُعين في منصب وكيل قطاع العمليات الخارجية في جهاز الأمن والمخابرات التابع للحوثيين، والمعروف بكنيته «أبو شهيد»، وهو من مواليد 1984 في محافظة حجة، ويُعد من القيادات الحوثية الأمنية البارزة؛ إذ نشأ في بيئة حوثية بين صعدة وصنعاء، والتحق بالجماعة في سن مبكّرة.

ويشير التقرير إلى أن الكحلاني كان من خلية صنعاء الإرهابية التي نفّذت عدّة تفجيرات واغتيالات عقب مقتل مؤسّس الجماعة حسين الحوثي في 2004، كما كان من القيادات التي تولت دخول صنعاء في سبتمبر (أيلول) 2014، وتولّى قيادة المجموعة التي أصدرت توجيهاً بمنع طائرة أمريكية من الإقلاع من مطار صنعاء، بحجة تفتيشها قبل المغادرة. وعقب هذا الحادث، جرى اغتيال والده في أكتوبر (تشرين الأول) 2014 على أيدي مسلّحين مجهولين يستقلون دراجة نارية في صنعاء.

ويعمل حسن الكحلاني حالياً - وفق المنصة - تحت إشراف عبد الواحد أبو راس، ويعرف ارتباطه الوثيق بـ«الحرس الثوري» الإيراني، ويحاول عبر هذه العلاقة فرض نفسه باعتباره الرجل الأول في جهاز الأمن والمخابرات الحوثي، الأمر الذي يعكس حالة من الصراع بينه وبين عبد الحكيم الخيواني رئيس الجهاز.

قيادات في ملف التوسع

يشير تقرير المنصة اليمنية إلى القيادي الحوثي أدهم حميد عبد الله العفاري (أبو خليل) ويذكر أنه المختص في ملف الجاليات الأفريقية الموجودة في اليمن، خصوصاً في صنعاء، إذ كُلّف بمهام التواصل المستمر والتنسيق برؤساء الجاليات (إثيوبية- صومالية - إريترية - سودانية - جيبوتية).

عناصر حوثيون في صنعاء خلال تجمع حاشد دعا له زعيمهم (أ.ف.ب)

كما يعمل العفاري على حشد العناصر الأفريقية وإلحاقهم بالدورات العسكرية والثقافية، وبعدها يجري توزيعهم على جبهات (الساحل الغربي - مأرب - الحدود - تعز)، وفي مهام استخباراتية داخل بلدانهم.

وإلى ذلك يعد العفاري، المسؤول عن التنسيق مع النقاط الأمنية التابعة للحوثيين لإدخال العناصر الأفريقية إلى مناطق الحوثيين، ويتولى أيضاً مهام أخرى، أبرزها صرف المخصّصات المالية للعناصر الأفريقية.

أما الشخص الرابع المسؤول عن ملف التوسّع الخارجي الحوثي إلى القرن الأفريقي فهو أسامة حسن أحمد المأخذي، واسمه الحركي (أبو شهيد)، وهو - وفق التقرير - أحد العناصر الحوثية العاملة في جهاز الأمن والمخابرات، وملف المسار الأفريقي، وتتلخّص مهمته في التنسيق مع الشخصيات الأفريقية المؤثّرة في كل من (الصومال - إثيوبيا - إريتريا - جيبوتي - السودان) من أجل حشدهم لتدريبهم وتأهيلهم، وإلحاقهم بصفوف ميليشيا الحوثي، بصفتهم مقاتلين وعاملين في الدول القادمين منها، وبصفتهم عناصر استخباراتية، تقوم بمهام مختلفة، منها نشر الفكر الحوثي، والقيام بالعمليات الاستخباراتية، وتهريب الأسلحة، والاتجار بالبشر، ونقل المخدرات عبر البحر من وإلى القرن الأفريقي واليمن.

الجماعة الحوثية متهمة بتجنيد اللاجئين الأفارقة بالترغيب والترهيب (الأمم المتحدة)

إلى ذلك أورد التقرير أسماء 16 شخصية أفريقية، هم أبرز المتعاونين مع الجماعة الحوثية للتوسع في القرن الأفريقي، يتصدرهم، تاجو شريف، وهو مسؤول عن الجالية الإثيوبية في صنعاء، والتحق بدورات ثقافية حوثية، ويعمل على استقطاب وتجنيد عناصر أفريقية لصالح العمل العسكري والاستخباراتي الحوثي.

ويرى التقرير في توصياته أن التوسع الحوثي في القرن الأفريقي يمثل تهديداً كبيراً يستدعي تحركاً دولياً وإقليمياً عاجلاً، من خلال خطة رادعة متكاملة توقف التوسع والنشاط الخارجي بشكل كامل، وبما يعزز الاستقرار والأمن في المنطقة.