الجيش العراقي يحمّل «داعش» مسؤولية «مجزرة الموصل»

نفى مسؤولية غارات التحالف عن مقتل مدنيين في غرب المدينة وأكد انتشال 61 جثة فقط

عناصر من الشرطة الاتحادية خلال الاشتباكات مع «داعش» في حي باب الجديد غرب الموصل أمس (رويترز)
عناصر من الشرطة الاتحادية خلال الاشتباكات مع «داعش» في حي باب الجديد غرب الموصل أمس (رويترز)
TT

الجيش العراقي يحمّل «داعش» مسؤولية «مجزرة الموصل»

عناصر من الشرطة الاتحادية خلال الاشتباكات مع «داعش» في حي باب الجديد غرب الموصل أمس (رويترز)
عناصر من الشرطة الاتحادية خلال الاشتباكات مع «داعش» في حي باب الجديد غرب الموصل أمس (رويترز)

أعلن الجيش العراقي، أمس، أن 61 جثة انتشلت من تحت أنقاض منزل فخخه تنظيم داعش في غرب الموصل، مؤكداً عدم وجود ما يشير إلى أن ضربة جوية للتحالف‭ ‬الذي تقوده الولايات المتحدة استهدفته، رغم إقرار التحالف أول من أمس بوقوع الضربة.
ونفت قيادة العمليات المشتركة في العراق تعرض منازل المدنيين لضربات جوية من قبل التحالف الدولي، مشيرة إلى أن المنازل المدمرة في حيي الرسالة والموصل الجديدة دُمرت بالكامل إثر تفخيخها وتفجيرها من قبل المسلحين. وقالت قيادة عمليات «قادمون يا نينوى» في بيان إنها شكلت «فريقاً من الخبراء العسكريين ومن القادة الميدانيين لفحص موقع المنزل الذي ذكرت وسائل الإعلام أنه تعرض لقصف جوي، وتبين أنه مدمر بشكل كامل. وجميع جدرانه مفخخة ولا توجد أي حفرة أو أدلة على أنه تعرض إلى ضربة جوية».
وأضاف البيان أن فريق العمليات «اكتشف إلى جوار المنزل المدمر عجلة كبيرة مفخخة منفجرة... وانتشلنا 61 جثة كانت موجودة في المنزل المدمر، وتحدث شهود عيان من المنطقة للفريق عن أن «داعش» فخخ البيوت وأجبر العائلات على النزول في السراديب، واستخدم هذه البيوت لانتحارييه لإطلاق النار باتجاه القوات الأمنية».
واختلف البيان العسكري عن تقارير شهود عيان ومسؤولين محليين قالت إن «ما يصل إلى 200 جثة انتشلت من تحت أنقاض مبنى منهار بعد ضربة للتحالف الذي تقوده واشنطن ضد (داعش) قبل عشرة أيام استهدفت مقاتلين وعتاداً للتنظيم في حي الموصل الجديدة».
ولا تزال ملابسات الواقعة التي حدثت في 17 الشهر الحالي غير واضحة، وتفاصيلها يصعب التحقق منها، في حين تقاتل القوات العراقية التنظيم المتطرف للسيطرة على مناطق مكتظة بالسكان في الشطر الغربي من الموصل، آخر معقل كبير للمتشددين في العراق.
ورغم البيانات العسكرية التي صدرت، فإن الرواية الرسمية التي قدمها التحالف الدولي وقيادة العمليات المشتركة بشأن الحادث تفتقر إلى «التماسك» وتتقاطع في مضامينها، برأي ساسة ومحللين عسكريين. ويتضارب إعلان التحالف تنفيذه ضربات جوية بناء على طلب من الجانب العراقي، مع نفي قيادة العمليات المشتركة أمس توجيه غارات.
ويستغرب النائب عن محافظة نينوى، عبد الرحيم الشمري، رواية قيادة العلميات. ويقول لـ«الشرق الأوسط» إن «الرواية غير صحيحة، وأتعجب من بيان الإخوة في قيادة العمليات، هم غير مسؤولين، الجميع يعرف أن الأميركيين وجهوا الضربة، وأحدثوا المجزرة، فلماذا يبررون لهم؟».
وعن تفاصيل الحادث، يقول الشمري إن «مجموعة من المواطنين تجمعوا في منزل أحد المحسنين، وفي تلك الأثناء قام عناصر (داعش) باستهداف القوات الأمنية من خلال الأنفاق التي حفروها عبر المنازل قرب المكان، فاستهدفهم الطيران الأميركي».
ورجح أن ارتفاع الحصيلة الرسمية للضحايا إلى نحو 150، مؤكداً تخصيص جلسة مجلس النواب الثلاثاء المقبل لمناقشة الحادث، كما أكد اجتماعه أمس برئيس الوزراء حيدر العبادي، ومطالبته بـ«تشكيل لجنة تحقيق في كارثة الجانب الأيمن (الغربي)» من الموصل.
إلى ذلك، أدان «تحالف القوى العراقية»، أمس، الاستخدام المفرط للقوة في عمليات تحرير غرب الموصل. وطالب القائد العام للقوات المسلحة بتغيير قواعد الاشتباك في معارك التحرير. وقال التحالف في بيان: «ندين الاستخدام المفرط للقوة في عمليات تحرير الجانب الأيمن من الموصل، واستخدام القصف الجوي والصاروخي والمدفعي العشوائي الذي تسبب في تدمير منازل المواطنين ومقتل المئات منهم».
ودعا إلى «استخدام الخطط العسكرية المتطورة في حرب المدن ومهاجمة الأهداف المتحركة بدقة للحفاظ على أرواح المدنيين الأبرياء الذين يتخذهم (داعش) دروعاً بشرية في ممارسة دنيئة لقتل أكبر عدد منهم». وحمّل العبادي وقادة التحالف الدولي «المسؤولية القانونية والأخلاقية عن حماية المدنيين».
وطالب ائتلاف «الوطنية» بزعامة نائب الرئيس إياد علاوي بفتح تحقيق مشترك في «مجزرة الموصل». وشدد رئيس الكتلة النيابية للائتلاف كاظم الشمري على ضرورة «تشكيل لجنة تحقيق مشتركة من التحالف الدولي والحكومة العراقية لكشف ملابسات المجزرة التي وقعت في حي الموصل الجديدة».
ميدانياً، كشفت لجنة الأمن والدفاع في مجلس محافظة نينوى، أمس، عن أن القوات العراقية تتقدم بحذر في عمليات تحرير الموصل، خشية تعرض المدنيين للخطر من جراء المعارك التي تدور وسط المدينة مع مسلحي «داعش». وقال عضو لجنة الأمن والدفاع في مجلس المحافظة هاشم بريفكاني لـ«الشرق الأوسط»: إن «القوات الأمنية العراقية حذرة جداً في تقدمها لتحرير ما تبقى من مناطق وأحياء الجانب الأيمن من الموصل، خشية تعرض المدنيين للخطر، لكنها تواصل في الوقت ذاته تحرير الأحياء الواحد تلو الآخر». وأضاف أن القوات وصلت أمس إلى مشارف حي اليرموك «وخاضت معارك شرسة ضد مسلحي (داعش) في المنطقة الصناعية القديمة»، مبيناً أن «قوات الشرطة الاتحادية والرد السريع أصبحت على بعد نحو 100 متر من الجامع الكبير».
وأعلن قائد عمليات «قادمون يا نينوى» الفريق الركن عبد الأمير رشيد يار الله في بيان، أن قوات مكافحة الإرهاب «حررت (أمس) وادي العين الجنوبي ورجم الحديد» في غرب الموصل. وأضاف أن «الفرقة المدرعة التاسعة من الجيش العراقي حررت سد بادوش ورفعت العلم العراقي عليه». وقال المقدم علي جاسم من الفرقة التاسعة المدرعة، إن وحدات من الجيش العراقي اقتحمت مصنعاً للإسمنت في بادوش كان المتشددون قد تقهقروا إليه، بحسب وكالة «رويترز». وتقوم وحدات من الجيش بتطهير قرى إلى الشمال.
ونشرت القوات العراقية قناصة على مبانٍ لاصطياد المسلحين في غرب الموصل. وقال المتحدث باسم قيادة العمليات المشتركة، العميد يحيى رسول، لوكالة الصحافة الفرنسية إن «(داعش) بدأ يستخدم المواطنين دروعا بشرية، ونحاول استهدافه بضربات من الرجال القناصة للقضاء عليه». وتابع: «تقدمنا يجري بدقة وحذر للمحافظة على أرواح المواطنين... ونعتمد على استخدام أسلحة متوسطة وخفيفة، وبينها القناصة، لاصطياد عناصر (داعش) وتحديدهم عن المواطنين». واتهم «داعش» بقتل المدنيين العزل، مؤكداً أن «هذا التنظيم الإرهابي يستخدم الصهاريج المخففة... يقوم بجمع المواطنين في بيوت معينة، ثم يبدأ بتفجير هذه العجلات على هذه البيوت». وتابع إن «الغاية هي إيصال رسالة إلى الرأي العام بأن القوات العراقية هي التي تستهدف المواطنين الأبرياء».
وفي شرق الموصل، قال الضابط في قوات الشرطة المحلية الملازم محمود الحمداني لـ«الشرق الأوسط»: إن أربعة مدنيين قتلوا وأكثر من خمسة آخرين جُرحوا. كما احترقت 10 متاجر إثر سقوط قذيفتي هاون قصف بهما مسلحو «داعش» سوق النبي يونس في الجانب الأيسر (الشرقي) من الموصل. ورغم تحريره في نهاية يناير (كانون الثاني) الماضي، إلا أن شرق الموصل يشهد خروقات أمنية بشكل مستمر من قبل التنظيم وخلاياه النائمة.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.