كيري: الاستيطان يدمر السلام وحل الدولتين

طرح رؤية لا تلزم الإدارة الأميركية المقبلة * ترامب يرفض... ويتعهد بإبقاء إسرائيل قوية

وزير الخارجية الأميركي جون كيري في مؤتمره الصحافي حول رؤيته للحل في الشرق الأوسط (إ.ب.أ)
وزير الخارجية الأميركي جون كيري في مؤتمره الصحافي حول رؤيته للحل في الشرق الأوسط (إ.ب.أ)
TT

كيري: الاستيطان يدمر السلام وحل الدولتين

وزير الخارجية الأميركي جون كيري في مؤتمره الصحافي حول رؤيته للحل في الشرق الأوسط (إ.ب.أ)
وزير الخارجية الأميركي جون كيري في مؤتمره الصحافي حول رؤيته للحل في الشرق الأوسط (إ.ب.أ)

حذر وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، من أن مستقبل السلام في منطقة الشرق الأوسط وأمن إسرائيل، أصبحا في خطر، إذا لم يجر التمسك بحل الدولتين، قائلا إن حل الدولتين هو السبيل الوحيد لضمان بقاء إسرائيل دولة يهودية تعيش في سلام مع جيرانها. وأضاف كيري في خطابه، الذي ألقاه أمس، في مقر الخارجية الأميركية في واشنطن: «إن خطط الاستيطان الإسرائيلي تدمر خطط السلام وتمثل خطرا محدقا بأمن إسرائيل». لكنه استدرك قائلا: «قناعتي لم تتزعزع، بأن الفرصة ما تزال سانحة لتحقيق السلام، إذا ما توفرت إرادة سياسية لدى الأطراف المعنية».
كما حذر كيري من إفشال جهود السلام بالقول: «إن البديل هو الخسران لجميع الأطراف، إسرائيل والعرب والولايات المتحدة».
وفي دفاعه عن امتناع واشنطن عن التصويت مع أو ضد قرار شجب الاستيطان الإسرائيلي الذي تبناه مجلس الأمن الدولي أخيرا، قال كيري، إن الامتناع عن التصويت في مجلس الأمن يتماشى مع تمليه القيم الأميركية، وليس تخليا عن أمن إسرائيل. وتابع قائلا: «لا نضمن الحفاظ على أمن إسرائيل إذا تخلينا عن حل الدولتين». وتطرق كيري في خطابه إلى أن من مصلحة إسرائيل الانخراط في سلام مع جيرانها العرب، لما في ذلك من أهمية لمواجهة الخطر الإيراني المشترك، حسب تعبيره.
وفي أول رد فعل إسرائيلي، انتقد رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، خطاب كيري، ووصفه بأنه «منحاز ضد إسرائيل». وقال في بيان صادر عن مكتبه، إنه «مثل القرار الذي دفعه جون كيري في الأمم المتحدة (قرار مجلس الأمن الذي يؤكد عدم شرعية الاستيطان)، فإنه ألقى خطابًا منحازًا ضد إسرائيل». وتابع البيان: «طوال أكثر من ساعة تحدث كيري عن المستوطنات ولم يتطرق تقريبًا إلى جذور الصراع (المعارضة الفلسطينية لدولة يهودية بأية حدود كانت)».
من جانبه، رأى رئيس المعارضة وكتلة «المعسكر الصهيوني»، أن خطاب كيري «يعبر عن قلق حقيقي لأمن ومستقبل دولة إسرائيل»، وأن كيري «كان وما زال صديقًا لإسرائيل». وقالت رئيسة حزب ميرتس، زهافا غلئون، إن كيري «مرر رسالة واضحة لحكومة إسرائيل، وبموجبها أن المستوطنات هي عبوة ناسفة في أي تسوية مستقبلية لحل الدولتين ولاستمرار وجود إسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية».
وفي أول رد فعل فلسطيني رسمي على رؤية كيري، أبدى الرئيس، محمود عباس (أبو مازن) استعداد السلطة الفلسطينية للعودة إلى مائدة المفاوضات، لكنه رهن ذلك بوقف الأنشطة الاستيطانية.
وقلل معلقون أميركيون من أهمية ما ورد في خطاب وزير الخارجية الأميركي جون كيري، بشأن رؤية إدارة الرئيس المنتهية ولايته، باراك أوباما، لكيفية تحقيق السلام في الشرق الأوسط عن طريق حل الدولتين، قائلين إن أفكار أوباما وكيري غير ملزمة للإدارة المقبلة، وبالتالي لن يكون لها أهمية عملية.
واعتبر المعلقون أن ما تضمنه خطاب كيري أمس، لم يتضمن خريطة مستقبلية واضحة لإنجاز السلام في المنطقة، بقدر ما مثل دفاعا عن سياسات إدارة أوباما خلال السنوات الثماني المنصرمة، وتبريرات لإحجامها عن استخدام حق النقض الفيتو في مجلس الأمن لمنع إصدار القرار الدولي الأخير ضد إسرائيل.
من جانبه، سارع الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترامب، إلى الإعلان عن رفضه لمضامين خطاب كيري، موجها انتقادات قوية ضد إدارة سلفه، ومتهما إياها بإساءة معاملة إسرائيل. ففي تغريدات له على موقع «تويتر»، تزامنت مع إلقاء كيري خطابه، قال ترامب: «لا يمكن أن نواصل السماح بمعاملة إسرائيل بمثل هذا الازدراء وعدم الاحترام». وتعهد ترامب بالإبقاء على إسرائيل قوية، والإبقاء على قوة الصداقة الإسرائيلية الأميركية، مؤكدا أن كل شيء سيكون مختلفا بعد العشرين من يناير (كانون الثاني) المقبل (موعد مباشرته لمهامه الرئاسية رسميا).
وعلى الرغم من التقليل من شأن أفكار كيري المتعلقة بالسلام في الشرق الأوسط، فإن بعض المعلقين في شبكات التلفزة الأميركية الكبرى، لم يستبعدوا أن تلجأ إدارة ترامب المقبلة إلى الاسترشاد بتلك الأفكار، وربما الالتزام بها حرفيا، لما فيها من جوانب منطقية مقنعة، حسب أقوالهم.
واستشهد بعض المعلقين في تدليلهم على صحة هذه الرؤية، بتراجع إسرائيل عن خطط استيطانية في القدس الشرقية. وتندرج الخطط المشار إليها ضمن أنشطة البناء الاستيطاني التي شجبها مجلس الأمن الدولي الأسبوع الماضي.



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.