باحثون أميركيون: «رؤية المملكة 2030» طموحة وتزيد مشاركة السعوديين في الارتقاء بدولتهم

طرح 5 % من «أرامكو» يرفع الشفافية.. والاستثمار السعودي في «سوفت بنك» اليابانية يعد أكبر الصناديق الاستثمارية

جانب من الندوة التي أقامها معهد الشرق الأوسط بالشراكة مع كلية الدراسات الدولية المتقدمة  في جامعة «جون هوبكينز» الثلاثاء لمناقشة «رؤية المملكة 2030» («الشرق الأوسط»)
جانب من الندوة التي أقامها معهد الشرق الأوسط بالشراكة مع كلية الدراسات الدولية المتقدمة في جامعة «جون هوبكينز» الثلاثاء لمناقشة «رؤية المملكة 2030» («الشرق الأوسط»)
TT

باحثون أميركيون: «رؤية المملكة 2030» طموحة وتزيد مشاركة السعوديين في الارتقاء بدولتهم

جانب من الندوة التي أقامها معهد الشرق الأوسط بالشراكة مع كلية الدراسات الدولية المتقدمة  في جامعة «جون هوبكينز» الثلاثاء لمناقشة «رؤية المملكة 2030» («الشرق الأوسط»)
جانب من الندوة التي أقامها معهد الشرق الأوسط بالشراكة مع كلية الدراسات الدولية المتقدمة في جامعة «جون هوبكينز» الثلاثاء لمناقشة «رؤية المملكة 2030» («الشرق الأوسط»)

أشادت مجموعة من الباحثين السياسيين خلال ندوة أقيمت في العاصمة الأميركية واشنطن، بـ«رؤية المملكة 2030»، وشددوا على أن الرؤية طموحة، لكن يحفها كثير من التحديات والصعوبات.
وأكد المحللون خلال الندوة التي أقامها معهد الشرق الأوسط، بالشراكة مع كلية الدراسات الدولية المتقدمة في جامعة «جون هوبكينز»، أول من أمس الثلاثاء، أن الرؤية لا تشمل فقط إصلاحات اقتصادية واجتماعية ترتكز على تقليل الاعتماد على النفط، وإنما تشمل أيضًا إعادة تعريف لدور المواطنين السعوديين في الارتقاء بمجتمعهم.
ووضع القائمون على الندوة «رؤية المملكة 2030» تحت مجهر الباحثين السياسيين في واشنطن، لمناقشة الآثار الاقتصادية والسياسية والاجتماعية للرؤية والتحديات التي تواجهها الحكومة السعودية للوصول لأهدافها، ومنها رفع معدل المواطنين المنخرطين في القطاع الخاص السعودي على حساب القطاع الحكومي، ورفع معدلات التوظيف النسائي في السوق السعودية، وتقليل الاعتماد على الصناعة النفطية. وأدار المناقشة جيرالد فيرستين، السفير الأميركي السابق لدى اليمن والخبير في الشؤون الخليجية لدى معهد الشرق الأوسط بالعاصمة واشنطن، والذي بدأ الندوة بالحديث عن دور «رؤية المملكة 2030» في العلاقات السعودية مع دول العالم، وأكد أن انخراط المجتمع الدولي في الحديث عن رؤية السعودية من دوره دعم الأهداف المنشودة والتي ترمي إلى انفتاح المجتمع السعودي على العالم.
وأشار فهد ناظر، الخبير بمعهد دول الخليج العربي والمحلل السياسي بمركز «JTG»، إلى الأسباب الجوهرية التي دفعت المملكة لتبني الرؤية، وذكر منها تدني أسعار البترول والاعتماد العالي على النفط في الدخل القومي، إذ يشكل نحو 90 في المائة من صادرات المملكة، ونحو 40 في المائة من إجمالي الناتج المحلي.
وذكر أن تفاوت أسعار النفط وصعوبة التحكم بالأسعار «كلها أسباب دفعت المملكة لتبني الرؤية». موضحًا أن «التعداد السكاني في المملكة تضاعف أربعة أضعاف على الأقل منذ السبعينات الميلادية، وهناك ما بين 200 إلى 300 ألف مواطن سعودي يدخلون سوق العمل كل عام، في الوقت الذي تشكل فيه نسبة العاملين في القطاع الحكومي ما يزيد عن 70 في المائة، أو 7 من كل 10 مواطنين يدخلون سوق العمل السعودية».
وقال ناظر: «لو حاولت اختزال الرؤية في جملة واحدة، فسأقول إنها إعادة هيكلة للاتفاقيات بين الدولة والمجتمع»، وأضاف: «ليست فقط الإصلاحات الاجتماعية، وتقليل الاعتماد على النفط، هو ما يميز هذه الرؤية، وإنما إعادة تعريف المواطنين بدورهم في الارتقاء بهذا المجتمع، والوقوف صفا إلى صف مع الدولة، للوصول للغايات المنشودة والتي تخدم الطرفين، حيث لن تكون الدولة وحدها من يقود التحول الاقتصادي والاجتماعي، بل كل أفراد المجتمع يلعبون دورًا مهمًا في هذا التحول، ليس فقط في القطاع الخاص، بل حتى في الخدمات الاجتماعية والتحركات الدولية».
وحث ناظر الحضور على الاطلاع على نص «رؤية المملكة 2030»، عن قرب، والتعرف على أهم الأهداف، والتي تعنى بزيادة حجم القطاع الخاص بالمملكة، ورفع مستوى التنافسية التجارية على مستوى العالم، ورفع معدل إجمالي الناتج المحلي، ورفع معدلات صندوق الاستثمارات العامة.
وفي سؤال له حول مدى تفاؤله من نجاح الرؤية، قال ناظر: «إن الرأي العام الدولي الغالب هو أن التغيير والإصلاحات بطيئة في المملكة، لكن ما أن يزور الإعلام الغربي المملكة ويتواصل عن قرب مع المسؤولين وأعضاء الشورى والمواطنين، فإنك تلمس الرغبة الجامحة في الانخراط في هذا التحول والرغبة الشديدة في الوصول إلى الأهداف المنشودة». وذكر ناظر أن دور المواطنين والشباب قد بدأ بالفعل بالتغير، حيث إن كثيرا من الشباب الطامح للحصول على عمل الآن في السعودية قد غير قناعاته تجاه الوظائف الحكومية، وبدأ بالفعل بعض الشباب السعودي بالعمل في المهن الحرفية والمطاعم والأسواق، وهي وظائف كانت خارج مجال اهتمام المواطنين في فترات سابقة. من جانبه، شدد البروفسور فرنسيسكو سيزنيك، بكلية الدراسات الدولية المتقدمة بجامعة «جون هوبكينز» وكلية الإدارة بجامعة «جورج تاون» خلال الندوة، على دور صندوق الاستثمارات العامة في «رؤية المملكة 2030»، وعلى دور الاستثمارات التي تمت عن طريق الصندوق في رفع مستوى الشفافية، وقال إن «اكتتاب 5 في المائة من أسهم شركة (أرامكو السعودية) بعد نقلها تحت مظلة صندوق الاستثمارات العامة، من دوره أن يرفع الشفافية، فعند عرض (أرامكو) للاكتتاب العام سيتوجب على القائمين على الشركة إصدار قوائمهم المالية للمستثمرين لتكون متوفرة للمراجعة والتدقيق».
وتحدث سيزنيك عن بعض استثمارات الصندوق الأخيرة، والتي تضمنت شراء حصة من شركة أوبر «Uber» بقيمة 3.5 مليار دولار أميركي، والاستثمار السعودي في شركة الاتصالات اليابانية العملاقة «سوفت بنك»، حيث استثمرت المملكة نحو 100 مليار دولار في صندوق استثماري مع الشركة اليابانية، والمتوقع أن يكون أحد أكبر الصناديق الاستثمارية في مجال التكنولوجيا والاتصالات في العالم.
وخلال كلمتها، ركزت هلا الدوسري، الخبيرة بمعهد دول الخليج العربي بالعاصمة واشنطن، والناشطة في مجال حقوق المرأة، على التحديات التي تواجه المجتمع السعودي، وبينت أن التغيرات الديموغرافية في المجتمع ومعدل الولادة المرتفع، والمعدلات المرتفعة لصغار السن في المجتمع يجب أن تكون محورًا مهمًا خلال تنفيذ الرؤية. وشددت الدوسري على دور كل من وزارة الصحة ووزارة التعليم في رفع مستوى الخدمات، والسعي بجدية لتحقيق تطلعات المواطنين، كمستوى الرعاية الصحية، والعمل الحثيث على استخدام الطب الوقائي، ونشر الوعي للتقليل من مستويات السمنة، وإيجاد حلول لمعدلات الحوادث المرورية، وتوفير بيئة صحية تشجع المواطن على ممارسة الرياضة بشكل عام والمشي بشكل خاص، وتشجيع الطلاب على الانخراط في الأنشطة الإضافية خارج المناهج الدراسية.
وذكرت الدوسري أن أكبر التحديات التي تواجه «رؤية المملكة 2030» هو أن الوصول إلى هذه الأهداف يتطلب من الوزارات التعاون والتنسيق في العمل فيما بينها. وقالت إن «الوزارات قد تقع في فخ منافسة كل منهما للآخر، وتتناسى أن العمل المنظم والتعاون بين الوزارات هو ما يجب أن يطغى على بيئة العمل في الرؤية، وليست التنافسية التي قد تعمي المسؤولين في الوزارات عن المسؤولية الرئيسية للنهوض بالمجتمع».
ومن جانبه أكد أنتوني كوردسمان، الرئيس الاستراتيجي في مركز الأبحاث الدولية والاستراتيجية، والخبير في شؤون الخليج العربي والشؤون الأمنية، على دور المملكة المهم، بوصفها حليفا استراتيجيا للولايات المتحدة الأميركية، وقال: «إن الثقة بين البلدين في مجال التعاون الأمني ومحاربة الإرهاب، يجب أن تتطور وتتحسن، وإن استقرار المملكة الأمني والاقتصادي يهم الولايات المتحدة».
وأضاف: «من المخجل ما حدث مع تمرير القانون الجديد (جاستا) والمعني بالعدالة ضد رعاة الإرهاب والذي أقره الكونغرس الأميركي بعد التغلب على الفيتو الرئاسي الشهر الماضي، وقد كنت أتمنى من الرئيس أوباما في مخاطباته مع البيت الأبيض، أن يستخدم التقارير الصادرة من لجنة التحقيق في الكونغرس ونتائج تحقيقات مكتب التحقيقات الفيدرالي، والتي أوضحت أنه لا يوجد أي دليل على تورط المملكة، بدلا من استخدام العذر الآخر، وهو أنه يخشى أن يتم استدعاء الولايات المتحدة في المحاكم الأجنبية».



«الفيدرالي» على وشك خفض الفائدة مجدداً يوم الأربعاء

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
TT

«الفيدرالي» على وشك خفض الفائدة مجدداً يوم الأربعاء

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)

من المتوقع على نطاق واسع أن يخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي تكاليف الاقتراض خلال اجتماعه، يوم الأربعاء المقبل، مع احتمال أن يسلط المسؤولون الضوء على كيفية تأثير البيانات الاقتصادية الأخيرة على قراراتهم بشأن أسعار الفائدة في العام المقبل.

وتضع الأسواق المالية في الحسبان احتمالات بنسبة 97 في المائة أن يخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة على الأموال الفيدرالية بمقدار ربع نقطة مئوية، ليصبح النطاق بين 4.25 في المائة و4.5 في المائة، وفقاً لأداة «فيد ووتش».

ومع ذلك، تضاءل مبرر بنك الاحتياطي الفيدرالي لخفض الفائدة مؤخراً بعد التقارير التي تشير إلى أن التضخم لا يزال مرتفعاً بشكل مستمر مقارنةً بالهدف السنوي لـ«الفيدرالي» البالغ 2 في المائة، في حين أن سوق العمل لا تزال قوية نسبياً. وكان البنك قد خفض أسعار الفائدة في سبتمبر (أيلول) ونوفمبر (تشرين الثاني) بعد أن أبقاها عند أعلى مستوى في عقدين طوال أكثر من عام، في محاولة للحد من التضخم المرتفع بعد الوباء.

ويؤثر سعر الأموال الفيدرالية بشكل مباشر على أسعار الفائدة المرتبطة ببطاقات الائتمان، وقروض السيارات، وقروض الأعمال. ومن المتوقع أن تكون أسعار الفائدة المرتفعة في الوقت الحالي عقبة أمام النشاط الاقتصادي، من خلال تقليص الاقتراض، مما يؤدي إلى تباطؤ الاقتصاد لتخفيف الضغوط التضخمية والحفاظ على الاستقرار المالي.

لكن مهمة بنك الاحتياطي الفيدرالي لا تقتصر فقط على مكافحة التضخم، بل تشمل أيضاً الحد من البطالة الشديدة. وفي وقت سابق من هذا الخريف، أدى تباطؤ سوق العمل إلى زيادة قلق مسؤولي البنك بشأن هذا الجزء من مهمتهم المزدوجة، مما دفعهم إلى خفض أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس في سبتمبر. ورغم ذلك، تباطأ التوظيف، فيما تجنب أصحاب العمل تسريح العمال على نطاق واسع.

توقعات الخبراء بتخفيضات أقل في 2025

تدور الأسئلة المفتوحة في اجتماع الأربعاء حول كيفية موازنة بنك الاحتياطي الفيدرالي بين أولويتيه في مكافحة التضخم والحفاظ على سوق العمل، وكذلك ما سيقوله رئيس البنك جيروم باول، عن التوقعات المستقبلية في المؤتمر الصحفي الذي سيعقب الاجتماع. وبينما تبدو التحركات المتعلقة بأسعار الفائدة في الأسبوع المقبل شبه مؤكدة، فإن التخفيضات المستقبلية لا تزال غير واضحة.

وعندما قدم صناع السياسات في بنك الاحتياطي الفيدرالي آخر توقعاتهم الاقتصادية في سبتمبر، توقعوا خفض المعدل إلى نطاق يتراوح بين 3.25 في المائة و4.5 في المائة بحلول نهاية عام 2025، أي بتقليص بنسبة نقطة مئوية كاملة عن المستوى المتوقع في نهاية هذا العام.

وتوقع خبراء الاقتصاد في «ويلز فارغو» أن التوقعات الجديدة ستُظهر ثلاثة تخفيضات ربع نقطة فقط في عام 2025 بدلاً من أربعة، في حين توقع خبراء «دويتشه بنك» أن البنك سيُبقي على أسعار الفائدة ثابتة دون خفضها لمدة عام على الأقل. فيما تتوقع شركة «موديز أناليتيكس» خفض أسعار الفائدة مرتين في العام المقبل.

التغيير الرئاسي وتأثير التعريفات الجمركية

يشكّل التغيير في الإدارة الرئاسية تحدياً كبيراً في التنبؤ بمستقبل الاقتصاد، حيث يعتمد مسار التضخم والنمو الاقتصادي بشكل كبير على السياسات الاقتصادية للرئيس المقبل دونالد ترمب، خصوصاً فيما يتعلق بالتعريفات الجمركية الثقيلة التي تعهَّد بفرضها على الشركاء التجاريين للولايات المتحدة في أول يوم من رئاسته.

وتختلف توقعات خبراء الاقتصاد بشأن شدة تأثير هذه التعريفات، سواء كانت مجرد تكتيك تفاوضي أم ستؤدي إلى تأثيرات اقتصادية كبيرة. ويعتقد عديد من الخبراء أن التضخم قد يرتفع نتيجة لنقل التجار تكلفة التعريفات إلى المستهلكين.

من جهة أخرى، قد تتسبب التعريفات الجمركية في إضعاف الشركات الأميركية والنمو الاقتصادي، مما قد يضطر بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى خفض أسعار الفائدة لدعم الشركات والحفاظ على سوق العمل. كما يواجه البنك تحدياً في فصل تأثيرات التعريفات الجمركية عن العوامل الأخرى التي تؤثر في التوظيف والتضخم.

وتزداد هذه القضايا غير المحسومة وتزيد من تعقيد حسابات بنك الاحتياطي الفيدرالي، مما قد يدفعه إلى اتباع نهج أكثر حذراً بشأن تخفيضات أسعار الفائدة في المستقبل. كما أشار مات كوليار من «موديز أناليتيكس» إلى أن التغيرات المحتملة في السياسة التجارية والمحلية تحت إدارة ترمب قد تضيف طبقة إضافية من عدم اليقين، مما يدعم الحاجة إلى نهج الانتظار والترقب من لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية.