وثائق 11 سبتمبر السرية تبرئ السعودية

الكونغرس: لجنتا الاستخبارات لم تتوصل لوجود علاقة بين السلطات السعودية ومنفذي الهجمات

صور ضوئية للوثائق التي أفرجت عنها لجنة الاستخبارات بمجلس النواب الأميركي مساء أمس والتي تبرىء السعودية
صور ضوئية للوثائق التي أفرجت عنها لجنة الاستخبارات بمجلس النواب الأميركي مساء أمس والتي تبرىء السعودية
TT

وثائق 11 سبتمبر السرية تبرئ السعودية

صور ضوئية للوثائق التي أفرجت عنها لجنة الاستخبارات بمجلس النواب الأميركي مساء أمس والتي تبرىء السعودية
صور ضوئية للوثائق التي أفرجت عنها لجنة الاستخبارات بمجلس النواب الأميركي مساء أمس والتي تبرىء السعودية

أكدت مقاطع في تقرير لجنة تحقيق برلمانية أعد عام 2002، وكشف النقاب عنها، مساء أمس، أن الولايات المتحدة لا تملك دليلا على ضلوع مسؤولين سعوديين في اعتداءات سبتمبر 2001. وقالت لجنتا الاستخبارات في مجلسي الشيوخ والنواب في 28 صفحة من هذا التقرير رفعت عنها السرية، أمس، إن وكالات الاستخبارات الأميركية لم تتمكن من «أن تثبت في شكل نهائي» وجود صلات بين السلطات السعودية ومنفذي هجمات 11 سبتمبر أيلول.
وقالت الوثيقة التي أفرجت عنها لجنة الاستخبارات بمجلس النواب، مساء أمس، وحصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منها إن «تقرير الاستخبارات لا يغير من تقييم الحكومة الأميركية أنه لا يوجد دليل على أن الحكومة السعودية بصفتها مؤسسة أو كبار المسؤولين السعوديين، قد قدموا تمويلا إلى تنظيم (القاعدة)».
وفور صدور الأوراق، قال جوش إرنست، المتحدث باسم البيت الأبيض، إن رفع السرية عن الأوراق يضع حدا للتكهنات، التي استمرت فترة طويلة بأن الحكومة السعودية كان لها دور في الهجمات. وأشار إرنست إلى أن الرئيس أوباما أقر برفع السرية عن الأوراق، مشيرا إلى أنها لا تلقي ضوءا جديدا ولا تغير من الاستنتاجات حول أحداث 11 سبتمبر.
من جهته، قال عبد الله بن تركي آل سعود، السفير السعودي، لدى الولايات المتحدة الأميركية في بيان، إن السعودية طالما طالبت بالكشف عن هذه الصفحات، ونأمل في أن يزيل هذا الكشف للأبد أي شكوك حول أفعال السعودية ونياتها أو صداقتها القديمة مع الولايات المتحدة، مؤكدا أن «المملكة تعمل عن كثب مع الولايات المتحدة والحلفاء الآخرين للقضاء على الإرهاب والتنظيمات الإرهابية».
وتشير الأوراق التي سودت بعض العبارات فيها، إلى أن نتائج التحقيقات أشارت إلى أن بعضا من منفذي هجمات 11 سبتمبر قد تلقوا مساعدات من أفراد قد يكونوا على صلة بالحكومة السعودية بناء على مصادر معلومات مكتب المباحث الفيدرالية التي أشارت إلى أن اثنين من المهاجمين كانوا على علاقة بشخص سعودي، وربما كانت له علاقات مع تنظيم القاعدة وغيرها من الجماعات الإرهابية، لكن التحقيقات ومعلومات كل من مكتب التحقيقات الفيدرالي ووكالة الاستخبارات المركزية الأميركي «سي آي إيه» «أكدت أنه لا يوجد أي روابط بين الحكومة السعودية والعناصر الإرهابية».
وأضافت الوثيقة: «في شهادات مسؤولي المباحث الفيدرالية والاستخبارات المركزية لم يستطع أحد إثبات بشكل قاطع وجود مساندة من الحكومة السعودية للأنشطة الإرهابية سواء التي تمت داخل الولايات المتحدة أو التي تمت على مستوي العالم».
وأوضحت سطور الوثيقة أنه تم تشكيل لجنة مشتركة للتركيز على احتمالات تورط الحكومة السعودية، في الهجمات وأسباب فشل أجهزة الاستخبارات الأميركية، في توقع مخاطر حدوث هجمات والإخفاق في حماية الأمن القومي. وأوضحت الوثيقة أنه قبل هجمات سبتمبر كانت الاستخبارات والمباحث الفيدرالية تصنف السعودية باعتبارها حليفا للولايات المتحدة، ولم يكن لدى المباحث الفيدرالية أي سبب للاعتقاد بمخاطر على الولايات المتحدة.
وتمضي سطور الوثيقة التي تم إخفاء بعض العبارات وبعض الجمل بها باللون الأسود أن تقريرا واحدا من الاستخبارات الأميركية أشار إلى «احتمال» وجود اتصال بين أحد منفذي الهجمات وأحد المسؤولين في الحكومة السعودية. وتقول الوثيقة إن «أجهزة الاستخبارات والمباحث الفيدرالية لم تحاول التحقق من دقة هذه المعلومات».
وكشف التقرير أن المباحث الفيدرالية استجوبت عمر البيومي في عام 1999 لشكوكها في قيامه بتقديم مساعدة لكل من خالد المحضار، ونواف الحازمي (اثنين من منفذي هجمات 11 سبتمبر) بعد وصولهما إلى مدينة سان دييجو بولاية كاليفورنيا، في فبراير (شباط) عام 2000. حيث تقابل البيومي مع المحضار، والحازمي في مكان عام بعد اجتماع حضره في القنصلية السعودية، وقالت الوثيقة إنه لا يوجد أي مؤشرات تثير الشكوك في هذه المقابلات، وإن اللقاء بين عمر البيومي ومنفذي الهجوم كان مصادفة. وتشير الأوراق إلى أن البيومي كان على علاقات وثيقة مع مسؤولي الحكومة السعودية في الولايات المتحدة وعلاقات مع بعض الشركات السعودية والمنظمات الأهلية.
والشخص الثاني هو أسامة بسنان، الذي أوضحت تقارير الاستخبارات أنه كان على صلة مع المحضار، والحازمي، خلال فترة إقامتهما في مدينة سان دييجو، وكان يقيم في الشارع نفسه وكان يحصل على مساعدات مالية من مسؤولين سعوديين لعلاج زوجته.
وأشارت الوثيقة إلى أسماء عدة أشخاص اشتبهت في علاقاتهم بمنفذي هجوم 11 سبتمبر، وأجرت التحقيقات معهم ورصدت مكالمات هاتفية قام بها قائد تنظيم القاعدة أبو زبيدة إلى أرقام داخل الولايات المتحدة في مدينة إسبن بكولورادو، وشركة تدير منزل السفير السعودي بندر بن سلطان. وأشارت الأوراق إلى حيرة المحققين في الدور الذي لعبه فهد الثميري، وهو مسؤول في القنصلية السعودية وكان يقيم بمدينة لوس أنجليس وقت الهجمات. ولم يجد المحققون أي صلة بين عناصر تنظيم القاعدة ومسؤولين سعوديين. وقالت الأوراق إن مسؤولي الاستخبارات والمباحث الفيدرالية كانوا غير قادرين على تقديم أدلة قاطعة على وجود مساندة سعودية للأنشطة الإرهابية سواء داخل الولايات المتحدة أو على المستوى العالمي.
وقد أشار مصدر بالبيت الأبيض إلى أنه تم إخفاء بعض الكلمات والجمل والعبارات باللون الأسود في التقرير، لأنها تشير إلى تفاصيل وأسلوب قيام الاستخبارات بتجميع المعلومات، ولذا تم إخفاء الطرق والأساليب التي يتم استخدامها لسريتها.
وقد زعمت عدة مصادر سياسية وقضائية وإعلامية حول روابط بين مسؤولين سعوديين وعناصر من تنظيم القاعدة ووقوع اتصالات في ولاية كاليفورنيا بين مسؤولين سعوديين وبين خاطفي الطائرات. واستندت تلك المزاعم على تتبع اتصال تليفوني بين هاتف لعنصر من تنظيم القاعدة وشركة تدير منزل الأمير بندر بن سلطان في مدينة كلورادو، ثم اتصال آخر مع السفير السعودي في واشنطن.
وردا على تلك المزاعم، طالبت المملكة العربية السعودية بالإفراج عن الأوراق السرية ونتائج لجنة التحقيقات التي جرت في أحداث 11 سبتمبر وأصدرت تقريرها في عام 2002 الذي أبقى على وثيقة من 28 صفحة تحت غطاء السرية، خوفا من أن تتأثر العلاقات الدبلوماسية بين البلدين واستمرت معركة كبيرة بين المشرعين وأهالي أسر ضحايا 11 سبتمبر في الكشف عن تلك الأوراق وتقديم أي دليل علني على الدور المزعوم للمملكة في تلك الهجمات.
وعلى مدى عشر سنوات تزايدت المطالب برفع السرية عن الوثيقة، وقاد السيناتور الديمقراطي بوب غراهام هذه الجهود، خصوصا أنه كان أحد المشاركين في تحقيقات الكونغرس. وقال ستيفن لينش، النائب الديمقراطي عن ولاية ماساتشوستس، الذي قاد جهود الكشف عن التقرير السري، في بيان: «رفع السرية عن التقرير وجعله متاحا للجمهور قد يجيب عن كثير من الأسئلة التي ما زالت عالقة وقد يساعدنا في ملاحقة المسؤولين الحقيقيين وتقديمهم للمساءلة».
وأضاف: «نحن نتطلع إلى دراسة هذه الأوراق الـ28 وإتاحتها للجمهور يعد انتصارا في إطار تشكيل رأي مستنير حول السياسة الخارجية والأمن القومي للحكومة الأميركية وهو يستند إلى قدرة الوصول على أكبر قدر من المعلومات الممكنة». وأبدى آدم شيف، الديمقراطي المتخصص في الاستخبارات في مجلس النواب، أمله في أن يتيح نشر هذه الصفحات «الحد من التكهنات» في شأن تضمنها «دليلا على ضلوع رسمي للحكومة السعودية أو لمسؤولين سعوديين كبار» في الاعتداءات. ولاحظ أن أجهزة الاستخبارات واللجنة الوطنية حول الهجمات الإرهابية على الولايات المتحدة التي نشرت تقريرها عام 2004 «لم تتمكن أبدا من إيجاد أدلة كافية» لتأييد هذه المزاعم.
من جهتها، رحبت الحكومة السعودية بنشر الصفحات الـ28 التي أبقيت سرية لوقت طويل. ويأتي نشر هذه الصفحات في مرحلة يسود فيها الفتور العلاقات التاريخية بين واشنطن والرياض. وكان مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه)، جون برينان، ذكر هذا الأسبوع أن السعودية تبقى «أحد أقرب شركائنا» على صعيد مكافحة الإرهاب.



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».