حروب «الجيل الرابع».. عندما تتغير أسس الصراع وعناصره

مؤتمر في أبوظبي يبحث طرق الاستعداد للغموض المهدد لسيادة الدول

الشيخ حامد بن زايد آل نهيان رئيس ديوان ولي عهد أبوظبي يحضر جانبا من فعاليات المؤتمر
الشيخ حامد بن زايد آل نهيان رئيس ديوان ولي عهد أبوظبي يحضر جانبا من فعاليات المؤتمر
TT

حروب «الجيل الرابع».. عندما تتغير أسس الصراع وعناصره

الشيخ حامد بن زايد آل نهيان رئيس ديوان ولي عهد أبوظبي يحضر جانبا من فعاليات المؤتمر
الشيخ حامد بن زايد آل نهيان رئيس ديوان ولي عهد أبوظبي يحضر جانبا من فعاليات المؤتمر

حذر مسؤولون ومختصون في شؤون الدفاع من «حروب الجيل الرابع» التي وصفوها بالغامضة والمهددة لسيادة الدول دون الاحتكام لأي أخلاقيات.
واعتبر المسؤولون والمختصون المشاركون في مؤتمر «الجيل الرابع من الحروب» المنظم في العاصمة الإماراتية أن الخصم في هذا النوع من الحروب يختلف آيديولوجيًا وقيميًا، ويوسم بـ «اللامركزية» من حيث تغير أسس الحرب وعناصرها، وهو ما يعني تجاوز المفهوم العسكري الضيق للحروب إلى المفهوم الواسع، فضلا عن تسخير إرادات الآخرين في تنفيذ مخطَطات العدو.
وقال محمد البواردي وزير دولة لشؤون الدفاع في الإمارات إن هذا النوع من الحروب ليست حربًا بين جيوش نظامية تخضع لاتفاقيات دولية ولقواعد القانون الدولي وأخلاقياته، وإنما هي حروب تتم فيها مواجهة خصم يختلف آيديولوجيًا وقيميًا وأخلاقيًا، مشيرًا إلى أن ما يحدث في المنطقة من قبل المجموعات الإرهابية هو دليل على الدخول إلى مرحلة جديدة من حروب الجيل الرابع، بعد أن أصبحت الجماعات الإرهابية تسيطر على مساحات من الأراضي، وتملك الكثير من الموارد، وتعمل على نقل عملياتها عبر الحدود.
وأشار في مؤتمر «الجيل الرابع من الحروب» الذي انطلق أمس في العاصمة الإماراتية أبوظبي إلى أن منطقة الشرق الأوسط تشهد حروبا وصراعات متعدِدة قادت إلى انهيار الدولة الوطنية وتفكُك مؤسساتها، كما يتزامن مع تصاعد خطر العمليات الإرهابية في معظم أنحاء العالم. وتحول الإرهاب ليكون الخطر الرئيسي الذي يهدد الأمن والسلم العالميين، موضحًا أن هذه النوعية من الحروب تستهدف في الأساس تدمير النظام السياسي للدولة وزعزعة تماسكها الاجتماعي.
ودعا البواردي إلى ضرورة استخلاص الدروس والعِبَر من الماضي لمواجهة هذا الخطر ومنع تهديد سيادة الدول والحفاظ على وحدة أراضيها، وقال إن «هذا يتطلَب منا فهم الكيفية التي يجب أن تعمل بها القوات العسكرية الوطنية في ظل هذه المخاطر والتهديدات، كما يجب الاستعداد لحماية البيئة المعلوماتية والعمل في الوقت نفسه على تطوير عقائدنا واستراتيجيتنا لمواجهة هذا الخطر. وعلى المجتمع الدولي أن يتحمَل مسؤولياته تجاه الدول التي تتعرض لهذه النوعية من الحروب ويحول دون تعرُضها للانهيار، وذلك بمنع تحكم المجموعات الإرهابية فيها».
من جهته، قال الدكتور جمال السويدي، مدير عام مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجي، إن تنظيم المؤتمر يأتي من منطلَق حرص المركز على إيلاء أهمية قصوى للقضايا الاستراتيجية الكبرى التي ترتبط بأمن المنطقة والعالم واستقرارهما، خاصة في هذا الوقت الحسَاس والمصيري الذي تمر فيه المنطقة العربية بجيل جديد من الحروب لم يأخذ بعد حقه من النقاش العلمي المستفيض.
وأشار السويدي إلى أن «الجيل الرابع من الحروب» مفهوم يعبِر عن الصراع الذي يتميز بعدم المركزية من حيث تغيُر أسس الحرب وعناصرها ما يعني تجاوز المفهوم العسكري الضيق للحروب إلى المفهوم الواسع، حيث تُوظَف «القوى الناعمة» في هذه الحروب إلى جانب الأدوات العسكرية «القوى الصُلبة»، فهناك الدولة التي تواجه ميليشيات عسكرية ومجموعات إرهابية، وهناك وسائل الإعلام والقنوات التي تخدم التنظيمات والميليشيات، بحيث تعمل هذه الوسائل على إنهاك الخصم وتدميره بشكل منهجي وتعمل على تشتيت الرأي العام حتى يتمكن الطرف المسيطر على الوسيلة الإعلامية من تحقيق أهدافه وتحطيم الخصم تماما.
وأوضح أن هذه الحروب لا تستهدف تحطيم القدرات العسكرية فحسب، وإنما تعمل على نشر الفتن والقلاقل وزعزعة الاستقرار وإثارة الاقتتال الداخلي أيضا. وفي تعريف أوضح، يمكن القول إنه جيل تسخير إرادات الآخرين في تنفيذ مخطَطات العدو. وأكد السويدي إلى أن الحاجة لدراسة مفهوم الجيل الرابع من الحروب تتعاظم بشكل كبير في ظل تغيُر طبيعة الصراعات الدولية والإقليمية واحتدام التنافس الدولي والرغبة في الهيمنة على العالم، وتضخُم شبكة العلاقات الدولية مع ظهور فاعلين جدد يتجاوز تأثيرهم الحدود الوطنية التقليدية، مستغلين تقدم وسائل الاتصال الحديثة والتكنولوجيا المتطورة.
كما لفت النظر إلى أن «الجيل الرابع من الحروب» جعل الصراعات الراهنة التي تشهدها بعض دول المنطقة أكثر تعقيدًا من ذي قبل لأن القائمين بهذه الحروب يكونون في بعض الأحيان أطرافًا غير منظورة، تسعى إلى إثارة الفوضى وعدم الاستقرار داخل الدول والمجتمعات، ولهذا كان من الضروري تسليط الضوء في هذا المؤتمر على سمات هذه الحروب وأدواتها المختلفة واستشراف آفاقها المستقبلية من أجل الاستعداد الجيد لمواجهتها بشكل فاعل وبنَاء.
إلى ذلك، قال سيف العرياني، الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن الوطني، إن موضوع الجيل الرابع من الحروب يعد من الموضوعات البالغة الأهمية في الدراسات الاستراتيجية، حيث إنه ينفرد من حيث هو صنف مختلف لا ينفي أشكال الأجيال السابقة بل يستوعبها كلها، فإذا كانت الحروب في الجيل الرابع تنطوي على تراجع دور الجيش والقوات المسلحة مقابل تداخل عوامل أخرى، فإنه في المقابل لا يستطيع القيام بها إلا عدد قليل من الدول أي تلك الدول التي تملك القدرة على خوضها بأقل خسائر ممكنة. كما أنها تتجاوز ساحة الحروب التقليدية من معارك برية وبحرية وجوية لتشمل نطاقات جديدة تدار على مختلف الصعد المتاحة سواء كانت سياسية، أو اقتصادية، أو ثقافية، أو إعلامية.
وأضاف أن «هذا الجيل من الحروب يهدف إلى الدفع بالدولة نحو التآكل البطيء والانهيار الداخلي والتفتت إلى الحد الذي يسمح بالسيطرة عليها وفرض واقع جديد على نظامها الحاكم مع تأزيمه وتشويه صورته»، مشيرًا إلى أن هذه الحروب تعمل على تجنُب السلبيات التي تخلِفها عادة الحروب التقليدية ولا سيما مشاعر العداوة التي تنتاب شعب الدولة المغلوبة تجاه الدولة الغالبة، وللوصول إلى هذه الغاية يتم استعمال جملة أدوات داخلية وخارجية والاستعانة بوسائل الاتصال الحديثة ويقع توظيف التطور التكنولوجي لتشديد الخناق على الدولة المستهدَفة وحرمانها أي مساعدات إقليمية أو دولية، وتبقى أهم تلك الأدوات ماثلة على مستوى تأجيج مشاعر الغضب وإثارة العمليات الإرهابية والنعرات الطائفية لتشجيعها على رفع المطالب الانفصالية بمسوِغ مزاعم تعرُضها للاضطهاد والتمييز، وكذلك إثارة القضايا المثيرة للرأي العام بشكل منحاز وغير واقعي حول حقوق الأقليات والمرأة ونمط أداء مؤسسات الدولة، والتشكيك في نيات الحكم».
وزاد العرياني أن «مراكز الفكر والجمعيات التي تعنى - كما تزعم - بإقامة الديمقراطية وحقوق الإنسان تلعب دورًا مؤثرًا في إثارة القلاقل الداخلية وقيادتها عبر مختلف الوسائل المتاحة كأدوات التواصل الاجتماعي لإثارة الشائعات ونشر الدعوات المناهضة للحكم، ولا تتردَد الدول الكبرى حينها في توظيف «مجلس الأمن الدولي» لفرض عقوبات على الدولة المعنية والتلويح بتطبيق البند السابع من ميثاق الأمم المتحدة الذي يتيح استعمال القوة ضدها وهي مساعٍ تستهدف العزل والاحتواء إما بشكل انفرادي باستصدار قرار من دولة كبرى، وإما بالتنسيق مع حلفائها، وإما بشكل جماعي عن طريق العمل على اصطفاف الدول التابعة لها».
وأوضح أن التاريخ المعاصر يقدم نماذج للجيل الرابع من الحروب، حيث تتم إدارة الحرب عن بعد ومن أهمها تفكُك الاتحاد السوفياتي ويوغسلافيا وتشيكوسلوفاكيا، وفي الوقت الحالي يلمس تنامي احتمالات تقسيم دول أخرى منها ما هي موجودة في العالم العربي، وهي تلك التي تأثرت بموجات أحداث ما يُسمَى «الربيع العربي». وأكد على أن أهمية موضوع «الجيل الرابع من الحروب» لا تقتصر على استعراض توصيفاتها، وإنما تتجلَى في بلورة رؤية واقعية وفعَالة تمكن من مواجهة هذا النوع من الحروب.



وزير الخارجية السعودي يبحث المستجدات الإقليمية مع نظيره الإسباني

الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي (الشرق الأوسط)
الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي (الشرق الأوسط)
TT

وزير الخارجية السعودي يبحث المستجدات الإقليمية مع نظيره الإسباني

الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي (الشرق الأوسط)
الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي (الشرق الأوسط)

تلقى الأمير فيصل بن فرحان، وزير الخارجية السعودي، اليوم، اتصالاً هاتفياً من نظيره الإسباني خوسيه مانويل ألباريس.

وجرت خلال الاتصال مناقشة المستجدات الإقليمية والجهود المبذولة بشأنها.