دعا العاهل المغربي الملك محمد السادس إلى تسريع الإصلاحات التي يعرفها القطاع العقاري ومعالجة اختلالاته والرهانات التي تواجهه في إطار مقاربة تشاركية على أساس مبادئ الحق والإنصاف والعدالة الاجتماعية.
واعتبرت الرسالة الملكية التي تلاها المستشار الملكي عبد اللطيف المنوني، أمس، في افتتاح المناظرة الوطنية حول السياسات العقارية للدولة في الصخيرات جنوب الرباط، أن الجانب التشريعي يشكل «أحد أهم التحديات، التي يتعين رفعها لتأهيل قطاع العقار، وذلك نظرا لتنوع أنظمته، وغياب أو تجاوز النصوص القانونية المنظمة له، إضافة إلى تعدد الفاعلين المؤسساتيين المشرفين على تدبيره».
ودعا العاهل المغربي في هذا الصدد «للانكباب على مراجعة وتحديث الترسانة القانونية المؤطرة للعقار، بشقيه العمومي والخاص، بما يضمن حماية الرصيد العقاري وتثمينه، والرفع من فعالية تنظيمه، وتبسيط مساطر تدبيره، لتمكينه من القيام بدوره في تعزيز الدينامية الاقتصادية والاجتماعية لبلادنا».
كما شدد الملك، في رسالته التوجيهية، على ضرورة تسريع إقرار المدونة (قانون) الجديدة للتعمير، وذلك «بهدف خلق المرونة اللازمة لإعداد وتنفيذ وثائق التعمير (تصاميم المدن)، مع العمل على جعلها أداة ناجعة لتعبئة العقارات، ومحاربة المضاربة العقارية». وأشار ملك المغرب بهذا الصدد إلى أن «وثائق التعمير وآليات التخطيط العمراني ينبغي أن تستهدف خدمة المواطنين، وهو ما يتطلب العمل على التهيئة الجيدة للفضاء العمراني، والحد من التفاوتات المجالية، وتكريس العدالة الاجتماعية، بدل أن تكون هذه الوثائق وسيلة للمضاربة، التي تتنافى مع مصالح المواطنين»، مضيفا أن التعمير يجب أيضا أن يكون «آلية لإرساء العدالة العقارية في توزيع الأعباء والارتفاقات المقررة للمصلحة العامة بين ملاك الأراضي، وضمان توزيع عادل لفائض القيمة الناجم عن وثائق التعمير».
وبخصوص دور العقار في مجال السكن، ألح الملك محمد السادس، في رسالته التوجيهية، على «ضرورة إرساء آليات عملية وإجرائية، لضبط السوق العقارية، قصد تفادي المضاربة وانعكاساتها على الأثمان، وكذا إيجاد حلول مبتكرة لتمويل العقار الموجه للسكن، واعتماد الشفافية في مساطر تعبئته، وذلك بهدف تسهيل ولوج المواطنين لسكن لائق وكريم».
وتضمنت الرسالة الملكية تشخيصا لأبرز الاختلالات والإكراهات التي يعاني منها القطاع العقاري في المغرب، في مجالات الاستثمار والفلاحة والسكن، وتعدد الأوضاع القانونية وتعدد أشكال الملكية العقارية، وحث الحكومة على ضرورة العمل على إصلاحها في إطار تشاوري، داعيا إلى «استلهام فضائل الحوار والتفكير الجماعي واعتماد المقاربة التشاركية التي كرسناها كنهج لا محيد عنه في معالجة كل القضايا الكبرى للأمة».
وأشار العاهل المغربي إلى أن «الرفع من فعالية ونجاعة السياسة العقارية للدولة يقتضي اعتماد استراتيجية وطنية شمولية وواضحة المعالم، وتنزيلها في شكل مخططات عمل، تتضمن كل الجوانب المتعلقة ببلورة وتنفيذ هذه السياسة، مع ما يرتبط بذلك من تدابير تشريعية وتنظيمية وإجرائية وغيرها، في تكامل بين الدولة والجماعات الترابية، باعتبارها فاعلا أساسيا في التنمية المجالية». وشدد على أهمية التقييم، مشيرا إلى أنه «يجب أن يشكل جزءا لا يتجزأ من آليات التدبير العمومي»، مؤكدا على أن «تطبيق أي سياسة عقارية ناجحة يبقى رهينا بمدى مواكبتها بالتتبع والتقييم المستمر، للاختيارات المتبعة من طرف الدولة في مجال تدبير العقار، بهدف قياس أثرها على مختلف المجالات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، ومن ثم العمل على تقويم اختلالاتها، وتحسين نجاعتها وفعاليتها».
وغص مركز المؤتمرات محمد السادس، أمس، بالمشاركين في المناظرة، التي يعول عليها المغرب في تشخيص اختلالات قطاعه العقاري وتحدياته وإصدار توصيات واقتراحات لإصلاحه وترقيته وإيجاد حلول لإشكالياته.
واستغرق إعداد المنتظرة سنة، حسب عبد الحميد غميجة، عضو اللجنة العلمية لتحضير المناظرة. وأشار غميجة إلى أن فريق الإعداد للمناظرة شكل عدة لجان عمل، ضمنها اللجنة العلمية التي سهرت على إعداد أرضية المناظرة بإشراك كل الفعاليات المتدخلة في القطاع العقاري، بمن فيهم المهنيون والإدارات والباحثون والخبراء.
العاهل المغربي يدعو لإصلاح السياسة العقارية
في إطار مبادئ الإنصاف والعدالة الاجتماعية
العاهل المغربي يدعو لإصلاح السياسة العقارية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة