المعارضة السياسية والعسكرية توحد لوائح مشاركتها في «مؤتمر الرياض»

الائتلاف يحاول تجاوز «خطأ إدراي» تمثل بإرسال لائحتين مختلفتين

مقاتلون في الجيش السوري الحر يحملون منصة لإطلاق الصواريخ محلية الصنع متصلة بتراكتور في حي الشيخ مقصود في مدينة حلب (أ.ف.ب)
مقاتلون في الجيش السوري الحر يحملون منصة لإطلاق الصواريخ محلية الصنع متصلة بتراكتور في حي الشيخ مقصود في مدينة حلب (أ.ف.ب)
TT

المعارضة السياسية والعسكرية توحد لوائح مشاركتها في «مؤتمر الرياض»

مقاتلون في الجيش السوري الحر يحملون منصة لإطلاق الصواريخ محلية الصنع متصلة بتراكتور في حي الشيخ مقصود في مدينة حلب (أ.ف.ب)
مقاتلون في الجيش السوري الحر يحملون منصة لإطلاق الصواريخ محلية الصنع متصلة بتراكتور في حي الشيخ مقصود في مدينة حلب (أ.ف.ب)

تعمل المعارضة السياسية والعسكرية على ترتيب صفوفها لاختيار ممثليها إلى مؤتمر الرياض المزمع عقده بين 11 و12 ديسمبر (كانون الأول) بعد تلقيها الدعوات الرسمية، بينما تكثفت الاتصالات في صفوف الائتلاف لتجنب انفجار الخلاف فيه بعد إرسال لائحتين مختلفتين إلى المشرفين على تنظيم المؤتمر، من قبل الائتلاف. ويعمل قادة الائتلاف على محاولة التوصّل إلى لائحة توافقية من 20 شخصية، بعد خلافات حصلت نتيجة «خطأ إداري» وفق وصف مصدر في الائتلاف، من خلال إرسال لائحتين إلى الرياض، الأولى يرجّح أنّها من قبل رئيس الائتلاف خالد خوجة والثانية من قبل الهيئة السياسية.
وفي هذا الإطار، أوضح نائب رئيس الائتلاف هشام مروة، لـ«الشرق الأوسط» أنّ الدعوة وجّهت باسم الائتلاف ورئيسه للاجتماع في الرياض «من أجل رؤية توافقية حول المرحلة الانتقالية في سوريا»، مؤكدا أنّ هناك خطوات متقدمة نحو الحلّ لتذليل المشكلات التي نتجت عن اللائحتين، مرجحا أن تتوصل اليوم الهيئة السياسية إلى لائحة توافقية قد تضم معظم أعضاء الهيئة الذين يبلغ عددهم 23 شخصية، أو أن يتم استبدال بعض الأشخاص بممثلين آخرين من الائتلاف لتشمل مختلف الأحزاب والأطراف.
ولفت مروة إلى أن مهمة الائتلاف تقتصر على اختيار الشخصيات التي تمثله فقط، بينما المشاركون الآخرون من المعارضة أرسلت إليهم دعواتهم بشكل مباشر، وهي موزّعة كالتالي: 20 من الائتلاف، 15 من المعارضة العسكرية، 20 من المستقلين، و7 من هيئة التنسيق الوطنية، و3 رجال دين.
وقالت نائبة رئيس الائتلاف نغم الغادري إن الهدف الرئيسي لاجتماعات الرياض هو الخروج بوثيقة توافقية وفق بيان جنيف، وليس تأليف كيان سياسي جديد.
من جهتها، تلقت «هيئة التنسيق الوطنية» دعوة للمشاركة من خلال تمثيلها بـ10 شخصيات، وفق قول عضو المكتب التنفيذي في الهيئة خلف الداود، الذي سيكون أحد المشاركين، مشيرا إلى أن هؤلاء سيتوزّعون من الموجودين في داخل سوريا وخارجها وسيمثلون التنوع السياسي والاجتماعي، على أن يشاركوا برئاسة المنسق العام حسن عبد العظيم. وبينما أشارت مصادر في «حزب الاتحاد الديمقراطي»، لـ«الشرق الأوسط» إلى أن رئيس الحزب الكردي صالح مسلم، لغاية الآن، لن يكون ضمن الوفد اعتراضا منه على التمثيل غير العادل لتوزيع الدعوات، استبعدت مصادر في الائتلاف مشاركته أيضا، معتبرة في حديثها لـ«الشرق الأوسط» أنّه «سينتج عن حضوره مشكلة انطلاقا من موقفه الداعم لاستمرار الأسد في السلطة، وهو الأمر الذي لن يقبل به منظمو المؤتمر أيضا».
وقالت مصادر سورية معارضة لـ«الشرق الأوسط» إن تركيا اعترضت على اسمي مسلم، والرئيس السابق للائتلاف السوري أحمد الجربا، ورفضت تضمينهما في أي وفد للمعارضة، مع العلم بأنّ «قوات سوريا الديمقراطية» التي تجمع فصائل كردية وعربية لم تتلق بدورها أي دعوة، وفق ما أكده قيادي في «القوات» لـ«الشرق الأوسط».
ولفت داود إلى أن «الهدف من مؤتمر الرياض هو الخروج بوثيقة مشتركة حول الحل السياسي في سوريا»، موضحا أنّ الهيئة ستلتزم بمقررات المؤتمر، وأن موقفها واضح من مصير الرئيس السوري بشار الأسد، معتبرا أنّ الحل الأكثر قابلية للتحقيق هو أنّ رحيل الأسد يبدأ مع بداية مرحلة الحكم الانتقالية.
وكان دبلوماسيو 17 دولة، بينها إيران، اتفقوا أواسط نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي على مبدأ تنظيم مرحلة انتقالية سياسية في سوريا في غضون ستة أشهر، وتنظيم انتخابات عامة في الأشهر الـ18 التالية، كما اتفق المشاركون على إعداد قائمة بمجموعات المعارضة السورية التي يمكن أن تشارك في حوار بين الأطراف السورية. وعارضت طهران الاثنين عقد المؤتمر، وقال مساعد وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان إن اجتماع معارضين سوريين في الرياض مخالف لبيان «فيينا2»، وإن إيران لا توافق على أي أعمال خارج هذا البيان.
في سياق متصل، أكد الدكتور هشام مروة، لـ«الشرق الأوسط» أن العمل يجري في المعارضة لتأسيس مجلس عسكري يضم تحت رايته الفصائل المسلحة التي حاولت الدفاع عن الشعب السوري أمام وحشية نظام الأسد، مشيرا إلى أن ذلك المجلس يمكن أن يكون نواة للجيش الوطني في المرحلة الانتقالية لسوريا الجديدة، التي تخلو من الأسد ونظامه، وأضاف أن الاختلاف الحالي يتعلق بتمثيل الفصائل في المجلس، وآليات دعمها، وهو ما يمكن تجاوزه.
وأوضح أن الفصائل المسلحة لا تتبع للائتلاف، لكنها تتشاور معه، وتندرج أعمالهما في إطار مشترك، مضيفا أن وضع رؤية موحدة حيال ضمان السلم الأهلي ومكافحة الإرهاب وتشكيل الدستور محاور سيتم مناقشتها في مؤتمر المعارضة بالسعودية، متوقعا أن يعطي انتقال لقاء الأطراف الدولية لحل الملف السوري من فيينا إلى نيويورك زخما أكبر يمكن أن ينعكس إيجابا على تسريع خطوات المرحلة الانتقالية.



«هدنة غزة»: غموض يكتنف مصير المفاوضات وترقب لنتائج «جولة القاهرة»

صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

«هدنة غزة»: غموض يكتنف مصير المفاوضات وترقب لنتائج «جولة القاهرة»

صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

غموض يكتنف مصير الهدنة في قطاع غزة مع انتهاء المرحلة الأولى دون أفق واضح للخطوة التالية، وسط تمسك كل طرف بموقفه، ومحاولات من الوسطاء، كان أحدثها جولة مفاوضات في القاهرة لإنقاذ الاتفاق، وحديث عن زيارة مرتقبة للمبعوث الأميركي، ستيف ويتكوف، إلى إسرائيل ضمن مساعي الحلحلة، وسط مخاوف من عودة الأمور إلى «نقطة الصفر».

تلك التطورات تجعل مصير المفاوضات بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، في مهب الريح وتنتظر تواصل جهود الوسطاء وخصوصاً ضغوط أميركية حقيقية على رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو؛ للوصول لصيغة مقبولة وتفاهمات بشأن مسار الاتفاق لاستكماله ومنع انهياره، وخصوصاً أن «حماس» لن تخسر ورقتها الرابحة (الرهائن) لتعود إسرائيل بعدها إلى الحرب دون ضمانات حقيقية.

وبعد 15 شهراً من الحرب المدمّرة، بدأت الهدنة في 19 يناير (كانون الثاني) الماضي، وانتهت مرحلتها الأولى (42 يوماً)، السبت، وشملت إفراج «حماس» وفصائل أخرى عن 33 من الرهائن بينهم 8 متوفين، مقابل إطلاق سراح نحو 1700 فلسطيني من سجون إسرائيل، فيما لا يزال 58 محتجزين داخل قطاع غزة، بينهم 34 يؤكد الجيش الإسرائيلي أنهم قد تُوفوا، وسط انتظار لبدء المرحلة الثانية المعنية بانسحاب نهائي ووقف للحرب على مدار 42 يوماً، وأخرى ثالثة معنية بإعمار القطاع.

وأفادت صحيفة «تايمز أوف» إسرائيل، السبت، بأن نتنياهو أجرى، مساء الجمعة، مشاورات مطولة مع كبار الوزراء ومسؤولي الدفاع بشأن الهدنة، على غير العادة، في ظل رفض «حماس» تمديد المرحلة الأولى «ستة أسابيع إضافية» ومطالبتها بالتقدم إلى مرحلة ثانية.

وطرحت المشاورات بحسب ما أفادت به «القناة 12» الإسرائيلية، السبت، فكرة العودة إلى القتال في غزة، في حال انهيار الاتفاق، لافتة إلى أن الولايات المتحدة تضغط لتمديد المرحلة الأولى.

فلسطينيون نزحوا إلى الجنوب بأمر إسرائيل خلال الحرب يشقُّون طريقهم عائدين إلى منازلهم في شمال غزة (رويترز)

بينما نقلت «تايمز أوف إسرائيل»، السبت، عن مصدر دبلوماسي إسرائيلي، أن وفد بلادها عاد من محادثات تستضيفها القاهرة منذ الخميس بشأن المراحل المقبلة وضمان تنفيذ التفاهمات، كما أعلنت الهيئة العامة للاستعلامات المصرية الرسمية، لكن المحادثات «ستستأنف السبت»، وفق الصحيفة.

وأكدت متحدث «حماس»، حازم قاسم، السبت، أنه لا توجد حالياً أي «مفاوضات مع الحركة بشأن المرحلة الثانية»، وأن «تمديد المرحلة الأولى بالصيغة التي تطرحها إسرائيل مرفوض بالنسبة لنا»، وفق ما نقلته وكالة «رويترز»، دون توضيح سبب الرفض.

ويرى الخبير الاستراتيجي والعسكري، اللواء سمير فرج، أن مصير المفاوضات بات غامضاً مع تمسك إسرائيل بطلب تمديد المرحلة الأولى، ورفض «حماس» للتفريط في الرهائن أهم ورقة لديها عبر تمديد لن يحقق وقف الحرب.

ولا يمكن القول إن المفاوضات «فشلت»، وفق المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، الذي لفت إلى أن هناك إصراراً إسرائيلياً، على التمديد والبقاء في 3 بؤر عسكرية على الأقل في شمال وشرق القطاع و«محور فيلادليفيا»، بالمخالفة لبنود الاتفاق ورفض من «حماس».

لكنّ هناك جهوداً تبذل من الوسطاء، والوفد الإسرائيلي سيعود، وبالتالي سنكون أمام تمديد الاتفاق عدة أيام بشكل تلقائي دون صفقات لحين حسم الأزمة، بحسب الرقب.

ونقلت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية عن مصادر، قولها إنه إذا وافقت «حماس» على تمديد المرحلة الأولى من خلال الاستمرار في تحرير دفعات من الرهائن، فإنها بذلك تخسر النفوذ الرئيسي الوحيد الذي تمتلكه حالياً. وذلك غداة حديث دبلوماسي غربي كبير لصحيفة «تايمز أوف إسرائيل»، أشار إلى أن نتنياهو يستعد للعودة إلى الحرب مع «حماس».

طفل يسير في حي دمرته الحرب تم وضع زينة شهر رمضان عليه في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

ووسط تلك الصعوبات، استعرض وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، بالقاهرة، مع رئيس وزراء فلسطين، محمد مصطفى مستجدات الجهود المصرية الهادفة لتثبيت وقف إطلاق النار في غزة وتنفيذ كل بنوده خلال مراحله الثلاث، وخطط إعادة الإعمار في قطاع غزة في وجود الفلسطينيين على أرضهم وترتيبات القمة العربية غير العادية المقرر عقدها يوم 4 مارس (آذار) الحالي بالقاهرة، مؤكداً دعم مصر للسلطة الفلسطينية ودورها في قطاع غزة.

ويعتقد فرج أن حل تلك الأزمة يتوقف على جدية الضغوط الأميركية تجاه إسرائيل للوصول إلى حل، مؤكداً أن التلويح الإسرائيلي بالحرب مجرد ضغوط لنيل مكاسب في ظل حاجة «حماس» لزيادة دخول المواد الإغاثية في شهر رمضان للقطاع.

وبعد تأجيل زيارته للمنطقة، ذكر ويتكوف، الأربعاء، خلال فعالية نظّمتها «اللجنة اليهودية-الأميركية»، إنه «ربّما» ينضمّ إلى المفاوضات يوم الأحد «إذا ما سارت الأمور على ما يرام».

ويرجح الرقب أن الأمور الأقرب ستكون تمديد المرحلة الأولى من الاتفاق مع ضمانات واضحة لأن الوسطاء و«حماس» يدركون أن إسرائيل تريد أخذ باقي الرهائن والعودة للحرب، مشيراً إلى أن «الساعات المقبلة بمحادثات القاهرة ستكون أوضح لمسار المفاوضات وتجاوز الغموض والمخاوف الحالية».