حقوق الإنسان ترصد تجنيد الميليشيات لطلاب المدارس اليمنية والزج بهم في المعارك

اللجان النقابية النفطية تتهم الانقلابيين بتسليم شركات الدولة لتجار السوق السوداء

حقوق الإنسان ترصد تجنيد الميليشيات لطلاب المدارس اليمنية والزج بهم في المعارك
TT

حقوق الإنسان ترصد تجنيد الميليشيات لطلاب المدارس اليمنية والزج بهم في المعارك

حقوق الإنسان ترصد تجنيد الميليشيات لطلاب المدارس اليمنية والزج بهم في المعارك

اتهم عز الدين الأصبحي، وزير حقوق الإنسان في اليمن، الميليشيات الانقلابية من الحوثيين وقوات المخلوع علي عبد الله صالح، بالزج بطلاب المدارس لتجنيدهم في صفوفها لقتال الجيش الوطني والحكومة الشرعية، وقال إن الميليشيات نظمت زيارات تربوية ممنهجة للمدارس من قبل المؤسسات التربوية لتجنيد الطلاب والزج بهم في خنادق القتال، في انتهاك واضح وصريح لحقوق الطفل.
وأوضح وزير حقوق الإنسان، في ندوة «واقع الحريات وحقوق الإنسان في اليمن ودور قوات التحالف»، التي نظمتها جمعية الإمارات لحقوق الإنسان أول من أمس، أن «القضية الجوهرية تكمن في جريمة خطاب الكراهية التي تستهدف المستقبل، والتي تهدف إلى تمزيق المجتمع، وتدمير السلام المجتمعي».
وكشف الأصبحي عن مقتل أكثر من ستة آلاف شخص في اليمن منذ بداية الحرب التي شنتها ميليشيا الحوثي وصالح الانقلابية حتى أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بحسب الإحصاءات التي جرى تسجيلها وتوثيقها – أخيرا - في مدن عدة، منها تعز وعدن ولحج وبقية المناطق، مؤكدا أنه من ضمن الانتهاكات الممنهجة التي تمارسها الميليشيا الانقلابية استهداف المدنيين من قبل القناصة، لافتا إلى أن من قتلوا من قبل القناصة يوازي من قتلوا من قبل المدفعية، وكل مَن سقطوا من قبل قناصة الحوثيين مدنيون تم استهدافهم وهم في منازلهم وفي الأسواق. وأضاف أن «مراكز الرصد سجلت 14 ألفا و183 إصابة، و7047 عملية اختطاف، أكثرها في أمانة العاصمة وفي عدن وغيرها، ووقوع 1200 اعتداء عام، وأكثر من 2780 اعتداء على المؤسسات الخاصة، إضافة إلى تهجير المواطنين في تعز وغيرها».
ولفت وزير حقوق الإنسان اليمني إلى أن الميليشيا الانقلابية تحاصر السكان بالألغام العشوائية لإيقاع أكبر ضرر بالمدنيين. وقال إن أكثر من 145 قتلوا بسبب الألغام، حيث سقط خلال شهر واحد 25 رجلا و26 امرأة و12 طفلا، و8 أشخاص من العاملين بنزع الألغام، وهي جريمة واضحة من قبل الجماعات الحوثية الإرهابية، وأضاف: «لو كان لديها أمل بسيط للبقاء لما قامت بزرع الألغام بشكل عشوائي».
وثمّن الأصبحي الدور الكبير الذي تقوم به الإمارات ضمن قوات التحالف العربي في بناء المؤسسات وإعادة الإعمار وتقديم المساعدات الإغاثية والإنسانية إلى جانب دول المجلس التي أسهمت في تخفيف معاناة أبناء الشعب اليمني الذي يعاني من أوضاع مأساوية جراء عمليات الحرب التي تشنها ميليشيا الحوثي وصالح الانقلابية.
في سياق آخر، اتهمت اللجان النقابية النفطية الميليشيات الانقلابية بالسعي لبيع وتسليم شركة النفطية اليمنية وسحب مهامها، لصالح لوبي الفساد من تجار السوق السوداء، وسحب صلاحيات ومهام الدولة لأشخاص بغرض التحكم في احتياجات اليمنيين من المشتقات النفطية، مما سيزيد من حدة الأزمة ويضاعف المعاناة.
وقال مجلس تنسيق اللجان النقابية لشركة النفط، في بيان صحافي، إن ما صدر قبل أيام تحت اسم «لائحة الضوابط والإجراءات المنظمة لاستيراد المشتقات النفطية»، سمح للتجار والشركات باستيراد المشتقات النفطية، وهو ما يعني إلغاء واجبات مؤسسات الدولة تجاه المواطنين، فضلا عن أن اللائحة تخالف قانون إنشاء شركة النفط. وأوضح المجلس التنسيقي أن بنود هذه اللائحة تعني حرفيا بيع وتسليم شركة النفط اليمنية وسحب مهامها، لصالح لوبي الفساد وتجار السوق السوداء الذي سيصبحون بموجبها متحكمين في احتياجات المواطنين، إضافة إلى أنها سترفع دعم الدولة بشكل كامل عن الوقود، مما يعني تنفيذ جرعة سعرية للمشتقات النفطية.
وأمهل المجلس التنسيقي للنقابات النفطية المتمردين الحوثيين وصالح، الذين يتحكمون بمقاليد الحكم في صنعاء، 48 ساعة لتنفيذ مطالبه، مهددا بالتصعيد في حال لم تتم الاستجابة لها، والتي تتضمن سحب وإلغاء اللائحة الاستيراد، ووقف التعامل مع تجار السوق السوداء، وإلغاء قرار تعويم المشتقات النفطية تلافيا للأضرار الكارثية التي نجمت عنه.
وطالب المجلس بوقف تدخل مسلحي الحوثي الذين لا يملكون المعرفة والرؤية اللازمتين في شؤون الشركة، ووضع قائمة سوداء بتجار السوق السوداء، وإلغاء الوسطاء المحليين عبر الشراء مباشرة من الشركات الأجنبية المصدرة.
واستغل الانقلابيون أزمة المشتقات النفطية التي تعيشها البلاد منذ أكثر من سنة، واستحوذ الموالون لهم على أغلب كميات النفط التي تصل إلى البلاد عبر ميناء الحديدة غرب اليمن، باسم المجهود الحربي الذي يذهب إلى السوق السوداء، بحسب تقارير اقتصادية.
واستحوذ المتمردون منذ انقلابهم في سبتمبر (أيلول) 2014، على كل الشركات الإيرادية في العاصمة صنعاء، التي كانت تعتمد عليها في رفد موازنتها، حيث يرفد النفط أكثر من 70 في المائة من هذه الموازنة. ويقول مراقبون إن الحوثيين وصالح اتجهوا إلى دعم السوق السوداء للمشتقات النفطية كبديل عن صادرات النفط، حيث توقفت الشركات المشغلة للقطاع في معظم المحافظات النفطية، وهي مأرب وحضرموت وشبوة.
وكانت الحكومة الشرعية قد أكدت التزام الشركات النفطية العاملة في اليمن بجميع المعاهدات والتعامل المباشر مع الحكومة بموجب القرارات الأممية، كونها الممثل الشرعي الوحيد للدولة، كما أن الرئيس عبد ربه منصور هادي، وجه نائبه رئيس الوزراء، خالد بحاح، باتخاذ إجراءات سريعة ببطلان القرارات التي أصدرتها الميليشيات الحوثية والقوات الموالية للمخلوع علي عبد الله صالح، منذ فترة الانقلاب.
على صعيد الوضع العسكري، شنّت طائرات التحالف العربي، أمس، غارات مكثفة على مواقع تابعة للحوثيين وصالح في العاصمة صنعاء، وصعدة. وأكدت مصادر محلية أن الغارات استهدفت ألوية الحماية الرئاسية في دار الرئاسة، ومعسكرات جبل النهدين، إضافة إلى القوات الخاصة التابعة للحرس الجمهوري، في منطقة الصباحة، ومخزن سلاح للحوثيين في منطقة ذهبان شمال صنعاء.
وقصفت المقاتلات مواقع الحوثيين في معقلهم بمحافظة صعدة، وذكرت مصادر محلية أن الغارات استهدفت مناطق حدودية مع السعودية، في منطقة القطينات بمديرية باقم. وأكد المتمردون مقتل ثمانية أشخاص في هذه الغارات.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».