أعلن مبعوث الأمم المتحدة للأزمة السورية، ستيفان دي مستورا، أمس، عن اتفاق مع الروس حول اعتبار إعلان جنيف الصادر في 30 يونيو (حزيران) 2012، واتفاق فيينا الصادر عن مجموعة البلدان الأساسية المؤثرة في الأزمة السورية الصادر في 30 أكتوبر (تشرين الأول) 2015، الأساس الرئيسي لانطلاق العملية السياسية للتسوية، بينما انتقدت الولايات المتحدة بشدة، أمس، التدخل الروسي في سوريا، مؤكدة أنه فاقم الأزمة الإنسانية في هذا البلد، وأنه يستهدف المعارضة المعتدلة أكثر مما يستهدف المتطرفين.
وعقب محادثات مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، قال دي ميستورا الذي زار دمشق أخيرا ويعتزم زيارة واشنطن بعد موسكو: «نحن مستعدون، الأمم المتحدة مستعدة، لبدء هذه العملية فورا في جنيف (..) في أسرع وقت ممكن». وأضاف «لدينا خطة» تستند إلى «إعلان جنيف 2012» الذي ينص على انتقال سياسي في سوريا، إضافة إلى «بيان فيينا». وأضاف «علينا أن نعمل عليها بسرعة»، مشيرا إلى أن المحادثات يجب أن تبدأ دون شروط مسبقة من الطرفين. وقال لافروف إن «أطياف المجتمع السوري بأكملها» يجب أن تكون ممثلة في المفاوضات، مجددا موقف روسيا التقليدي بأن «الشعب السوري» هو الذي يقرر مصير الرئيس بشار الأسد.
وينص بيان «جنيف1» على تشكيل حكومة من ممثلين عن المعارضة والحكومة السوريتين بصلاحيات كاملة تتولى المرحلة الانتقالية. وترى المعارضة في الصلاحيات الكاملة تجريد الأسد من صلاحياته، وبالتالي تنحيه، بينما يرفض النظام البحث في مصير الرئيس، معتبرا أن القرار في ذلك يعود للشعب السوري.
وإذ أكد الوزير الروسي دعم بلاده للجهود التي يبذلها دي ميستورا ومساعدوه، أعرب عن أمله في أن تبذل سائر الأطراف الأخرى المعنية بحل الأزمة السورية ما بوسعها لإنجاح مهمة المبعوث الأممي. وقال لافروف إن «لقاء فيينا كان عمليا إطارا مثاليا» لمتابعة البحث عن سبل لحل الأزمة السورية. وأضاف قوله: «إن مهمة اللاعبين الخارجيين هي المساعدة على إجلاس الأطراف إلى طاولة المفاوضات»، بينما أكد أن موسكو معنية بتعزيز إطار فيينا وبضرورة التركيز على مهمتين رئيسيتين، الأولى وتتعلق بصياغة التفاهم المشترك حول تحديد المجموعات الإرهابية التي لا ينطبق عليها وقف إطلاق النار وبما يتفق مع قائمة الأمم المتحدة، ومنها «القاعدة»، و«داعش»، و«جبهة النصرة». أما الثانية، فتتعلق بأسماء التنظيمات والمجموعات المعارضة المدعوة إلى المشاركة في الحوار مع الحكومة السورية والاتفاق حول تحديد مفهوم «المعارضة المعتدلة».
وأشار وزير الخارجية الروسية إلى ضرورة الالتزام بإعلان جنيف ووثيقة فيينا بما يكفل وحدة أراضي الدولة السورية والحفاظ على مؤسساتها الدستورية،. وبينما كان الجدل قد احتدم، أول من أمس، حول تصريحات ماريا زاخاروفا الناطقة باسم وزارة الخارجية الروسية حول مصير الرئيس السوري بشار الأسد، وما عادت إلى دحضه وتفنيده انطلاقا من تأكيدها على أن مصير الأسد مسألة يقرها الشعب السوري وحده، عاد لافروف ليؤكد: «إن مصير أي شخصية في حياة سوريا السياسية يجب أن يقرره شعبها في انتخابات عامة». وقال: «يمكن الجدال طويلا حول شعبية الأسد، لكن طريق التأكد واحد هو تعبير السوريين أنفسهم عن إرادتهم، وهذا ما نريد الوصول إليه». وأعرب وزير الخارجية الروسية عن أمله في أن يدعم اللاعبون الخارجيون تشكيل وفد موحد للمعارضة إلى المفاوضات مع الحكومة.
وتعليقا على الجدل الذي احتدم حول التفسيرات المتباينة لما صدر عن موسكو من تصريحات حول مصير الأسد، قالت مصادر دبلوماسية رفيعة المستوى إننا يجب أن نركز على ما يقوله الرئيس فلاديمير بوتين ووزير خارجيته في هذا الشأن. وكان بوتين سبق وأشار إلى أن الشعب السوري وحده هو الذي يحدد مصير الأسد، محذرا من مغبة احتمالات تحول الأوضاع إلى ما شهدته وتشهده ليبيا. أما وزير خارجيته لافروف، فقد أشار في ختام لقاء فيينا يوم الجمعة الماضي: «إن روسيا ما زالت على موقفها بأن مصير الأسد يجب أن يقرره السوريون، وروسيا لم تعلن أنه يجب على الأسد البقاء في السلطة في سوريا، وتعتبر أن مصيره يجب أن يقرره الشعب السوري». وأضاف: «أنا لم أقل إن بشار الأسد يجب أن يبقى، وتحدثت عن حقيقة مفادها أن مصير بشار الأسد يجب أن يقرره الشعب السوري، كما هو الحال فيما يتعلق بعمليات التنمية في الدولة السورية».
وقالت مساعدة وزير الخارجية الأميركي لمنطقة الشرق الأوسط، آن باترسون، خلال جلسة استماع أمام لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الأميركي، «منذ بدء الضربات الروسية في سوريا، نزح ما لا يقل عن 120 ألف سوري نتيجة العمليات الهجومية للنظام مدعومة بضربات جوية روسية في محافظات حماه وحلب وإدلب»، بينما قالت مساعدة وزيرة الخارجية للشؤون الأوروبية فيكتوريا نولاند من جهتها، إنه «منذ بدء العمليات الروسية في سوريا، سجلت اليونان تدفقا للمهاجرين هو الأعلى أسبوعيا خلال عام 2015، مع نحو 48 ألف لاجئ ومهاجر انتقلوا من تركيا إلى اليونان».
وقالت باترسون: «التدخل العسكري الروسي فاقم بشكل خطير بيئة معقدة أصلا»، متهمة روسيا «بأنها استهدفت حتى الآن في الغالب المناطق التي لا وجود فيها لتنظيم الدولة الإسلامية، وبأنها استهدفت المعارضة السورية المعتدلة». وذكرت روسيا «بمسؤوليتها الكبرى لوقف الممارسة الفظيعة للنظام فورا المتمثلة في عمليات القصف بالبراميل المتفجرة واستخدام غاز الكلور ضد شعبه»، مؤكدة أن «الأسرة الدولية تنظر إلى روسيا لتحمل هذه المسؤولية».
وفي طهران، أكد علي أكبر ولايتي، مستشار المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي للشؤون الدولية، إثر استقباله نائب وزير الخارجة السوري، فيصل المقداد، أن «إيران لا ولن تتعاون بشكل مباشر أو غير مباشر مع الولايات المتحدة». ولاحقا التقى المقداد وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف الذي قال إن «الشعب السوري وحده يقرر مستقبله بنفسه ولا يجب فرض أي شيء عليه».
دي ميستورا يعلن عن اتفاق مع الروس على اعتماد «جنيف1» و«فيينا 2»
واشنطن منتقدة تدخل موسكو العسكري: فاقم بشكل خطير بيئة معقدة أصلاً
دي ميستورا يعلن عن اتفاق مع الروس على اعتماد «جنيف1» و«فيينا 2»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة