لاجئون سوريون يفضلون «قذائف» بلدهم على معاناة المخيمات

يغادرون مخيم الزعتري في الأردن ويعودون إلى بيوتهم في سوريا رغم المخاطر

طفلة سورية لاجئة تحاول مساعدة أمها في تقطيع أغصان الشجر اليابسة لاستخدامها كوقود لإعداد الطعام في أحد مخيمات اللجوء (أ.ب)
طفلة سورية لاجئة تحاول مساعدة أمها في تقطيع أغصان الشجر اليابسة لاستخدامها كوقود لإعداد الطعام في أحد مخيمات اللجوء (أ.ب)
TT

لاجئون سوريون يفضلون «قذائف» بلدهم على معاناة المخيمات

طفلة سورية لاجئة تحاول مساعدة أمها في تقطيع أغصان الشجر اليابسة لاستخدامها كوقود لإعداد الطعام في أحد مخيمات اللجوء (أ.ب)
طفلة سورية لاجئة تحاول مساعدة أمها في تقطيع أغصان الشجر اليابسة لاستخدامها كوقود لإعداد الطعام في أحد مخيمات اللجوء (أ.ب)

«مهما سنواجه في طريق العودة يظل أفضل من البقاء هنا في هذا المخيم تحت رحمة انتظار المساعدات التي بدأت تتقلص، هناك موت وهنا نموت كل يوم». بهذه الكلمات وصفت رنا الرفاعي لـ«الشرق الأوسط» وضعها ووضع المئات غيرها، خلال انتظار دورها لركوب حافلة تنقل اللاجئين إلى بلادهم عبر الحدود الأردنية المغلقة منذ أن سيطرت المعارضة على جميع المنافذ الشرعية وغير شرعية.
وتضيف رنا التي يصطحبها ثلاثة أطفال صغار، أنها ستغادر مخيم الزعتري بعد أن تم ترحيل زوجها من المخيم إلى سوريا، إذ تبين بعد سنتين ونصف أنه دخل الأردن بفضل دفتر العائلة بينما كان هاربًا من الجيش السوري النظامي ولديه بطاقة عسكرية. وأوضحت أن زوجها التحق بالجيش الحر منذ 8 أشهر، وأنها لا تستطيع العيش مع أطفالها وحيدة، خصوصًا أن المساعدات لا تكفي. لذا قررت رنا العودة إلى مدينة درعا. وتابعت: «سأذهب وأعيش إلى جانب زوجي وفي ما تبقى من بيتي. فزوجي يتقاضى راتب 20 ألف ليرة سورية من الجيش الحر، وسأدبر أموري هناك». وستتوجه رنا وأطفالها أولاً إلى مركز رباع السرحان، الذي يبعد بنحو 12 كيلومترًا عن الحدود الأردنية، للمطالبة بوثائقها والخضوع إلى التفتيش. ومن ثم، ستغادر بالحافلة إلى حدود جابر نصيب حيث سيكون زوجها بانتظارها عند المعبر.
من جانبها، تقول أم محمد وهي جالسة على أحد مقاعد الانتظار في مركز إعادة اللاجئين، المعروف بمركز «القذف»، إنها ستعود إلى بيتها «الذي يحتاج إلى تصليح الأبواب والنوافذ، كي نعيش فيه حتى يأتي الفرج». وتابعت: «أنا لا أخاف الموت، والحياة أصبحت بلا معنى هنا في المخيم. فالمعاناة تطاردنا سواء كنا هنا في الزعتري أو هناك في بلدة طفس تحت رحمة القذائف العمياء».
وباتت المعيشة في المخيم صعبة للغاية، حيث لا يوجد كهرباء إلا في الليل بين الساعة السابعة مساء إلى الثالثة فجرًا، على حد تعبير أم محمد التي تابعت: «خلال النهار، لا نستطيع تشغيل مروحة أو براد صغير أو تلفزيون أو غير ذلك، والمياه تصل بكميات قليلة والمساعدات بدأت تقل عن السابق».
وفي مركز الترحيل، وضعت مقاعد خشبية يجلس عليها اللاجئون المقرر ترحيلهم على متن حافلتين وشاحنة لنقل أمتعتهم إلى الحدود. والتقت «الشرق الأوسط» بسلوى وأفراد من أسرتها وهي تحزم أمتعتها في غطاء على شكل صرة، إلا أن السلطات الأردنية لا تسمح للاجئين بأكثر من حقيبتين أو طردين بسبب ضيق المكان في الشاحنة التي ستنقلهم إلى الحدود. وقالت سلوى: «أنا سأذهب وأعيش في ما تبقى من منزلي، واحتاج هذه الأشياء كي تساعدني هناك.. ولكن لا أحد من المسؤولين يسمع، هم ينفذون الأوامر فقط».
أما يحيى، 22 عامًا، فأفاد بأن اليأس والإحباط يهيمنان على المخيم، فلا يوجد فيه عمل والقوانين والمفروضة تقيد حركة اللاجئين. «بات المخيم أشبه بالسجن الكبير»، وفق قوله. وسئل يحيى ماذا سيفعل عندما يصل إلى بلدته الصنمين، فقال: «أحاول أن أعمل في أي شيء وإذا لم احصل على عمل فقد أنضم إلى قوات المعارضة كي أعيش».
من جانبه، قال أحمد شبيب، من الغوطة الشرقية، إنه سيحاول الوصول إلى لبنان، ومن هناك إلى تركيا عبر البحر كي يغادر إلى أوروبا. ومعلقًا على الحياة في المخيم، يوضّح أحمد: «لا أستطيع أن أنتظر المساعدات الغذائية أو النقدية، فأنا أريد أن أعمل لأكون مستقبلاً. فأنا متخصص في خراطة المعادن، ولا يوجد وظائف هنا ولا أستطيع العمل في الخارج من دون تصريح عمل».
من جهة أخرى، قال مسؤول الاتصال والتواصل في المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في الأردن، محمد الحواري، إن هناك تراجعًا بسيطًا في عودة اللاجئين إلى بلادهم، حيث تتم إعادة أكثر من مائة لاجئ يوميًا بعد أن كان هذا العدد يقدر بـ150 لاجئًا الأسبوع الماضي، مشيرًا إلى أن الأرقام معرضة للزيادة أو النقصان. وأضاف: «إننا نبلغ من يرغب بالعودة أنه لن يستطيع العودة إلى الأردن مرة أخرى، وأنه ذاهب بلا عودة. ومع ذلك، فإن هنالك إقبالاً من قبل اللاجئين الراغبين في العودة إلى سوريا».
وحسب الإحصائيات الرسمية، فإن أكثر من أربعة آلاف لاجئ يعودون إلى بلادهم شهريًا رغم حالة عدم الاستقرار وتفاقم الوضع الأمني بعد أن تدخلت روسيا في سوريا من خلال عملياتها في الشمال وتوسيع ضرباتها في الجنوب. وعزا الحواري ارتفاع طلبات العودة للاجئين إلى صعوبة الحياة في المخيم أو المناطق الأخرى، وعدم وجود استقرار نفسي، إضافة إلى شح مساعدات الإغاثة وافتقارهم للمال، مما أدّى إلى انقطاع الدعم عن 229 ألف لاجئ سوري من برنامج الأغذية العالمي، الذي خفض قيمة المساعدات الشهرية إلى 7 دولارات للفرد الواحد، مشيرًا إلى أن هذه الفئات تصنف من الأكثر احتياجًا وتقع تحت خط الفقر الوطني والدولي.
وأشار الحواري كذلك إلى أن نحو 25 ألف عائلة سوريا في الأردن يبلغ تعدادها 127 ألف شخص تحصل على مساعدات نقدية شهرية، بينما يبقى نحو 8 آلاف عائلة على قائمة الانتظار، موضحًا أن اللاجئين خسروا معظم ممتلكاتهم في بلادهم.
وتتم عملية الترحيل من مخيم الزعتري ومخيم الأزرق، حيث يتم تجميعهم في منطقة رباع السرحان، وتتولى السلطات الأردنية بعملية توصيلهم إلى الحدود، وفق تصريحات الحواري.
من جانبها، قالت مصادر مطلعة إنه يتم إعادة الوثائق الخاصة باللاجئ في منطقة رباع السرحان، ويتم تفتيشه قبل أن ينقل إلى مركز حدود جابر الأردني، الذي أغلق في شهر أبريل (نيسان) الماضي، بعد أن سيطرت قوات المعارضة على معبر نصيب السوري المقابل لمعبر جابر الأردني.
ويقدر عدد اللاجئين السوريين في الأردن المسجلين لدى المفوضية السامية بنحو 630 ألفًا، منهم 110 آلاف في مخيمات الزعتري والأزرق والإماراتي دخلوا إلى المملكة منذ بداية الأحداث في سوريا عام 2011، بينما تقول الحكومة الأردنية إن لديها على الأراضي الأردنية 1.4 مليون لاجئ سوري.



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.