القصف الإسرائيلي في سوريا رسالة فظة إلى روسيا

لجنة تنسيق عسكري بين البلدين من المفترض أولى جلساتها بتل أبيب الأسبوع القادم

جنود إسرائيليون يغلقون طريقا يستخدمه سائقون إسرائيليون جنوب مجدل شمس في هضبة الجولان المحتلة (أ.ف.ب)
جنود إسرائيليون يغلقون طريقا يستخدمه سائقون إسرائيليون جنوب مجدل شمس في هضبة الجولان المحتلة (أ.ف.ب)
TT

القصف الإسرائيلي في سوريا رسالة فظة إلى روسيا

جنود إسرائيليون يغلقون طريقا يستخدمه سائقون إسرائيليون جنوب مجدل شمس في هضبة الجولان المحتلة (أ.ف.ب)
جنود إسرائيليون يغلقون طريقا يستخدمه سائقون إسرائيليون جنوب مجدل شمس في هضبة الجولان المحتلة (أ.ف.ب)

في الوقت الذي تحدث فيه خبراء استراتيجيون في تل أبيب عن القصف الإسرائيلي الأخير في سوريا معتبرين إياه «رسالة فظة من إسرائيل إلى روسيا»، أعرب الرئيس الروسي عن قلق بلاده جراء هذا القصف. لكنه أضاف في السياق نفسه أنه يرى «ضرورة احترام المصالح الإسرائيلية» المتعلقة بسوريا.
ومع أن بوتين شدد على أهمية «التنسيق بين روسيا وإسرائيل في موضوع التصدي للإرهاب»، خلال مؤتمر صحافي عقده في نيويورك أمس الثلاثاء، بعد لقائه مع الرئيس الأميركي باراك أوباما، فإن أوساطا إسرائيلية قالت لصحيفة «يديعوت أحرونوت» أمس إن الروس وجهوا رسالة احتجاج غاضب على هذا القصف واعتبروه «رسالة فظة وغير مقبولة».
وكانت المدفعية الإسرائيلية قصفت أول من أمس (الاثنين) مواقع تابعة للجيش السوري شرق هضبة الجولان في أعقاب سقوط صاروخ في الجانب الإسرائيلي أطلق من سوريا على ما يبدو عن طريق الخطأ أثناء القتال الدائر هناك بين مختلف الفصائل المسلحة. ومع أن إسرائيل بادرت إلى القول إن صاروخا طائشا سقط في الجانب الإسرائيلي (المحتل) من الجولان، فإنها اعتبرته «تهديدا للسكان الإسرائيليين».
المعروف أن إسرائيل اعتادت الرد على القذائف التي تسقط على مناطق سيطرتها من سوريا. ومنذ تعزيز الوجود الروسي، طرح فيها نقاش حول كيفية التعاطي مع هذا الموضوع من دون الدخول في صدام مع الروس. وقد بادر الرئيس بوتين إلى دعوة رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، للقائه حتى يبحث معه هذه القضية، واتفقا على إقامة لجنة تنسيق عسكري بين البلدين وأقاما لجنة خاصة لهذا الغرض برئاسة نائب رئيس أركان الجيش في كل منهما. ومن المفترض أن تعقد أول جلسة لها في تل أبيب في الأسبوع القادم. وإطلاق القذيفة الصاروخية باتجاه الإسرائيليين هذا الأسبوع كان بمثابة اختبار للتنسيق بين الطرفين.
لكن، وبعد أن كشفت تفاصيل اللقاء بين بوتين ونتنياهو واتضح أن الروس طلبوا من إسرائيل أن لا تعاود القصف الصاروخي في سوريا، بدا أن إسرائيل تنوي وضع قواعد مختلفة تتيح لها مواصلة نشاطها المعهود في سوريا في السنوات الأخيرة. فأعلن الجيش الإسرائيلي أن «تسلل قذيفتين من النيران المتبادلة بين الجيش السوري والمتمردين إلى إسرائيل حتى لو كان بالخطأ هو أمر لا يحتمل». وقال وزير الدفاع الإسرائيلي، موشيه يعلون، إن «سقوط الصواريخ في إسرائيل جراء إطلاق النيران من قبل الجيش السوري هو خرق لسيادتنا وتجاوز لخطوطنا الحمراء. وإسرائيل لا تنوي تجاوز أعمال كهذه، ولذلك هاجم الجيش مدفعين للجيش السوري. نحن نعتبر النظام السوري وجيشه مسؤولين عما يحدث من أراضيهم. لن نتسامح في حالات كهذه، وسنعمل لمنع كل محاولة للمس بأمن مواطني إسرائيل».
ولم تذكر إسرائيل رسميا ما هو مضمون الرد الروسي عليها. واعتبرت تصريحات بوتين بمثابة رسالة رد.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.