بين الخطأ والصواب

بين الخطأ والصواب
TT

بين الخطأ والصواب

بين الخطأ والصواب

«القلوب المحطمة» حالة شائعة

«القلوب المحطمة Broken hearts» المرض الشائع والمعروف على نطاق واسع في العالم لم يعد ذلك المرض المرتبط بالجوانب العاطفية والفشل بين المحبين، فهو مرض يطلق عليه علميا اسم «متلازمة القلب المكسور broken heart syndrome» ويحمل مصطلحا طبيا هو متلازمة تاكوتسوبو (Takotsubo syndrome) وهو عبارة عن اعتلال في عضلة القلب ويحدث بتواتر أكبر بكثير مما كان يعتقد سابقا، وذلك وفقا لدراسة أجراها باحثون سويسريون نشرت نتائجها الأسبوع الماضي في مجلة «نيوإنغلاند جورنال أوف ميديسين New England Journal of Medicine».
وشملت الدراسة 1750 مريضا من 26 مركز قلب في تسع دول من العالم هي: (سويسرا، وألمانيا، والنمسا، وفنلندا، وفرنسا، وإيطاليا، وبولندا وإنجلترا والولايات المتحدة الأميركية). وبينت أن ما يسمى بمشكلات «القلوب المحطمة» أكبر بكثير مما كان يعتقد سابقا.
لا يحدث هذا المرض عن طريق الضغط النفسي والإرهاق الجسدي فقط، أو يحدث مصاحبا لبعض الالتهابات الحادة وحسب، بل يمكن أن يظهر مرتبطا مع بعض الأمراض العصبية الحادة، مثل السكتة الدماغية والصرع أو النزيف في الدماغ. وفي المرحلة الحادة من المرض، تكون متلازمة تاكوتسوبو مهددة للحياة مثلها في ذلك مثل الأزمة القلبية الخطيرة. ونجد أن معدل الوفيات الناجمة عن «متلازمة القلوب المحطمة» تصل إلى 3.7 في المائة إذا علمنا أن وفيات النوبات القلبية هي 5.3 في المائة تقريبا.
ويأمل رئيس فريق الدراسة كريستيان تيمبلين Christian Templin أن تسهم هذه الدراسة في تحسين نتائج التشخيص والعلاج والتخفيف من خطورة نتائج الخطر الذي يلحق المصابين بهذا المرض. ومن أجل تحديد المضاعفات التي تهدد الحياة والحد من حدوثها في الوقت المناسب، ينبغي أن يتم رصد المرض عن كثب خلال المرحلة الحادة منه. وللأسف فحتى الآن، لا يوجد دليل علاجي واضح ومحدد لعلاج هذا المرض. وتعد هذه الدراسة أول منهج جديد وواعد لعلاج مرض القلوب المحطمة، بعد أن ظل مرضى اعتلال عضلة القلب Takotsubo syndrome يمثلون أعلى معدل انتشار للاضطرابات العصبية والنفسية حتى من أولئك الذين يعانون من متلازمة الشريان التاجي الحادة.

داء السكري والنوبات القلبية عند النساء

من الاعتقادات الخاطئة أن ينظر دوما إلى صغار السن على أنهم الأكثر لياقة وصحة ومقاومة للأمراض، بينما الصواب أننا لا يمكننا أن نعمم ذلك على الإطلاق، فالشابات اللاتي يعانين من مرض السكري يكون لديهن خطر الإصابة بالنوبات القلبية أعلى بستة أضعاف عن سواهن، وفقا لما تم عرضه ومناقشته في الاجتماع السنوي الأخير 2015 للجمعية الأوروبية لأمراض القلب، حيث وجد أن النساء اللاتي تتراوح أعمارهن 45 سنة فأقل ويعانين من مرض السكري لديهن مخاطر للإصابة بأمراض القلب مثل احتشاء عضلة القلب myocardial infarction MI أعلى ستة مرات عن مثيلاتهن من غير المصابات بداء السكري، وفقا لبحث قدم في المؤتمر الذي عقد مؤخرا في أواخر أغسطس (آب) – أوائل سبتمبر (أيلول) في مدينة لندن.
هذه الدراسة أجريت على 7386 امرأة تم فيها تقييم تأثير عوامل الخطر التقليدية على نسبة حدوث احتشاء عضلة القلب MI في النساء الشابات، وتم تحليل الاختلافات المتعلقة بالعمر. وفي هذه الدراسة، تم مقارنة الخصائص الوبائية للمرض لعدد 1941 امرأة شابة (تراوحت أعمارهن بين 45 سنة أو أقل) وكن مصابات بالمرض MI بأثر رجعي مع مجموعتين اثنتين للتحكيم control groups: المجموعة الأولى عددها 4275 امرأة تراوحت أعمارهن بين 63 - 64 عاما ولديهن MI و1170 امرأة ليس لديهن تاريخ مرضي لمرض MI وكانت أعمارهن تتراوح أقل أو تساوي 45 سنة.
استخدم الباحثون من معهد القلب في وارسو التحليل متعدد المتغيرات لتحديد أن أربعة من أصل خمسة عوامل خطر كلاسيكية كانت تنبئ وحدها بالإصابة بمرض MI في النساء الشابات. وكان أقوى تلك العوامل هو داء السكري، الذي أظهرت نتائج الدراسة أنه يرفع خطر الإصابة باحتشاء عضلة القلب MI بمقدار ستة أضعاف. كما وجد أن ارتفاع ضغط الدم الشرياني زاد هذا الخطر بنسبة أربع مرات في حين ضاعف ارتفاع الكولسترول في الدم بمقدار ثلاث مرات، والتدخين بنسبة 1.6 مرة من الخطر الحالي. ولكن لم يكن هناك دلالة إحصائية عن السمنة التي يمثلها مؤشر كتلة الجسم (BMI).
ووجد الباحثون أيضا أن النساء الصحيحات من الشابات كانت عوامل الخطر لديهن لا تتجاوز في المتوسط 1.1، في حين أن الشابات المريضات بـMI كانت نسبة الخطر 1.7 أما المسنات المصابات بـMI فكانت النسبة لديهن (2). وبالمقارنة مع النساء السليمات الشابات، وجد أن النساء الشابات المصابات باحتشاء عضلة القلب، في كثير من الأحيان، لديهن زيادة في خطر الإصابة بارتفاع ضغط الدم الشرياني، وارتفاع الكولسترول، والسكري، وكن من المدخنات حاليا أو في السابق.
وفي مجتمع النساء من كبيرات السن المصابات باحتشاء عضلة القلب، كان انتشار عوامل الخطر لديهن أكبر مما كان عليه في الشابات المصابات بالمرض. فوجد الباحثون أن التدخين هو عامل الخطر الوحيد الكبير في الفئة الأصغر سنا من النساء (48.7 في المائة مقابل 22.2 في المائة للمدخنات حاليا، و65.5 في المائة مقابل 45.1 في المائة للمدخنات سابقا).
هذه الدراسة تدعو الشابات المصابات بداء السكري إلى الكشف الطبي الدوري أكثر من غيرهن لدى أطباء القلب للوقاية من الإصابة باحتشاء عضلة القلب مبكرا.



باحثون يابانيون يختبرون عقاراً رائداً يجعل الأسنان تنمو من جديد

أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)
أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)
TT

باحثون يابانيون يختبرون عقاراً رائداً يجعل الأسنان تنمو من جديد

أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)
أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)

قد يتمكن الأشخاص الذين فقدوا أسناناً من الحصول على أخرى بشكل طبيعي، بحسب أطباء أسنان يابانيين يختبرون عقاراً رائداً يأملون أن يشكل بديلاً لأطقم الأسنان أو عمليات الزرع.

على عكس الزواحف والأسماك التي عادة ما تكون قادرة على استبدال أنيابها، من المعروف على نطاق واسع أنّ البشر ومعظم الثدييات الأخرى لا ينمو في فمها سوى مجموعتين من الأسنان. لكن تحت اللثة ثمة براعم نائمة من مجموعة ثالثة، بحسب رئيس قسم جراحة الفم في المركز الطبي التابع لكلية البحوث الطبية في أوساكا، كاتسو تاكاهاشي.

في أكتوبر (تشرين الأول)، أطلق فريقه تجارب سريرية في هذا المستشفى، موفراً لأشخاص بالغين دواء تجريبياً يقول الفريق الطبي إنّه قادر على تحفيز نمو هذه الأسنان المخفية. ويقول تاكاهاشي لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إنها تقنية «جديدة تماماً» في العالم.

وغالباً ما يُنظر إلى العلاجات المستخدمة للأسنان المفقودة بسبب التسوس أو الالتهابات على أنها مكلفة وتتطلب تدخلاً جراحياً. ويؤكد تاكاهاشي، قائد المشروع، أن «استعادة الأسنان الطبيعية لها بالتأكيد حسناتها».

وتشير الاختبارات التي أُجريت على فئران وقوارض إلى أن وقف عمل بروتين «أوساغ-1» (USAG-1) يمكن أن يوقظ المجموعة الثالثة من الأسنان، وقد نشر الباحثون صوراً مخبرية لأسنان حيوانات نمت من جديد.

وفي دراسة نُشرت العام الماضي، قال الفريق إن «العلاج لدى الفئران فعّال في تجديد الأسنان، ويمكن أن يشكل اختراقاً على صعيد علاج تشوهات الأسنان لدى البشر».

«ليست سوى البداية»

في المرحلة الراهنة، يعطي أطباء الأسنان الأولوية للاحتياجات «الماسة» للمرضى الذين خسروا ستاً من الأسنان الدائمة أو أكثر منذ الولادة.

ويشير تاكاهاشي إلى أنّ الجانب الوراثي يؤثر على نحو 0.1 في المائة من الأشخاص الذين قد يواجهون صعوبة كبيرة في المضغ، وفي اليابان غالباً ما يمضون معظم مراهقتهم وهم يضعون كمامة لإخفاء الفجوات الواسعة في أفواههم. ويضيف أنّ «هذا الدواء قد يكون نقطة تحوّل لهم»؛ لذلك يستهدف الدواء الأطفال في المقام الأول، ويريد الباحثون إتاحته قبل عام 2030.

ولا يعرف أنغراي كانغ، وهو أستاذ في طب الأسنان لدى جامعة كوين ماري في لندن، سوى فريق واحد آخر يسعى إلى تحقيق الهدف المماثل باستخدام الأجسام المضادة لجعل الأسنان تنمو من جديد أو لإصلاحها.

وفي حديث إلى «وكالة الصحافة الفرنسية»، يقول الخبير في تكنولوجيا المناعة وغير المنخرط في البحث الياباني، إنّ «مجموعة تاكاهاشي تقود المسار».

ويعتبر كانغ أنّ عمل تاكاهاشي «مثير للاهتمام ويستحق المتابعة»؛ لأنّ دواء للأجسام المضادة يستهدف بروتيناً مطابقاً تقريباً لـ«USAG-1» يُستخدم أصلاً لعلاج هشاشة العظام.

ويضيف: «السباق لتجديد أسنان الإنسان ليس قصيراً، لكنه مجموعة من سباقات الماراثون المتتالية، على سبيل التشبيه». ويتابع: «إنها ليست سوى البداية».

ويرى الأستاذ في علاج جذور الأسنان في جامعة هونغ كونغ، تشينفي تشانغ، أنّ طريقة تاكاهاشي «مبتكرة وتحمل إمكانات».

ويقول لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إن «التأكيد على أن البشر يمتلكون براعم أسنان مخفية قادرة على إنتاج مجموعة ثالثة من الأسنان، هو مسألة ثورية ومثيرة للجدل».

ويشير إلى أنّ «النتائج التي لوحظت لدى الحيوانات لا يمكن دائماً ترجمتها بشكل مباشر إلى البشر». ويقول تشانغ إن نتائج التجارب على الحيوانات تثير «تساؤلات بشأن ما إذا كانت الأسنان الجديدة قادرة وظيفياً وجمالياً على أن تحل محل الأسنان المفقودة».

«في قمة السعادة»

يشير تاكاهاشي إلى أنّ موقع السنّ الجديدة في الفم يمكن التحكم به إن لم يكن تحديده، من خلال موقع حقن الدواء.

وفي حال نمت الأسنان في المكان الخطأ فيمكن نقلها عن طريق تقويم الأسنان أو الزرع، على حد قوله.

ولم يشارك أي مريض صغير يعاني من مشكلة خلقية في الأسنان في التجربة السريرية الأولى؛ إذ إن الهدف الرئيس هو اختبار سلامة الدواء لا فاعليته؛ لذا فإن المشاركين في المرحلة الحالية هم بالغون صحتهم جيدة خسروا سناً واحدة على الأقل.

ومع أنّ تجديد الأسنان ليس الهدف الصريح للتجربة هذه المرة، فإن هناك فرصة ضئيلة لحدوث ذلك للمشاركين، بحسب تاكاهاشي.

وإذا نمت أسنانهم، فسيكون الباحثون قد أكدوا أن الدواء فعّال لمَن يعانون من خسارة أسنان، وهو ما سيشكل نجاحاً طبياً. ويقول تاكاهاشي: «سأكون في قمة السعادة في حال حدث ذلك».

وقد تلقى هذه الأنباء ترحيباً خاصاً في اليابان التي تضم ثاني أعلى معدّل من السكان في العالم. وتظهر بيانات وزارة الصحة أن أكثر من 90 في المائة من الأشخاص الذين تتخطى أعمارهم 75 عاماً خسروا سنّاً واحدة على الأقل.

ويقول تاكاهاشي: «ثمة توقّعات عالية بأن تكون تقنيتنا قادرة بشكل مباشر على إطالة متوسط العمر الصحي المتوقع».