مقتل أبرز قياديين لـ«داعش» مطلوبين لواشنطن ولندن بضربة أميركية بعد ملاحقة طويلة

مصدر غربي أكد لـ {الشرق الأوسط} أن رياض خان وجنيد حسين كانا يعدان لهجمات في بريطانيا والولايات المتحدة

مقتل أبرز قياديين لـ«داعش» مطلوبين لواشنطن ولندن بضربة أميركية بعد ملاحقة طويلة
TT

مقتل أبرز قياديين لـ«داعش» مطلوبين لواشنطن ولندن بضربة أميركية بعد ملاحقة طويلة

مقتل أبرز قياديين لـ«داعش» مطلوبين لواشنطن ولندن بضربة أميركية بعد ملاحقة طويلة

أسقطت الولايات المتحدة اثنين من أبرز أعدائها، وأعداء حليفتها بريطانيا في سوريا بغارة أدت إلى مقتل المطلوبين الخطيرين جدا بضربة واحدة، بعد ملاحقة طويلة أفلت منها الاثنان من الموت أكثر من مرة، بسبب إجراءاتهما الأمنية المشددة.
وعلمت «الشرق الأوسط» أن طائرة أميركية من دون طيار استهدفت ليل الاثنين الثلاثاء سيارة مدنية في محلة كازية أبو الهيف في الرقة، ما أدى إلى مقتل اثنين من أهم المطلوبين للولايات المتحدة وبريطانيا هما جنيد حسين الملقب بأبو حسين البريطاني ورياض خان الملقب بأبو دجانة البريطاني. وقالت مصادر غربية لـ«الشرق الأوسط» بأن الرجلين كانا ملاحقين بشكل حثيث من استخبارات البلدين، حسين من قبل الاستخبارات الأميركية، وخان من الاستخبارات البريطانية لدور كل منهما في التخطيط لعمليات تستهدف البلدين. وأشارت المصادر إلى أن خان كان يقوم بالتخطيط لعمليات إرهابية داخل المملكة المتحدة، بالإضافة إلى عمله على تجنيد مقاتلين من بريطانيا للالتحاق بالتنظيم المتطرف في سوريا والعراق، أو تشكيل خلايا نائمة للتنظيم في بريطانيا. وكشفت المصادر أن جنيد حسين كان يسعى جاهدا للقيام بعمليات إرهابية داخل الولايات المتحدة، موضحة أن الاستخبارات الأميركية رصدت الكثير من المحاولات الإرهابية على أراضيها كانت تنتهي مع جنيد حسين، منها قيام أحد الأشخاص بطعن ضابط أميركي في واشنطن. ورأت أن حسين كان يحاول تجنيد «ذئاب منفردة» للعمل في الولايات المتحدة، وهو متزوج من مغنية الراب البريطانية السابقة سالي جونز المعروفة بأم حسين والتي تكبره بنحو عشرين عاما ومشهورة بتصرفاتها الغريبة. وكشفت المصادر الغربية لـ«الشرق الأوسط» أن خان كان ملاحقا عن كثب، وهو نجا منذ ثلاثة أسابيع من استهداف مماثل أدى إلى مقتل عدد من مرافقيه وإصابته بجروح بالغة، لكنها لم تكن مميتة، عندما استهدفته طائرة أميركية في محلة دوار النعيم في الرقة السورية أيضا.
ورأى مدير مركز «مسارات» السوري المعارض المعني بشؤون الجماعات المسلحة ومكافحة الإرهاب لؤي المقداد أن مقتل جنيد حسين وغيره، إن صح، فهو ضربة كبيرة لهذه الجماعات التي وجدت في المناطق السورية التي تعتبرها ملاذا آمنا للتخطيط لعملياتهم في الولايات المتحدة وأوروبا، وهؤلاء هم متورطون أصلا بالدم السوري. وأكد المقداد لـ«الشرق الأوسط» أن جنيد حسين كان يدير فريق إرهاب إلكترونيا، ويشرف على إنتاج وتوزيع الكثير من مقاطع الفيديو التي ترهب السوريين والعالم. وأشار إلى أن حسين كان من الذين يشرفون على تدريب عناصر التنظيم على عمليات القرصنة، كما كان يعمل على تجنيد مقاتلين لصالح التنظيم، وفتيات أوروبيات لتزويجهن بمقاتلين.
ورأى المقداد أن أهمية مقتل حسين، وغيره، تنبع من أن هؤلاء يعملون «تحت الرادار» أي أنهم يحاولون العمل بعيدا عن الأضواء، ويبتعدون عن الصراعات الداخلية ولا يسعون لأي مناصب داخلية، ومن دون مسميات رسمية، لكنهم في المقابل يقومون بأقذر الأعمال داخل سوريا وخارجها. واعتبر أن العملية ممتازة، مشددا على ضرورة تكثيف هذه العمليات حتى لا يشعر هؤلاء بالأمان، ولا يشعر أهالي الرقة المحتلة بأنهم متروكون لمصيرهم وحدهم، خصوصا أن هؤلاء يعاملون أهل الرقة على أنهم أتباع، معتبرا أن لدى السوريين مصلحة مشتركة مع دول التحالف بتفكيك هذا التنظيم وضرب قياداته.
وجنيد حسين يبلغ من العمر 22 سنة وكان يقود «جيشا إلكترونيا» ينفذ للتنظيم قرصنات عبر الإنترنت. وهو كان أوقف في بريطانيا ستة أشهر لقرصنته في العام 2012 حساب رئيس وزراء بريطانيا الأسبق، توني بلير. وكانت أول الدروس التي أعطاها حسين لمن دربهم عن حسابين رسميين للقيادة المركزية للجيش الأميركي في «تويتر» كما في «يوتيوب» قرصنهما في يناير (كانون الثاني) الماضي، ووجه رسائل تهديد للجنود الأميركيين، ونشر قائمة بأسماء قيادات عسكرية أميركية وبياناتهم.
وكان «المرصد السوري لحقوق الإنسان» ذكر الأربعاء، أن طائرات حربية قصفت منطقة يسمونها كازية أبو الهيف في الرقة «يتواجد فيها قيادي محلي بتنظيم داعش من دون معلومات عن مصيره» فيما نقلت وكالة «رويترز» فجر الخميس عن مصدر أميركي مطلع أن «غارة نفذتها طائرة أميركية من دون طيار في سوريا قتلت متسللا إلكترونيا بريطانيا قال مسؤولون أميركيون وأوروبيون إنه أصبح خبيرا إلكترونيا بارزا لتنظيم داعش في سوريا»، مضيفة عنه أن وزارة الدفاع الأميركية ضالعة على الأرجح في الضربة التي قتلت المتسلل البريطاني جنيد حسين.
ونشر موقع «الرقة تذبح بصمت» المتربص عبر حسابين له في «تويتر» ونظيره «فيسبوك» التواصليين، بما يقوم به «داعش» من إرهابيات في الشمال السوري، معلومات بأن الغارة قتلت جنيد الحسين، ناقلا عن أحد مراسليه تأكيده أن القتيل «هو جنيد حسين واثنان من مرافقيه، كانا يدربهما ويتوليان مسؤولية حمايته، وأحدهما أوروبي الجنسية».
أما رياض خان، فهو شاب بريطاني من أصل باكستاني، عرف عنه أنه تمنى في صغره أن يصبح أول رئيس وزراء بريطاني من أصل آسيوي. وقد تردد مؤخرا أنه قتل في غارة للتحالف في السابع من يوليو (تموز) الماضي، قبل أن يظهر هو شخصيا لينفي الأمر من خلال بثه المزيد من الصور التي تظهره إلى جانب جثث لخصوم التنظيم. وكشف تقرير أعده توم وايتهيد الكاتب في صحيفة «ديلي تلغراف» البريطانية أن خان يقوم بنشر صور وأشرطة فيديو على شبكة الإنترنت يتفاخر فيها بقتله للمدنيين في سوريا، وينشر تعليقات يحرض فيها على الانضمام إلى المجموعات الإرهابية المسلحة. وأشار وايتهيد إلى أن خان ظهر في شريط الفيديو وهو يفاخر برؤية مدنيين وسجناء وهم يقتلون على يد تنظيم داعش كما أعلن في أحد التعليقات التي نشرها على موقع «تويتر» أن أخاه يشارك أيضًا في القتال إلى جانب المجموعات المتشددة في سوريا.
وخان كان أول بريطاني يظهر في شريط فيديو دعائي لـ«داعش» العام الماضي. وكان رياض خان، أثناء مراهقته وخلال دراسته في المدرسة الكاثوليكية في كارديف بويلز قد عبر عن رغبته في أن يصبح أول رئيس وزراء في بريطانيا من أصل آسيوي، والتقطت له صورة عام 2009 مع العضو في البرلمان البريطاني عن حزب العمال إد بولز، الذي تولى وزارة المالية في حكومة الظل في تلك الفترة. وقال مقربون من خان إن التحولات الدينية بدأت تظهر عليه عام 2013.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.