حكم «نهائي» بسجن شرطيين مصريين لأول مرة منذ ثورة 25 يناير

10 سنوات مشددة لقاتلي الشاب خالد سعيد الذي أطلق شرارة سقوط مبارك

حكم «نهائي» بسجن شرطيين مصريين لأول مرة منذ ثورة 25 يناير
TT

حكم «نهائي» بسجن شرطيين مصريين لأول مرة منذ ثورة 25 يناير

حكم «نهائي» بسجن شرطيين مصريين لأول مرة منذ ثورة 25 يناير

أسدل القضاء المصري الستار أمس على أحد أشهر قضايا الرأي العام في البلاد، حين قضت محكمة النقض، أعلى جهة قضائية، بتأييد الحكم الصادر بالسجن المشدد 10 سنوات، على شرطيين أدينا بقتل الناشط السياسي خالد سعيد، والذي ساهمت قضيته في إشعال ثورة 25 يناير (كانون الثاني) 2011، التي أطاحت بالرئيس الأسبق حسني مبارك.
وبينما أكدت مصادر قضائية لـ«الشرق الأوسط» أن الحكم «بات نهائيا واجب النفاذ»، قال المحامي جمال عيد مدير الشبكة العربية لحقوق الإنسان، لـ«الشرق الأوسط»: «إن هذا الحكم، رغم عدم تناسبه مع الجرم الواقع، لكنه يعد الأول من نوعه بحق أفراد شرطة منذ ثورة 25 يناير، كونه نهائيا وغير قابل للطعن».
ويحاكم العشرات من أفراد الشرطة حاليا، على رأسهم اللواء حبيب العادلي وزير الداخلية الأسبق في عهد مبارك، بتهم قتل متظاهرين أو قضايا تعذيب في السجون، لكن آيا منهم لم يصدر بحقه حكم نهائي حتى الآن، بل إن بعضهم أخلي سبيله بكفالة أو تمت تبرئته من التهم المنسوبة إليه، الأمر الذي يتخذه أنصار ثورة 25 يناير دليل إدانة ضد سلطات الحكم.
وعلق مصدر أمني رفيع المستوى بالداخلية قائلا: «إن الشرطة لم تتستر أبدا على تجاوزات بعض أفرادها، الواردة بطبيعة الحال، بل على العكس يتم محاكمتهم مرتين مرة داخليا وأخرى أمام القضاء العادي». وأشار لـ«الشرق الأوسط» أن «إدانة رجلي الشرطة أمس (دليل) واضح على أن القانون يسري على الجميع».
وتعود وقائع قضية خالد سعيد، والذي عُرف بـ«بوعزيزي مصر»، و«أيقونة ثورة 25 يناير»، إلى يونيو (حزيران) 2010. وكانت من أسباب قيام مظاهرات 25 يناير من العام التالي، حيث دشّن نشطاء صفحة باسم «كلنا خالد سعيد» على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، وكانت سببا رئيسيا في خروج الشباب المصريين للتظاهر وإسقاط حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك.
واتهم رجلا الشرطة بالقبض على الشاب من دون وجه حق حينها وقتله لدوافع سياسية، عبر استخدام القسوة والتعذيب البدني، فيما صدر خلال التحقيقات تقرير من لجنة ثلاثية للطب الشرعي تفيد بأن سبب الوفاة هو ابتلاع المجني عليه لفافة من مخدر البانجو، مما أثار غضبا كبيرا وجدلا في الرأي العام.
وتمت إدانة المتهمين في المحكمة الأولى بالسجن لمدة 7 سنوات، وأعيدت القضية إلى محكمة الجنايات بعد صدور قرار من محكمة النقض بإعادة نظرها، وقضت محكمة جنايات الإسكندرية في مارس (آذار) الماضي بالسجن المشدد 10 سنوات على الشرطيين، قبل أن يطعنا عليه وترفض محكمة النقض الطعن أمس وتؤيد سجنهما المشدد 10 سنوات.
وعقبت زهراء سعيد، شقيقة خالد على الحكم في تصريحات عقب المحاكمة مؤكدة أنه «غير كاف.. لكن الأمر انتهى»، مشيرة إلى أنها «تنتظر تعويضا من وزارة الداخلية عما لحق بهم».
وقال الحقوقي جمال عيد، إن الحكم 10 سنوات على الشرطيين رغم إدانتهما بالقتل يأتي في إطار الأحكام القضائية المخففة والتي لا تتناسب مع الجريمة التي تم ارتكابها، مشيرا إلى أنه لا يزال الكثيرون من ضحايا التعذيب والقتل في مصر لم يتحقق لهم القصاص حتى الآن.
في سياق آخر، رفضت الدائرة 29 مدني بمحكمة استئناف القاهرة، برئاسة المستشار أحمد توفيق أمس، الطلب المقدم من علاء وجمال نجلي الرئيس الأسبق مبارك، برد قاضي التحقيق بجهاز الكسب غير المشروع المستشار أسامة أبو صافي، لادعائهما وجود خصومة شخصية معه. وغرمت المحكمة المنعقدة بدار القضاء العالي، كلا المتهمين مبلغ ألف جنيه.
ويحاكم علاء وجمال مبارك في عدة قضايا تتعلق بالفساد المالي والتربح غير المشروع واستغلال النفوذ، لكنها الآن خارج الحبس بعد أن أخلي سبيلهما بضمان محل الإقامة، نظرا لقضائهما مدة الحبس الاحتياطي المقررة في القانون.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».