الحكومة المصرية تواجه مأزق إعادة «تقسيم الدوائر الانتخابية» بعد حكم «الدستورية»

السيسي طالب بسرعة تعديل القانون.. ومخاوف من عنف محتمل

جندي من القوات الخاصة أمام مدخل مقر المحكمة الدستورية العليا في القاهرة أمس (رويترز)
جندي من القوات الخاصة أمام مدخل مقر المحكمة الدستورية العليا في القاهرة أمس (رويترز)
TT

الحكومة المصرية تواجه مأزق إعادة «تقسيم الدوائر الانتخابية» بعد حكم «الدستورية»

جندي من القوات الخاصة أمام مدخل مقر المحكمة الدستورية العليا في القاهرة أمس (رويترز)
جندي من القوات الخاصة أمام مدخل مقر المحكمة الدستورية العليا في القاهرة أمس (رويترز)

بات قرار تأجيل الانتخابات النيابية المصرية في حكم المؤكد، بعد أن قضت المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية قانون ينظم الانتخابات النيابية، أمس (الأحد). وطالب الرئيس عبد الفتاح السيسي، الحكومة بسرعة إجراء التعديل التشريعي. ووضع الحكم سلطات البلاد أمام مأزق إعادة تقسيم الدوائر الانتخابية، دون التقيد بالتقسيم الإداري للبلاد، وهو ما عملت الحكومة على تجنبه في القانون المقضي ببطلانه، خشية وقوع عنف محتمل خلال عملية الاقتراع، بحسب مصادر رسمية وحزبية.
وأصدرت المحكمة الدستورية العليا حكما ببطلان المادة الثالثة من قانون تقسيم الدوائر الانتخابية، ورفضت دعاوى أخرى تطعن في دستورية مواد أخرى في قانوني مجلس النواب ومباشرة الحقوق السياسية.
وكان من المقرر أن تجري المرحلة الأولى من الانتخابات النيابية يومي 21 و22 مارس (آذار) بالنسبة للمصريين في الخارج، وتجري داخل البلاد يومي 22 و23 من الشهر نفسه.
وينتظر المصريون حكم آخر الشهر الحالي، من المحكمة الإدارية العليا، التي نظرت الطعون على وقف قرار اللجنة العليا للانتخابات لدعوة الناخبين إلى الاقتراع، وأحالت القوانين المنظمة للانتخابات إلى المحكمة الدستورية. وبات مؤكدا أن المحكمة سوف تصدر حكمها بوقف قرار دعوة الناخبين إلى الاقتراع، لحين تعديل قانون تقسيم الدوائر المقضي بعدم دستوريته.
وفي رد فعل مباشر، وجه الرئيس عبد الفتاح السيسي الحكومة لإجراء تعديلات خلال شهر على قانون تقسيم الدوائر الخاصة بالانتخابات البرلمانية، بحسب بيان لمؤسسة الرئاسة.
وقال اللواء سامح سيف اليزل، الذي يقود قائمة «في حب مصر» التي تمثل أبرز التحالفات المتنافسة في الانتخابات، لـ«الشرق الأوسط» إنه «من المرجح أن يتم تعديل القانون قبل مهلة الشهر التي وضعها الرئيس السيسي».
وتجري الانتخابات في مصر بالجمع بين النظام الفردي والقوائم المطلقة، وتمثل المقاعد الفردية ثلثي البرلمان (420 مقعدا)، فيما تتنافس القوائم على شغل 120 مقعدا. وانصب بطلان الانتخابات على المقاعد المنتخبة وفق النظام الفردي.
وأضاف اليزل، المعروف بقربه من دوائر صنع القرار، أن الحكومة ستعمل على تعديل الجزء المتعلق بتقسيم الدوائر الانتخابية المخصصة للمقاعد الفردية، من دون المساس بالتقسيم المعمول به في القوائم. وأقرت لجنة أنيط بها وضع قانون تقسيم الدوائر الانتخابية، منح بعض الدوائر 3 مقاعد، ومنح أخرى مقعدين، وخصص مقعد واحد لباقي الدوائر، بحسب الوزن النسبي لعدد الأصوات داخل كل دائرة.
وظل الجدل في أروقة الحكم خلال الشهور السابقة على إصدار القانون يفاضل بين إجراء الانتخابات وفق التقسيم الإداري الحالي، مما يعني تنويع تخصيص المقاعد لكل دائرة انتخابية، الأمر الذي يهدد الانتخابات بـ«شبهة عدم الدستورية»، أو إعادة تقسيم الدوائر بحيث يخصص مقعد واحد فقط لكل دائرة، دون الالتزام بالتقسيم الإداري.
وقال مصدر مسؤول إن «اللجنة فضلت الالتزام بالتقسيم الإداري المعمول به»، مشيرا إلى أن التقسيم الحالي يراعي توزيع العصبيات العائلية والقبلية لتفادي صدامات محتملة فيما بينها.
وتخشى السلطات من أن إعادة توزيع الدوائر بنظام المقعد الواحد من شأنه رفع حدة التنافس في الانتخابات. وقال الدكتور عبد الله المغازي، الذي شغل منصب المتحدث الرسمي باسم حملة الرئيس السيسي، لـ«الشرق الأوسط»: «لم يعد أمام الحكومة إلا الاستجابة لمبدأ تخصيص مقعد واحد، رغم مخاطر هذا الأمر، لكنه حل متوافق مع مقاصد المشرع الدستوري».
ويحظر الدستور على رئيس البلاد الانضمام لحزب سياسي خلال فترة ولايته. ويقول مراقبون إن «البرلمان بات البوابة الوحيدة للاقتراب من دوائر صنع القرار في غيبة تنظيم سياسي يتزعمه الرئيس، مما يرفع حدة المنافسة في الانتخابات».
وحذر المغازي من مغبة الإسراع في تعديل القانون دون دراسة وافية، قائلا إن «الدستور يمنح الرئيس مهلة لدعوة البرلمان إلى الانعقاد قبل الخميس الأول من شهر أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، وبالتالي لا يوجد دواع للعجلة».
وكانت السلطات المصرية تأمل في بدء إجراءات الانتخابات البرلمانية قبل المؤتمر الاقتصادي العالمي المقرر عقده في منتجع شرم الشيخ منتصف الشهر الحالي، لتطمين المستثمرين، لكن من المرجح أن يتأخر موعد إجراء الانتخابات إلى منتصف العام الحالي، بحسب مصادر مطلعة.
وقال بيان للرئاسة، نقله التلفزيون المصري الرسمي، إن «السيسي طالب بأن لا تتجاوز مدة تعديل قانون تقسيم الدوائر الانتخابية شهرا من الآن، وأن تتخذ الحكومة كل ما يلزم من إجراءات قانونية لتفادي تأخير إنجاز الاستحقاق الثالث». وطالب السيسي بالتنسيق بين جميع أجهزة الدولة لإجراء الانتخابات البرلمانية في أسرع وقت استكمالا لخارطة المستقبل التي توافق عليها المصريون. من جانبه، قال عمر مروان المتحدث باسم اللجنة العليا للانتخابات، إن «حكم المحكمة الدستورية سيرسل لمحكمة القضاء الإداري لإصدار حكم فيه ويحال القانون للجهة المختصة بالصياغة لتعديله في ضوء حكم الدستورية وحكم القضاء الإداري ثم يرسل لرئيس الجمهورية للتصديق عليه بعد مراجعته».
وأضاف مروان أن اللجنة قررت في اجتماع لها أمس «العمل على تحديد جدول زمني جديد للإجراءات المتعلقة بالانتخابات البرلمانية عقب صدور التعديلات التشريعية».
من جانبه، قال إبراهيم الهنيدي، وزير العدالة الانتقالية وشؤون مجلس النواب، إنه «ينظر بإيجابية لحكم المحكمة الدستورية العليا، والذي قضى بقبول الطعن على قانون تقسيم الدوائر الانتخابية».
وأوضح الهنيدي، في تصريحات صحافية أمس، إن «مصر أمام دستور جديد وتطبيقاته لم تستقر بعد»، لافتا إلى أنه من الإيجابي صدور مثل هذا القرار من جانب المحكمة الدستورية، وأن نقطة الخلاف هي أنها المرة الأولى التي يصدر فيها حكم من المحكمة الدستورية بشأن نسبة انحراف تمثيل الدوائر الانتخابية في البرلمان.
وأضاف الهنيدي، الذي كان عضوا في اللجنة التي وضعت القانون المطعون عليه، أن المحكمة قضت وفق الفروق العددية بين دائرة انتخابية وأخرى، وهذا لم يسبق أن تعرضت له المحكمة من قبل، مشيرا إلى أن الدستور نص على التمثيل العادل للمحافظات والسكان والناخبين، وأن الخلاف الحالي هو أن المحكمة حددت هامش انحراف بين دائرة وأخرى بنسبة 20 في المائة، وفقا لفهمها للتمثيل العادل.
ونحت أحزاب سياسية باللائمة على الحكومة لإصرارها على صدور القانون بشكله الحالي، رغم التحذيرات المناقشات حوله، والتي حذرت حينها من عدم دستوريته، مطالبة بسرعة تعديل القانون.



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.