تقف حكومة الحبيب الصيد، رئيس الوزراء التونسي المكلف اليوم، أمام البرلمان لنيل ثقته من دون توقع مفاجآت تذكر، إذ يعتقد معظم المتابعين للشأن السياسي في تونس أن تحظى حكومة الصيد بغالبية أصوات في البرلمان قد تكون قياسية في تاريخ الحكومات التي تعاقبت على السلطة بعد الثورة. ومن المنتظر أن يتجاوز عدد الأصوات الممنوحة لها حدود 180 صوتا، وهو ما يمثل أكثر من 80 في المائة من مجموع 217 صوتا هو العدد الإجمالي لأعضاء البرلمان.
وتستند الحكومة التي تتزعمها حركة نداء تونس إلى دعم حركة النهضة التي سعى «النداء» إلى استرضائها عبر تعيين أربعة من أعضائها في الحكومة، كما تعول على حزبي الاتحاد الوطني الحر (16 مقعدا) وآفاق تونس (8 مقاعد) وبدرجة أقل حزب جبهة الإنقاذ الوطني (مقعد واحد) لمساندتها خلال عملية التصويت.
ويشترط الدستور التونسي حصول الحكومة على 109 أصوات لنيل ثقة البرلمان. ولا يتجاوز تمثيل حركة النهضة في الحكومة نسبة 10 في المائة، إلا أنها في المقابل ستدعم حكومة الصيد بعدد مهم من الأصوات (69 صوتا)، في حين أن حركة نداء تونس الفائزة في الانتخابات الأخيرة ممثلة بنسبة 22 في المائة من أعضاء الحكومة، وحصلت على 86 مقعدا برلمانيا.
ويقدر معدل أعمار أعضاء الحكومة الجديدة بنحو 54 سنة، وقد وعد الصيد بأن تكون حكومته ذات نفس شبابي. ومن المنتظر أن تتسلم السلطة من حكومة مهدي جمعة يوم الجمعة المقبل، وذلك بعد يومين من نيل ثقة البرلمان.
وتتوقع عدة دوائر سياسية أن تحتفظ عدة أحزاب سياسية بأصواتها ولن تدعم حكومة الصيد لعدة أسباب، من بينها الاختلاف في التوجهات السياسية والبرامج الاجتماعية والاقتصادية. ويقود تحالف الجبهة الشعبية بزعامة حمة الهمامي جبهة المعارضة داخل البرلمان، وهو تحالف مكون من 11 حزبا سياسيا موزعة بين التيار اليساري والتيارات القومية، وسيجد إلى جانبه في المعارضة كلا من حزب المؤتمر من أجل الجمهورية، الذي أسسه المنصف المرزوقي الرئيس التونسي السابق، وحزب التيار الديمقراطي بزعامة محمد عبو. إلا أن هذين الحزبين لا يلتقيان مع تحالف الجبهة الشعبية في معظم التوجهات، وهو ما سيؤثر على جبهة المعارضة داخل البرلمان، ويجعل تأثيرها فيه محدودا للغاية.
وتشير مصادر سياسية تونسية متطابقة تحدثت إليها «الشرق الأوسط» إلى أن الأطراف المعارضة للسلطة القائمة قد تكون أضخم وأشد خارج البرلمان التونسي، إذ إن تحالف الجبهة الشعبية يسيطر على عدة هياكل نقابية من بينها نقابات التعليم والنقل والصحة، وهو ما يجعله قادرا على تزعم الاحتجاجات الاجتماعية وتنفيذ إضرابات عن العمل في حال عدم استجابة الحكومة الجديدة لانتظارات التونسيين خاصة في مجالي التنمية والتشغيل.
وقال زياد لخضر، القيادي في تحالف الجبهة الشعبية، لـ«الشرق الأوسط»، إن حزبه لا يدعم الحكومة التي تجمع تحالفا بين اليمين والنقابيين، ولن يصوت لفائدة حكومة الصيد، وسيكون تبعا لذلك في المعارضة خاصة بعد رفضه المبدئي لإشراك حركة النهضة في الحكومة. وأضاف أن إشراك النهضة جاء فقط لضمان الغالبية للحكومة، غير أن حركة نداء تونس باتخاذها قرار إشراك النهضة قد أخلت بالتزاماتها وعهودها إزاء قواعدها ومناصريها ومنتخبيها، على حد سواء.
وتابع لخضر بقوله «حزب نداء تونس تأسس على فكرة إحداث التوازن في المشهد السياسي في تونس بعد أن تأكدت الطبقة السياسية من وجود خطر التغول السياسي من عدة أطراف في السلطة، ووعد ناخبيه قبل الانتخابات البرلمانية والرئاسية بإزاحة حركة النهضة من الحكم، وتعهد بعدم التحالف معها، لكن النتيجة كانت مغايرة لتلك العهود والالتزامات».
وأظهرت الإحصائيات والأرقام الخاصة بتشكيلة الحكومة التونسية أن الصيد أبقى على 26 عضوا من أعضاء الحكومة التي أعلن عنها يوم 23 يناير (كانون الثاني) الماضي، وتخلى في المقابل عن 12 مرشحا لتولي حقائب وزارية، وأدخل تعديلا على تركيبة الحكومة المعلن عنها أول من أمس بضمه لـ15 وجها جديدا ضمنهم ثمانية وزراء وسبعة كتاب دولة (وزراء دولة).
واستفادت حركة النهضة وحزب آفاق تونس من عملية التعديل المبكر التي شملت الحكومة، فيما تقلص عدد النساء من تسع في حكومة الصيد الأولى إلى ثمان فقط. وخسرت خديجة الشريف الحقوقية المعروفة في تونس حقيبة وزارة شؤون المرأة والأسرة بعد اعتراض حركة النهضة بشكل صريح على توليها تلك الوزارة متهمة إياها «بالميل نحو تحرر المرأة الذي قد يضر بالتقاليد الإسلامية للعائلة التونسية».
تونس: وزارة الصيد تتسلم السلطة من حكومة مهدي جمعة الجمعة
ينتظر أن تحظى بغالبية أصوات البرلمان اليوم
تونس: وزارة الصيد تتسلم السلطة من حكومة مهدي جمعة الجمعة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة