في صراعهم على الهوية الوطنية.. العراقيون يلتفون حول الكثير من الأعلام

الكثيرون منهم ما عادوا يستبعدون تقسيم البلاد

في صراعهم على الهوية الوطنية.. العراقيون يلتفون حول الكثير من الأعلام
TT

في صراعهم على الهوية الوطنية.. العراقيون يلتفون حول الكثير من الأعلام

في صراعهم على الهوية الوطنية.. العراقيون يلتفون حول الكثير من الأعلام

تحدى جنود مرابطون في نقاط تفتيش منتشرة في جميع أنحاء بغداد أمرا أصدره مؤخرا رئيس الوزراء حيدر العبادي يقضي بإزالة الأعلام الشيعية واستبدال العلم العراقي بها. وقام طلاب في مدارس تقع في مدينة كركوك الواقعة في شمال العراق بالتلويح بأعلام كردية. وفي مدينة البصرة جنوب البلاد، قام مواطنون غاضبون بتصميم علمهم الخاص، الذي تتوسطه قطرة من النفط.
وهناك بالطبع الأعلام السوداء الخاصة بتنظيم داعش المتطرف الذي يسيطر على نحو ثلث البلاد.
لم يحدث ربما منذ إنشاء الدولة الحديثة في العراق منذ ما يقرب من قرن من الزمان عن طريق دمج 3 ولايات عثمانية – وهي البصرة وبغداد والموصل – أن شهدت فكرة العراق كدولة موحدة مثل هذا التحدي.
بل حتى الحكومة الجديدة التي تسعى جاهدة للتغلب على مقاتلي تنظيم داعش، تواجه تحديا أساسيا قد يكون أشد وطأة: وهو خلق شعور جديد بالهوية الوطنية حتى ولو لم يتمكن من تجاوز الخلافات بين السنة والشيعة والعرب والأكراد، فإنه يجمعهم على الأقل مع بعضهم كأبناء وطن واحد.
ودعا بعض المسؤولين إلى إعادة فرض الخدمة العسكرية الإجبارية، اعتقادا منهم بأنها ستؤدي إلى لم شمل الطوائف. واقترح آخرون تشجيع الزواج المختلط بين السنة والشيعة من خلال تقديم حوافز نقدية. بينما لا يزال البعض الآخر يرى أن ماضي العراق قبل الإسلام، باعتباره كان مهدا للحضارة آنذاك، يمكنه أن يقدم شيئا يستطيع من خلاله العراقيون الوصول إلى درجة من درجات الوحدة الوطنية.
ودخل التلفزيون الرسمي في حملة دعائية تقوم فيها الأعمال الدرامية بعرض الانتصارات الحربية ويتخللها رفع العلم العراقي – في تناقض سينمائي مع الحقيقة الموجودة على أرض الواقع، حيث تشير أعلام الميليشيات المختلفة إلى تآكل معنى الدولة.
المؤرخة فيبي مار، وهي باحثة بارزة في تاريخ العراق المعاصر، تقول: «تعتبر مسألة الهوية – وهي الحصول على هوية يرتضيها جميع العراقيين كي تظل الدولة موحدة - مسألة خطيرة. ويعتبر هذا صراعا من أجل رؤية جديدة للعراق».
ويصطدم هذا الصراع بكل المعايير مع واقع الحياة الموجود هنا، حيث تتزايد عزلة الطوائف عن بعضها البعض.
الشاعر العراقي الشهير إيهاب المالكي بادر إلى تسخير مواهبه من أجل خدمة المشروع الوطني، فتارة يظهر على شاشات التلفزيون، وتارة أخرى يرتدي الزي العسكري وهو يحمل بندقية، ليردد قصائد وطنية. وأشار إلى رغبته في استخدام قصائده من أجل «تعزيز الوحدة الوطنية وتقريب وجهات النظر، والدعوة إلى التعايش السلمي ومجابهة العنف بين الطوائف». لكنه تلقى بسبب ذلك الكثير من التهديدات بالقتل.
أمر رئيس الوزراء حيدر العبادي، في مرسوم صدر مؤخرا، القوات المسلحة بألا ترفع الأعلام الدينية الشيعية وأعلام الميليشيات الشيعية. يذكر أن هذه الأعلام ظلت لفترة طويلة تستفز مشاعر السنة. وأشاد ممثل العراق لدى الأمم المتحدة في خطاب ألقاه في نيويورك بالعبادي لاتخاذه هذه الخطوة باعتبارها خطوة أولى ضمن «مبادرة أوسع تستهدف إعادة الثقة بين الطوائف العراقية».
لكن المشكلة تتمثل في أن الأعلام الشيعية لم تنزل ومن غير المرجح أن يحدث ذلك. ففي إحدى نقاط التفتيش الخاصة بكبار الشخصيات والمؤدية إلى المنطقة الخضراء، التي تضم منشآت الحكومة العراقية في بغداد، أوضح أحد الجنود مؤخرا أنه عندما جرى توزيع الأمر الخاص بالأعلام، فضل الناس التمسك بمعتقداتهم عن الانصياع لأوامر قائدهم الأعلى. لم تكن هناك أعلام عراقية موجودة على نقطة التفتيش، فلم يكن يوجد سوى الأعلام السوداء والخضراء.
من جانبه، قال مستشار الأمن الوطني العراقي السابق موفق الربيعي: «لقد تغلبت الهويات الثانوية الثقافية والدينية والإثنية. لجأنا كلنا إلى زوايا صغيرة. إننا نبحث منذ عقد عن هوية جديدة».
استمر النضال من أجل الهوية الوطنية منذ تأسيس الدولة الحديثة في العراق بعد أن وضعت الحرب العالمية الأولى أوزارها، وشكل ذلك تحديا لجميع الأنظمة العراقية، من ملوك وطغاة مستبدين وحتى المحتلين. كانت الهوية الأساسية أثناء حكم الخلافة العثمانية، هي بكل بساطة الهوية الإسلامية. وبعد تولي البريطانيين مسؤولية البلاد، وعلى مدى العقود التالية، كانت آيديولوجية القومية العربية - «التلهف على تكوين دولة أكبر»، كما تسميه مار - متفق عليها من قبل الكثير من زعماء العراق.
وبعد ذلك، حكم صدام حسين وحزب البعث البلاد بقبضة من حديد بحيث لم يسمح بأي عقيدة سوى عقيدة السمع والطاعة. وخلال فترة من الوقت خلال سبعينات وثمانينات القرن الماضي أدت طبقة وسطى زادت نسبتها واستفادت من الدولة ناهيك بالاستفادة من الحرب العراقية الإيرانية، إلى بروز بعض مشاعر الهوية الوطنية وحب الوطن، بحسب مار.
وأشار الربيعي إلى أنه عند قدوم الغزو الأميركي، بالنسبة للمجتمع العراقي «كان الوضع يشبه اندفاع الغطاء من حلة ضغط بشكل قوي».
لا يتوقع سوى القليل من الأشخاص تعرض البلاد للانقسام بشكل رسمي قريبا، لكن كثيرين أصبحوا يتحدثون فجأة عن وجود هذا الاحتمال - الذي ظل منذ فترة طويلة موضوعا تتناوله مراكز الأبحاث الغربية ولكنه تحول على نحو متزايد لمادة للنقاش في المقاهي وغرف المعيشة وصالونات ومكاتب أصحاب السطوة والنفوذ.

* خدمة: «نيويورك تايمز»



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.