الاتحاد الأوروبي: الملف الزراعي لن يكون على طاولة المفاوضات مع واشنطن

شكوك في توقعات ترمب أن تصبح أوروبا مستورداً كبيراً للغاز

المنتجات الزراعية خارج نطاق المحادثات بين أوروبا وأميركا
المنتجات الزراعية خارج نطاق المحادثات بين أوروبا وأميركا
TT

الاتحاد الأوروبي: الملف الزراعي لن يكون على طاولة المفاوضات مع واشنطن

المنتجات الزراعية خارج نطاق المحادثات بين أوروبا وأميركا
المنتجات الزراعية خارج نطاق المحادثات بين أوروبا وأميركا

أعلنت متحدثة باسم المفوضية الأوروبية، أمس، أن الملف الزراعي «لن يكون جزءاً من المفاوضات التجارية» المتوقعة بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، ليتعارض كلامها مع تأكيد سابق للرئيس الأميركي دونالد ترمب بهذا الصدد.
كان ترمب قد قال، غداة لقائه رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر، أمام مزارعين أميركيين: «فتحنا لكم للتو أوروبا، أيها المزارعون».
وشددت المتحدثة مينا أندريفا، عند سؤالها تحديداً حول هذه النقطة في لقاء صحافي في بروكسل: «إذا قرأتم البيان المشترك (...) سترون أنه لا يأتي على ذكر الزراعة بحد ذاتها، بل هناك إشارة إلى مزارعين، وأخرى إلى الصويا، كجزء من المفاوضات، وسنتابع الموضوع».
ومضت أندريفا تقول: «بخلاف ذلك، رئيس المفوضية جان كلود يونكر كان واضحاً جداً (...) لن نتفاوض حول المنتجات الزراعية، فهي خارج نطاق المحادثات».
وكان يونكر وترمب قد توصلا، الأربعاء، إلى نوع من التهدئة التجارية، للحيلولة دون فرض رسوم جمركية على الواردات الأميركية من السيارات الأوروبية، وتعهد يونكر، ضمن إجراءات الترضية لأميركا، باستيراد كميات أكبر من الصويا والغاز الطبيعي المسال من الولايات المتحدة إلى الاتحاد الأوروبي.
وبالنسبة لترمب، فإن المسألة الأهم كانت الحصول على ضمانات أوروبية حول الصويا، بعد تضرر المزارعين الذين يصوتون عادة للجمهوريين نتيجة الخلاف التجاري بين بكين وواشنطن.
وكان وزير الاقتصاد الفرنسي، برونو لومير، قد طالب بـ«توضيحات»، غداة إعلان الهدنة التجارية، واشترط أن تظل الزراعة خارج نطاق المفاوضات، مؤكداً أن «أوروبا لن تتهاون مع هذه المعايير».
وتابع: «لدينا معايير صحية وغذائية وبيئية، وقواعد للإنتاج نتمسك بها لأنها تضمن حماية وأمن مستهلكينا».
ويشكك محللون في توقعات الرئيس الأميركي أن الاتحاد الأوروبي سيصبح قريباً مستورداً «كبيراً جداً» للغاز الطبيعي المنتج في بلاده.
وتأتي هذه الشكوك من منطلق أن تصدير الغاز الطبيعي المسال مكلف جداً، ويرجح ألا يشكل جزءاً كبيراً من مصادر الطاقة الأوروبية قريباً.
وقال تيري بروس، الباحث في معهد أكسفورد لدراسات الطاقة «ما يهم المستهلك الأوروبي هو السعر»، مشيراً إلى السعر الباهظ للغاز الأميركي المسال.
وعلى خلاف النفط الذي هو على شكل سائل، فإنه يتعين تسييل الغاز الطبيعي أولاً في مصنع في الولايات المتحدة قبل شحنه، وبعد ذلك تحويله مرة أخرى إلى غاز في أوروبا في مصنع آخر.
وقال مات سميث، المحلل في معهد كليبر داتا: «لا أعرف كيف ستتمكن الولايات المتحدة من دفع الزبائن الأوروبيين إلى شراء الغاز الطبيعي الأميركي المسال الأعلى سعراً».
ووافقه الرأي مسؤول بارز في الاتحاد الأوروبي، حيث قال: «لن نتحول إلى اقتصاد يشبه اقتصاد الاتحاد السوفياتي» الذي كان يأمر بالحصول على مزيد من الواردات، وأضاف: «الاتحاد الأوروبي يريد زيادة وارداته (...) لكن النص لا يقول إن على الاتحاد الأوروبي الالتزام بزيادة الواردات. إنه ليس إعلان نيات».
ويأتي الاهتمام بصادرات الغاز الطبيعي الأميركي مع استمرار قوة إمدادات هذا الغاز، وسط طفرة أميركية في النفط والغاز الصخري رفعت مكانة الولايات المتحدة في عالم النفط والغاز.
وزادت صادرات الغاز الطبيعي المسال الأميركي 4 أضعاف في 2017، وأصبحت الولايات المتحدة من كبار مصدري الغاز الطبيعي لأول مرة منذ 60 عاماً.
وجاء في الاتفاق المشترك أن «الاتحاد الأوروبي يريد استيراد المزيد من الغاز الطبيعي المسال من الولايات المتحدة لتنويع إمداداته من الطاقة».
وقال يونكر إن الاتحاد الأوروبي مستعد للاستثمار في بناء بنية تحتية إضافية للغاز الطبيعي المسال، إلا أن المحلل بروس أشار إلى أن مرافق استيراد الغاز الطبيعي المسال الحالية تعمل الآن بنسبة تقترب من 26 في المائة من قدرتها الحقيقية.
وتزداد واردات الغاز الأوروبية منذ فترة، حيث ارتفعت بنسبة 4.3 في المائة في 2017، لتصل إلى 467 مليار متر مكعب، مع انخفاض الإنتاج بنسبة 5.5 في المائة، ليصل إلى 118 مليار متر مكعب.
وسعى الاتحاد الأوروبي إلى تنويع إمداداته من الغاز بعيداً عن روسيا، التي تشكل صادراتها حالياً نحو ثلث واردات الاتحاد من الغاز.
وكرر ترمب أن الغاز الأميركي هو أحد حلول سد احتياجات أوروبا، وانتقد مشروع خط أنابيب «نورد ستريم 2»، الذي يمكن أن يضاعف شحنات الغاز من روسيا إلى ألمانيا.
وحتى الآن، كانت معظم صادرات الغاز الأميركي إلى آسيا وأميركا اللاتينية. وفي 2017، تم تصدير أكثر من 50 في المائة من الغاز الأميركي المسال إلى 3 دول، هي: المكسيك وكوريا الجنوبية والصين.
إلا أن «زيادة الصادرات الأميركية من الغاز الطبيعي المسال بدأت للتو»، بحسب «إس أند بي غلوبال بلاتس» التي توقعت أن تزيد صادرات الولايات المتحدة من هذا الغاز 4 أضعاف بحلول 2020، بعد بناء مصانع جديدة لتسييل الغاز.
وقالت الشركة إن منتجي الغاز الطبيعي الأميركي المسال أصبحوا أكثر فعالية في استخراج الغاز الطبيعي، وهو عامل آخر «يرجح أن يزيد تنافسية الغاز الطبيعي المسال الأميركي».


مقالات ذات صلة

قنابل موقوتة تهدد الاقتصاد العالمي في 2025

خاص ترمب وشي في قمة زعماء مجموعة العشرين بأوساكا باليابان عام 2019 (أرشيفية - رويترز)

قنابل موقوتة تهدد الاقتصاد العالمي في 2025

يقف عام 2025 عند منعطف محوري مع تنامي المواجهة التجارية بين الولايات المتحدة والصين ووسط استمرار التوترات الجيوسياسية.

هلا صغبيني (الرياض)
الاقتصاد متداولون يعملون في بورصة نيويورك (رويترز)

الأسواق الأميركية تشهد تراجعاً بسبب بيانات اقتصادية محبطة

انخفضت مؤشرات الأسهم الأميركية، يوم الخميس، في ظل بيانات محبطة قد تشير إلى تباطؤ بالنمو الاقتصادي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد يشتري الناس الهدايا في منطقة تايمز سكوير في نيويورك (رويترز)

تضخم الجملة يقاوم الانخفاض في الولايات المتحدة

ارتفعت تكاليف الجملة في الولايات المتحدة بشكل حاد خلال الشهر الماضي، ما يشير إلى أن ضغوط الأسعار لا تزال قائمة في الاقتصاد حتى مع تراجع التضخم من أعلى مستوياته.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد لافتة مكتوب عليها «نوظف الآن» في مغسل سيارات بأحد شوارع ميامي بفلوريدا (رويترز)

زيادة غير متوقعة في طلبات إعانات البطالة الأميركية

ارتفع عدد الأميركيين الذين تقدموا بطلبات جديدة للحصول على إعانات البطالة بشكل غير متوقع، الأسبوع الماضي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن )
الاقتصاد يقوم عامل بإجراء فحص الجودة لمنتج وحدة الطاقة الشمسية في مصنع «لونجي للتكنولوجيا الخضراء» في الصين (رويترز)

واشنطن تُصعِّد تجارياً... رسوم جديدة على واردات الطاقة الصينية

تخطط إدارة بايدن لزيادة الرسوم الجمركية على رقائق الطاقة الشمسية، البولي سيليكون وبعض منتجات التنغستن القادمة من الصين.

«الشرق الأوسط» (بكين)

الليرة السورية ترتفع بشكل ملحوظ بعد تراجع حاد

الليرة السورية (رويترز)
الليرة السورية (رويترز)
TT

الليرة السورية ترتفع بشكل ملحوظ بعد تراجع حاد

الليرة السورية (رويترز)
الليرة السورية (رويترز)

شهدت الليرة السورية تحسناً ملحوظاً في قيمتها أمام الدولار، حيث أفاد عاملون في سوق الصرافة بدمشق يوم السبت، بأن العملة الوطنية ارتفعت إلى ما بين 11500 و12500 ليرة مقابل الدولار، وفقاً لما ذكرته «رويترز».

ويأتي هذا التحسن بعد أن بلغ سعر صرف الدولار نحو 27 ألف ليرة سورية، وذلك بعد يومين فقط من انطلاق عملية «ردع العدوان» التي شنتها فصائل المعارضة في 27 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

ويوم الأربعاء، قال رئيس الحكومة الانتقالية المؤقتة في سوريا، محمد البشير، لصحيفة «إيل كورييري ديلا سيرا» الإيطالية: «في الخزائن لا يوجد سوى الليرة السورية التي لا تساوي شيئاً أو تكاد، حيث يمكن للدولار الأميركي الواحد شراء 35 ألف ليرة سورية». وأضاف: «نحن لا نملك عملات أجنبية، وبالنسبة للقروض والسندات، نحن في مرحلة جمع البيانات. نعم، من الناحية المالية، نحن في وضع سيئ للغاية».

وفي عام 2023، شهدت الليرة السورية انخفاضاً تاريخياً أمام الدولار الأميركي، حيث تراجعت قيمتها بنسبة بلغت 113.5 في المائة على أساس سنوي. وكانت الأشهر الستة الأخيرة من العام قد شهدت الجزء الأكبر من هذه التغيرات، لتسجل بذلك أكبر انخفاض في تاريخ العملة السورية.