بوادر خلاف أوروبي مع حساب المكاسب والخسائر لاتفاق «ترمب ـ يونكر»

خبير اقتصادي قال إن الأمر الوحيد الذي تحقق من اللقاء هو أن صناعة السيارات نجت من رسوم محتملة
خبير اقتصادي قال إن الأمر الوحيد الذي تحقق من اللقاء هو أن صناعة السيارات نجت من رسوم محتملة
TT

بوادر خلاف أوروبي مع حساب المكاسب والخسائر لاتفاق «ترمب ـ يونكر»

خبير اقتصادي قال إن الأمر الوحيد الذي تحقق من اللقاء هو أن صناعة السيارات نجت من رسوم محتملة
خبير اقتصادي قال إن الأمر الوحيد الذي تحقق من اللقاء هو أن صناعة السيارات نجت من رسوم محتملة

تنفست ألمانيا الصعداء بعد أسابيع من التوتر عاشته بسبب تهديدات الرئيس الأميركي دونالد ترمب بفرض رسوم تصل إلى 25% على استيراد السيارات الألمانية.
وشكّل الاتفاق الذي تم التوصل إليه في واشنطن بين ترمب ورئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر، مفاجأة سارة للسياسيين الألمان، رغم الترحيب الحذر من الشركات وتجمعات الأعمال.
وقد يكون ارتفاع أسهم شركات السيارات الأوروبية، من بينها الألمانية، فور إعلان ترمب ويونكر توصلهما إلى اتفاق، أبلغ رد فعل على مدى الارتياح الأوروبي بعد أشهر من المخاوف من اشتعال حرب تجارية مع الولايات المتحدة. وسجلت أسهم «فولكسفاغن» و«بي إم دبليو» ارتفاعات وصلت إلى 3%، بينما سجلت شركة «دايملر» ارتفاعاً زاد على 1.5%.
وكان وزير الاقتصاد الألماني بيتر ألتماير أول المرحّبين والمحتفلين بالاتفاق الشفهي، وكتب على صفحته على «تويتر» أن الاتفاق «جنّبنا حرباً تجارية وأنقذ ملايين الوظائف». ولكن وزير الخارجية هيكو ماس استخدم لهجة أقل وداً، وتضمن بيان الترحيب بالاتفاق الذي أصدره، انتقاداً مبطناً لترمب.
وقال ماس في البيان: «يونكر أظهر أن المهم في النهاية ليس استخدام الأحرف الكبيرة في الكتابة على (تويتر)، بل ما إذا كان الشخص قادراً على تقديم الحلول أم فقط الكلام الكبير». وأضاف: «حتى مؤيدو ترمب يعلمون أن المزارعين الأميركيين والصناعيين هم الخاسرون إذا فرضنا رسوماً مجنونة بعضنا على بعض».
وفي كلام ماس انتقاد واضح لترمب الذي يستخدم جملاً كلها بالأحرف الكبيرة في تغريداته على «تويتر»، والتي وجّه الكثير منها مؤخراً للتهجم على ألمانيا التي يقول إن التبادل التجاري معها غير عادل ولا متوازن.
وشدد ماس أيضاً في بيان على ضرورة «وحدة» أوروبا في مواجهة ترمب، وقال إن الاتفاق دليل على «أن أوروبا أقوى متحدة».
ولكن كلام ماس قد يبدو متفائلاً بشكل مبكر، إذا ما تطور الخلاف الفرنسي الألماني حول التعاطي مع المفاوضات التجارية مع ترمب. ففرنسا كانت تتمسك بعدم التفاوض مع ترمب في السياسة التجارية إلا بعد إلغائه الرسوم على الحديد والألمنيوم والتي فرضها على الاتحاد الأوروبي، بينما ليّنت برلين من موقفها وقبلت بالتفاوض قبل إلغاء هذه الرسوم.
وعكست تصريحات مكتب المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أيضاً شيئاً من التفاؤل، وقالت نائبة المتحدثة باسمها أولريك ديمير، إن الحكومة ترحب بالاتفاق وإن المفوضية الأوروبية «يمكنها أن تستمر بالاعتماد على دعمنا».
ولكن هذا التفاؤل لم ينعكس في تصريحات الشركات الألمانية ونقابات الأعمال، وقال إريك شفيتزر رئيس غرفة التجارة والصناعة الألمانية، إن «الحلول المقدمة هي في الاتجاه الصحيح ولكنّ جزءاً كبيراً من الشك ما زال موجوداً. ما زلنا بعيدين عن المفاوضات العادلة وما زالت الرسوم غير العادلة على السيارات على الطاولة».
وفي انعكاس لمزاج شبيه، قال ديتر كامبف رئيس الصناعات الفيدرالية الألمانية، في تصريحات لوكالة الأنباء الألمانية: «إن دوامة الرسوم الجمركية على التجارة عبر الأطلسي قد تم وقفها الآن. ولكن يتعين إلحاق الكلام بالأفعال». وفي أكثر الردود تشاؤماً، قال هولغر شبيدينغ كبير الاقتصاديين في مصرف «بيرنبيرغ»، إن الاتفاق «ليس اتفاقاً حقيقياً ولكنه خطوة بعيداً عن الحافة».
ونقل موقع «دوتشيه فيله» عن نائب حزب «الليبراليين الأحرار» المعارض كلاماً شبيهاً، وتشكيكاً بالاتفاق. وقال ألكسندر غراف لامبسدورف إن «الرئيس الأميركي أظهر مراراً أنه يصعب التنبؤ بقراراته، وعلينا أن نرى ما الذي سيحصل».
وبينما وصف بعض الصحف الألمانية يونكر بـ«المنقذ»، حاولت أخرى شرح كيفية نقاط الاتفاق الذي تم إعلانه في واشنطن ومدى إمكانية تطبيقها.
ونشرت صحيفة «دي فيلت» مقابلة مع خبير اقتصادي قال فيها إن تعهد يونكر بأن أوروبا ستزيد من واردات لمنتجات أميركية زراعية وأيضاً للغاز السائل، قد لا يتحقق. وأضاف غابرييل فيلبرماير للصحيفة: «هذا لن ينجح. الاتحاد الأوروبي ليس الصين. وهذا ما على ترمب أن يعلمه». وتابع: «الأمر الوحيد الذي تحقق من اللقاء هو أن صناعة السيارات نجت من رسوم محتملة… ولكن الأمور الأخرى كلها ما زالت مفتوحة». وحذر الاقتصادي من «الاحتفال المبكر» قبل توقيع اتفاقية تبادل حر.
وكتبت صحيفة «سودويتشه زيتونغ» مقالاً شبيهاً قالت فيه إن قرار زيادة شراء المنتجات الزراعية والغاز السائل يعود إلى السوق. وأشارت إلى أن الغاز السائل سيكون سعره أغلى من الغاز المستورد من روسيا عبر الأنابيب. وأشارت إلى أن في أوروبا مقرين فقط للغاز السائل وهذا يعني أن الأوروبيين قد لا يتمكنون من تلبية تعهد يونكر بتقليل استيراد الغاز من روسيا وزيادة استيراده من الولايات المتحدة.
كان ترمب قد وجه انتقادات شديدة إلى ألمانيا بسبب اعتمادها على الغاز الروسي، وأن بناءها أنبوب غاز جديداً «نوردستريم 2» سيزيد اعتمادها على موسكو في استيراد الغاز. وقال ترمب أمام الصحافيين في لقاء مع أمين عام الناتو الأسبوع الماضي في بروكسل إن ألمانيا تخضع لروسيا بسبب اعتمادها على غازها.
ويعارض الاتحاد الأوروبي هذا المشروع أيضاً... إلا أن ألمانيا متمسكة به وتقول إنه اقتصادي بحت ويمكن فصله عن السياسة.


مقالات ذات صلة

قنابل موقوتة تهدد الاقتصاد العالمي في 2025

خاص ترمب وشي في قمة زعماء مجموعة العشرين بأوساكا باليابان عام 2019 (أرشيفية - رويترز)

قنابل موقوتة تهدد الاقتصاد العالمي في 2025

يقف عام 2025 عند منعطف محوري مع تنامي المواجهة التجارية بين الولايات المتحدة والصين ووسط استمرار التوترات الجيوسياسية.

هلا صغبيني (الرياض)
الاقتصاد متداولون يعملون في بورصة نيويورك (رويترز)

الأسواق الأميركية تشهد تراجعاً بسبب بيانات اقتصادية محبطة

انخفضت مؤشرات الأسهم الأميركية، يوم الخميس، في ظل بيانات محبطة قد تشير إلى تباطؤ بالنمو الاقتصادي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد يشتري الناس الهدايا في منطقة تايمز سكوير في نيويورك (رويترز)

تضخم الجملة يقاوم الانخفاض في الولايات المتحدة

ارتفعت تكاليف الجملة في الولايات المتحدة بشكل حاد خلال الشهر الماضي، ما يشير إلى أن ضغوط الأسعار لا تزال قائمة في الاقتصاد حتى مع تراجع التضخم من أعلى مستوياته.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد لافتة مكتوب عليها «نوظف الآن» في مغسل سيارات بأحد شوارع ميامي بفلوريدا (رويترز)

زيادة غير متوقعة في طلبات إعانات البطالة الأميركية

ارتفع عدد الأميركيين الذين تقدموا بطلبات جديدة للحصول على إعانات البطالة بشكل غير متوقع، الأسبوع الماضي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن )
الاقتصاد يقوم عامل بإجراء فحص الجودة لمنتج وحدة الطاقة الشمسية في مصنع «لونجي للتكنولوجيا الخضراء» في الصين (رويترز)

واشنطن تُصعِّد تجارياً... رسوم جديدة على واردات الطاقة الصينية

تخطط إدارة بايدن لزيادة الرسوم الجمركية على رقائق الطاقة الشمسية، البولي سيليكون وبعض منتجات التنغستن القادمة من الصين.

«الشرق الأوسط» (بكين)

بكين تدرس خفض الفائدة ونسبة متطلبات الاحتياطي العام المقبل

العلم الوطني أمام مقر بنك الشعب الصيني (رويترز)
العلم الوطني أمام مقر بنك الشعب الصيني (رويترز)
TT

بكين تدرس خفض الفائدة ونسبة متطلبات الاحتياطي العام المقبل

العلم الوطني أمام مقر بنك الشعب الصيني (رويترز)
العلم الوطني أمام مقر بنك الشعب الصيني (رويترز)

تدرس بكين خفض أسعار الفائدة ونسبة الاحتياطي الإلزامي في وقت مناسب من العام المقبل، بحسب تقارير إعلامية نقلاً عن وانغ شين، مدير مكتب الأبحاث في بنك الشعب الصيني.

وقال وانغ في فعالية اقتصادية، السبت، إن البنك سيعمل على تعزيز الإمدادات النقدية والائتمانية، وفقاً لصحيفة «21 سينشري بيزنس هيرالد».

وأضاف أن هناك مجالاً لخفض معدل العائد المطلوب - المبلغ الذي يجب على البنوك الاحتفاظ به في الاحتياطي - من المتوسط الحالي البالغ 6.6 في المائة.

وأشار وانغ إلى أن الظروف التمويلية للاقتصاد الحقيقي ستكون أسهل في الفترة المقبلة. كما أظهرت البيانات الصادرة، الجمعة، أن النمو الائتماني في الصين شهد تباطؤاً غير متوقع في نوفمبر (تشرين الثاني)، مما يعكس ضعف الطلب على القروض، ويشير إلى تحديات أكبر أمام النمو الاقتصادي، وفقاً لوكالة «بلومبرغ».

في غضون ذلك، أكد كبار المسؤولين الصينيين مؤخراً أنهم سوف يعتمدون حوافز اقتصادية قوية لتعزيز النمو، والتركيز على تحفيز الاستهلاك في العام المقبل.

ومن المتوقع أن ترفع الصين نسبة العجز المالي وحجم العجز في عام 2025، وتصدر المزيد من السندات الحكومية الخاصة، بما في ذلك السندات طويلة الأجل وسندات الحكومات المحلية، حسبما ذكرت محطة تلفزيون الصين المركزية، نقلاً عن هان وينشو، نائب مدير مكتب اللجنة المركزية للشؤون المالية والاقتصادية، في الحدث نفسه.