لن تشهد الأسواق منذ الآن فصاعداً أي أحداث مالية أو مؤشرات اقتصادية مجردة من انعكاسات تداعيات الحرب التجارية عليها، سواء بطريقة مباشرة أو ارتباط غير مباشر، بيد أن تطلعات المستثمرين كانت ترنو نحو مزيد من الاستقرار، بعد 10 سنوات على الأزمة المالية العالمية في عام 2008، إلا أن من بيده القرار أصدر أمراً ببدء الاضطرابات في الأسواق المالية والتجارية.
ورغم تحذيرات خبراء ومسؤولين وجهات دولية من خسارة جميع المشتركين في الحرب التجارية، فإن إصرار الولايات المتحدة على المضي قدماً يعطي مؤشراً لإعادة تشكيل القوى الاقتصادية الكبرى في العالم.
فبعد التباعد الأميركي الصيني، والأميركي الأوروبي، يحدث حالياً تقارب أوروبي صيني، وصيني أفريقي، بيد أن كل تقارب اقتصادي جديد يراعي عدم القطيعة النهائية - حتى الآن - مع أكبر اقتصاد في العالم. وأمس (الاثنين)، انتعش اليوان الصيني، وارتفع اليورو لأعلى مستوياته منذ 14 يونيو (حزيران)، مع إقبال المستثمرين على الأصول عالية المخاطر، وسط تفاؤل بالتقارب الصيني الأوروبي.
واستقبلت أمس المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، رئيس الوزراء الصيني، لي كه تشيانغ، في العاصمة برلين، ومن المنتظر أن يكون الموضوع الرئيسي للمشاورات السياسة التجارية للرئيس الأميركي دونالد ترمب، التي تلقى انتقادات على المستوى الدولي.
ويتخذ الرئيس الأميركي إجراءات حمائية لاقتصاد بلاده عبر فرض قيود جمركية على الواردات من الاتحاد الأوروبي والصين. وسعت الصين أخيراً على نحو حثيث إلى إقامة علاقة جيدة مع ألمانيا، وتكوين جبهة مشتركة ضد حمائية ترمب.
وأشادت ميركل، أمس، بتزايد الفرص التجارية بالنسبة لشركات ألمانية في السوق الصينية التي تتمتع بأهمية كبيرة، وقالت إنه «يتضح أن هناك أفعالاً تتبع الأقوال، في ما يتعلق بفتح السوق الصينية».
وفي الوقت ذاته، سلطت ميركل الضوء على قرار شركة «سي آي سي سي» الصينية إنشاء مصنع خلايا بطاريات للسيارات الكهربائية في مدينة إرفورت، بولاية تورينجن الألمانية، وقالت: «إنه يوم مهم لتورينجن»، وأشارت إلى أن هذه التقنية لا يتم تقديمها حتى الآن من جانب منتجين ألمان، لدرجة أن قطاع السيارات الألماني قد يضطر لشراء منتجات صينية أيضاً. وبمناسبة المشاورات الحكومية الألمانية الصينية، وقعت عدة شركات ألمانية اتفاقات لتحقيق مزيد من العمل في الصين.
وارتفعت الصادرات الألمانية أكثر من المتوقع في مايو (أيار)، مما زاد الفائض التجاري، في علامة جديدة على أن أكبر اقتصاد أوروبي ما زال قوياً، رغم التوترات التجارية مع الولايات المتحدة.
وأظهرت بيانات مكتب الإحصاءات الاتحادي، أمس (الاثنين)، أن الصادرات ارتفعت 1.8 في المائة عن الشهر السابق بعد التعديل، في ضوء العوامل الموسمية. وزادت الواردات 0.7 في المائة، وزاد الفائض التجاري المعدل في ضوء العوامل الموسمية إلى 20.3 مليار يورو (23.90 مليار دولار) من 19 مليار يورو في أبريل (نيسان).
وانخفض فائض ميزان المعاملات الحالية، الذي يقيس تدفقات السلع والخدمات والاستثمارات، إلى 12.6 مليار يورو، من 23.5 مليار في أبريل، وفقاً لبيانات غير معدلة.
والصين وألمانيا، بصفتهما أكبر مواطن مصدرة على مستوى العالم، يسعيان لتقليل انعكاسات تداعيات الحرب التجارية عليهما، من خلال التقارب التجاري، لكن الصين تمثل نظاماً يقع تحت سيطرة الدولة، وألمانيا تمثل اقتصاد السوق الحر، وهذا يسبب اختلافات كثيرة فيما بينهما. وتحدث مسؤولون ألمان عن عدم تكافؤ في العلاقات الاقتصادية الألمانية - الصينية، حيث إنه يمكن لشركات صينية شراء شركات في ألمانيا بحرية، فيما أن هناك حدوداً معينة أمام حدوث العكس.
وانعكست تلك التحركات على أسعار العملات، إذ زاد أمس اليوان نصفاً في المائة في الأسواق الخارجية إلى 6.6292 يوان مقابل الدولار، ليواصل ابتعاده عن المستويات المتدنية التي سجلها في يونيو، حين تكبد أكبر خسارة شهرية على الإطلاق. وارتفع اليورو 0.3 في المائة إلى 1.1779 دولار، وهو أعلى مستوى له منذ 14 يونيو، مع تكبد العملة الأميركية خسائر واسعة النطاق.
وتراجع مؤشر الدولار، الذي يقيس أداء العملة الأميركية أمام سلة من 6 عملات رئيسية بنسبة 0.2 في المائة إلى 93.899.
التنسيق الصيني ـ الألماني يرفع اليوان واليورو
التنسيق الصيني ـ الألماني يرفع اليوان واليورو
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة