في الوقت الذي لا يزال التوجه الرائج فيه نحو النظام الغذائي منخفض الكربوهيدرات قوياً، يوصي الخبراء بالاهتمام بالنوعية لا الكمّ.
أصبحت الكربوهيدرات على مدى سنوات مواد غذائية سيئة السمعة، حتى أنه في كل مكان ينصحك الناس بمراقبة ما تتناوله من كربوهيدرات، والامتناع عن تناولها، أو الحد منها. مع ذلك؛ فإنك في حاجة إلى الكربوهيدرات أكثر مما تظن، حيث تزود الكربوهيدرات الجسم بالمصدر الأولي للطاقة، وهو الغلوكوز، الذي يعد بمثابة الوقود لكل ما تفعله، بدءاً بالتنفس ووصولاً إلى الركض. يوصي معهد الطب البالغين بأن تتراوح نسبة الكربوهيدرات في نظامهم الغذائي بين 45 في المائة و65 في المائة من إجمالي عدد السعرات الحرارية اليومية، أي بين 203 و293 غراماً يومياً منها في حالة النظام الغذائي اليومي القائم على تناول 1800 سعر حراري. يعني هذا، أنه من الضروري أن يكون نصف كل ما تتناوله من أصناف الطعام هو من الكربوهيدرات.
لماذا إذن توجد لدى الكثيرين قناعة بأن من الأفضل تناول أقل قدر ممكن من الكربوهيدرات؟ ربما تكمن الإجابة في مصادر تلك الكربوهيدرات.
- أنواع مفيدة وضارة
المشكلة الرئيسية في الكربوهيدرات، هي أن مصادرها متنوعة، فبعضها جيد والبعض الآخر سيئ. يقول فاسانتي مالك، عالم أبحاث في قسم التغذية بكلية الصحة العامة بجامعة هارفارد: «نحصل على الكربوهيدرات من الحبوب الكاملة، والبقول، والمكسرات، والفواكه، والخضراوات، ومنتجات الألبان، الغنية بالمواد المغذية، لكننا نحصل على الكربوهيدرات أيضاً من الحبوب المكررة، والسكر المضاف الموجود في الأطعمة المعالجة والمشروبات المحلاة».
تزودنا الأطعمة الطبيعية غير المعالجة صناعياً، بالفيتامينات والمعادن والألياف والمواد النباتية الثانوية، إضافة إلى الكربوهيدرات. على الجانب الآخر، لا تحتوي الأطعمة المعالجة بدرجة كبيرة، والتي يتم إعدادها باستخدام الدقيق المكرر مثل الخبز الأبيض، والمعكرونة، والرقائق المخبوزة والمخبوزات الحلوة، على تلك المواد المغذية. أما الأطعمة المحلاة، مثل البسكويت، والكعك، والحلوى، والمشروبات الغازية، فلا تحتوي سوى على مقدار ضئيل من المواد المغذية، وكثيراً ما يتم الإشارة إليها بالـ«سعرات عديمة النفع empty calories».
يقول مالك: «يمكن القول بإيجاز، إن الكربوهيدرات في شكلها الطبيعي خيار جيد للحفاظ على الصحة، على عكس الكربوهيدرات المكررة، التي تمثل حالياً نسبة كبيرة ومتزايدة من النظام الغذائي الأميركي».
- المقادير
في الوقت الذي يتساوى فيه مقدار الاستهلاك اليومي الموصى به من الكربوهيدرات لكل الفئات العمرية، هناك بعض الظروف التي قد تحدد ما إذا كان ينبغي عليك تناول مقدار كبير أم ضئيل من الكربوهيدرات.
على سبيل المثال، تشير بعض الأبحاث إلى أن مرضى السكري قد يستفيدون من النظام الغذائي منخفض الكربوهيدرات، في حين ينبغي على من يعانون من مشكلات في الكلى تجنب اتباع نظام غذائي منخفض الكربوهيدرات؛ لأن هذا يعني زيادة نسبة البروتين، وهو ما قد يضرّ بحالة الكلى.
إذا كنت تعاني من الإمساك، فالإكثار من تناول الكربوهيدرات الغنية بالألياف مثل الحبوب الكامل، والبقول، والفواكه، والخضراوات قد يساعد في تحسن الحالة. كذلك يمكن للكربوهيدرات تزويد الجسم بالطاقة اللازمة لممارسة التمرينات الرياضية العنيفة؛ لذا ربما تحتاج إلى المزيد من الكربوهيدرات للاستعداد إلى تمرينات رياضية مجهدة، أو أنشطة تتطلب القدرة على التحمل.
- استمتع بالكربوهيدرات
كيف ينبغي التعامل مع الكربوهيدرات في النظام الغذائي؟ يقول مالك: «عوضاً عن التركيز على عنصر غذائي واحد مثل الكربوهيدرات، من الأفضل وضع الهدف باتباع نمط غذائي صحي إجمالاً». ويكون ذلك نظام غذائي يركّز على تناول كمية أكبر من الفواكه، والخضراوات، والحبوب الكاملة، والدهون الصحية (الزيوت النباتية)، والبروتينات الصحية، مثل المكسرات، والبقول، والبيض، والمأكولات البحرية، والدواجن، مع الحد من تناول الكربوهيدرات الضارة، مثل الحبوب المكررة، والسكر المضاف، واللحم الأحمر والمعالج، والمشروبات الغازية، والدهون المشبعة، والدهون المتحولة (المهدرجة).
ويضيف مالك: «إذا صاحب ذلك النمط الغذائي الصحي ممارسة نشاط رياضي يومياً، سيكون لديك فرصة أفضل للحفاظ على وزن الجسم المناسب والوقاية من الأمراض المزمنة».
- النحافة والأنظمة الغذائية منخفضة الكربوهيدرات
تشتهر الأنظمة الغذائية منخفضة الكربوهيدرات منذ أكثر من عقدين بأنها تساعد في خفض الوزن، لكن لا يزال هناك المزيد من الأبحاث التي تم إجراؤها بشأن مدى فاعلية تلك الأنظمة، كما تظهر دراسات جديدة بانتظام.
إليكم بعض الإضاءات على ما اكتشفه العلم حتى هذه اللحظة:
> لا تساعد الأنظمة الغذائية منخفضة الكربوهيدرات في فقدان الوزن على المدى الطويل. يقول مالك: «تشير الأدلة إلى أن الأنظمة الغذائية منخفضة الكربوهيدرات مثل غيرها من الأنظمة الغذائية الصارمة تكون فعّالة في فقدان الوزن خلال الأشهر الستة الأولى فقط، لكن تبدأ الفوائد في التراجع على المدى الطويل بسبب صعوبة الالتزام بها».
> للحصول على تغيرات فسيولوجية تساعد في حرق الدهون، أنت في حاجة إلى جعل مقدار ما تتناوله من كربوهيدرات بشكل يومي منخفضاً للغاية (ما بين 20 و50 غراماً يومياً). يصعب تحقيق ذلك أو الحفاظ عليه، ويمثل مخاطرة بالحصول على ما يكفي من المواد المغذية والمواد النباتية الثانوية المهمة، والألياف في نظامك الغذائي.
> عندما يتم خفض مقدار الكربوهيدرات، عليك أن تعوّض تلك السعرات الحرارية؛ لذا عادة ما تزداد كمية البروتين والدهون المشبعة التي يتم تناولها يومياً. وقد تبين ما تسببه الأنظمة الغذائية القائمة على الدهون المشبعة من ضرر للصحة.
> على الجانب الآخر، يرى الكثير من الأبحاث علاقة بين الأنظمة الغذائية القائمة على الإكثار من الكربوهيدرات غير المعالجة والألياف (مثل العادات الغذائية النباتية) والصحة الجيدة على المدى الطويل.
- رسالة هارفارد «مراقبة صحة الرجل» - خدمات «تريبيون ميديا»