«مولتون عاصمة الطعام في يوركشير»... نبض إنجلترا الشمالي

الشيف أنطونيو كارولتشيو أطلق اللقب وهي أثبتت أحقيتها به

«مولتون عاصمة الطعام في يوركشير»... نبض إنجلترا الشمالي
TT

«مولتون عاصمة الطعام في يوركشير»... نبض إنجلترا الشمالي

«مولتون عاصمة الطعام في يوركشير»... نبض إنجلترا الشمالي

يوركشير ليست مقاطعة كبيرة الحجم في انجلترا وبالطبع ليست مثل العاصمة لندن، غير أنها غنية جداً وحصلت على مساحتها التي لا تتعدى الـ12 ألف كلم مربع العديد من الأحداث غير المسبوقة في العالم، ففيها أنشئ أول نادٍ لكرة القدم في العالم، حيث أُسس نادي شيفيلد عام 1857، وفيها أيضاً تعرفت بريطانيا على أول مركز لتدوير الزجاج، وشهدت محلات «ماركس آند سبنسر» الشهيرة ولادتها في كشك صغير في سوق المأكولات الشعبية بمدينة ليدز.
وتشتهر يوركشير أيضاً بما يعرف باسم «يوركشير بودينغ» الذي يتألف من الدقيق والبيض والحليب ويرافق الطبق البريطاني الأشهر «سانداي روست Sunday Roast» وهو عبارة عن دجاج مشوي أو لحم بقري يتناوله البريطانيون حسب التقليد المحلي يوم الأحد، إلى جانب صلصة داكنة تعرف باسم الـ«غرايفي»، وهذا النوع من المعجنات الذي لا يشبه اسمه الذي يوحي بأنه نوع من أنواع الحلوى أبصر النور في يوركشير أيضاً وكتبت أول وصفة مسجلة له عام 1737، ومنذ ذلك الحين وطبق «الروست» هو الطبق الأشهر في البلاد وفخر المطبخ البريطاني الخجول والفقير نسبياً، وفي يورك أيضاً وُلد أول محل لبيع الزبدة في البلاد، ولا يزال المحل موجوداً حتى يومنا هذا تحت اسم «باتر بيز أوف مولتون ” Butterbees of Malton.
ومن أشهر أنواع الجبن في يوركشير الجبنة الزرقاء وجبنة «وينزليديل«.
صفات يوركشير كثيرة، ومن زارها يدرك أهميتها على عدة أصعدة، لأنها تضم العديد من المعالم الشهيرة مثل منطقة ويتبي مسقط رأس دراكولا وأول منارة في البلاد وإحدى كنائسها كانت سبب ولادة كتب «ذا وايت رابيت» الشهيرة للأطفال، كما أنها موطن الشوكولاته وفيها أهم متاحف هذه الحلوى السوداء، بالإضافة إلى أنها صاحبة فكرة شوكولاته الكيت كات والشوكولاته بنكهة البرتقال ولوح «يوركي بار» الشهير.
- ساعتان تفصلانك عن النكهات
تبعد مدينة يورك في يوركشير عن لندن بنحو ساعتين ونصف الساعة بواسطة القطار، وعلى طول الطريق تشاهد روعة طبيعة شمال البلاد، وبمجرد وصولك إلى المحطة يطالعك فندق «برينسيبال» العملاق الذي يعد من أهم عناوين الأكل في يورك، وضم تاريخاً طويلاً وكانت الملكة فيكتوريا تقصده وهي في طريقها إلى بالمورال في اسكتلندا لتناول الشاي والعشاء مع زوجها الأمير ألبرت، وهناك قصة شهيرة حول تناولها الطعام في الفندق، عندما امتعضت من بلدية المنطقة لأنها كانت تفرض عليها دفع الفاتورة وهذا ما لم تكن تتمناه.
زيارتنا صادفت توقيت الاحتفال بمهرجان مولتون للطعام في عامه العاشر، وهذا المهرجان السنوي والذي يحتفي بمنتجات يوركشير المميزة يقدم فرصة عرض وتذوق المأكولات الشمالية كل ثاني يوم سبت من كل شهر من التاسعة إلى الثالثة بعد الظهر، أما في أواخر مايو (أيار) فيحوّل المهرجان تلك القرية الصغيرة التي تبعد عن يورك نحو 30 دقيقة بالسيارة أو القطار، إلى واحة من الطعام تعبق منها روائح القهوة والسمك والمخبوزات والأجبان.
موقع «فيزيت بريتان Visit Britain» الذي يعمل -إلى جانب مكاتب متخصصة بزيارات المناطق المميزة في بريطانيا- على تعريف الزوار الذواقة بأفضل أماكن الطعام في بريطانيا. وبالعمل إلى جانب «فيزيت مولتون» وضعوا مخططاً للزوار يعرّفهم بالمهرجان وبما يزخر به من مأكولات لا يمكن تذوقها على هذا الشكل في أي مكان آخر في البلاد.
وأشهر ما في مولتون هو فندق «تالبوت Talbot hotel» وتملكه عائلة نايلور لايلاند الإنجليزية الأرستقراطية التي تملك 90% من المنطقة، واليوم يتولى ابن السير فيليب، توم نايلور لايلاند إدارة مهرجان الطعام بعدما قام بإطلاقه منذ 10 سنوات.
وفي مقابلة مع توم على هامش افتتاح المهرجان لهذا العام، قال إن الطعام في مقاطعة يوركشير مميز جداً، فالموقع الساحلي يجعلها تنعم بالمنتجات البحرية المميزة، إضافة إلى مصانع الأجبان وجوار مولتون لمدينة يورك السياحية التراثية المعروفة التي تجذب السياح إليها يفتح الطريق أمام باقي المناطق المحيطة بها لتذوق الأفضل والتعرف على ما تزخر به من منتجات رائعة.
وعن شعار المهرجان «مولتون عاصمة الطعام في يوركشير»، يقول توم وبفخر عظيم إن هناك قصة جميلة وراء هذا الشعار، وهي عندما زار الشيف الإيطالي أنتونيو كارولتشيو مهرجان مولتون وتذوق المأكولات المعروضة فيه، أطلق عليها هذا اللقب لأنه كان يرى أن هذا القسم من البلاد يزخر بالعديد من المنتجات التقليدية التي عرفت كيف تركب الموجة العصرية لتحتل مركز الصدارة في سوق الطعام.
ويقول توم عن مهرجان مولتون إنه أسهم في وضع المنطقة على خريطة شمال يوركشير، وبعد 10 سنوات على إطلاق الفكرة، يزور حالياً المنطقة نحو 30 ألف زائر أيام المهرجان.
من أشهر الأسماء التي تشارك في مهرجان مولتون، الشيف فلوريون بوارو Florian Poirot الحائز على جائزة أفضل نوع حلوى فرنسية «ماكارون»، وبلوبورد بايكري Bluebird Bakery الشهير بخبزه، وغروفي مو جيلاتو Groovy Moo Gelato الذي يتعين عليك الانتظار في طابور طويل لتذوق الآيس كريم فيه، وليوني Leoni الذي يقدم القهوة والشاي الإنجليزي في أجواء تقليدية رائعة... لائحة العارضين طويلة جداً، فهناك عدد كبير من الأكشاك التي تعرض المأكولات في الهواء الطلق إضافة إلى المطاعم التي تفتح أبوابها على مدى أيام العام.
وتتخلل المهرجان أيضاً عروض خاصة بالطهي، ومن بين أشهرها، عرض أليس (Mrs Alice) للطعام الصحي، وتفتح مدارس تعليم الطهي أبوابها أيضاً أمام المهتمين بتعلم تحضير الطعام في المنزل. المهرجان يقدم فرصة مهمة جداً لأصحاب المطاعم وأصحاب المصالح الأصغر حجماً، وهو يساعد المنطقة أيضاً اقتصادياً ويجذب الزوار إليها.
محطة القطار في مولتون قريبة جداً من مكان المهرجان (Talbot Yard Food Court) في (5 دقائق على الأقدام) والرحلة إلى يورك لا تتعدى الثلاثين دقيقة.
فإذا كنت من محبي الطعام والتعرف على معالم جميلة في إنجلترا يمكنك أن تمزج الزيارتين في زيارة واحدة.


مقالات ذات صلة

تخطي وجبة الإفطار في الخمسينات من العمر قد يسبب زيادة الوزن

صحتك تناول وجبة إفطار متوازنة ودسمة يساعد على إدارة السعرات الحرارية اليومية (رويترز)

تخطي وجبة الإفطار في الخمسينات من العمر قد يسبب زيادة الوزن

أظهرت دراسة حديثة أن تخطي وجبة الإفطار في منتصف العمر قد يجعلك أكثر بدانةً، ويؤثر سلباً على صحتك، وفقاً لصحيفة «التليغراف».

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق رهاب الموز قد يسبب أعراضاً خطيرة مثل القلق والغثيان (رويترز)

وزيرة سويدية تعاني «رهاب الموز»... وموظفوها يفحصون خلو الغرف من الفاكهة

كشفت تقارير أن رهاب وزيرة سويدية من الموز دفع المسؤولين إلى الإصرار على أن تكون الغرف خالية من الفاكهة قبل أي اجتماع أو زيارة.

«الشرق الأوسط» (ستوكهولم)
صحتك رجل يشتري الطعام في إحدى الأسواق الشعبية في بانكوك (إ.ب.أ)

دراسة: 3 خلايا عصبية فقط قد تدفعك إلى تناول الطعام

اكتشف باحثون أميركيون دائرة دماغية بسيطة بشكل مذهل تتكوّن من ثلاثة أنواع فقط من الخلايا العصبية تتحكم في حركات المضغ لدى الفئران.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق خبراء ينصحون بتجنب الوجبات المالحة والدهنية في مبنى المطار (رويترز)

حتى في الدرجة الأولى... لماذا يجب عليك الامتناع عن تناول الطعام على متن الطائرات؟

كشف مدرب لياقة بدنية مؤخراً أنه لا يتناول الطعام مطلقاً على متن الطائرات، حتى إذا جلس في قسم الدرجة الأولى.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق قطع من الجبن عُثر عليها ملفوفة حول رقبة امرأة (معهد الآثار الثقافية في شينغيانغ)

الأقدم في العالم... باحثون يكتشفون جبناً يعود إلى 3600 عام في مقبرة صينية

اكتشف العلماء أخيراً أقدم قطعة جبن في العالم، وُجدت ملقاة حول رقبة مومياء.

«الشرق الأوسط» (بكين)

«عناب براسري» منافس قوي على ساحة الأكل اللبناني بلندن

«عناب براسري» منافس قوي على ساحة الأكل اللبناني بلندن
TT

«عناب براسري» منافس قوي على ساحة الأكل اللبناني بلندن

«عناب براسري» منافس قوي على ساحة الأكل اللبناني بلندن

عندما يأتي الكلام عن تقييم مطعم لبناني بالنسبة لي يختلف الأمر بحكم نشأتي وأصولي. المطابخ الغربية مبنية على الابتكار والتحريف، وتقييمها يعتمد على ذائقة الشخص، أما أطباق بلاد الشام فلا تعتمد على الابتكار على قدر الالتزام بقواعد متَّبعة، وإنني لست ضد الابتكار من ناحية طريقة التقديم وإضافة اللمسات الخاصة تارة، وإضافة مكون مختلف تارة أخرى شرط احترام تاريخ الطبق وأصله.

التبولة على أصولها (الشرق الاوسط)

زيارتي هذه المرة كانت لمطعم لبناني جديد في لندن اسمه «عناب براسري (Annab Brasserie)» فتح أبوابه في شارع فولهام بلندن متحدياً الغلاء والظروف الاقتصادية العاصفة بالمدينة، ومعتمداً على التوفيق من الله والخبرة والطاهي الجيد والخبرة الطويلة.

استقبلنا بشير بعقليني الذي يتشارك ملكية المشروع مع جلنارة نصرالدين، وبدا متحمساً لزيارتي. ألقيت نظرة على لائحة الطعام، ولكن بشير تولى المهمة، وسهَّلها عليَّ قائلاً: «خلّي الطلبية عليّ»، وأدركت حينها أنني على موعد مع مائدة غنية لا تقتصر على طبقين أو ثلاثة فقط. كان ظني في محله، الرائحة سبقت منظر الأطباق وهي تتراص على الطاولة مكوِّنة لوحة فنية ملونة مؤلَّفة من مازة لبنانية حقيقية من حيث الألوان والرائحة.

مازة لبنانية غنية بالنكهة (الشرق الاوسط)

برأيي بوصفي لبنانية، التبولة في المطعم اللبناني تكون بين العلامات التي تساعدك على معرفة ما إذا كان المطعم جيداً وسخياً أم لا، لأن هذا الطبق على الرغم من بساطته فإنه يجب أن يعتمد على كمية غنية من الطماطم واللون المائل إلى الأحمر؛ لأن بعض المطاعم تتقشف، وتقلل من كمية الطماطم بهدف التوفير، فتكون التبولة خضراء باهتة اللون؛ لأنها فقيرة من حيث الليمون وزيت الزيتون جيد النوعية.

بقلاوة بالآيس كريم (الشرق الاوسط)

جربنا الفتوش والمقبلات الأخرى مثل الحمص والباباغنوج والباذنجان المشوي مع الطماطم ورقاقات الجبن والشنكليش والنقانق مع دبس الرمان والمحمرة وورق العنب والروبيان «الجمبري» المشوي مع الكزبرة والثوم والليمون، ويمكنني الجزم بأن النكهة تشعرك كأنك في أحد مطاعم لبنان الشهيرة، ولا ينقص أي منها أي شيء مثل الليمون أو الملح، وهذا ما يعلل النسبة الإيجابية العالية (4.9) من أصل (5) على محرك البحث غوغل بحسب الزبائن الذين زاروا المطعم.

الروبيان المشوي مع الارز (الشرق الاوسط)

الطاهي الرئيسي في «عناب براسري» هو الطاهي المعروف بديع الأسمر الذي يملك في جعبته خبرة تزيد على 40 عاماً، حيث عمل في كثير من المطاعم الشهيرة، وتولى منصب الطاهي الرئيسي في مطعم «برج الحمام» بلبنان.

يشتهر المطعم أيضاً بطبق المشاوي، وكان لا بد من تجربته. الميزة كانت في نوعية اللحم المستخدم وتتبيلة الدجاج، أما اللحم الأحمر فهو من نوع «فيليه الظهر»، وهذا ما يجعل القطع المربعة الصغيرة تذوب في الفم، وتعطيها نكهة إضافية خالية من الدهن.

المطعم مقسَّم إلى 3 أقسام؛ لأنه طولي الشكل، وجميع الأثاث تم استيراده من لبنان، فهو بسيط ومريح وأنيق في الوقت نفسه، وهو يضم كلمة «براسري»، والديكور يوحي بديكورات البراسري الفرنسية التي يغلب عليها استخدام الخشب والأرائك المريحة.

زبائن المطعم خليط من العرب والأجانب الذين يقطنون في منطقة فولهام والمناطق القريبة منها مثل شارع كينغز رود الراقي ومنطقة تشيلسي.

حمص باللحمة (الشرق الاوسط)

في نهاية العشاء كان لا بد من ترك مساحة ليكون «ختامه حلوى»، فاخترنا الكنافة على الطريقة اللبنانية، والبقلاوة المحشوة بالآيس كريم، والمهلبية بالفستق الحلبي مع كأس من النعناع الطازج.

المطاعم اللبنانية في لندن متنوعة وكثيرة، بعضها دخيل على مشهد الطعام بشكل عام، والبعض الآخر يستحق الوجود والظهور والمنافسة على ساحة الطعام، وأعتقد أن «عناب» هو واحد من الفائزين؛ لأنه بالفعل من بين النخبة التي قل نظيرها من حيث المذاق والسخاء والنكهة وروعة المكان، ويستحق الزيارة.