الكويت تسعى إلى حشد التأييد لمشروع الحماية الدولية للفلسطينيين

مسؤول دولي يطالب بـ«منع وقوع حرب جديدة» في غزة

TT

الكويت تسعى إلى حشد التأييد لمشروع الحماية الدولية للفلسطينيين

كشف دبلوماسيون عرب وغربيون لـ«الشرق الأوسط» أن المشاورات لا تزال جارية من أجل حشد التأييد لمشروع القرار الذي وزعته الكويت بهدف تأمين الحماية الدولية للشعب الفلسطيني. وتوقعوا تقديم مشروع قرار معدل خلال اليومين المقبلين يستجيب لاقتراحات الدول الأعضاء في مجلس الأمن. فيما طالب المنسق الخاص للأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط نيكولاي ملادينوف أمس الأربعاء المجتمع الدولي بـ«العمل على وجه السرعة» من أجل تجنب وقوع حرب جديدة في غزة.
وقال دبلوماسي غربي طلب عدم نشر اسمه إن «ممثلي كل الدول الـ15 الأعضاء في مجلس الأمن، وبينهم الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، منخرطون في المشاورات الجارية مع الدبلوماسيين الكويتيين حول مشروع القرار». بيد أنه عبر عن اعتقاده بأن «الإدارة الأميركية بقيادة الرئيس دونالد ترمب لن تسمح بتمرير أي مشروع قرار لا ترضى به إسرائيل»، مضيفاً أن «هذا لا يعني توقف الحركة الدبلوماسية بسبب هذا الموقف الأميركي». وأمل في أن تعد الكويت «صيغة واضحة عما ترتجيه من مشروع القرار»، ولا سيما في شأن «طبيعة توفير الحماية الدولية ورؤيتها لكيفية الوصول إلى ذلك»، فضلاً عن «المسائل اللوجيستية الأخرى المرتبطة بذلك».
وذكر دبلوماسي عربي بأن الأمين العام السابق للأمم المتحدة بان كي - مون كان أعد تقريراً أرسل إلى مجلس الأمن حول «نماذج اعتمدت في السابق لتأمين الحضور الدولي، بما في ذلك في الخليل على أثر مجزرة الحرم الإبراهيمي وغيرها من التجارب. لكن التقرير وضع في أدراج مجلس الأمن من دون درسه». وأضاف أن الأمين العام الحالي أنطونيو غوتيريش «يمكن أن يضطلع بدور لبلورة الصيغ الأمثل لمهمة دولية كهذه».
وفي إحاطة له أمام أعضاء مجلس الأمن، قال ملادينوف إن الأحداث الدامية التي شهدتها غزة في الأسابيع الأخيرة بمثابة تذكير بأن القطاع «على حافة الانهيار»، مضيفاً أن الفلسطينيين هناك «محبطون بشكل متزايد». وقال: «يجب أن نعمل على وجه السرعة من أجل تجنب حرب أخرى، للتخفيف من معاناة الناس وتمكين الحكومة الفلسطينية من تحمل مسؤولياتها في غزة». وأفاد بأنه «في الشهر الماضي، قتل 76 فلسطينياً، بينهم 11 طفلاً على أيدي القوات الإسرائيلية وسقط أكثر من ثلاثة آلاف جريح بالنيران الحية وغيرها» في «أسوأ مستويات عنف منذ عام 2014»، علما بأنه «لم تقع أي خسائر إسرائيلية في الأرواح». وإذ ندد مجدداً «بأقوى العبارات الممكنة بالإجراءات التي أدت إلى خسارة أرواح كثيرة في غزة»، طالب بضبط النفس، متوقعاً أن تتواصل المظاهرات خلال الشهر المقبل.
وإذ أشار إلى الاقتراحات الكثيرة أمام أعضاء مجلس الأمن للتعامل مع الأزمة في غزة، حذر من أن «البنية التحتية تترنح في القطاع وهي على وشك الانهيار التام»، مشيراً خصوصاً إلى الكهرباء وشبكات المياه وكذلك النظام الصحي. وأعلن أنه يخطط لاتخاذ أربعة إجراءات، يتعلق الأول بـ«تحديد أولويات المشاريع المتفق عليها»، والثاني بـ«اعتماد نموذج المسار السريع (...) لتسريع تنفيذ هذه المشاريع»، ويرتبط الثالث بـ«تعزيز التنسيق الوثيق بين الأمم المتحدة والسلطة الفلسطينية وإسرائيل ومصر للتغلب على أي عوائق سياسية وإدارية ولوجيستية»، والرابع بـ«التزام وقف النار الذي جرى التوصل إليه عام 2014». ولاحظ أنه في 15 مايو (أيار) انضمت فلسطين إلى مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية ومنظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية واتفاقية حظر الأسلحة الكيماوية وتخزينها واستخدامها. ولفت إلى تزايد النزاعات في الشرق الأوسط وأثرها على المسار الإسرائيلي الفلسطيني، قائلاً إنه «وسط الجمود السياسي، يتصاعد إحباط الشتات الفلسطيني الذين يراقبون الأحداث هنا عن كثب». وأضاف: «يواجه اللاجئون الفلسطينيون على نحو متزايد وضعا لا يمكن تحمله، وأزمة إنسانية موسعة والمزيد من عدم الاستقرار خصوصاً في ظل الأحداث التي تجري في مخيم اليرموك في سوريا، الذي يمر بظرف مأسوي بسبب الحرب في سوريا، إضافة إلى الأزمة المالية الخانقة التي تعانيها الأونروا».
وأشار إلى نقل سفارات كل من الولايات المتحدة وغواتيمالا والباراغواي من تل أبيب إلى القدس، مكرراً موقف الأمم المتحدة من أن «القدس هي من مواضيع الحل النهائي التي يجب تسويتها من خلال المفاوضات بين الأطراف، استناداً إلى قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة». وأوضح أنه «نظراً لأهميتها لليهود والمسيحيين والمسلمين، فإن القدس قضية حساسة للغاية ومشحونة بالنسبة لملايين المؤمنين في جميع أنحاء العالم». لذلك، فإن «الحفاظ على الستاتيكو الراهن في الأماكن المقدسة لا يزال حاسما من أجل السلام والاستقرار». ورأى أخيراً أن «العالم بحاجة إلى نهج موحد لتغيير الواقع الحالي على الأرض في غزة»، داعياً إلى «مواصلة العمل لإنهاء الاحتلال وتقديم حل عادل ودائم وشامل للنزاع الإسرائيلي - الفلسطيني الذي طال أمده، على أساس دولتين، بما يتمشى مع قرارات الأمم المتحدة والاتفاقات السابقة ذات الصلة».



مغامرة بوتين في أوكرانيا... أمام الامتحان

مغامرة بوتين في أوكرانيا... أمام الامتحان
TT

مغامرة بوتين في أوكرانيا... أمام الامتحان

مغامرة بوتين في أوكرانيا... أمام الامتحان

لم يصدف في التاريخ أن كانت الحرب معزولة عن السياسة. فالحرب هي السياسة، لكن بوسائل أخرى، حسب كارل فون كلوزفيتز. والحرب تُخاض لأهداف سياسية بحتة، شرط أن تكون هذه الأهداف قابلة للتحقيق. والعكس قد يعني أن استراتيجيّة الحرب المرسومة سوف تناقض طبيعتها. فاستراتيجيّة الحرب بشكل عام، هي تلك الطريقة (الكيف في التنفيذ) التي تربط الأهداف بالوسائل، شرط التوازن بين الاثنتين.
أن تدخل الحرب بثقة زائدة، متجاهلاً الكثير والكثير من متطلّبات النجاح، لهو أمر قاتل. وأن تدخل الحرب ومفتاح نجاحها بيد الأعداء، لهو أمر يعكس السطحيّة الاستراتيجيّة للمخطّطين. لكن المصيبة تكمن، بالثمن المدفوع لأي تعثّر. فمن يرِدْ أن يكون قوّة عظمى فعليه تجميع عناصر القوّة لمشروعه.
وإذا تعذّر ذلك، فعليه ابتكار استراتيجيّة فريدة من نوعها، تجمع «القوّة الطريّة» مع القوّة الصلبة، بهدف التعويض عن أيّ نقص من عناصر القوّة.

فشل منظومة بوتين
لردع الغرب!
لم يستطع الرئيس بوتين وبعد سنة على عمليته العسكريّة في أوكرانيا، تركيب منظومة ردعيّة فاعلة وقادرة على تسهيل حربه. بكلام آخر، لم تنفع استراتيجيّته والمُسمّاة استراتيجيّة الرجل المجنون (Mad Man Theory)، في ردع الغرب. فهو أراد حماية حربه التقليديّة بمظلّته النوويّة، مُظهراً نفسه لاعباً غير عقلانيّ (Irrational). فمن التهديد النوويّ المتكرّر من قبله، ومن قبل الرئيس الروسي السابق ميدفيديف، إلى وزير الخارجيّة سيرغي لافروف. كان ردّ الغرب عبر اتباع استراتيجيّة القضم المُتدرّج لخطوط بوتين الحمراء.
وللتذكير فقط، استعمل الرئيس الأميركي الراحل ريتشارد نيكسون، وبالتعاون والتنسيق مع هنري كيسنجر، استراتيجيّة الرجل المجنون في حربه على فيتنام. فصوّر نيكسون نفسه آنذاك على أنه لاعب غير عقلاني قد يذهب إلى استعمال النووي في حال لم تلبَّ مطالبه، وذلك مقابل حركيّة كيسنجر العقلانيّة لإيجاد مخرج من مستنقع فيتنام.

من يريد كلّ شيء، قد
لا يحصل على شيء
وضع الرئيس بوتين لنفسه أهدافاً تعجيزيّة. من طلبه عودة وضع حلف «الناتو» إلى منتصف التسعينات، إلى إلغاء الدولة الأوكرانيّة، وضمّها إلى روسيا على أنها جزء لا يتجزّأ من مناطق النفوذ الروسيّ، إلى قيادة الانتفاضة العالميّة ضد الإمبرياليّة الأميركيّة، إلى رسم نظام عالميّ جديد تكون فيه روسيا لاعباً كونيّاً وقوّة عظمى على غرار أميركا والصين. كلّ ذلك، باقتصاد ودخل قوميّ يوازي الدخل القومي لمدينة نيويورك. كل ذلك مع تصنيع حربيّ متواضع، يعود أغلبه إلى أيام الاتحاد السوفياتيّ، ودون تصنيع محلّي للشرائح الذكيّة، التي تعد حيويّة لتشغيل أسلحة القرن الحادي والعشرين. كل ذلك مع جيش أغلبه من الأقليات التي تعيش في المناطق النائية وعلى هامش حياة الشعب الروسي في المدن الرئيسّية. جيش لا يحسن القتال المشترك للأسلحة (Combined). جيش مؤلّف من عدّة جيوش، منها الجيش الروسيّ الرسمي، إلى الفرق الشيشانيّة، وحتى شركة «فاغنر» الخاصة. حتى إن هذه الجيوش لا يقاتل بعضها مع بعض، وهي ليست على وفاق، لا بل تتصارع علناً، إن كان حول الاستراتيجيات العسكريّة، أو حتى في طريقة إدارة الحرب. جيش لم يخطط للسيناريو السيّئ، فوقع في فخ الرضا المسبق عن الذات.
بوتين الحائر
بين الاستراتيجيّة والتكتيك
في المرحلة الأولى للحرب حول كييف، خسر بوتين في الاستراتيجيّة والتكتيك. غيّر الاستراتيجيّة وتوجّه نحو إقليم الدونباس فحقق نجاحات تكتيكيّة، لكنها لم تُصَب وتتراكم لتؤمّن النجاحات الاستراتيجيّة.
بعد الدونباس، خسر الرئيس بوتين التكتيك في إقليم خاركيف، كما أجبر على الانسحاب من مدينة خيرسون. وبذلك، تراكمت الخسائر التكتيكيّة والاستراتيجيّة على كتف الرئيس بوتين لتعيده إلى مربّع الخسارة الأول حول العاصمة كييف.

التقييدات على سلوك بوتين
في المرحلة المقبلة
• لا يمكن للرئيس بوتين أن يخسر مرّتين متتاليتين في أوكرانيا.
• فالخسارة تعني بالحدّ الأدنى الإطاحة به سياسياً، حتى ولو لم تتظهّر معارضة داخلية حتى الآن.
• تاريخيّاً، لا مكان للضعفاء في الكرملين. فكلمة الكرملين وهي من أصل تتريّ، تعني القلعة المُحصّنة. وكلّما كان هناك تعثّر عسكريّ روسي في الخارج، كان التغيير السياسي في الداخل النمط المعتاد.
• لا بد للرئيس بوتين من تقديم نصر عسكريّ للداخل الروسي، حتى لو كان محدوداً. وقد يكون هذا النصر في إقليم الدونباس أولاً، وفي إقليم زابوريجيا ثانياً. فهو قد ضمّ هذين الإقليمين إلى جانب إقليم خيرسون.
• لكن السيطرة على الأقاليم الثلاثة: الدونباس وزابوريجيا وخيرسون، بأكملها، ليس بالأمر السهل، وذلك استناداً إلى التجارب السابقة مع الجيش الروسيّ. فعلى سبيل المثال لا الحصر، لم يستطع الجيش الروسي، و«فاغنر» إسقاط مدينة بخموت حتى الآن، وبعد مرور أكثر من سبعة أشهر على العمليّة العسكريّة حولها.

المنتظر من بوتين
• بدل النوعيّة أغرق الرئيس بوتين الجبهات بالكميّة، خصوصاً من العسكر الجديد. ألم يقل الزعيم السوفياتي الراحل جوزيف ستالين: «إن للكميّة نوعيّة بحد ذاتها؟»، وبذلك يحاول بوتين اختبار جاهزيّة الانتشار الأوكراني على طول الجبهة لرصد نقاط الضعف.
• تقول المعلومات إن الجيش الروسي قد حشد كثيراً من الطائرات الحربيّة والطوافات على حدود أوكرانيا استعداداً لاستعمالها في المعركة المقبلة، خصوصاً أن جاهزيّة السلاح الجويّ الروسي تتجاوز نسبة 80 في المائة.
• كما تقول المعلومات إن التجمعات العسكريّة بدأت تظهر داخل الأراضي الروسيّة خصوصاً في مدينة كورسك، التي تقع خارج مدى راجمات «الهايمرس».
• يحاول الرئيس بوتين استرداد زمام المبادرة من يد الجيش الأوكراني، وذلك استباقاً لوصول المساعدات الغربيّة، خصوصاً الدفاعات الجويّة ودبابات القتال الرئيسيّة.
• وأخيراً وليس آخراً، قد يحاول الرئيس بوتين زرع الفوضى في المحيط الجغرافي لأوكرانيا، إن كان في مولدوفا، أو انطلاقاً من إقليم كاليننغراد الروسي والواقع على بحر البلطيق. هذا عدا إمكانيّة ضرب خطوط الإمداد لأوكرانيا على ثلاثة ممرات بريّة؛ تمرّ عبر كل من: سلوفاكيا ورومانيا وبولندا.
في الختام، هذه هي صورة الجبهّة الروسيّة. لكن رقصة «التانغو» بحاجة إلى شخصين كي تكتمل. فكيف ستكون عليه الجاهزيّة الأوكرانيّة؟ خصوصاً أننا عاينّا في هذه الحرب نماذج الحرب من العصر الزراعي، كما من العصر الصناعي، ودون شكّ من العصر التكنولوجيّ.
بعد عام على الحرب... هل باتت روسيا أكثر أمناً؟
مستقبل الحرب... واحتمالات توسعها وخروجها عن السيطرة
كيف أساءت روسيا تقدير موقف ألمانيا؟
أوروبا... تساؤلات حول مآلات الدعم لأوكرانيا
الأزمة... والدور «المشلول» لمجلس الأمن