تصاعدت الدعوات الغربية إلى «رد قوي»، إثر تقارير حول هجوم كيماوي في مدينة دوما وُجهت أصابع الاتهام فيه لدمشق. وحذرت واشنطن، قبل ساعات من انعقاد مجلس الأمن للبحث في المسألة، من أنها لن تستبعد أي خيار.
وبالتزامن مع ذلك، اتهمت دمشق وموسكو، الاثنين، إسرائيل، بشن ضربات جوية ضد قاعدة عسكرية سورية في وسط البلاد، موقعة عدداً من القتلى والجرحى.
ومنذ مساء السبت، يتوالى التنديد الدولي بالهجوم المفترض بـ«الغازات السامة» على مدينة دوما، آخر جيب للفصائل المعارضة في الغوطة الشرقية قرب دمشق، بعد أن وجه مسعفون ومعارضون أصابع الاتهام لدمشق، متحدثين عن عشرات القتلى ومئات الجرحى.
وقال وزير الدفاع الأميركي جيم ماتيس الاثنين: «أولاً يجب أن نعرف لماذا لا تزال هناك أسلحة كيميائية مستخدمة، في حين كانت روسيا الضامنة لإزالة جميع الأسلحة الكيميائية» في سوريا، مضيفاً: «بالتعاون مع حلفائنا وشركائنا (....) سنعالج هذه المسألة... ولا أستبعد أي شيء حالياً».
وكان الرئيسان الأميركي دونالد ترمب والفرنسي إيمانويل ماكرون، وفق بيان للبيت الأبيض، اتفقا على «تنسيق استجابة قوية ومشتركة»، وأكدا «على وجوب محاسبة نظام الأسد على انتهاكاته المستمرة لحقوق الإنسان».
وشدد وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون، الاثنين، على «الضرورة الملحة للتحقيق فيما حصل في دوما، والتثبت من تأمين رد دولي قوي وشديد»، داعياً إلى وضع «كل الخيارات على الطاولة» خلال اجتماع لمجلس الأمن الدولي الاثنين.
وقالت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي «في حال ثبتت مسؤوليتهم، فإن النظام (السوري) وداعميه، وبينهم روسيا، يجب أن يحاسبوا».
في المقابل، حذرت موسكو من «خطورة» الاتهامات قبل التأكد منها، ومن تدخل عسكري ضد حليفتها دمشق.
وقال المتحدث باسم الكرملين الاثنين «لم يُجر أي تحقيق حتى الساعة. من دون التحقق، من دون تحقيق، إعلان خلاصات ليس أمراً صائباً»، مضيفاً: «من دون معلومات، هذا الأمر خطير».
وأعلنت منظمة حظر الأسلحة الكيماوية التابعة للأمم المتحدة، بدء تحقيق. وقال المتحدث باسمها أحمد أوزومجو إن المنظمة «أجرت تحليلات أولية للتقارير عن استخدام أسلحة كيماوية فور ورودها»، والعمل جارٍ لـ«التثبت مما إذا كانت أسلحة كيماوية استخدمت فعلاً».
وتم إرجاء الاجتماع الطارئ، الذي سيعقده مجلس الأمن الدولي حول الوضع في سوريا حتى الساعة 3.00 مساء (19.00 ت غ)، بحسب ما ذكر دبلوماسي فرنسي. وطلبت تسع من دول المجلس الـ15 عقد الاجتماع.
وتأتي التطورات الأخيرة بعد مرور عام على ضربة أميركية استهدفت قاعدة عسكرية في وسط سوريا، رداً على هجوم كيميائي اتهمت الأمم المتحدة قوات النظام بتنفيذه، وأودى بالعشرات في شمال غربي البلاد.
وتنفي دمشق تنفيذ أي هجمات بالغازات السامة، مؤكدة أنها دمّرت ترسانتها الكيميائية في العام 2013 إثر اتفاق روسي - أميركي، وبعد هجوم قرب دمشق أودى بحياة العشرات.
وتكرر منذ مطلع العام ظهور عوارض اختناق وضيق تنفس، تحديداً في الغوطة الشرقية، خلال هجوم عسكري للجيش السوري. وهددت واشنطن وباريس مراراً بشن ضربات إذا توافرت «أدلة دامغة» على استخدام سلاح كيميائي.
وأعرب الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، الاثنين، عن «قلقه»، لنظيره الروسي فلاديمير بوتين، بعدما كانت أنقرة تحدثت عن «شبهات قوية» بأن قوات النظام نفذت الهجوم.
وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان عن «21 حالة وفاة السبت جراء الاختناق وإصابة 70 آخرين» في مدينة دوما، آخر جيب توجد فيه الفصائل المعارضة في الغوطة الشرقية قرب دمشق، من دون أن «يؤكد أو ينفي» استخدام الغازات السامة. لكن منظمة «الخوذ البيضاء» (الدفاع المدني في مناطق سيطرة الفصائل)، تحدثت عن 48 قتيلاً، متهمة القوات الحكومية باستخدام «غازات سامة».
ونشرت المنظمة على «تويتر» صوراً قالت إنها للضحايا تظهر جثثاً مجمعة في غرفة، بينها جثث أطفال يبدو زبد أبيض خارجاً من أفواه بعضها.
وقال فراس الدومي من «الخوذ البيضاء» لوكالة الصحافة الفرنسية عبر الهاتف «كان المشهد مروعاً، الكثيرون يختنقون، أعداد كبيرة جداً».
وأتى ذلك بالتزامن مع تصعيد عسكري على مدينة دوما للضغط على فصيل «جيش السلام» المسيطر عليها للموافقة على إخلاء المدينة. وقتل خلال يومين في قصف عنيف على دوما أكثر من مائة شخص. ثم أعلنت دمشق اتفاقاً لإجلاء المقاتلين المعارضين ومدنيين من المدينة.
وتتواصل عملية الإجلاء منذ مساء الأحد، ومن المفترض، بحسب موسكو، خروج نحو ثمانية آلاف مقاتل و40 ألف مدني.
وفي وقت تتوجه الأنظار إلى احتمال حصول عمل عسكري أميركي في سوريا، تعرضت قاعدة عسكرية في وسط سوريا لقصف جوي سرت شكوك في البداية بأنه قد يكون أميركياً أو فرنسياً.
لكن واشنطن وباريس أكدتا أنهما لم تقوما بأي عمل عسكري في سوريا. ثم اتهمت دمشق وموسكو، إسرائيل، باستهداف مطار التيفور العسكري في محافظة حمص.
واعتبر لافروف الضربة الإسرائيلية «تطوراً خطيراً جداً».
وقالت وزارة الخارجية السورية، في بيان، إن «استمرار إسرائيل في نهجها العدواني الخطير ما كان ليتم لولا الدعم اللامحدود والمستمر الذي تقدمه لها الإدارة الأميركية والحصانة التي توفرها لها من المساءلة، والتي تمكنها من الاستمرار في ممارسة إرهاب الدولة وتهديد السلم والأمن في المنطقة والعالم».
واعتبرت أن «الاعتداء هذا ما كان ليحدث لولا الضوء الأخضر الأميركي المبني على فبركات ومسرحيات عملائها التي لم تعد تنطلي على أحد»، في إشارة إلى التقارير عن الهجوم الكيميائي.
وبالإضافة للجيش السوري، يوجد عسكريون روس ومقاتلون إيرانيون، ومن «حزب الله» اللبناني في القاعدة العسكرية، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وأفاد المرصد بـ14 قتيلاً من قوات النظام والمسلحين الموالين لها في الضربة، «بينهم ثلاثة ضباط سوريين ومقاتلون إيرانيون».
تصاعد الدعوات الغربية لمعاقبة دمشق... «منظمة الحظر» تبحث عن أدلة
تصاعد الدعوات الغربية لمعاقبة دمشق... «منظمة الحظر» تبحث عن أدلة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة