طعام الشوارع أو Street Food ولو أن التسمية ليست جذابة بلغتنا العربية، فهي تسمية لا إساءة فيها للأكل بحد عينه إنما هي ترجمة حرفية لأن المأكولات تباع في الشارع وعلى الأرصفة بدلا من المطاعم.
وهذه الفكرة ليست بجديدة ولكن موضة العصر فيما يتعلق بنظرة الناس للطعام في أيامنا هذه هي ما جعلته يعيش فترته الزمنية الذهبية نسبة لتسليط الضوء عليه مما شجع من يقف وراء الأكشاك إلى تحسين النوعية لا بل إن هناك نسبة كبيرة من كبار الطهاة المحترفين تخلوا عن المطاعم من أجل عيون الشارع، بعدما أصبحت الإيجارات عالية جدا وسقف المدفوعات لا يتحمله إلا الشركات الكبرى ولا تعتبر عبئا على الطهاة والأفراد.
وبما أن طعام الشوارع أصبح يضاهي طعام المطاعم، فحدثت الحرب المنتظرة بين أصحاب المطاعم وأصحاب الأكشاك في الشوارع، خاصة تلك التي تبيع المنتجات الجيدة على عتبات المطاعم وتضاهيها في السعر والنوعية وحتى الفوائد الصحية لا سيما بعدما بينت دراسة في إحدى الجامعات في أميركا أن مأكولات الشارع صحية أكثر من تلك التي تقدم في المطاعم لأنها تحتوي على سعرات حرارية أقل وتقدم بكمية محدودة.
حرب الطعام محتدمة حاليا، فهناك تسجيل لحوادث كثيرة قديمة وجديدة، ففي عام 1980 خسر عدد من الناس أرواحهم في غلاسكو بسبب تلك المنافسة الشرسة بسبب بائعي «الآيس كريم»، واليوم أيضا تسجل عدة حوادث ما بين أصحاب المطاعم والشوارع، ففي مدينة لانكاشير في بريطانيا سجلت حادثة بسبب المثلجات أو «الآيس كريم» أيضا وكانت النتيجة فقدان صاحب الكشك في الشارع أعصابه بعد تهديدات مطعم قريب منه عدة مرات فقام بضرب واجهة المطعم بإطار سيارة معدنية مما استدعى تدخل الشرطة.
في لندن، هناك إقبال غير مسبوق على مأكولات الشوارع لأنها تجذب العاملين في المكاتب والسياح، كما أن اختيار عناوين الأسواق المفتوحة لم يعد عشوائيا فهو يستهدف الفئات التي ذكرناها، في أماكن تكثر فيها المكاتب خاصة في الوسط المالي للمدينة وفي الأماكن التي يرتادها الشباب مثل منطقة «شورديتش» وشارع «بريك لاين» في شرق لندن، بالإضافة إلى مناطق كانت في الماضي تعتبر فقيرة مثل «بريكستون» التي أصبحت اليوم من بين أكثر المناطق جذبا للسياح الذواقة الباحثين عن المأكولات الإثنية بأسعار جيدة، من دون أن ننسى سوق «كامدن تاون» و«بورو ماركت».
وبما أننا تكلمنا عن الأسعار، فلا بد من الإشارة إلى أن سعر طعام الشوارع لم يعد رخيصا مثلما كان في الماضي ولكن يبقى أرخص بكثير من الأكل في المطعم، والنوعية والتفنن بهذه النوعية من الطعام هي سبب إثارة حفيظة أصحاب المطاعم الذين يتوجب عليهم إنفاق الكثير على الموظفين.
الحرب الجارية هي أيضا بسبب دعم البلديات لأصحاب الأكشاك لأنها ترى مصلحة قوية لها في جذب الزوار بسبب ما تقدمه تلك البسطات التي تنافس المطاعم من ناحية النوعية أيضا.
ويطالب اليوم أصحاب المطاعم بتضييق الخناق على القائمين على البسطات من خلال فرض رسوم أعلى على البسطات للحفاظ على أعمالهم، ولكن ولسوء الحظ فنسبة إغلاق المطاعم كبيرة جدا، في حين الأسواق المتخصصة بالأكل تأخذ في التوسع تماما مثلما حصل أخيرا مع سوق «سبيتالفيلدز» الذي خضع لعملية تجديد كبرى ليصبح اليوم من أهم المقاصف الغذائية والترفيهية في لندن، وعندما تزور السوق ستشعر بالأجواء التنافسية ما بين المطاعم والبسطات، ولكن البلدية في شرق لندن استطاعت حل النزاع من خلال حصر ساعات عمل أصحاب أكشاك أكل الشارع وفتح المجال أمام المطاعم لجذب الذواقة في فترات مختلفة.
حرب المطاعم والبسطات احتدمت في الشوارع
حرب المطاعم والبسطات احتدمت في الشوارع
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة