أفادت نتائج دراسة أميركية جديدة للباحثين من «مايو كلينك» بأن هناك ارتفاعاً فعلياً في معدلات الإصابة بحصاة الكلى خلال العقود الثلاثة الماضية. ووفق ما تم نشره ضمن عدد فبراير (شباط) من مجلة «محاضر مايو كلينك» (Journal Mayo Clinic Proceedings) للتطورات الطبية، أظهرت نتائج الدراسة الجديدة أن معدلات الإصابة بحصاة الكلى ارتفعت بمقدار أربعة أضعاف فيما بين النساء، وارتفعت بمعدل الضعف بين الرجال في الولايات المتحدة.
تضاعف الإصابات
كما أظهرت نتائج الدراسة أن الإصابات بحصاة الكلى بين الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم ما بين 19 و39 سنة قد ارتفعت بنسبة تتجاوز أربعة أضعاف، وهو الأمر اللافت للنظر، ما يعني أن فئة «صغار متوسطي العمر» أصبحوا عُرضة بشكل أكبر للإصابة بحصاة الكلى.
وتأتي نتائج هذه الدراسة لتعزز نتائج عدد من الدراسات الطبية السابقة، ومنها دراسة باحثين من ولاية كارولينا الشمالية، التي تم نشرها في عدد صيف عام 2010 لمجلة مراجعات في علم أمراض الجهاز البولي (Reviews in Urology). وفيها أفاد الباحثون من جامعة «ويك فوريست بونستن - سالم» بأن المراجعات العلمية لمجمل الدراسات التي تمت في مناطق متفرقة من العالم تفيد بأن ثمة تزايداً في وتيرة الإصابات بحصاة الكلى في كافة مناطق العالم.
وكان الباحثون قد جمعوا مجمل الدراسات الطبية التي تناولت موضوع انتشار حصاة الكلى في 20 دولة بالقارة الأميركية وآسيا وأفريقيا وأوروبا، وقال الباحثون: «مجموعة الأدلة العلمية تشير إلى أن الإصابات بحصاة الكلى تنتشر بشكل متزايد على الصعيد العالمي، وقد تكون التغيرات في الممارسات الغذائية سبباً رئيسياً في هذا الارتفاع للإصابات بحصاة الكلى، وربما أيضاً يكون للاحتباس الحراري العالمي دور في هذا الأمر». وفي الدراسة الأميركية الجديدة، تعاون باحثون طبيون من عدة أقسام في «مايو كلينك» في إجراء متابعة مدى التطور في معدلات الإصابة بحصاة الكلى، ومدى التغيرات في الأعراض التي يشكو منها مرضى حصاة الكلى، وبأي مظاهر مرضية تبدو عليهم تلك الإصابة، وتدفعهم إلى اللجوء للمستشفيات، وكان عنوان الدراسة «التغيرات في معدلات الإصابة ومظاهر أعراض حصاة الكلى خلال العقود الثلاثة الماضية».
حالات صامتة
وقال الباحثون: «وقد زادت حالات حصاة الكلى التي تتسبب بأعراض يشكو منها المُصاب، وأيضاً زادت حالات حصاة الكلى الصامتة (Asymptomatic Kidney Stones)»، أي التي لا يشعر بها المُصاب، ولا تتسبب له بأي أعراض مرضية يشكو منها، ويتم اكتشافها بطريق الصدفة. وقال البروفسور جون ليسك، الباحث الرئيس في الدراسة وأستاذ الطب الباطني في «مايو كلينيك بروتشستر» في ولاية مينيسوتا، «ما نراه هو مزيج من الأمور المثيرة للاهتمام، وبالتأكيد حصل ارتفاع في حالات حصاة الكلى لدى كل من الرجال والنساء»، وأضاف معلقاً على الزيادة الكبيرة فيما بين النساء كما تقدم، بقول ما مفاده أن صافي الزيادة كان متشابهاً فيما بين الرجال والنساء، ولكن في السابق كانت معدلات إصابة النساء أقل مما هي لدى الرجال.
واستطرد بالقول: «حصاة الكلى أحد الأمراض الشائعة نسبياً، ونحو 10 في المائة من الناس عُرضة للإصابة بها في مرحلة ما من حياتهم، وهي تتكون بسبب تبلور كتل صغيرة من المواد الصلبة داخل الكلى أو الحالب أو المثانة، وذلك تحت تأثير عوامل بيئية وجينية وراثية شتى». وأضاف أن للوراثة دوراً مهماً في الأمر، ووجود كمية كبيرة من الكالسيوم في سائل البول هو بلا شك عامل مهم لدى كثير من مرضى حصاة الكلى، ومن هنا يأتي دور عوامل أخرى مثل نوعية مكونات التغذية ومدى الحرص على شرب كميات كافية من السوائل.
حصى الكلى
وحصوات الكلى تبدأ ككتل صلبة صغيرة الحجم، ومع مرور الوقت واستمرار الظروف التي أدت إلى نشوئها بالأصل، تصبح عرضة للزيادة في الحجم. وتحتوي حصاة الكلى مزيجاً من معادن وأملاح حمضية. وثمة عدة أسباب لنشوء حصاة الكلى، ولكن في الغالب تتكون الحصاة حينما يرتفع تركيز بعض أنواع المعادن والأملاح والمركبات الكيميائية في سائل البول، مثل الكالسيوم وحمض اليوريك ومادة أوكساليت، وهي التي تكون عادة موجودة بهيئة ذائبة في سائل البول، ولكن ارتفاع نسبة وجودها في سائل البول يعطي فرصة أكبر لأن تتشكل منها بلورات صلبة وغير ذائبة، وما تلبث تلك البلورات أن تلتصق مع بعضها البعض، الأمر الذي يُؤدي إلى بدء تكوين ما يُعرف بـ«نواة الحصاة».
ثم يكبر تدريجياً حجم تلك النواة الصلبة بفعل عاملين رئيسيين. العامل الأول هو استمرار وجود التركيزات العالية لتلك المعادن والأملاح والمركبات الكيميائية في سائل البول، ما يعني زيادة نشاط عملية تراكم التصاق البلورات. والعامل الثاني هو عدم توفر كميات كافية من المواد التي وظيفتها منع تكوين الحصاة، ما يكون محصلته في نهاية الأمر أن تتهيأ الفرصة لتكوين حصاة الكلى وزيادة حجمها. وقد تؤدي عوامل أخرى أدواراً في المساعدة على زيادة حجم حصاة الكلى، مثل الالتهابات الميكروبية في المجاري البولية.
ووجود حصاة في الكلية نفسها، قد يتسبب بالألم، أو قد لا يتسبب به. ولكن غالباً ما يحصل ألم حصاة الكلى عند تحركها وخروجها من الكلية، ودخولها إلى أنبوب الحالب الذي يُوصل البول من الكلية إلى المثانة. وحينها يشعر المصاب بالألم في أحد جانبي، أو خلفية، وسط الظهر، أي تحديداً في المنطقة التي تقع تحت الضلع الأخير للقفص الصدري من جهة الظهر، ثم ينتقل الألم نزولاً إلى منطقة أسفل البطن أو منطقة الأعضاء التناسلية. وألم خروج ومرور الحصاة عبر المجاري البولية، هو من نوع «ألم المغص». وألم المغص هو ألم يشتد ثم يهدأ، ثم يعود ليشتد ثم يهدأ، ويستمر إلى حين وصول الحصاة إلى المثانة. وعند وجود الحصاة في تجويف كيس المثانة قد يشعر المُصاب بألم أو قد لا يشعر. ثم مع خروج الحصاة من المثانة والمرور خلال مجرى الإحليل، يبدأ مغص ألم الحصاة مرة أخرى، ويستمر إلى حين خروج الحصاة مع البول إلى خارج الجسم خلال عملية التبول.
وقد تُرافق ألم مغص حصاة الكلى أعراض مرضية أخرى، مثل تغير لون البول إلى اللون الوردي أو الأحمر أو البني، نتيجة نزيف الدم من المجاري البولية خلال مرور الحصاة فيها، أو الشعور بالغثيان أو حصول القيء، أو ارتفاع حرارة الجسم وحصول الرعشة، ما قد يدل على وجود التهاب ميكروبي بسبب الحصاة، الأمر الذي يتطلب مراجعة الطبيب دون تأخير.
* استشارية في الباطنية