أصدر 59 فنانا ومثقفا إيرانيا يقيمون في دول مختلفة بيانا دعما للاحتجاجات الشعبية التي تشهدها إيران منذ أسبوع. ويؤكد الفنانون أن قطع الإنترنت وخطوط الهاتف حول إيران إلى بلد عسكري. كما یندد الفنانون بسلوك السلطة الإيرانية في قمع المظاهرات الشعبية وتعرض المتظاهرين للضرب واعتقال العشرات.
وذكر البيان أن «نحن الكتاب والموسیقیین والمخرجین والباحثین والفنانین إضافة إلى دعم المطالب المدنية والاجتماعية والاقتصادية نعلن دعمنا لمطالبهم الأساسية ونرفض أي قمع من قبل السلطة وخاصة اللجوء إلى العنف ونعلن تضامننا مع الشعب الإيراني».
وقال أحد الموقعين على البيان، الفنان شاهين نجفي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «ما نراه في إيران نتيجة طبيعية لصعود نظام مستبد في جميع مجالات حياة الشعب الإيراني».
وأشار نجفي إلى تفشي الفقر والبطالة والتصفيات الجسدية وإقصاء المثقفين والمعارضين من جميع المجالات وفرض الرقابة الجدية والقاسية على الفن في إيران وقال في هذا الصدد إن «إقصاء الفنانين والتيارات السياسية وتجاهل البيئة والتدخل في خصوصيات المواطنين، وكذلك الفساد الإداري الشديد في أجهزة الدولة وضعف الإدارة الاقتصادية وتدخل الحرس الثوري في الاقتصاد تسبب في صعود بعض حديثي النعمة والشرخ الطبقي الحاد في إيران».
كما انتقد نجفي السياسة الخارجية الإيرانية للنظام الإيراني و«المغامرة في إنفاق الأموال الإيرانية من أجل إقامة إمبراطورية إسلامية».
وأوضح نجفي أن «الشعب الإيراني في أي مجال من حياته يفتقر للتفاؤل والرؤية». وتابع أن «العجز الاقتصادي والسياسي أدى إلى سقوط المنظومة الأخلاقية للمجتمع الإيراني ونشر الإدمان والفحشاء والعصبية وساهم في تدمير روح الشباب والأسرة»، لافتا إلى أن «الشعب من دون أي دعم نزلوا إلى الشارع ببطونهم الجائعة وتلخص مطالبهم في هذا الشعار «الخبز والعمل والحرية».
وفي إشارة إلى استمرار الاحتجاجات في المدن التي تعد الأكثر تضررا من التراجع الاقتصادي، قال نجفي إن «الطبقة المسحوقة وفقراء إيران يهتفون بالموت لخامنئي ولكن رد خامنئي عليهم العنف والموت» مضيفا أن «أكثر من 20 شخصا قتلوا وأكثر من ألف شخص أصيبوا نتيجة صرخة حق رددها الشعب الإيراني».
ويواجه نجفي أحكاما تصل إلى الإعدام بسبب مواقفه السياسية المتمثلة في أعماله الفنية وصدرت فتاوى من مراجع في قم تجيز قتله في حين أن أعماله الفنية حظيت بشعبية واسعة بسبب حرصه على آخر تطورات المجتمع الإيراني.
ويوظف نجفي خلال الأيام الماضية شعبيته الواسعة بين الشباب الإيراني عبر حساباته في شبكات التواصل الاجتماعي لنشر مواد تشجع الشباب للانخراط في الحراك السلمي والابتعاد عن الأساليب العنيفة عبر نشر مقاطع ومواد منشورة توضح أساليب المقاومة المدنية لعنف السلطات.
وعن دافعه يقول نجفي إن الشعب الإيراني «لا يريد هذا النظام بعد الآن وإنهم عازمون على الحرب من أجل الحرية والديمقراطية» وتابع أن «النظام الإيراني أمامه طريق واحد وهو الخضوع لمطالب المحتجين».
في طهران أعلن أبرز وجوه المجتمع المدني محمد ملكي في رسالة موجهة للمحتجين أن النظام «القائم على أساس الظلم والسرقة سيسقط عاجلا أم آجلا».
وشملت رسالته إلى المحتجين سبعة محاور بما فيها إقامة استفتاء عام على طبيعة النظام بإشراف دولي وانتخاب النظام السياسي المطلوب للشعب معتبرا ذلك المطلب النهائي للشعب الإيراني.
وطالب ملكي المحتجين «التصدي لنفوذ من وصفهم بالانتهازيين والمحرضين على العنف المندسين من جانب الحكومة» إضافة إلى التصدي للمخربين والابتعاد عن العنف.
كما أوصى المتظاهرين بتجاهل التصريحات «الخادعة وتظاهر» المسؤولين الإيرانيين كما طالب بحذف كلمة الموت من الشعارات التي اعتبرها «تراث النظام الولائي». كما طالب أن «يتعلموا من دروس الماضي والاستمرار في الحراك حتى النصر». كما نصح المحتجون باتباع طرق الاحتجاج المدني بما فيها الإضرابات لإجبار السلطات على التجاوب لمطالبهم.
من جانبها، وجهت نائبة رئيس مجمع مدافعي حقوق الإنسان في إيران والناشطة المدنية، نرجس محمدي في بيان السلطات الإيرانية مسؤولية دخول الاحتجاجات المدنية للمتظاهرين إلى مسار العنف. وشددت محمدي على ضرورة متابعة الحلول المدنية والسلمية للاحتجاجات الشعب.
كما طالبت البرلمان الإيراني برفض الميزانية التي قدمها رئيس الجمهورية حسن روحاني الشهر الماضي والتي تقضي برفع أسعار الخدمات وحذف المساعدات المالية عن نحو 40 مليوني إيراني.
ومن المفترض أن يصوت البرلمان هذا الشهر على ميزانية العام الإيراني الجديد الذي يبدأ منتصف مارس (آذار) المقبل.
وتقضي محمدي عقوبة بالسجن 16 عاما في سجن أفين على خليفة نشاطها في مجال حقوق الإنسان. وفي سياق متصل، واصلت أسرة المعتقلين في إيران الوقفة الاحتجاجية أمام سجن أفين لليوم الخامس على التوالي وطالبت الأسر برد من المسؤولين حول أوضاع أبنائهم المعتقلين.
وأشارت تقاریر إعلامیة إلى أن المعتقلين تراوحت أعمارهم بين 15 و25 عاما وقالت المحامية وناشطة حقوق الإنسان ليلى علي كرمي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «الدستور الإيراني يعترف بحق التظاهر السلمي» وأضافت: «من الحقوق الأساسية للمواطنين تقديم مطالبهم العامة من خلال المظاهرات والتجمعات. مسؤولية قوات الأمن الحفاظ على أمنهم بدلا من اعتبارهم أعداء واللجوء إلى القمع».
واعتبرت كرمي قمع الاحتجاجات بواسطة العنف «لا تؤدي إلا إلى توسع نطاق العنف». وأعربت عن اعتقادها بأن «البلد يواجه مخاطر كبير بسبب عدم تحمل المسؤولية الرد على مطالب الشعب».
وأضافت كرمي «من المؤسف أن الأيام الأخيرة شهدت مقتل واعتقال عدد من المواطنين. واللجوء إلى العنف يمثل استغلال فاضح لقوانين الجزاء الإسلامي». وأوضحت المحامية أن هناك قلقا كبيرا على مصير المعتقلين في المظاهرات الأخيرة.
ولفتت إلى أن «الأشخاص لم يرتكبوا جريمة واستفادوا من الحق الذي يقر به الدستور». وأشارت إلى تقرير حول معتقلين دون 18 عاما وطالبت بضرورة إطلاق سراحهم فورا كما شددت على ضرورة حق الدفاع عن المتهمين.
واعتبرت «احترام الحقوق المدنية المخرج الوحيد من الأزمة الراهنة في إيران».
وعن لجوء السلطات إلى السلاح قالت إن «الدستور الإيراني يسمح في حالات خاصة جدا استخدام السلاح» وفي إشارة إلى المادة الثالثة من قانون استخدام السلاح في إيران قالت إن «إطلاق الرصاص الحي لا يجيزه القانون».
ونقلت مؤسسة برومند لحقوق الإنسان عن مصادر مطلعة أن «ضباط سجن أفين يطالبون السجناء السياسيين بالمشاركة في مقابلات تلفزيونية لإدانة الاحتجاجات الشعبية وإعلان دعمهم للمرشد علي خامنئي والمسؤولين الآخرين. وذلك مقابل وعود بإطلاق سراحهم وإغراءات مالية وهو ما واجه رفض السجناء.
المجتمع المدني الإيراني يندد بقمع المتظاهرين
المجتمع المدني الإيراني يندد بقمع المتظاهرين
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة