بعد انتظار دام نحو سبعة أشهر خرج فيلم «حبة كاراميل» إلى النور وبدأ عرضه أمس، في صالات السينما اللبنانية. هذا العمل السينمائي الذي يأتي تكملة لمسلسل «كاراميل» (عرض في موسم رمضان الماضي)، يطرح قضايا اجتماعية كثيرة بقالب كوميدي خفيف، ساهم حضور باقة من الممثلين المعروفين والمشاركين فيه بجذب جمهور عريض يتوق إلى رسم الابتسامة على ثغره.
لا يحمل «حبة كاراميل» في حبكته جديداً؛ إذ إنه يرتكز على المعضلة نفسها التي واجهتها بطلته ماغي بوغصن (مايا) في المسلسل، عندما ابتلعت حبة كاراميل قلبت حياتها رأساً على عقب، حيث صار في استطاعتها قراءة أفكار الرجال. أما في الفيلم فحبة السكاكر ذاتها جاء مفعولها مشابهاً مع إجراء بعض التبديل فيه، حيث صارت (مايا) تقرأ ما يجول في رؤوس الأطفال الذين تلتقيهم هنا وهناك. وانطلاقاً من هذه العقدة تنطلق أحداث الفيلم ليمر القسم الأول منه بإيقاع بطيء تلونه بعض القفشات الكوميدية، ولينتقل في القسم الثاني منه إلى لبّ الموضوع، ألا وهو ظاهرة انتشار عمليات التجميل لدى النساء والبحث عن طريقة للحد منها تبتكرها بطلة الفيلم بين ليلة وضحاها.
غاب عن العمل وجوه عدة شاركوا في المسلسل ككارمن لبس، وبونيتا سعادة، وكارين سلامة، وأنطوان بلابان؛ كون أحداثه لا تتحمل توسيع بيكار شخصياته، كما أوضحت ماغي بوغصن في حديث سابق لها. في حين تم الاحتفاظ بشخصياته الأساسية، أمثال طلال الجردي، ومي صايغ، وجيسي عبدو، الذين جاء أداؤهم عادياً لا جديد فيه. وحده الممثل هشام حداد مقدم برنامج «لهون وبس» استطاع إحداث الفرق بأدائه الطريف وخفيف الظل فنشل الفيلم من غرقه في الرتابة. أما ماغي بوغصن المعروفة بتحقيقها نجاحات كثيرة في عالم الكوميديا في مجالي السينما والتلفزيون، فكانت لولب الفيلم بحركتها وديناميكيتها وأدائها الطبيعي، رغم انزلاقها في مشاهد قليلة في فخ التكرار. وكان لحضور النجم ظافر العابدين في العمل وقعه الإيجابي من ناحية أدائه الرصين والمختلف عن غيره من باقي الممثلين، حيث لم يستطع الخروج من عباءة أدائه الارستقراطي حتى في تلك المشاهد التي تنمّ عن إيقاع كوميدي تلقائي وغير مفتعل.
بالعودة إلى الرسائل الاجتماعية التي يحملها الفيلم المتعلقة بالإدمان على لعب الميسر وعلى سطحية التفكير لدى بعض النساء واختلاط المصالح الشخصية بتلك العامة لدى الناس وغيرها، إلا أن موضوع التهافت على إجراء عمليات التجميل لدى النساء أخذ الحيز الأكبر منها لا سيما أن أغنية الفيلم «كوني أنت» التي تؤديها بصوتها ماغي بوغصن ترجمت هذا الواقع واضعة حلاً بسيطاً لتفادي هذه الظاهرة من خلال الإبقاء على الطبيعية لدى المرأة وعدم المبالغة في تغيير شكلها لأن الأمر جعل غالبية النساء متشابهات لا لون ولا طعم ولا رائحة لديهن كي تتميزن عن غيرهن.
وفي هذا القسم من الفيلم ترتفع وتيرة أحداثه لتحمل ديناميكية في الحركة وفي الأفكار، ولتكرر سلسلة مواقف توعوية على الرغم من الانطباع الطريف الذي تتركه لدى المشاهد. فيتشرب هذا الأخير الرسالة الموجهة إليه بسلاسة، ومن دون الشعور بفرضها عليه أو بخدش أحاسيسه المتعلقة بشكله الخارجي، ولتحاكي الرجال مباشرة، لافتة انتباههم إلى ضرورة بدء التغيير من أنفسهم قبل طلبها من شريكتهم التي عليهم أن يتقبلوها على طبيعتها. في حين تخاطب النساء وتعزف على وترهن الحساس المتعلق بالثقة بالنفس التي لا بدّ أن يتحلَّين بها بدل الانصياع إلى رغبات الرجل والتخلي عن كيانهن من أجل إرضائهم فقط. وعلى الرغم من أن هذا الموضوع يتوجه بشكل مباشر إلى الأشخاص الناضجين إلا أنه نُفّذ وأُخرج ليأتي مناسباً أيضاً للأولاد الذين سيمضون لحظات مسلية ومضحكة خلاله من ناحية ويزوّدهم بقاعدة ذهبية تحفر في ذاكرتهم من ناحية ثانية.
كتب سيناريو فيلم «حبة كاراميل»، مازن طه، وأخرجه إيلي حبيب، في حين تعود عملية إنتاجه إلى شركة (إيغل فيلمز) لصاحبها جمال سنان المعروف عنه اهتمامه بالإنتاج الدرامي المحلي، والعمل على تشجيعها في عالمي السينما والتلفزيون.
يبقى القول إن «حبة كاراميل» تشكل هدية جميلة لجمهور السينما في لبنان بمناسبة الأعياد، ولا سيما الأطفال والأولاد منهم الذين ستخطفهم أحداثه المصورة بكادرات زاهية وقريبة إلى العين والقلب لنحو 90 دقيقة متتالية.
«حبة كاراميل»... قضايا اجتماعية في قالب كوميدي خفيف
فيلم يحمل رسالة مباشرة للمرأة اللاهثة وراء عمليات التجميل
«حبة كاراميل»... قضايا اجتماعية في قالب كوميدي خفيف
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة