شدّدت السعودية والولايات المتحدة، أمس، على أهمية عودة العراق إلى محيطه العربي، معتبرتين أن من شأن ذلك أن يوقف التأثير الإيراني الذي يسعى لزعزعة الاستقرار في المنطقة. وأكد الجانبان ضرورة أن يقف العراق مجدداً على قدميه عبر تعزيز التعاون والتنسيق مع دول الجوار، لا سيما بعد إعلان «مجلس التنسيق السعودي - العراقي». واعتبرا أنه آن الأوان أن يستعيد الشعب العراقي حياته ويأخذ بزمام المبادرة، خصوصاً في المناطق التي تم تحريرها من تنظيم داعش، وأنه يتعين على الميليشيات الإيرانية التي تحارب التنظيم في العراق، أن تعود إلى موطنها إذ لم يعد هناك مبرر لوجودها في العراق.
جاء ذلك خلال المؤتمر الصحافي المشترك الذي عقده وزير الخارجية السعودي عادل الجبير ونظيره الأميركي ريكس تيلرسون في الرياض، أمس. وأوضح الجبير أنه بحث مع نظيره الأميركي الأزمة القطرية، إلى جانب قضايا المنطقة بما فيها سوريا واليمن والخطر الإيراني ومواجهة الإرهاب والتطرف.
ورأى الجبير أن إنشاء «مجلس التنسيق السعودي - العراقي» يعد «خطوة تاريخية ستسهم في تعزيز العلاقات بين السعودية والعراق في كل المجالات عن طريق فرق العمل التي تم تأسيسها»، متطلعاً إلى مزيد من التعاون والتنسيق مستقبلاً. وأضاف: «السعودية والعراق لديهما روابط جغرافية واقتصادية واجتماعية، فضلاً عن علاقة الجوار القوية، ولدينا طموحات مشتركة، وكلانا دولة عربية، وهذا الأمر مهم، أن يكون لهاتين الدولتين النفوذ الأكبر في تحديد توجههما المستقبلي».
وأشار الجبير إلى أن العراق واجه الكثير من التحدّيات خلال العقود الماضية، وقد آن الأوان لاستعادة دوره في محيطه العربي. وقال: «لقد عاش العراق فترة تحت حكم حزب متطرف هو (البعث) وتعرض لأكثر من حرب، فضلاً عن الحرب التي شنها على الكويت، والآن بعد عقد من الزمن لا بد للعراق أن يستعيد ما فقده في الاقتصاد». وتابع «هناك أسر سعودية كثيرة كانت قد توجهت إلى العراق منذ تأسيس السعودية على يد الملك عبد العزيز رحمه الله، ويمكن أن نستفيد من هذه الأصول المشتركة التي تربط بين الدولتين، ونسعى من خلال هذا المجلس للعمل على بناء أفضل العلاقات التي من شأنها أن تمهد الطريق للمستقبل»، مشيراً إلى أن هذا العمل «سيتم بالتعاون مع الولايات المتحدة». وقال الجبير إن السعودية تتطلع «لتطوير علاقاتها (مع العراق) في مجالات عدة والارتقاء لمستويات أعلى، ونحسب أن هذا الأمر سيكون جزءاً من تاريخنا وطموحاتنا المشتركة».
وبشأن الأزمة القطرية، أكد الجبير أن الدول الأربع الداعمة لمكافحة الإرهاب تتشاور حالياً بشأن الخطوة المقبلة التي ستتخذها إزاء الأزمة، وسيُعلن عن ذلك في حينه. ولدى سؤاله حول القمة الخليجية المقرر إقامتها في الكويت في ديسمبر (كانون الأول) المقبل، وما إذا كانت السعودية والإمارات والبحرين ستحضرها في حال استمرار الأزمة مع قطر، قال الجبير إن «القمة مهمّة للسعودية والإمارات والبحرين ومهمة لكل مواطن في دول الخليج، والمشاورات قائمة الآن بين الدول فيما يتعلق بالخطوات القادمة وسيتم الإعلان عنها».
إلى ذلك، اعتبر تيلرسون تشكيل «مجلس التنسيق السعودي - العراقي» خطوة مهمة لتحقيق الاستقرار وتعزيز قدرة الحكومة العراقية على مقاومة أي تأثير خارجي قد تتعرض له، وقال: «أعتقد أن التعاون في مجلس التنسيق السعودي - العراقي يشكّل خطوة مهمة لإحداث الاستقرار ومن أجل مستقبل البلدين، وانتقال العراق نحو المستقبل، ونتطلع لحالة من الاستقرار المتطور وتعزيز قدرة الحكومة على مقاومة أي تأثير خارجي قد تتعرض له بحيث يكون بمقدورها الوقوف على قدميها، وهذا يتطلب تأهيل وتجديد تلك العلاقة التاريخية مع دول الجوار التي تعرضت لحالة من القطيعة في العقدين الماضيين».
وأردف: «مما لا شك فيه أننا نرغب في أن يصبح العراق قادراً على الوقوف على قدميه، ونسعى لبناء الاقتصاد العراقي والبنى التحتية إلى حد كبير، وفي هذا السياق نعمل على تعزيز الحركة الاقتصادية بشكل كامل، وكما قال الملك سلمان إن بمقدور العراق أن يقف على قدميه بنفسه، لكنه كان قد واجه بعض التحديات الخارجية مثل التأثير الإيراني». وشدد تيلرسون على ضرورة أن تعود الميليشيات الإيرانية التي كانت تحارب ضد «داعش» في العراق، إلى موطنها، إذ لم يعد هناك مبرر لوجودها في العراق.
واعتبر أن «الأمر الآن متروك للشعب العراقي لاستعادة زمام المبادرة بنفسه في المناطق التي تم تحريرها (من «داعش»)، والسماح للشعب العراقي أن يستعيد حياته ويبنيها بالتعاون مع دول الجوار، وهنا أتحدث عن مجلس التنسيق الذي يشكل أهمية كبيرة في هذا لمجال وتوطيد العراق وبقية الدول في الوطن العربي». وأوضح تيلرسون أن علاقة العراق بسُنته وشيعته والأكراد بمحيطه العربي مهمة جداً، إذ أصبح بمقدور العراقيين الشعور بحالة من التكامل مع دول الجوار لا سيما مع السعودية ودول الخليج، وقال: «هذه العلاقة ستكون جيده أيضاً للسعودية في سياق رؤيتها 2030، بحيث يتم تعزيز التعاون الاقتصادي».
ولفت وزير الخارجية الأميركي إلى أنه ناقش مع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وولي العهد الأمير محمد بن سلمان، سياسة الرئيس دونالد ترمب الجديدة إزاء إيران، مبيناً أن الملك سلمان عبّر عن تأييده القوي لتلك السياسة، بسبب ما أقدمت عليه إيران ممثلة في «الحرس الثوري» من سلوكيات في المنطقة تزعزع الأمن والاستقرار.
وعبّر تيلرسون عن أمله في أن تنضم الشركات الأوروبية لهذه السياسة، وهيكلة العقوبات التي من شأنها منع إيران و«الحرس الثوري» من العمل على زعزعة الاستقرار في المنطقة، ومنع تدمير المنطقة، على غرار ما قامت به في سوريا واليمن.
وفي رده على سؤال حول تصريحاته الأخيرة بشأن الأزمة القطرية، أكد تيلرسون أن الولايات المتحدة تهتم بطبيعة العلاقات القوية التي من شأنها أن تعمل على نزع فتيل النزاع مع قطر. وأضاف: «الولايات المتحدة تركّز على الحفاظ على علاقات طيبة من منظور أمني واقتصادي، هذا الأمر مهم بالنسبة إلى الدول كافة، كما قلت نأمل أن تنخرط الدول في حوار يتم من خلاله تبديد الخلافات التي نشأت فيما بينها وإعادة وحدة دول مجلس التعاون الخليجي الذي يعد مجلساً قويا ومتكاملاً في المنطقة، ونشجع على الحوار ونأمل في إيجاد السبل التي من شأنها تذليل الخلافات واستعادة ما كانت عليه دول الخليج قبل الخلاف».
تشديد سعودي ـ أميركي على عودة العراق إلى محيطه العربي لوقف التأثير الإيراني
الجبير يؤكد تشاور «الرباعي» حول الخطوة المقبلة مع قطر... وتيلرسون يدعو لمغادرة الميليشيات الإيرانية الأراضي العراقية
تشديد سعودي ـ أميركي على عودة العراق إلى محيطه العربي لوقف التأثير الإيراني
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة