خرجت إلى العلن الخطوط العريضة للإصلاح الضريبي في الولايات المتحدة الأميركية، الذي وعد به الرئيس دونالد ترمب أثناء حملته الانتخابية، وهو مصمم على تطبيقه، لأنه يشكل «حجر الزاوية في برنامجه الاقتصادي»، بحسب بيانات البيت الأبيض.
وفي التفاصيل، يقترح التعديل خفض النسبة القصوى من 39.6 في المائة إلى 35 في المائة، وخفض عدد الشرائح من 7 إلى 3 فقط، بحيث تكون نسب الضريبة حسب الشريحة المعنية 12 و25 و35 في المائة، وخفض نسبة الضرائب المفروضة على الشركات الصغيرة والفردية ورجال الأعمال المبادرين إلى 25 في المائة، وهذا يشمل 95 في المائة من إجمالي 25 مليون شركة في الولايات المتحدة، وإلغاء ضريبة التوريث والمطبقة حاليا على المبالغ من 5.5 مليون دولار وما فوق. والأهم من كل ذلك هو خفض ضريبة أرباح الشركات من 35 في المائة إلى 20 في المائة فقط، علما بأن الرئيس ترمب كان يرغب في خفض حتى 15 في المائة، لكن تبين أن ذلك قد يضر كثيرا الميزانية الفيدرالية.
وبين أهداف هذا الخفض الكبير لضرائب أرباح الشركات عودة جزء أو كل أرباح الشركات الأميركية العملاقة، التي تقدر بنحو 3 تريليونات دولار، موطنة حاليا في بلدان ضرائبها قليلة. إلى ذلك، هناك تخفيضات على الضرائب المقتطعة للولايات من الإيرادات الفيدرالية.
وأكدت مصادر متابعة أن «المحاولات حثيثة الآن لإقناع مزيد من الجمهوريين المعارضين - أو المترددين - لتأييد هذا الإصلاح، لأنه قد يفاقم عجز الموازنة، مع التركيز على عدم تكرار ما حصل مع إصلاح اقترحه الرئيس للرعاية الصحية والرامي إلى إلغاء ما يسمى برنامج (أوباماكير)، الذي تعثر مرتين لتعذر تحقيق الإجماع حوله. ويعول الرئيس كثيرا على الإصلاح الضريبي، معتبرا أنه استراتيجي وتاريخي، علما بأن آخر إصلاح شامل بهذا النوع والحجم يرقى إلى عام 1986، لكن هناك بعض التعقيدات، وبعض المصالح التي تتعارض، بالإضافة إلى نشوء مجموعات ضغط من هذا الجانب أو ذاك تتواجه حول القضية حتى لو كانت المنافع الممكن جنيها من هذا الإصلاح كبيرة». وتشير مصادر بعض المشاركين في إعداد المشروع إلى أن «الرئيس ترمب سيكثف طلاته وخطاباته في مدى الأشهر المقبلة للدفاع عن المشروع، بموازاة حوارات كثيفة متوقعة مع أعضاء في مجلسي النواب والشيوخ، لإقناعهم بهذا التبسيط الملح للنظام الضريبي الأميركي المشكو من علو نسبه ومن تعقيدات شرائحه الكثيرة. وسيركز الرئيس على المنافع التي ستجنيها الطبقة الوسطى من خفض الشرائح والنسب». ويذكر أن هذا المشروع خرج إلى النور بعد 8 أشهر من العمل عليه بين ترمب ومستشاريه الاقتصاديين ووزير الخزانة ورئيس كتلة الجمهوريين في الكونغرس. وهناك أمل في ضم عدد من الديمقراطيين إلى اتفاق ضرورة الإصلاح، لأن الإجماع الجمهوري قد يكون صعبا بعض الشيء في البداية كما حصل بشأن الرعاية الصحية.
ويصر مؤيدو المشروع على أن «هناك ضرورة لعودة الولايات المتحدة إلى صفوف الدول الصناعية الكبرى، خصوصا على صعيد ضريبة أرباح الشركات التي تعد باهظة حاليا عند 35 في المائة، مقارنة مع عدد لا بأس به من الدول الصناعية والغنية التي خفضت هذه النسبة إلى ما بين 12 و25 في المائة. ويرمي الرئيس ومعاونوه إلى تشجيع الشركات الأميركية التي باتت متعددة الجنسيات على العودة بأرباحها إلى الولايات المتحدة... لكن رأس حربة المشروع يستهدف تشجيع الاستثمار وتحفيز الاستهلاك، وهذا تحديدا ما يرغب فريق الرئيس بأن يتجمع حوله الجمهوريون كهدف صحيح وصائب، لأن النمو الاقتصادي المتوقع من هذا الإصلاح الجذري قد يصل إلى 6 في المائة. ونمو بهذه النسبة بفعل طفرة الاستثمارات وازدهار الاستهلاك سيسمح بتوليد المزيد من الإيرادات الضريبية التي ستسد النقص المتوقع في المدى القصير في هذه الإيرادات بسبب تخفيض الضرائب».
ويذكر أن نتائج استطلاعات الرأي الأولى التي ظهرت أمس لم تكن على قدر الطموح، إذ تبين فيها أن 28 في المائة فقط من عموم الأميركيين يوافقون على الإصلاح. لكن في جانب الناخبين الجمهوريين ترتفع النسبة إلى نحو 50 في المائة.
في المقابل، لا تعبأ الإدارة الأميركية بهذه النتائج، «لأن الحملة في بدايتها، ولن تترك إدارة الرئيس ترمب مناسبة إلا وتستغلها لمزيد من الشرح، مع التركيز على المنافع الجمة التي سيجنيها الاقتصاد عموماً، والطبقة الوسطى خصوصاً، لأنها ستستفيد من عدد من الحسومات والتخفيضات بحسابات تختلف كثيرا عن المعمول به حالياً».
وهناك تقديرات يركز عليها المؤيدون بأن الاقتصاد سيستفيد بنحو 10 تريليونات دولار في 10 سنوات، وبواقع نقطة نمو إضافية كل سنة، ونتاج ذلك 3 تريليونات دولار إيرادات ضريبية إضافية، أي أكثر من العجز على المدى القصير المقدر بنحو 1.5 تريليون دولار فقط. ويذكر أن المعارضين - لا سيما من السياسيين الديمقراطيين - يصوبون على المشروع من زاوية أنه «سيفاقم عجز الموازنة، وسيعطي الأغنياء هدايا أكثر من تلك التي يتمتعون بها، وأن استفادة الطبقات الفقيرة (شبه معدومة) من هذا الإصلاح. كما أن الخفض المزمع إجراؤه على الضريبة المقتطعة للولايات سيدفع بعض الولايات التي يحكمها ديمقراطيون إلى زيادة ضرائبها، وسترتفع نسبة الاستقطاع في ولايات ضرائبها عالية أساسا مثل نيويورك ونيوجرسي وميريلاند».
لكن المؤيدين يردون بأن نظرة المعارضين «قصيرة الأجل، ويجب النظر إلى المدى الطويل الذي ستأتي معه الإيجابيات تباعاً، لا سيما على صعيد الاستثمارات الإضافية التي ستخلق فرص عمل كثيرة، وهذا ما تنتظره الطبقات العمالية والفقيرة. كما أن الأغنياء لن يستفيدوا كما يروج اليساريون، لأن النظام الضريبي المعتمد الآن يدفع الشركات لا سيما الكبيرة منها إلى توطين بعض أعمالها، وبالتالي أرباحها، خارج البلاد».
إصلاح ضريبي أميركي «استراتيجي وتاريخي»
الأشمل والأكبر من نوعه منذ 1986
إصلاح ضريبي أميركي «استراتيجي وتاريخي»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة