ماذا يمكن للمرء أن يقول عن الآيفون الجديد في هذه المرحلة وبعد عقد كامل على إطلاق أول هاتف آيفون كانت له تأثيراته الكبيرة السلبية والإيجابية على هذا العالم؟ قد يكون من الصعب أن نطالب بأي إبداعات جديدة عندما نقيم الجهاز الجديد الذي ينشر الرعب والإعجاب في عالم التكنولوجيا.
تنطبق هذه المشكلة المزمنة أيضاً على جهازي الآيفون التقليديين الجديدين اللذين دخلا إلى السوق هذا العام، وهما الآيفون 8 والآيفون 8 بلاس، ويبدأ سعرهما من 699 دولارا وقد أطلقت عمليات بيعهما يوم الجمعة الماضي.
إصدارا «آيفون 8»
يبدو إصدارا الآيفون 8، 8 Plus iPhone مطابقين للإصدارات السابقة من آيفون 7، 6 إس، و6 الذي أطلق عندما كان لا يزال دونالد ترمب يستضيف برامج تلفزيون الواقع. ولتزداد الأمور سوءا، أصدرت الشركة جهازاً جديداً هو «آيفون إكس». (آيفون عشرة) وسعره 1000 دولار، طغى نجمه على إصداري آيفون 8 الجديدين. فقد اعتبرت الشركة أن إصدار «إكس» قاعدة جديداً ستنطلق منها التشكيلة الجديدة من أجهزة الآيفون. يبدأ شحن هذا الإصدار في نوفمبر (تشرين الثاني)، حتى إن النقاد لم يحظوا بفرصة تجربته بعد.
بعد نحو أسبوع على اختبار الآيفون 8 iPhone 8 وآيفون 8 بلاس 8 Plus iPhone، إليكم الخلاصة التي توصلت لها: يمثل هذان الهاتفان نسخة جديدة كلاسيكية، أو بمعنى آخر، النسخة الأفلاطونية المحدثة من أول آيفون أطلقته الشركة، والأخيرة قبل تقاعده الأبدي.
وفي حقيقة غير مفاجئة، يمكن القول إن الآيفون 8 وآيفون 8 بلاس هاتفان جيدان جداً. صحيح أن التحديثات التي أدخلت عليهما مقارنة بآيفون 7 وآيفون 7 بلاس متواضعة، إلا أنه وعند النظر إلى الإصدارات الأقدم للشركة، سيشعر المستهلك أن الآيفون 8 مختلف فعلاً. وفي حال كان ينتقل من استخدام هواتف آندرويد إلى آيفون، سيلاحظ أن الأخير يتفوق على الأول بعامل واحد، هو المسرع، أي المحرك الذي يشغل الجهاز، حيث تعتبر آبل متفوقة بأشواط وطرف في منافسة غير منصفة.
تقييم التصميم
ولكن لنبدأ بالأساسيات:
- لا يمكن الحديث عن تحسن كبير فيما يتعلق بشكل الآيفون 8 إذ يتميز الجهازان الجديدان بخلفية زجاجية، قد يظن المستهلك أنها ستجعل الهاتف أكثر حساسية، ولكنها في الواقع تضفي عليه بعض المرونة، وتجعله أقل عرضة للكوارث. (ولكنني شخصياً لن أتوقف عن استخدام الغطاء الخاص في آيفون 8، على الرغم من أنه يبدو جميلاً جداً من دونه).
كما تزود الزجاجة الخلفية الخاصة بآيفون 8 الهاتف بميزته المهمة الجديدة، وهي قابلية الشحن اللاسلكي. تعمل هذه التقنية في جميع الهواتف التي اعتمدت هذه الميزة من قبل. يكفي أن يضع المستهلك هاتفه على المنصة الخاصة ليبدأ الشحن، حتى في ظلّ وجود مختلف أنواع الأغطية الخلفية. كشفت شركة آبل أنها ستطلق منصتها الخاصة للشحن العام المقبل؛ أما في الوقت الراهن، فيمكن للمستهلك أن يستعمل أي منصة مصنعة في شركة طرق ثالث وتعمل بتقنية «كيو آي». اللاسلكية. (بشكل عام، لا تختلف خدمة البطارية في آيفون 8 كثيراً عن خدمة آيفون 7 أي أنها تدوم ليوم كامل في ظل الاستعمال العادي، ونصف يوم لدى الاستعمال المكثف، أي لم تصل إلى مستوى الخدمة المطلوب بعد).
شاشة متواضعة
- الشاشة في آيفون 8 و8 بلاس أفضل من شاشة آيفون 7، ولكن بدرجة طفيفة أيضاً. تفصيلاً، استخدمت آبل تقنية تعرف بـ«ترو تون» في تصنيع هواتفها الجديدة، وهي تقنية تتيح تعديل عرض اللون الأبيض تلقائياً بشكل يناسب الضوء المحيط. تضفي هذه التقنية حيوية خفيفة على كل ما يراه المستهلك، إلا أنني استطعت أن ألحظ هذه الميزة فقط عندما قارنت الهاتف جنباً إلى جنب مع الآيفون 7.
من ناحية أخرى، يمكن اعتبار أن العرض في آيفون 8 وآيفون 8 بلاس أقل جودة مقارنة بمنافسيه. إذ يستخدم إصدار الـ8 تقنية تعرف بـ«إل.سي.دي.»، في حين يستخدم منافسو آبل في سوق الهواتف الذكية القوية، ومن بينها سامسونغ، تقنية جديدة في صناعة الشاشة تعرف بالـ«أوليد». لن أدخل في تفاصيل الاختلافات، ولكن «أوليد» أفضل من سائر التقنيات، إذ إنها تظهر ألوانا أكثر إشراقة وبنسب تمايز لوني أعمق. ويبدو أن آبل أيضاً توافق على هذه النتيجة، إذ إنها استخدمت تقنية الـ«أوليد» في هاتفها الاستثنائي الجديد «آيفون إكس».
- الكاميرا في إصدار الـ8 من آيفون جيدة جداً، وهي سمة ثابتة في إصدارات الهواتف من آبل. حضر ابني حفلة عيد ميلاد في عطلة الأسبوع الفائتة، وقبل المغادرة إلى الحفل، قررت أن أخاطر، وتركت كاميرتي المتطورة في المنزل، واستخدمت الآيفون 8 بلاس في التصوير.
لا يمكنني أن أبالغ في قول إن الهاتف التقط صوراً بجودة الكاميرا الخاصة بي. ففي بعض المساحات المقفلة القليلة الضوء، تركت تقنية تخفيف الضجيج الخاصة بالهاتف بعض التموجات الباهتة في الصور التي التقطتها (تعتبر هذه المشكلة شائعة في هواتف آيفون).
ولكن هناك استثناء، إذ إن أغلبية الصور التي التقطها كانت رائعة. ونظراً لميزات الآيفون 8 كالحجم، وسهولة الاستخدام، أتوقع أنني سأستغني عن كاميرتي المتطورة أكثر في المستقبل. ولا بد أن أقول إنني أعجبت شديد الإعجاب بتقنية الإضاءة في صورة البورتريه الخاصة بآيفون 8 بلاس، التي تستعين ببيانات من جهاز استشعار عميق لمحاكاة تأثير خلفية «بوكيه» التي يحصل عليها المستهلك فقط عندما يلتقط صوراً بكاميرا متطورة وغالية الثمن. ظهرت هذه الميزة للمرة الأولى في هواتف آيفون 7 بلاس، وازدادت تطوراً في هواتف آيفون 8 بلاس لتسمح للمستهلك بتعديل الضوء في كل صورة، للحصول على بورتريهات تحبس الأنفاس وتصعب على الناس تصديق أنها صور هاتفية.
سرعة المعالج
ولكن أفضل ميزات آيفون 8 وآيفون 8 بلاس هي المعالج الذي يشغّل الهاتف. أول ما أفعله عادة عندما اشتري هاتف آيفون هو تحميل تطبيق مهم لأتعرف إلى حجم الطاقة التي أتعامل معها.
في السنوات الأخيرة، كانت هواتف آبل تسجل نتائج عالية في الاختبارات تجعل المستخدمين يتساءلون ما إذا كان الجهاز يعمل بالسحر الأسود. مثلاً، في «غيك بينش 4»، واحدة من أشهر التطبيقات المعروفة، يحصل هاتف آيفون على سرعة تشغيل تصل إلى نحو 4200. أي أنه يمنح سرعة أكبر بـ25 في المائة من هاتف آيفون 7، ونحو 80 في المائة من هاتف آيفون 6 أس.
إلا أن أسرع هواتف آندرويد، والتي تلي آيفون ولكن بفارق كبير في هذه الميزة، تسجل معدل سرعة عمل يصل إلى 1900، وهو سامسونغ غالاكسي إس 8 والذي لا يصل إلى نصف سرعة الآيفون 8 حتى إنه أقل سرعة من آيفون 7 الذي صدر العام الماضي، وأقل سرعة من آيفون 6 إس الذي صدر عام 2015 وتجدر الإشارة إلى أن سرعة عمل آيفون توازي سرعة بعض أجهزة الكومبيوتر التي تصنعها الشركات المنافسة، إذ إن سرعة الهاتف قد توازي سرعة الرقائق الموجودة في أحدث لابتوبات «ماك بوك برو».
تحدثت مع الكثير من المحللين المختصين بسرعة الأجهزة حول تفوق آبل في هذا المجال. وشرحوا لي أن هذه الشركة يمكنها أن تنتج هذه المعالجات لأنها تصممها بنفسها، في الوقت الذي يشتري فيه المنافسون المسرعات التي يستخدمونها في صناعاتهم من شركات طرف ثالث. إن كل ما قد يقوم به المستهلك عبر هاتف آيفون يتحسن عن طريق رقاقات أفضل تتميز باستجابة أكبر، وميزات غرافيكية متقدمة كالواقع المعزز، (التي تبدو فيها المشاهد الرقمية كالواقع)، لأنها تعمل بانسيابية أكبر، وتسمح بتقديم ميزات متطورة أكثر كتقنية التعرف إلى الوجه «البصمة» الموجودة في الآيفون إكس.
في حين يقول الخبراء إن تفوق آبل قد يتراجع مع الوقت، إلا أنه الآن على الأقل، سيحافظ على أدائه الاستثنائي الذي سيشجع الناس على اعتباره أفضل الأجهزة الإلكترونية.
* خدمة «نيويورك تايمز».