تشكيلية سودانية تختار الفن لمواجهة عنف الحرب

جانب من افتتاح المعرض
جانب من افتتاح المعرض
TT

تشكيلية سودانية تختار الفن لمواجهة عنف الحرب

جانب من افتتاح المعرض
جانب من افتتاح المعرض

بريشتها اختارت الفنانة التشكيلية السودانية فدوى سيد أحمد التعبير عن معاناة السودانيين الذين دمرت الحرب منازلهم وشردتهم وهجّرتهم. ومنذ 6 أشهر لم تغب الفنانة عن أي معرض فنّي يتناول تداعيات الحرب والدعوة للسلام، وهي تعمل مع العديد من التشكيليين السودانيين في رسم لوحات تجسد واقع السودانيين.

تعرّف فدوى سيد أحمد نفسها بأنها فنانة وتشكيلية بالوراثة، تقول: «اتخذت مسار الوالدة التشكيلية ماجدولين عثمان والوالد الفنان سيد أحمد محمود، تخرجت في كلية الفنون الجميلة جامعة السودان وحاصلة على دراسات عليا ومصممة ومدربة لمادة الفنون».

الفنانة التشكيلية فدوى سيد أحمد محمود

من وجهة نظر فدوى فإن الرسم وسيلة ناجعة لعلاج النفس والتفكير، مشيرة إلى أن اللوحة كالمرآة تعكس ما في الدواخل، تعبّر وتتحدث وتزيل كل التداعيات والصدمات والهموم النفسية.

وتميل فدوى إلى الرمزية الواقعية في رسوماتها، والرسالة داخل لوحاتها غير مباشرة، بل هي تدعوك لتقرأ وتفكر وتدير حواراً مع اللوحة نفسها، مظهرة لغة الجسد البصرية للإنسان أو للحيوان، وهي لغة قديمة في تاريخ البشرية وُجدت مع الإنسان الأول في رسومات الكهوف.

وتقول فدوى: «في هذا الوقت الحالي، في زمن الحرب أخذت رسوماتي شكل المفاجأة والقهر والغبن ورصدت قبحاً تستر عليه الساسة وسماسرة الأزمات».

لوحات تحكي حياة السودانيين في وقت الحرب

شاركت فدوى منذ اندلاع الحرب في 3 معارض تشكيلية بمدينة بورسودان في شرق السودان، فكان معرضها الأول بعنوان «نزوح الروح» مع الفنان التشكيلي عمر خليل إبراهيم. وكان عنوان معرضها الثاني «لون» بمشاركة 16 فناناً تشكيلياً من مختلف الأجيال، يجمعهم النزوح من الخرطوم إلى أمان بورسودان.

أما المعرض الأخير فسمي «اتجاهات» الذي انطلق في بورسودان، يوم الخميس الماضي في 2 من الشهر الحالي ويستمر لغاية 11 منه، وضمّ عدداً كبيراً من التشكيليين، متناولاً مواضيع اجتماعية وسياسية تجسد رؤية كل فنان على حِدَةٍ، معبّراً عن مدارس مختلفة من الفنون مثل التجريدية، والواقعية، مع استخدام خامات مختلفة، وأساليب فنية أخرى كالخطوط.

وتعلّق فدوى على لوحاتها في معرض نزوح قائلة: «هي تحمل تفاصيل الفجيعة وتحيلها إلى مقاومة بالألوان، وتجسد الفن حلماً للسلام ونابذاً للعنف والبندقية»، مشيرة إلى أنها فنانة تشكيلية نازحة وقد عبّرت في أعمالها عن نزوح جسدها وروحها على الرغم من رفض التلاقي، ما جعلها تشعر بمشاعر متضادة في اللحظة نفسها فكانت الألوان والريشة خير معين للخروج من واقع الإحباط وهول صدمة النزوح.

في معرضها «لون» نجحت فدوى مع عدد من الفنانين التشكيليين في التعبير بالألوان عن لوحات أُنقذت من أتون الحرب.

من المعرض

وفي معرض «اتجاهات»، تحكي لوحاتها عمّا فعلته الحرب بالناس والأثر الكبير الذي تركته في نفوسهم وحياتهم.

وتابعت: «تعبر لوحات المعرض عن رؤية كلّ فنان للحرب وللأوضاع الاجتماعية والسياسية وواقع الإنسان السوداني». وتقول: «رغم الألم الذي يتعرض له كل فنان، تتميز لوحاتهم بعطاء إنساني مرتبط بموروث اجتماعي، وهي تعكس صدمة الحروب ومآسيها وتخرج متلونة بشتى الألوان والرسومات لتوثّق اللحظة وتاريخها». كما ترى بالمعارض الفنية صوتاً ضد الحرب، وإدانة للجرائم المرتكبة بحق الشعوب، وذاكرة للضحايا الذين سقطوا وأصبحوا مجرد أرقام.


مقالات ذات صلة

لندن تتصدر قائمة أكثر المدن ازدحاماً في أوروبا

يوميات الشرق طرق لندن هي الأكثر ازدحاماً في أوروبا حيث يقضي السائقون في العاصمة ما معدله 101 ساعة في الجلوس في حركة المرور (إ.ب.أ)

لندن تتصدر قائمة أكثر المدن ازدحاماً في أوروبا

تواصل لندن تصدرها لقائمة المدن الأكثر ازدحاماً في أوروبا، حيث يقضي السائقون فيها ما يقارب 101 ساعة سنوياً عالقين في الاختناقات المرورية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق مصطفى فهمي في لقطة من أحد أعماله الدرامية

مصر تُكرّم فنانيها الراحلين بالعام الماضي عبر «يوم الثقافة»

وزارة الثقافة المصرية ستُطلق النسخة الأولى من «يوم الثقافة» لتكريس «تقدير رموز مصر الإبداعية»، وستشهد احتفاءً خاصاً بالفنانين المصريين الذين رحلوا العام الماضي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
يوميات الشرق شخصية الحمار في فيلم «شريك» (شايترستوك)

نفوق الحمار الذي ألهم شخصية «إيدي مورفي» في فيلم «شريك»

وُلد «بيري» في نيويورك عام 1994، وذاع صيته بعد أن قام الرسامون بتصميم شخصية الحمار في فيلم «شريك» الأصلي عام 2001 مستلهماً شكله.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق سمكة التونة الضخمة ذات الزعانف الزرقاء خلال عرضها في المزاد (أ.ب)

بيع سمكة تونة ضخمة مقابل 1.3 مليون دولار في اليابان

بيعَت سمكة تونة ضخمة ذات زعانف زرقاء، الأحد، مقابل نحو 1.34 مليون دولار، في أول مزاد للموسم، في سوق الأسماك المشهور في طوكيو.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
يوميات الشرق الإنسان مخلوق «اجتماعي» فريد يستطيع الحب وتشكيل التحالفات كما يستطيع «خلق الفوضى» (رويترز)

أسوأ 5 «سلوكيات نفسية» يفعلها الناس في بعضهم البعض

يُعد البشر المخلوقات «الأكثر اجتماعية» على هذا الكوكب. وبينما يمكننا تشكيل تحالفات، والوقوع في الحب، فإننا أيضاً ماهرون في «خلق الفوضى» داخل عقول الآخرين.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

تهجير 40 مليون شخص بسبب كوارث مناخية في 2024

الفيضانات المدمرة في البرازيل تسببت في مقتل أكثر من 80 شخصاً خلال مايو 2024 (رويترز)
الفيضانات المدمرة في البرازيل تسببت في مقتل أكثر من 80 شخصاً خلال مايو 2024 (رويترز)
TT

تهجير 40 مليون شخص بسبب كوارث مناخية في 2024

الفيضانات المدمرة في البرازيل تسببت في مقتل أكثر من 80 شخصاً خلال مايو 2024 (رويترز)
الفيضانات المدمرة في البرازيل تسببت في مقتل أكثر من 80 شخصاً خلال مايو 2024 (رويترز)

أفادت دراسة دولية بأن عام 2024 شهد درجات حرارة قياسية تسببت في تغييرات جذرية بدورة المياه العالمية، مما أدى إلى فيضانات مدمرة وجفاف شديد في العديد من مناطق العالم.

وأوضحت الدراسة، التي قادها باحثون من جامعة أستراليا الوطنية، أن هذه الظواهر المناخية المتطرفة تسببت في وفاة أكثر من 8700 شخص، وتشريد وتهجير نحو 40 مليون شخص، فضلاً عن خسائر اقتصادية تجاوزت 550 مليار دولار، وفق النتائج المنشورة، الاثنين، في دورية «Observational Study».

وبحسب الدراسة، فإن ارتفاع درجات حرارة المحيطات كان له دور كبير في زيادة حدة الأعاصير الاستوائية والجفاف في حوض الأمازون وجنوب أفريقيا، بينما ساهم تغير المناخ في غزارة الأمطار والعواصف بطيئة الحركة التي أسفرت عن فيضانات مفاجئة في أوروبا وآسيا والبرازيل.

وفي عام 2024، تعرض نحو أربعة مليارات شخص في 111 دولة (أي نصف سكان العالم) إلى أكثر الأعوام حرارة، وفق المسجل حتى الآن، حيث ارتفعت درجات الحرارة على اليابسة بمقدار 1.2 درجة مئوية مقارنة ببداية القرن الحالي، ونحو 2.2 درجة مئوية مقارنة ببداية الثورة الصناعية.

وشهد العالم كوارث مائية متعددة، مثل الفيضانات المفاجئة والنهرية والجفاف. على سبيل المثال، تسببت الفيضانات المدمرة في البرازيل بمقتل أكثر من 80 شخصاً، بينما أدت الفيضانات الشديدة في أفغانستان وباكستان إلى وفاة أكثر من 1000 شخص، وأثرت فيضانات جنوب الصين على مئات الآلاف من السكان. وفي بنغلاديش، دمرت الأمطار الغزيرة أكثر من مليون طن من الأرز خلال شهر أغسطس (آب).

والى ذلك، تسبب الجفاف الشديد في حوض الأمازون في تعطيل النقل وتقليل إنتاج الطاقة الكهرومائية، فيما أدى الجفاف المدمر في جنوب أفريقيا إلى خفض إنتاج الذرة بنسبة 50 في المائة.

ووفق النتائج، تميز عام 2024 بزيادة تكرار الظواهر المناخية المتطرفة مقارنة بالسنوات السابقة؛ إذ سجلت الأمطار معدلات قياسية في 27 في المائة من الأشهر مقارنة ببداية القرن، وزادت معدلات الهطول اليومية القياسية بنسبة 52 في المائة. كما ارتفعت معدلات الفترات الجافة مع انخفاضات قياسية في الأمطار بنسبة 38 في المائة.

وبحسب الدراسة، تسببت هذه الكوارث المائية في تدمير مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية والمحاصيل، مما أدى إلى تدهور الأمن الغذائي في العديد من الدول.

وأكد الفريق البحثي أن الاحترار العالمي المستمر يعزز من شدة وتكرار هذه الظواهر؛ مما يتطلب تطوير البنية التحتية المقاومة للفيضانات، وتعزيز قدرة الإنتاج الزراعي على مقاومة الجفاف، إضافة إلى تحسين أنظمة الإنذار المبكر والاستجابة للكوارث.

وشدد الباحثون على أن التغير المناخي يمثل تحدياً عالمياً يتطلب تعاون الدول والمؤسسات للحد من انبعاثات الغازات الدفيئة وتطوير تقنيات مبتكرة للتخفيف من التأثيرات المناخية الضارة.