«مرحلة»... 48 عملاً من الإبداع العربي للبيع في المزاد

لأول مرة أعمال من مقتنيات «مجموعة دلول» الفنية في مزاد لـ«كريستيز»

لوحة من دون عنوان للفنانة هيلين خال (كريستيز)
لوحة من دون عنوان للفنانة هيلين خال (كريستيز)
TT

«مرحلة»... 48 عملاً من الإبداع العربي للبيع في المزاد

لوحة من دون عنوان للفنانة هيلين خال (كريستيز)
لوحة من دون عنوان للفنانة هيلين خال (كريستيز)

في كل رحلة محطات ومراحل، وفي العالم الفني يمكن عدّ المجموعة الفنية التي بدأها الدكتور رمزي دلول، الذي دأب على مدى عقود على شراء أعمال الفنانين العرب ليكون مجموعة فنية مهمة تحولت إلى مؤسسة فنية ضخمة، واحدة من أهم الرحلات الفنية في العالم العربي. أكثر من 3000 عمل من الإبداع العربي تعرضها المؤسسة في بيروت سجلت أيضا حضورها على الإنترنت عبر موقع أطلق منذ عامين.

عمل من دون عنوان للفنان حامد ندا (كريستيز)

ولكن المجموعة الضخمة تدخل في عملية «ترشيق» حالياً مع عرض نحو 48 عملاً لأهم الفنانين العرب للبيع في مزاد لدار كريستيز يقام يوم 9 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، وهي المرة الأولى التي تعرض فيها أعمال من مجموعة دلول للبيع. المزاد المسائي الذي تحتضنه دار كريستيز بمقرها في لندن يحمل عنوان «مرحلة»، وهو عنوان يفصح عن جوانب من قصة «مجموعة دلول» الفنية. المجموعة المعروضة تضم أعمالاً لقامات فنية متفردة؛ أمثال محمود سعيد، وإبراهيم الصلحي، وضياء عزاوي، وحامد ندا، وإنجي أفلاطون إضافةً إلى أيمن بعلبكي، ومروان وسامية حلبي، وغيرهم من أهم الأصوات الفنية العربية.

ولكن لماذا يتخلى مقتن عن أعمال بهذه الأهمية الفنية تمثل مراحل مفصلية في حركة الفن العربي؟ يقول الدكتور باسل دلول لـ«الشرق الأوسط» بالإشارة لعنوان المزاد: «(مرحلة) تعني محطة في الرحلة، فبيع 48 لوحة هو جزء من رحلة (مجموعة دلول) التي بدأها والدي منذ عقود». يضيف «القطع المعروضة للبيع تعكس ذوق واختيارات والدي الذي كان جامعاً لأعمال فنية عربية مرموقة ومهمة لسنوات طويلة. من جانبي قررت بيع جزء صغير مختار من المجموعة لتشذيبها وصقلها». بعد رحلة حب وعشق للفنون نتج عنها جمع أكثر من 3000 آلاف قطعة، تأتي محطة الانتقاء والاختيار وتحديد الأهداف القادمة. يقول الدكتور دلول إن المرحلة المقبلة ستكون متجهة نحو «اقتناء مزيد من أعمال الفنانين العرب وإضافتها للمجموعة حتى تصبح حاضنة لأعمال فنانين من مختلف الثقافات والخلفيات والممارسات». ويركز على اكتشاف ودعم الأصوات الجديدة على الساحة الفنية العربية.

عمل للفنان ضياء عزاوي من مجموعة دلول الفنية (كريستيز)

كيف وقع الاختيار على اللوحات المعروضة للبيع؟ وما الاعتبارات التي أخذتها عند اختيار أي قطع المزاد؟ يجيب الدكتور دلول عن ذلك بقوله: «عملت مع الدكتور رضا مومني نائب رئيس مجلس إدارة قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في كريستيز لاختيار 48 عملا منها اللوحات والأعمال الفوتوغرافية والمنحوتات. ضمن مجموعة دلول هناك أكثر من عمل لفنان واحد، وهو ما يؤثر في طريقة السرد والعرض للمجموعة، ولهذا أتمنى أن أستطيع تشذيب المجموعة عبر هذا المزاد». وبالنسبة للخبيرة الفنية بدار كريستيز ماري كلير ثيسين فلم يكن الاختيار سهلا في بعض الأوقات، خاصة مع الأعمال الأثيرة لدى الدكتور دلول. وتشير الخبيرة في حديثها إلى أن الدكتور باسل دلول يحاول من خلال المزاد أن يضع استراتيجية خاصة لتحسين المجموعة مع إضافة الجديد من الأعمال الفنية الحديثة، كما تشير إلى أنه لم يتوقف عن شراء الأعمال الفنية التي يشعر أن المجموعة بحاجة لها، لملء أي فراغ في محتوى ومضمون المجموعة إضافةً إلى هدفه بدعم الأجيال الجديدة من الفنانين في المنطقة. وتؤكد أن المزاد يهدف لـ«نشر الوعي بالإبداع القادم من هذا الجزء من العالم».

«فتاة ترتدي فستاناً منقوشاً» للفنان محمود سعيد (كريستيز)

ضمن المزاد... محمود سعيد والريف المصري

تتصدر المجموعة عدة أعمال لفنانين كبار أمثال محمود سعيد، ذلك العبقري من الإسكندرية الذي هام بالريف وجمال المرأة المصرية، وصور بريشته ملامح الأرض السمراء ونهر النيل والفلاحات عبر الألوان واللعب على الضوء والظل. لوحته هنا التي رسمها في عام 1938 تحمل عنوان «فتاة ترتدي فستاناً منقوشاً»، الفلاحة السمراء الجميلة في لوحته تبدو رشيقة وأنيقة تستند على جرة ضخمة، وفي الخلفية فلاحة أخرى تحمل جرتها على رأسها، وتتجه إلى مجرى الماء. اللوحة كانت ملكا لحسين باشا سري، وعرضت أربع مرات في أثناء حياة الفنان.

أيمن بعلبكي

من أعمال الفنان اللبناني أيمن بعلبكي يأتي عمل من دون عنوان يصور هيكل عمارة مدمرة، كعادته يلجأ بعلبكي إلى الألوان وضربات الفرشاة لمنح اللوحة ملمساً ونسيجاً خاصاً، وتبدو العمارة لنا خلف غمامة قد تكون الغبار المحيط بكل ذلك الدمار. لوحات بعلبكي تلمس الجرح العربي دائما، وتتحدث بفصاحة لونية عن الحرب والدمار والمقاومة. وتشير الخبيرة إلى أن أيمن بعلبكي من الفنانين المهمين في مجموعة دلول حيث «نشر الدكتور باسل كتابا عن بعلبكي مؤخرا»، وتضيف أن اللوحة بالحجم الضخم، تعبر عن العنف والدمار الذي عاصره بعلبكي في لبنان منذ أن ولد في أثناء الحرب الأهلية. «ينقل بعلبكي مشاهداته للدمار والعنف عبر لغة بصرية تجنح للأسلوب الشعري».

ليليات كمال بلاطة

تشدني لوحة للفنان الفلسطيني الراحل كمال بلاطة لتنويعاته على اللون الأزرق ودرجاته، تشير الخبيرة للوحة قائلة: هذه اللوحة من سلسلة بعنوان «ليليات»، حيث درج الفنان على استخدام الأشكال الهندسية المجردة، وتضيف «أعتقد أن اللون هنا جميل على نحو خاص، كأنما نفتح نافذة، ونرى أمامنا تجريدا لدرجات الأخضر والأزرق». تشبهه بالشاعر في استخدامه للألوان «رغم أننا قد لا نعرف ماذا يقول العمل، فالأهم هو المشاعر والأفكار والألوان التي يمكن أن تعبر عنها». تستعين ثيسين بنص كتبه الفنان عن استخدامه للألوان قال فيه: «بمجرد أن تجف، تبعث الألوان بإحساس منعش كماء النبع وشفاف مثل الزجاج. بمجرد أن أحس باستطاعتي الولوج داخل اللوحة، وكأني أقفز داخل بركة أو مرآة، أعرف وقتها أن عملي انتهى. بعد أيام وأسابيع بعد ذلك عندما أعود للنظر للوحة أشعر بالدهشة لما أراه ماثلا أمام عيني، لا يسعني إلا أن أتساءل ما هي الصور التي يعكسها هذا السطح المعين من ذاكرتي».

«طريق الإنسانية» للفنان أحمد ماطر (كريستيز)

أحمد ماطر وطريق الإنسانية

يضم المزاد عملين للفنان السعودي أحمد ماطر من مجموعته الفوتوغرافية التي قام بتصويرها من طائرة هليكوبتر أثناء موسم الحج. حيث يصور ماطر الجموع البشرية التي تقوم بمراسم رمي الجمرات، غير أن التصوير من أعلى يختزل الجموع لموجات من النقاط، لا ملامح، ولا فردية هنا، بل موجة بعد موجة من المشاعر والصلوات، كأنما تختصر تجربة الحج التي تذوب فيها الفروقات بين الحجاج، وتوحد بينهم التجربة الروحية المشتركة. تعلق ثيسين بالقول: «أعتقد أنه يعكس لنا عبر اللقطات العوامل الروحية التي تجمع بين الناس».

«النخلة» للفنان إبراهيم الصلحي (كريستيز)

إبراهيم الصلحي

تظهر في المجموعة المعروضة أعمال لفنانين قل أن ترى أعمالهم في المزادات مثل الفنان السوداني إبراهيم الصلحي. لوحته «النخلة» من سلسلة «الشجرة» مستوحاة من شجرة الحراز التي تنمو في السودان ويستخدمها الصلحي في أعماله ليرمز لإصرار الإنسان على الحياة والمثابرة رغم قسوة الطبيعة تماما مثل الشجرة التي تتحدى التصحر والجفاف. العمل يحمل الطابع الهندسي الدقيق، ولكن التجريد هنا ليس جافاً بل يثير المشاعر، ويعبر عن رؤية الفنان. عرف الصلحي بمزجه الفريد ما بين التيمات الأفريقية والإسلامية والعربية، الذي جعل منه شخصية رئيسية في تطور الحداثة الأفريقية اليوم.

لوحة للفنان كروان (كريستيز)

مروان وتضاريس الوجه البشري

للفنان السوري مروان قطعتان في المزاد إحداهما تعود للسبعينات وتعد من بواكير أعماله، وفيها يبحر في تضاريس الوجه البشري باستخدام ضربات فرشاة معبرة بالألوان المائية لاستكشاف العمق النفسي للوجه الإنساني، وهو تيمة أثيرة لدى الفنان. وتشير ثيسين إلى أن اللوحة في المزاد تتميز بألوان هادئة لتقدير تأثيرها يجب أن يقف المشاهد أمامها. ويضم المزاد لوحة ثانية لمروان بعنوان «ماريونيت» (دمية متحركة) رسمها الفنان في عام 2014. للفلسطينية سامية حلبي التي اشتهرت بالنمط التجريدي، يضم المزاد لوحتين تتميزان بالألوان والتدرجات الهندسية. وتشير ثيسين إلى أن المزاد يضم مجموعة من أعمال أهم الفنانات في العالم العربي؛ أمثال هيلين خال وإنجي أفلاطون وإيتيل عدنان.

«شجرة الموز» للفنانة إنجي أفلاطون (كريستيز)

تشمل الأعمال المهمة الأخرى لوحة تجريدية مذهلة لكاظم حيدر، وعملاً لضياء العزاوي من أبرز أعمال المعرض المتنقل الأخير «بيروت والستينات الذهبية»، ولوحة «موجة» المميزة لمحمد المليحي من الثمانينات. كما تضم المجموعة مجموعة لبنانية قوية بما في ذلك الأعمال المتميزة لبول غيراغوسيان، وشفيق عبود، وشوقي شوكيني.

لوحة من دون عنوان للفنان محمد المليحي (كريستيز)

أسألها عن المجموعة الفنية الضخمة في مجموعة دلول والتغييرات التي يحاول الدكتور باسل عرضها عبر المزاد، تقول: «المجموعة بدأها الدكتور رمزي دلول الذي كان شغوفاً بالاقتناء، وفي المجموعة هناك أكثر من لوحة للفنان نفسه قد تكون من السنة نفسها، ولهذا يحاول الدكتور باسل إدخال التحسينات عبر تنقية الأعمال والاحتفاظ بالأفضل، وهو مستعد لبيع المتشابهات باتجاه أخذ المجموعة باتجاه الوقت الحاضر».

حقائق

3000

أكثر من 3000 عمل من الإبداع العربي تعرضها مؤسسة دلول الفنية في بيروت


مقالات ذات صلة

«إنها فعلا لذيذة»... صيني يأكل موزة اشتراها بـ6 ملايين دولار

يوميات الشرق رجل الأعمال الصيني الأميركي جاستن صن يأكل عملاً فنياً على شكل موزة مكون من موزة طازجة ملتصقة بالحائط بشريط لاصق في هونغ كونغ في 29 نوفمبر 2024 بعد شراء العمل الفني الاستفزازي في مزاد في نيويورك مقابل 6.2 مليون دولار (أ.ف.ب)

«إنها فعلا لذيذة»... صيني يأكل موزة اشتراها بـ6 ملايين دولار

أوفى رجل اشترى عملاً فنياً يمثل موزة مثبتة على حائط لقاء 6.2 مليون دولار، بوعده الجمعة، وأقدم على تناول قطعة الفاكهة.

«الشرق الأوسط» (هونغ كونغ)
يوميات الشرق الموزة الصفراء المثبتة على الحائط الأبيض بشريط لاصق فضي هي عمل بعنوان «كوميدي» للفنان الإيطالي ماوريتسيو كاتيلان (أ.ب)

سعرها 35 سنتاً... بائع فواكه في مانهاتن يتحسّر على «موزة» بيعت بملايين الدولارات

باع عامل مهاجر موزة أصبحت لاحقاً جزءاً من عمل فني عبثي بيع بمبلغ مذهل بلغ 6.2 مليون دولار في مزاد «سوذبيز».

يوميات الشرق «الكلب الإسباني» (سوذبيز)

«كلب» من القرن الـ18 بمليونَي إسترليني

المرّة الأخيرة التي أُتيحت للجمهور فرصة مشاهدتها كانت عام 1972 داخل دار «سوذبيز» للمزادات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق نادرة جداً (مواقع التواصل)

للبيع... تذكرة لدخول مسرح بريستول تعود إلى عام 1766

من المتوقَّع أن تُحقّق ما وُصفَت بأنها «قطعة حقيقية من تاريخ بريستول» آلاف الجنيهات منذ عرضها للبيع في مزاد ببريطانيا.

«الشرق الأوسط» (لندن)
ثقافة وفنون رجل يشير إلى التكوين الفني «الكوميدي» في مزاد في ميامي بيتش الأميركية (رويترز) play-circle 01:27

موزة مثبتة بشريط لاصق تباع بـ 6.2 مليون دولار في مزاد فني

بيعت لوحة تنتمي للفن التصوري تتكون من ثمرة موز مثبتة بشريط لاصق على الجدار، بنحو 6.2 مليون دولار في مزاد في نيويورك.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

أشياء ندم عليها الآباء خلال رحلة تربية أبنائهم

تربية الأطفال أمر صعب ومرهق (رويترز)
تربية الأطفال أمر صعب ومرهق (رويترز)
TT

أشياء ندم عليها الآباء خلال رحلة تربية أبنائهم

تربية الأطفال أمر صعب ومرهق (رويترز)
تربية الأطفال أمر صعب ومرهق (رويترز)

يتساءل الأهالي غالباً خلال رحلة تربية أبنائهم عما إذا كانوا يفعلون الشيء الصحيح لأطفالهم، في سبيل الوصول إلى النجاح في التجربة.

وتقول مارغوت ماشول بيسنو (كاتبة وأم وخبيرة في تربية الأبناء) إنها قضت السنوات العشر الأخيرة في التحدث إلى مجموعات من الآباء، حول تربية أطفال مبدعين وواثقين ومرنين، ليصبحوا رجال أعمال مليئين بالبهجة ومحققين أهدافهم، وفقاً لما ذكرته شبكة «سي إن بي سي» الأميركية.

وبحديث بيسنو مع هؤلاء الأهالي، اكتشفت أن كثيراً منهم اعترفوا بأن هناك بعض الأشياء، لو كان بإمكانهم العودة بالزمن إلى الوراء لفعلوها بشكل مختلف.

وفيما يلي أكثر الأشياء التي يندمون عليها خلال رحلة تربيتهم لأبنائهم:

كانوا يركزون بشكل مفرط على الدرجات والإنجازات

كان كثير من رواد الأعمال الناجحين طلاباً رائعين، ومروا بسهولة عبر أفضل الجامعات. أنهى بعضهم دراستهم؛ لكنهم كانوا بائسين، ترك آخرون الكلية أو لم يذهبوا إليها على الإطلاق.

في حين أن التعليم مهم، إلا أنه يجب أن يكون مناسباً. بالنظر إلى الوراء، أدرك بعض الآباء أنهم كانوا يفضلون أن ينجح أطفالهم، ربما في بيئة غير تقليدية، بدلاً من أن يتعبوا خلال 4 سنوات باهظة الثمن وغير سعيدة.

وعلى نحو مماثل، يتذكر كثير من الآباء دفع أطفالهم لقضاء وقت أقل في القيام بما يحبونه، ومزيد من الوقت في الدراسة أو ممارسة نشاط من شأنه أن يجعلهم أكثر جاذبية وسط أقرانهم.

وبالنظر إلى الوراء، يدرك الآباء الآن أنه عندما يقضي أطفالهم الساعات الطويلة لاكتساب مهارة يحبونها -على الرغم من أن الآباء ربما اعتقدوا أنها مضيعة للوقت- فقد ثبت أن ذلك كان أكثر فائدة عندما بدأوا حياتهم المهنية.

شعروا أنهم كانوا متورطين بشكل مفرط

بالطبع يريد الآباء الحفاظ على سلامة أطفالهم؛ لكن التمسك بقوة شديدة يمكن أن يمنعهم من الابتكار والتجربة.

وتقول مارغوت: «لا أسمع الآباء غالباً يقولون إنهم يتمنون لو منحوا أطفالهم قدراً أقل من الحرية. بدلاً من ذلك، يكون العكس: (لماذا لم أدعهم يذهبون بمفردهم أكثر؟) أو: (أشعر بالسوء لأنهم لم يتمتعوا بأي استقلال حتى ذهبوا إلى الكلية. كان يجب أن أبدأ في السماح لهم بالقيام بالأشياء بأنفسهم في وقت سابق)».

وتضيف: «عندما أعود بالذاكرة إلى الوراء، يقولون لي إنهم يدركون الآن أن المرونة هي مفتاح النجاح».

لم يعهدوا إلى أطفالهم بالقدر الكافي من المسؤولية

«أشعر بالندم الشخصي» جمل تكررت على آذان مارغوت خلال سنوات عملها، وتقول: «سمعت هذه الجملة كثيراً من الآباء، وقالوا إنهم يندمون؛ لأنهم لم يمنحوا أطفالهم ما يكفي من الأعمال المنزلية. كان عليهم ترتيب فراشهم والحفاظ على نظافة غرفهم؛ لكنهم لم يطلبوا منهم قط غسل ملابسهم؛ ولم يطلبوا منهم قط المساعدة في الحديقة مثلاً؛ باستثناء مناسبات نادرة».

وتضيف مارغوت قائلة: «لقد قمت بهذه المهام بنفسي؛ لأنهم كانوا مشغولين للغاية، ولم أكن أريد أن أثقل عليهم... ومن عجيب المفارقات أنهم يقولون لي الآن إنهم يتمنون لو تعلموا هذه المهارات في المدرسة الثانوية! إن تكليف أطفالنا بمزيد من الأعمال المنزلية لا يساعدهم فقط على تحمل المسؤولية؛ بل يعلمهم مهارات مفيدة عندما يكونون بمفردهم».

مخاوفهم الخاصة بشأن المخاطرة

تقول مارغوت إن كثيراً من الآباء أخبروها أنهم حثُّوا أطفالهم على توخي الحذر، واتخاذ النهج «الآمن»، وأخبروهم أن يتخذوا الطريق العملي الذي «ينجح في كثير من الأحيان».

عندما شاهدوا أطفالهم يخوضون مخاطرات كبيرة لبدء مشروع جديد، أو بيع شيء صنعوه، أو التحول في اتجاه جديد، أو عدم قبول وظيفة براتب مضمون لملاحقة أحلامهم، كانوا فخورين بهم.

ولكنهم تساءلوا: «هل جعلناهم خائفين؟ هل كان الأمر سيكون أسهل عليهم لو أخبرناهم في كثير من الأحيان أن يخوضوا هذه المغامرة؟». أو إذا وبَّخوهم عندما حصلوا على درجة سيئة، أو عدم تسجيل هدف، وجعلوا أطفالهم متوترين بشأن المخاطرة.

وتضيف: «لقد فهموا الآن أنك لا تستطيع الابتكار إذا كنت تخشى المخاطرة، وأنت لست خائفاً من المخاطرة، إذا لم تكن تخشى الفشل».

حتى لو شعروا بهذا الندم، قال كثير من هؤلاء الآباء إنهم كثيراً ما أخبروا أطفالهم بمدى فخرهم بعملهم الشاق، بغض النظر عن النتيجة.

وتوصي مارغوت الخبيرة في تربية الأطفال، بأن نتذكر دائماً أنه لا يوجد أحد كامل.

وتقول: «نحن جميعاً نبذل قصارى جهدنا، وطالما أن أطفالنا يعرفون أننا نحبهم، وأننا بذلنا قصارى جهدنا، فسوف يكونون بخير».