مدحت العدل... مؤلف بمهارات طبية وشاعر لعصر جديد

مدحت العدل متحدثاً لـ«الشرق الأوسط» قبل عرض مسرحية «تشارلي» في جدة
مدحت العدل متحدثاً لـ«الشرق الأوسط» قبل عرض مسرحية «تشارلي» في جدة
TT

مدحت العدل... مؤلف بمهارات طبية وشاعر لعصر جديد

مدحت العدل متحدثاً لـ«الشرق الأوسط» قبل عرض مسرحية «تشارلي» في جدة
مدحت العدل متحدثاً لـ«الشرق الأوسط» قبل عرض مسرحية «تشارلي» في جدة

لأن لشخصيته أبعادا كثيرة، تعددت مسمياته، فهو الطبيب والشاعر والكاتب والمؤلف والمنتج، مدحت العدل، الذي بدأ نظم الشعر في سن مبكرة، ومارس الطب فترة شبابه، وقبل أن يسطر اسمه ضمن قائمة استشاريي طب الأطفال، قرر الرحيل ململماً ما استفاد منه في تجربته ليسقطها في عالمه الذي اختاره منذ طفولته، ولكن هذه المرة كصانع وليس متفرجا.

الطب

الطبيب مدحت العدل، تخرج من كلية الطب، وتخصص في طب الأطفال ومارس الطب فترة من الزمن في أحد مستشفيات السعودية وتحديداً في مدينة جدة، ثم غادر إلى مصر لاستكمال ممارسة الطب وتحضير الماجستير ومن ثم الدكتوراه، وفي تلك الفترة كتب أول فيلم في مسيرته السينمائية «آيس كريم في جليم» وعند مناقشته لأول رسالة في الدكتوراه بدأ عرض الفيلم وحقق نجاحا باهرا، وكان هذا النجاح هو بمثابة عودة العدل لمعشوقته الأولى الكتابة، وترك الطب.



ورغم ابتعاد العدل عن ممارسة مهنة الطب غير آسف أو مأسوفٍ عليه كما يقول لـ«الشرق الأوسط»، فإنه كان السبب في تشكيل شخصيته كاتباً، فممارسة طب الأطفال علمته الرحمة في التعامل مع أشخاص في أضعف حالاتهم، كما تعلم منها التركيز في أدق التفاصيل التي تعتبر مصيرية في تشخيص الحالات، وهي نفس حالته مع الكتابة، فالمؤلف يكتب عن شخصياته بحب، حتى الشريرة منها ويبحث في تفاصيلها ليبين للمشاهد الأسباب التي دفعتها للشر.

الشعر

بدأت هواية الشعر لدى مدحت العدل في المرحلة الإعدادية، وشهدت السنة الأولى له في كلية الطب بداية انطلاقته الفنية عندما كتب أغنية «جات من الغريب ولا جاتش منك» التي غناها المطرب محمد الحلو وحققت نجاحاً كبيرا، وبعدها سجل دخول بداية عصر جديد في الأغاني بظهور الفنان عمرو دياب الذي كتب له العدل الكثير من أغانيه منها «راجعين - كان عندك حق - ورصيف نمرة خمسة...». ومن خلال عمرو دياب كتب مدحت العدل أول فيلم له «آيس كريم في جليم».





ورغم نجاح العدل في كتابة الكثير من الأفلام السينمائية والمسلسلات المهمة، فإنه يقول إن أكثر ما يستمتع بكتابته هو الشعر أو كلمات الأغاني. والتي جمعها العدل في ثلاثة دواوين وهي رصيف نمرة خمسة، وشبرا مصر وفوضى المشاعر.

السينما

فيلم «آيس كريم في جليم» كان بداية لنوعية جديدة من الأفلام السينمائية المصرية، وتحدث عنه الكثير بين مؤيد ومعارض، إلا أن العدل كان يرى أنه علامة مهمة في تاريخ السينما المصرية، وبالفعل سُجل الفيلم ضمن كلاسيكيات السينما المصرية. فالفيلم يعتبر من الأفلام المهمة في حياة العدل ويصفه بـ«الشهادة الموثقة» لفترة التسعينات في مدينتي القاهرة والإسكندرية، خاصة أنه يحكي واقع هذه الفترة بكل ما تحويه من ثقافة وموضة وأغانٍ سائدة، لذلك الناس استغربته حين عرضه، ولكن الآن أصبح شهادة لعصر وأيقونة لجيل ظهر مع الفيلم.





المسرح

في أواخر الستينيات وهي فترة طفولة مدحت العدل، كان والد العدل الذي يعمل مهندساً ووالدته مدرسة اللغة العربية يصطحبان أطفالهما كل أسبوع للسينما والمسرح، وتلك الفترة كانت مصر تعيش نهضة مسرحية قوية جداً لم تشهدها بعد ذلك، يقول العدل «عشت طفولتي وأنا أرى طه حسين في مقابلة تلفزيونية، وأذهب أسبوعياً مع عائلتي للمسرح وأشاهد أعمالاً مسرحية كتبها يوسف إدريس وميخائيل رومان وعبد الرحمن الشرقاوي، أنا تربيت مسرحياً كمشاهد وعندما مارست الفن وعُرض علي كتابة مسرحية كتبت المسرحية الغنائية (كوكو شانيل) التي أدتها الفنانة الاستعراضية شيريهان، ثم تكلل هذا الجهد والهواية والحب بكتابة مسرحية (تشارلي) الموسيقية التي تحكي قصة حياة الفنان العالي تشارلي تشابلن، والتي أرى أنها ستكون إحدى كلاسيكيات المسرح».

مدحت العدل تعددت «المسميات» والبداية «شاعر»

وعن معيار نجاح الأفلام والمسرحيات يرى العدل أن هناك عوامل كثيرة لا بد من توفرها لإنجاح أي عمل ومن أهمها إجادة العمل وحب صناعته له، إلى جانب معرفة ماذا يريد الجمهور في هذه الفترة، وماذا تحتاج السينما والمنصات، ومن خلال عمل تقصٍّ وبحث للوضع توجد الفكرة التي لا بد أن يهتم بها طاقم العمل لحد الهوس لإيصالها بصدق للجمهور.

يقول «على سبيل المثال فترة جائحة كورونا والحجر المنزلي الذي فُرض لمنع انتشار الفيروس كان الناس يبحثون عما يضحكهم ويخرجهم من الوضع النفسي الذي فرضه الواقع عليهم، وجاء المسلسل الكوميدي (بـ100 وش) ليحقق المعادلة المطلوبة من قبل الجمهور وفريق العمل وقوبل عرضه بنجاح ساحق».

أعمال قادمة

البحث عن المتعة هو الهدف الرئيسي لجميع أعمال مدحت العدل، فهو يرفع شعار المتعة أولاً في أعماله، ويرى أنها أعظم رسالة يقدمها صناع الفن للجمهور، ولهذا السبب يستعد أبطال مسلسل «بـ100 وش» الذي حقق نجاحا كبيرا، لتصوير الجزء الثاني ولكن في نسخة سينمائية على شكل فيلم من إنتاج العدل جروب، سيتم عرضه في عيد الفطر القادم، أما فيلم «صعيدي في الجامعة الأميركية» فمدحت العدل يعمل على الانتهاء من كتابة الجزء الثاني الذي يكشف عن التحولات التي حدثت لأبطال الفيلم بعد مرور 25 سنة في ظل التغيرات الكبيرة التي حدثت في العالم خلال هذه المدة، ومقرر له أن يبدأ تصويره قبل نهاية العام الحالي، إضافة إلى مسلسل «تسونامي» مع هاني خليفة والذي يحكي ما حدث من تغير في الطبقات الاجتماعية في مصر، ومسرحية غنائية جديدة من بطولة منة شلبي ستعرض في موسم الرياض 2024.



معيار العمل الناجح

«إوعى تعمل حاجة يخجل منها حفيدك بعد 100 سنة» هذه الجملة قالها والد مدحت العدل له في بداية أعماله الكتابية للسينما، وظلت أمام عينيه، فهو يعلم يقيناً أن الكاتب يشغل جمهوره 30 يوماً بحلقات مسلسله، ويعلم جيداً أن لديه سلاحا قويا، ولكنه يعرف مدى قيمته وكيف يستخدمه، لذلك يحرص العدل في أعماله على أن يقدم المتعة والتسلية للجمهور دون ابتذال وأن يقدم أعمالاً للمجتمع صالحة لا يخجل منها حتى بعد مرور السنين.

وعن كتابة أعمال تلفزيونية بمئات الحلقات، يقول العدل «كتابة مسلسل من مئات الحلقات من المفترض أن يكون الموضوع يستدعي ذلك، فعلى سبيل المثال لو كتبت مسلسلا عن تاريخ مصر من نهضة محمد علي حتى الآن ممكن أكتب 100 حلقة، فالموضوع هو الذي يفرض على الكاتب عدد الحلقات وليس العكس».

ولأن دكتور مدحت العدل يتردد على السعودية منذ عام 1985 يرى أن السعودية تشهد ثورة فنية وثقافية غير مسبوقة في العالم، واصفاً التسارع في التغيير خلال سنوات قليلة جداً بالشيء المذهل بكافة المقاييس، مؤكداً أن المجتمع في السعودية مليء بالموهوبين والمثقفين، وأن القوة الناعمة السعودية في طريقها لتكون من أهم القوى الناعمة في العالم العربي.


مقالات ذات صلة

«الملحد» للعرض في السينمات المصرية بعد معركة مع الدعاوى القضائية

يوميات الشرق «الملحد» تعرَّض لعدد من الدعاوى القضائية التي طالبت بمنع عرضه (الشركة المنتجة)

«الملحد» للعرض في السينمات المصرية بعد معركة مع الدعاوى القضائية

بعد معركة مع الدعاوى القضائية، أعلنت الشركة المنتجة لفيلم «الملحد» طرحه في دور العرض السينمائي بمصر يوم 31 ديسمبر الحالي.

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق المخرجة المصرية سارة جوهر (الشرق الأوسط)

المخرجة سارة جوهر: «عيد ميلاد سعيد» ينافس بقوة على «الأوسكار»

تؤكد المخرجة المصرية سارة جوهر أن قوة فيلمها تكمن في قدرته على التأثير في المشاهد، وهو ما التقطته «فارايتي» بضمّها لها إلى قائمتها المرموقة.

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق صوَّر المخرج الفيلم في ظروف صعبة (الشركة المنتجة)

«الشاطئ الأخير»... فيلم بلجيكي يرصد مأساة واقعية من قلب أفريقيا

رغم التحديات الأمنية واللوجيستية وعزلة القرية في غامبيا، فإن المخرج البلجيكي يشعر بالرضا عن التجربة التي خلّدت اسم «باتيه سابالي».

أحمد عدلي (الدوحة)
يوميات الشرق بوستر الوثائقي السعودي «سبع قمم» (الشرق الأوسط)

من «المنطقة المميتة» إلى شاشات جدة... حين تتحوَّل القمم إلى مرآة للإنسان

قدَّم وثائقي «سبع قمم» سيرة رجل فَقَد ملامح المدير التنفيذي عند «المنطقة المميتة» في "إيفرست"، ليبقى أمام عدسة الكاميرا إنساناً يسأل نفسه: لماذا أواصل؟

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق النجم الأميركي ليوناردو دي كابريو (رويترز)

ليوناردو دي كابريو يحذر الممثلين الشباب من خطأ واحد يضر بمسيرتهم

أصدر النجم ليوناردو دي كابريو تحذيراً للممثلين الشباب، موضحاً سبب رفضه عروضاً ضخمة في بداية مسيرته الفنية الحافلة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

بريجيت ماكرون تزور صديقاً قديماً في الصين: الباندا العملاق «يوان منغ» (صور)

سيدة فرنسا الأولى بريجيت ماكرون تحضر حفل تسمية الباندا المولود في حديقة حيوان بوفال بفرنسا عام 2017 (أ.ب)
سيدة فرنسا الأولى بريجيت ماكرون تحضر حفل تسمية الباندا المولود في حديقة حيوان بوفال بفرنسا عام 2017 (أ.ب)
TT

بريجيت ماكرون تزور صديقاً قديماً في الصين: الباندا العملاق «يوان منغ» (صور)

سيدة فرنسا الأولى بريجيت ماكرون تحضر حفل تسمية الباندا المولود في حديقة حيوان بوفال بفرنسا عام 2017 (أ.ب)
سيدة فرنسا الأولى بريجيت ماكرون تحضر حفل تسمية الباندا المولود في حديقة حيوان بوفال بفرنسا عام 2017 (أ.ب)

التقت سيدة فرنسا الأولى بريجيت ماكرون، بصديق قديم، وهو باندا عملاق ولد في فرنسا، وذلك أمس (الجمعة)، في ختام زيارة إلى الصين مع الرئيس إيمانويل ماكرون.

سيدة فرنسا الأولى بريجيت ماكرون (يمين) تزور قاعدة أبحاث تشنغدو لتربية الباندا العملاقة في تشنغدو (أ.ف.ب)

وفي محمية للباندا بجنوب غربي الصين، التي يعدّها «يوان منغ» موطناً له الآن، تعجبت سيدة فرنسا الأولى من حجم نمو الباندا. وقد ساعدت في اختيار اسمه - الذي يعني «تحقيق حلم» - عندما ولد في حديقة حيوانات فرنسية عام 2017.

وقالت وهي ترفع إصبعين على مسافة قصيرة: «عندما يولدون، يكونون هكذا».

وفي هذه الأثناء، كان الذكر الضخم يتجول في حظيرته، ويتغذى على الخيزران، ويتجاهل المارة الذين صرخوا باسمه، على أمل إثارة رد فعله.

باندا عملاقة تلعب على شجرة أثناء زيارة بريجيت ماكرون إلى قاعدة تشنغدو البحثية لتربية الباندا (رويترز)

وتابعت: «إنهم يتمتعون بشخصية مستقلة للغاية. إنهم يفعلون فقط ما يريدون».

ولعقود من الزمن، استخدمت الصين ما يسمى غالباً «دبلوماسية الباندا»، بهدف تسهيل وتعزيز العلاقات مع دول أخرى، حيث تقوم بإهداء الحيوانات إلى الدول الصديقة، وإقراض الباندا لحدائق الحيوان في الخارج بشروط تجارية.

وقالت الجمعية الصينية للحفاظ على الحياة البرية خلال الزيارة، إنها وقعت خطاب نوايا لإرسال اثنين من حيوانات الباندا إلى حديقة حيوان بوفال جنوب باريس في عام 2027، في إطار جولة جديدة مدتها 10 سنوات من تعاون الباندا مع فرنسا.

بريجيت ماكرون زوجة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تزور قاعدة تشنغدو البحثية لتربية الباندا العملاقة بالصين (رويترز)

يذكر أن حديقة الحيوان الفرنسية أعادت اثنين من حيوانات الباندا عمرهما (17 عاماً)؛ وهما أنثى الباندا هوان هوان وشريكها يوان زي، إلى الصين الشهر الماضي، بعد قضاء 13 عاماً على سبيل الإعارة في فرنسا.


«صوت ملاك»... ترمب يشيد بأندريا بوتشيلي

المغني الأوبرالي الإيطالي أندريا بوتشيلي يقدم عرضاً خلال قرعة كأس العالم لكرة القدم 2026 (أ.ف.ب)
المغني الأوبرالي الإيطالي أندريا بوتشيلي يقدم عرضاً خلال قرعة كأس العالم لكرة القدم 2026 (أ.ف.ب)
TT

«صوت ملاك»... ترمب يشيد بأندريا بوتشيلي

المغني الأوبرالي الإيطالي أندريا بوتشيلي يقدم عرضاً خلال قرعة كأس العالم لكرة القدم 2026 (أ.ف.ب)
المغني الأوبرالي الإيطالي أندريا بوتشيلي يقدم عرضاً خلال قرعة كأس العالم لكرة القدم 2026 (أ.ف.ب)

أشاد الرئيس الأميركي دونالد ترمب، مساء أمس (الجمعة)، بالمغني الأوبرالي الإيطالي أندريا بوتشيلي، وقال إن لديه «صوت ملاك». ودخل الرئيس الغرفة الشرقية بالبيت الأبيض، برفقة زوجته السيدة الأولى ميلانيا ترمب وبوتشيلي.

الرئيس الأميركي دونالد ترمب والسيدة الأولى ميلانيا يسيران أمام الموسيقي أندريا بوتشيلي وزوجته فيرونيكا بيرتي في البيت الأبيض (رويترز)

وقال ترمب إنه وبوتشيلي صديقان، وسأل قبل نحو 4 أسابيع عما إذا كان بوتشيلي سيغني في البيت الأبيض. وأشار إلى أن بوتشيلي وافق خلال «لحظة ضعف».

وحضر الحفل الخاص في البيت الأبيض مشرعون جمهوريون وأعضاء في حكومة ترمب.

وأفاد ترمب: «هذا شرف هائل. سوف نستمع إلى صوت، صوت ملاك».

أندريا بوتشيلي يغني خلال قرعة كأس العالم لكرة القدم 2026 (أ.ب)

وكان بوتشيلي قد قام بالغناء في وقت سابق يوم الجمعة، في حفل إجراء قرعة كأس العام لكرة القدم بمركز كيندي.


كريتي سانون تروي رحلتها من دروس شاروخان إلى شجاعة الاختيار

الفنانة الهندية تحدثت عن تجربتها في السينما (مهرجان البحر الأحمر)
الفنانة الهندية تحدثت عن تجربتها في السينما (مهرجان البحر الأحمر)
TT

كريتي سانون تروي رحلتها من دروس شاروخان إلى شجاعة الاختيار

الفنانة الهندية تحدثت عن تجربتها في السينما (مهرجان البحر الأحمر)
الفنانة الهندية تحدثت عن تجربتها في السينما (مهرجان البحر الأحمر)

في واحدة من أكثر الجلسات جماهيرية في مهرجان البحر الأحمر السينمائي هذا العام، حلّت الممثلة الهندية كريتي سانون في ندوة حوارية تحوّلت سريعاً من حوار تقليدي إلى عرض كامل تفاعل خلاله الجمهور بحماسة لافتة، حتى بدا المشهد وكأنه لقاء بين نجمة في ذروة تألقها وجمهور وجد فيها مزيجاً من الذكاء والعفوية والثقة.

منذ اللحظة الأولى، بدا واضحاً أن الجمهور جاء محملاً بأسئلته، فيما شجع التفاعل الجماهيري الممثلة الهندية على أن تجيب بصراحة عن كل ما يتعلق بمسيرتها، ومن بين كل أسماء الصناعة، لم يلمع في حديثها كما لمع اسم شاروخان. توقفت عند ذكره كما يتوقف شخص أمام لحظة صنعت في داخله تحولاً، وصفته بأنه «الأكثر ذكاءً وخفة ظل» ممن قابلتهم، ومثال حي على أن الفروسية والذوق الرفيع لا يزالان ممكنَين في صناعة صاخبة.

واستعادت كريتي كيف كان شاروخان ينظر إلى من يتحدث معه مباشرة، وكيف يمنح الجميع احتراماً متساوياً، حتى شعرت في بداياتها بأنها تلميذة تقع فجأة في حضرة أستاذ يعرف قواعد اللعبة من دون أن يستعرضها، ومع أن كثيرين يرون أن سانون دخلت عالم السينما من باب الجمال والأزياء، فإنها أكدت أن دراستها للهندسة لعبت دوراً في دخولها مجال الفن باعتبار أنها تعلمت منها أن كل شيء يجب أن يكون منطقياً وقائماً على أسئلة لماذا؟ وكيف؟

وأوضحت أن تحليل الأمور ومراجعتها منحتاها أدوات لم يمتلكها ممثلون آخرون، مروراً بتجارب وورشات تمثيل طويلة، فيما كانت هي تتعلم على أرض الواقع عبر طرح الأسئلة، حتى تلك التي قد يضيق منها البعض أو يعدها دليلاً على التردد.

الممثلة الهندية خلال جلستها الحوارية (مهرجان البحر الأحمر)

توقفت أيضاً في حديثها عند واحدة من أكثر محطاتها صعوبة، شخصية الروبوت «سيفرا» في فيلم «لقد وقعت في شرك كلامك»، شارحة أنها كانت لعبة توازن دقيقة بين أن تكون آلة بما يكفي ليصدّقها المشاهد، وإنسانة بما يكفي ليُصدّقها شريكها في الفيلم، مشيرة إلى أنها لم ترمش في أثناء الحوارات، وضبطت كل حركة لتكون دقيقة ومحسوبة، ورغم أنها معروفة بخفة الحركة و«العثرات الطريفة» كما وصفت نفسها، فإن أكثر ما أسعدها في الفيلم كان مشهد «الخلل» الذي ابتكرته بنفسها، لتمنح الشخصية ملمساً أكثر واقعية.

لكن اللحظة الأكثر دفئاً كانت عندما تحدثت عن الموسيقى، وعن دورها في مسيرتها؛ حيث روت كيف كانت غرف التسجيل التي تعمل فيها مع الملحّنين تشبه «متجر حلوى»، وكيف كان اللحن يُولد من جلسة ارتجال بسيطة تتحول بعد دقائق إلى أغنية جاهزة، ومع أن الجلسة كانت مليئة بالضحك واللحظات الخفيفة، فإنها لم تخفِ الجانب العميق من تجربتها، خصوصاً عندما تحدثت عن انتقالها من الإعلانات والصدفة إلى البطولة السينمائية.

وروت كيف أن فيلم «ميمي» منحها مساحة أكبر مما حصلت عليه في أي عمل سابق، وغيّر نظرتها إلى نفسها بوصفها ممثلة، مؤكدة أن ذلك العمل حرّرها من الحاجة الدائمة إلى إثبات ذاتها، وأعطاها الشجاعة لاختيار أدوار أكثر مجازفة. ومنذ ذلك الحين -كما تقول- لم تعد في سباق مع أحد، ولا تبحث عن لائحة إيرادات، بل عن أن تكون أفضل مما كانت عليه أمس.

وحين سُئلت عن فيلمها الجديد «تيري عشق مين» وعن موجة النقاشات التي أثارها على مواقع التواصل، أكدت أنها تتابع الآراء بشغف، لأن السينما تشبه اللوحة الفنية التي يراها كل شخص من زاوية مختلفة، مشيرة إلى أن الناس يتفاعلون مع قصة الفيلم، لأنهم قد عرفوا في حياتهم شخصاً مثل الممثلين.

وأكدت أن جزءاً من التفاعل يرجع إلى كون العمل يعرض الحب السام من جهة، لكنه يتيح للشخصية النسائية أن تُسمّيه وتواجهه، وهذا ما تعدّه تطوراً مهماً في كتابة الشخصيات النسائية، فلم تعد المرأة مجرد ضحية أو محبوبة مثالية، «فالمرأة المعاصرة على الشاشة يمكن أن تكون معقدة، متناقضة، واقعية، ومحبوبة رغم كل ذلك»، حسب تعبيرها.