إسرائيل تزودّ قواتها في الأراضي السورية بتجهيزات وغرف شتوية

مؤشرات على مواصلة الاحتلال لفترة طويلة

شاحنات إسرائيلية تقطع المنطقة العازلة بين سوريا وإسرائيل عند بلدة مجدل شمس في الجولان المحتل (إ.ب.أ)
شاحنات إسرائيلية تقطع المنطقة العازلة بين سوريا وإسرائيل عند بلدة مجدل شمس في الجولان المحتل (إ.ب.أ)
TT
20

إسرائيل تزودّ قواتها في الأراضي السورية بتجهيزات وغرف شتوية

شاحنات إسرائيلية تقطع المنطقة العازلة بين سوريا وإسرائيل عند بلدة مجدل شمس في الجولان المحتل (إ.ب.أ)
شاحنات إسرائيلية تقطع المنطقة العازلة بين سوريا وإسرائيل عند بلدة مجدل شمس في الجولان المحتل (إ.ب.أ)

يستعد الجيش الإسرائيلي للبقاء فترة طويلة وغير محدودة في الأراضي السورية، التي توغل فيها، منذ 8 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، في أعقاب سقوط نظام بشار الأسد وهيمنة هيئة تحرير الشام، وأعلن في بيان اليوم، الثلاثاء، أنه ينقل غرفاً متنقلة وينفّذ أعمال بنية تحتية بـ«هدف تزويد القوات المقاتلة بأفضل المعدات لمواجهة فصل الشتاء في (جبل الشيخ) السوري البارد».

وحسب البيان، فإن الجيش الإسرائيلي ينفّذ هذه الأعمال «في الأسابيع الأخيرة»، وتأتي «في إطار المجهود اللوجيستي بتزويد معدات لمكوث القوات في ظروف أحوال جوية عاصفة، وملائمة للأحوال الجوية المتطرفة في هذه المنطقة». وذكر الجيش الإسرائيلي أنه أقام «بنية تحتية وعتاد بإمكانه الصمود في الأحوال الجوية المختلفة، وبينها مبانٍ مؤقتة ذات طبقة عازلة أخرى من البرد، ووسائل تدفئة، ومولدات كهرباء، وجهاز تسخين المياه». وأنه «جرى تزويد مبنى طبي مميز لمعالجة إصابات جراء البرد ومزوَّد بمعدات طبية ملائمة، ومطابخ وغرفة طعام تسمح بتزويد الجنود بالطعام الساخن».

كما أبلغ الجيش أنه جرى توزيع آلاف المستلزمات الشخصية الشتوية على الجنود، خصوصاً العتاد الخاص بالثلوج، ومن ضمنها أكياس تدفئة ومعاطف مضادة للعواصف وأحذية شتوية»، حسب البيان.

بناء غرف ونقاط عسكرية إسرائيلية في المنطقة العازلة من مرتفعات الجولان المحتل (إ.ب.أ)
بناء غرف ونقاط عسكرية إسرائيلية في المنطقة العازلة من مرتفعات الجولان المحتل (إ.ب.أ)

كان الجيش الإسرائيلي قد احتل كل المنطقة الحرام، التي أُقيمت بين إسرائيل وسوريا في سنة 1974، على أثر حرب أكتوبر (تشرين الأول). واحتل منطقة أخرى أكبر منها في سفوح الجولان الجنوبية واحتل جميع قمم جبل الشيخ. وبات يسيطر على 95 في المائة من محافظة القنيطرة. وتقدّر مساحة الأرض السورية التي تسيطر عليها إسرائيل منذ انهيار الأسد بـ600 كيلومتر مربع.

ومع أن الجيش الإسرائيلي كان قد أعلن أن الوضع «احتلال مؤقت»، إلا أن التجهيزات والإجراءات على الأرض توحي بأنه ينوي البقاء لفترة طويلة، وهو يصادر بشكل منهجي كميات هائلة من الأسلحة والذخيرة، التي تركها الجيش السوري وهرب، ومن بينها دبابات ومدافع وسيارات مصفحة وصواريخ مضادة للدبابات، ونواظير وغيرها.

ومع أن الجيش الإسرائيلي يدّعي أنه لا ينوي الدخول في احتكاكات مع المواطنين السوريين، ولا يسمح لنفسه باتخاذ موقف من أي طرف من أطراف الصراع الداخلي في سوريا، فإنه يواجَه بمظاهرات سورية في عدة مواقع وبحسن الاستقبال في مناطق أخرى. وقد كانت قوة عسكرية إسرائيلية مكونة من نحو 30 عسكرياً، و3 جرافات ومثلها من الدبابات، قد توغلت باتجاه بدعا الواقعة على بُعد نحو 20 كلم من مطار المزة العسكري شمال شرقي جبل الشيخ على الحدود بين سوريا ولبنان.

وشرعت القوة المتوغلة في أعمال حفر وشق طرق ترابية من الحدود الإسرائيلية باتجاه منطقة الدريعات، حيث دمرت أراضٍ زراعية باستخدام جرافات، مما جعلها غير صالحة للاستخدام.

كما أنه استقدم تعزيزات إلى ثكنة الجزيرة، في قرية معرية في ريف درعا، عند الحدود السورية - الأردنية، كما نصب سواتر أسمنتية عالية مع تعبيد جميع الطرقات المؤدية إلى الثكنة. وقالت مصادر عسكرية في الشمال، إنّ الجيش الإسرائيلي، يُسيّر للمرة الأولى، دوريات مجنزرة على التلال الواقعة في مرتفعات جبل الشيخ المحتلة حديثاً في سوريا، والمقابلة للأراضي التابعة لمنطقة النبطية في لبنان.

وقال موقع «واللا» في تل أبيب إنّه «رغم الضغوط التي تمارسها جهات أوروبية على إسرائيل، وجّه المستوى السياسي الجيش الإسرائيلي بالاستعداد لوجودٍ طويل في الأراضي السورية». وتدّعي إسرائيل أنها ستبقى لأنها تلاحظ نية بعض المجموعات الاقتراب من المنطقة من أجل استهداف الجنود.


مقالات ذات صلة

بعد عقود من المنفى... يهود سوريا يزورون دمشق (صور)

المشرق العربي هنري حمرا وأعضاء الوفد اليهودي السوري الذين يزورون البلاد لأول مرة منذ عقود يحملون كتاب التوراة في كنيس بدمشق (رويترز)

بعد عقود من المنفى... يهود سوريا يزورون دمشق (صور)

لأول مرة منذ ثلاثة عقود، قرأ الحاخام جوزيف حمرا وابنه هنري من مخطوطة توراة في كنيس يهودي بقلب العاصمة السورية دمشق.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي صورة لشخص ألقت السلطات السورية القبض عليه (سانا)

سوريا: ضبط مجموعات متورطة في بيع السلاح لـ«حزب الله»

ألقى الأمن العام السوري القبض على مجموعات متورطة بتهريب وبيع السلاح لـ«حزب الله» اللبناني في القطيفة بريف دمشق، وفق وكالة الأنباء السورية، اليوم الأربعاء.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
شؤون إقليمية مقاتل تابع للقيادة الجديدة في سوريا يتفقد الدمار في موقع عسكري في أعقاب غارة إسرائيلية في دمشق، سوريا، 14 ديسمبر 2024 (رويترز)

الجيش الإسرائيلي: دمّرنا أسلحة تابعة لنظام الأسد في جنوب سوريا

قال الجيش الإسرائيلي، اليوم (الثلاثاء)، إنه قصف أسلحة تابعة للنظام السوري السابق في جنوب سوريا، وفق ما نقلته وكالة «رويترز» للأنباء.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي ترحيب مجموعة من الجيران بعودة عائلة إلى منزلها في معرة النعمان شمال سوريا (أ.ب)

نازحون يعودون لمنازل من دون سقوف في معرة النعمان

بعد عقد من الحرب والنزوح، يعود العديد من السوريين إلى ديارهم، ليجدوا منازلهم إما قد نُهبت أو صارت بلا سقوف.

«الشرق الأوسط» (معرة النعمان (سوريا))
المشرق العربي لقاء تشاوري بين رئيس لجنة الحوار الوطني حسن الدغيم وممثلي المجلس الوطني الكردي (إكس)

قيادات كردية تكشف تفاصيل قرار الاندماج بالجيش السوري

قالت مصادر قريبة من «قسد» إن إعلان القيادة دمج المؤسسات العسكرية والأمنية التابعة لها مع المؤسسات الأمنية للإدارة الذاتية، خطوة جدية لمفاوضات مع دمشق.

كمال شيخو (دمشق)

التكنولوجيا في ميدان القتال: كيف يعيد الذكاء الاصطناعي تشكيل الحروب الحديثة؟

مشهد للدمار الناتج عن ضربات جوية إسرائيلية على منازل فلسطينية في رفح جنوب قطاع غزة (رويترز)
مشهد للدمار الناتج عن ضربات جوية إسرائيلية على منازل فلسطينية في رفح جنوب قطاع غزة (رويترز)
TT
20

التكنولوجيا في ميدان القتال: كيف يعيد الذكاء الاصطناعي تشكيل الحروب الحديثة؟

مشهد للدمار الناتج عن ضربات جوية إسرائيلية على منازل فلسطينية في رفح جنوب قطاع غزة (رويترز)
مشهد للدمار الناتج عن ضربات جوية إسرائيلية على منازل فلسطينية في رفح جنوب قطاع غزة (رويترز)

يشهد العالم تحولاً جذرياً في أساليب الحروب، حيث تلعب أنظمة الذكاء الاصطناعي دوراً متزايداً في عمليات الاستهداف العسكري. في الصراع المستمر في غزة ولبنان، أتاح التعاون بين شركات التكنولوجيا الأميركية وإسرائيل تعزيز قدرات التتبع والاستهداف، ما أدى إلى تنفيذ هجمات بوتيرة أسرع ودقة أكبر. وفقاً لتقرير لوكالة «أسوشييتد برس» للأنباء.

ومع ذلك، يثير هذا التطور مخاوف متزايدة حول تداعيات التكنولوجيا على حياة المدنيين، خاصة مع ارتفاع أعداد الضحايا بشكل غير مسبوق.

دور الذكاء الاصطناعي في العمليات العسكرية

لطالما استعانت الجيوش بأنظمة الذكاء الاصطناعي لتحليل كميات هائلة من البيانات الاستخباراتية، ولكن الحرب الأخيرة كشفت عن اعتماد الجيش الإسرائيلي على تقنيات متقدمة من تطوير شركات أميركية كبرى، مثل «مايكروسوفت» و«OpenAI»، في عمليات الاستهداف.

يظهر شعار «مايكروسوفت» ولوحة المفاتيح والأيدي الآلية في هذا الرسم التوضيحي (رويترز)
يظهر شعار «مايكروسوفت» ولوحة المفاتيح والأيدي الآلية في هذا الرسم التوضيحي (رويترز)

ووفقاً لتحقيق الوكالة، فإن استخدام هذه التقنيات شهد قفزة نوعية بعد هجوم 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، حيث ارتفع معدل استخدامها 200 ضعف، مع زيادة كبيرة في حجم البيانات المخزنة على خوادم مايكروسوفت.

وأفاد مسؤولون إسرائيليون بأن أنظمة الذكاء الاصطناعي تساهم في تسريع عملية تحديد الأهداف مع ضمان مراجعتها من قبل ضباط متخصصين. ومع ذلك، فإن هذه الأنظمة ليست معصومة من الأخطاء، إذ أظهرت تقارير استخباراتية عدة حوادث أدت إلى استهداف خاطئ لمواقع مدنية بسبب سوء تفسير البيانات.

العلامة التجارية لشركة «أوبن إيه آي» (رويترز)
العلامة التجارية لشركة «أوبن إيه آي» (رويترز)

مخاوف أخلاقية وإنسانية

وتشير التقارير إلى أن الاعتماد على الذكاء الاصطناعي في عمليات الاستهداف العسكري قد يؤدي إلى وقوع أخطاء كارثية. فعلى سبيل المثال، تعرضت سيارة تقل مدنيين في جنوب لبنان لقصف إسرائيلي، رغم أن كاميرات المراقبة أظهرت وجود أطفال ونساء داخلها. وفي حين أقر الجيش الإسرائيلي بالحادثة، لم يُحدد ما إذا كان الخطأ ناتجاً عن نظام الذكاء الاصطناعي أو عن سوء تقدير بشري.

وقالت هايدي خلاف، كبيرة علماء الذكاء الاصطناعي في معهد «AI Now»: «للمرة الأولى، نحصل على دليل مباشر على استخدام نماذج الذكاء الاصطناعي التجارية في العمليات القتالية، ما يثير مخاوف جدية حول مستقبل الحروب المؤتمتة».

موقف شركات التكنولوجيا

ورغم أن «مايكروسوفت» و«OpenAI» لم تعلنا رسمياً عن شراكتهما مع الجيش الإسرائيلي، فإن تحقيق «أسوشييتد برس» كشف عن عقود تقدر بملايين الدولارات لتوفير خدمات الحوسبة السحابية والذكاء الاصطناعي. وعلى الرغم من أن «OpenAI» تدعي أن سياساتها تمنع استخدام تقنياتها في الأغراض العسكرية، فإنها عدلت شروط الاستخدام في 2023 للسماح بـ«حالات استخدام تتماشى مع الأمن القومي».

مستقبل الحروب في ظل الذكاء الاصطناعي

يؤكد خبراء عسكريون أن الاعتماد المتزايد على الذكاء الاصطناعي يعيد تشكيل ملامح الحروب المستقبلية، حيث يمكن لهذه الأنظمة اتخاذ قرارات بسرعة فائقة، لكنها في الوقت ذاته قد تؤدي إلى زيادة معدل الأخطاء بسبب التحيزات الخوارزمية ونقص التدقيق البشري.

ويحذر محللون من أن هذه التطورات قد تفتح الباب أمام سباق تسلح رقمي جديد، حيث تتسابق الدول للاستثمار في الأنظمة الذكية لتعزيز قدراتها العسكرية، ما قد يجعل الحروب أكثر دموية وأقل خضوعاً للمساءلة الإنسانية والقانونية.

صورة جوية التقطتها طائرة مسيّرة تظهر حجم الدمار الذي خلّفه الهجوم الإسرائيلي على بيت لاهيا شمال قطاع غزة خلال الحرب بين إسرائيل و«حماس»... الصورة ملتقطة خلال الهدنة في 17 فبراير 2025 (أ.ب)
صورة جوية التقطتها طائرة مسيّرة تظهر حجم الدمار الذي خلّفه الهجوم الإسرائيلي على بيت لاهيا شمال قطاع غزة خلال الحرب بين إسرائيل و«حماس»... الصورة ملتقطة خلال الهدنة في 17 فبراير 2025 (أ.ب)