«حماس» لم تتبلغ قراراً بمغادرة الدوحة لكنها «أُحيطت علماً» بطلب أميركا طردها

الحركة تتجه لاختيار الحية رئيساً لمكتبها السياسي

صورة أرشيفية لمقاتِلَين فلسطينيَّين من «كتائب القسام» الجناح العسكري لحركة «حماس» يشاركان في عرض عسكري قرب الحدود مع إسرائيل بوسط قطاع غزة 19 يوليو 2023 (رويترز)
صورة أرشيفية لمقاتِلَين فلسطينيَّين من «كتائب القسام» الجناح العسكري لحركة «حماس» يشاركان في عرض عسكري قرب الحدود مع إسرائيل بوسط قطاع غزة 19 يوليو 2023 (رويترز)
TT

«حماس» لم تتبلغ قراراً بمغادرة الدوحة لكنها «أُحيطت علماً» بطلب أميركا طردها

صورة أرشيفية لمقاتِلَين فلسطينيَّين من «كتائب القسام» الجناح العسكري لحركة «حماس» يشاركان في عرض عسكري قرب الحدود مع إسرائيل بوسط قطاع غزة 19 يوليو 2023 (رويترز)
صورة أرشيفية لمقاتِلَين فلسطينيَّين من «كتائب القسام» الجناح العسكري لحركة «حماس» يشاركان في عرض عسكري قرب الحدود مع إسرائيل بوسط قطاع غزة 19 يوليو 2023 (رويترز)

أكد مصدر مسؤول في حركة «حماس» أن الحركة لم تتلقَّ طلباً من قطر بمغادرة الدوحة، بخلاف تقارير متعددة حول ذلك، لكنه أضاف أن الحركة أُحيطت علماً بوجود طلب أميركي فقط.

وقال المصدر لـ«الشرق الأوسط» إن الحركة أُحيطت علماً بوجود طلب أميركي وضغوط متصاعدة بشأن إخراجها من قطر، لكن الحكومة القطرية لم تطلب أي شيء من قادة الحركة. وأضاف المصدر: «تكرر هذا الأمر مرات عدة (في السابق)، ويبدو أن هذا نوع من الضغوط الأميركية من أجل إجبار الحركة على التنازل في مفاوضات وقف النار» المتعثرة في غزة.

في المقابل، نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» عن مصدر دبلوماسي قوله السبت إن قطر انسحبت من دور الوسيط الرئيسي في التوصل إلى اتفاق لوقف النار في غزة والإفراج عن الرهائن، وأبلغت «حماس» بأن مكتبها في الدوحة «لم يعد يخدم الغرض منه». وقال المصدر الذي طلب عدم كشف هويته: «أبلغ القطريون الإسرائيليين وحماس أنه طالما كان هناك رفض للتفاوض على اتفاق بحسن نية، فلن يتمكنوا من الاستمرار في الوساطة. ونتيجة لذلك، لم يعد المكتب السياسي لحماس يخدم الغرض منه».

وكانت وسائل إعلام إسرائيلية وأميركية ووكالات أنباء عالمية قالت إن قطر أبلغت زعماء «حماس» بأنهم لم يعودوا موضع ترحيب. وقالت هيئة البث الرسمية الإسرائيلية (كان)، إنه تمَّ إبلاغ القادة الفلسطينيين بهذا القرار «في الأيام الأخيرة». كذلك أكّدت صحيفة «تايمز أوف إسرائيل» الطلب الأميركي، ونقلت عن مسؤولين كبار في إدارة بايدن أن قطر أبلغت «حماس» بأنَّ عليها إغلاق مكتبها في الدوحة.

وتستضيف قطر مسؤولين من «حماس» في الدوحة منذ عام 2012، عندما نقلت الحركة مقرها من دمشق في خضم الحرب السورية، وبعد أن حثت الإدارات الأميركية المتعاقبة قطر على ذلك، بحسب ما يقول مسؤولون في «حماس». واعترف المسؤول في «حماس»، موسى أبو مرزوق، في مقابلة سابقة، بأن الحركة موجودة في قطر بطلب أميركي.

عضو المكتب السياسي لحركة «حماس» موسى أبو مرزوق (أرشيفية - رويترز)

لكن قواعد اللعبة تغيّرت إلى حد كبير كما يبدو بعد هجوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، الذي شنّته «حماس» على إسرائيل. وفي هذا الإطار، أفادت «تايمز أوف إسرائيل» بأنه بعد الهجوم أبلغت الولايات المتحدة قطر بأن الدوحة لن تتمكّن من مواصلة «العمل كالمعتاد» مع الحركة، مضيفة أن الإدارة الأميركية امتنعت عن مطالبة قطر بإغلاق مكتب «حماس» فوراً، حيث عدّت أن قناة الاتصال مع الحركة في الدوحة بالغة الأهمية في التوسط للوصول إلى اتفاق لوقف النار وإطلاق سراح الرهائن المحتجزين في غزة.

وقال مسؤول أميركي للصحيفة الإسرائيلية: «إن إعدام (حماس) للرهينة الأميركي - الإسرائيلي هيرش غولدبرغ بولين مع 5 رهائن آخرين في أواخر أغسطس (آب)، ورفضها لاحقاً مقترحات وقف إطلاق النار، هما ما دفعا الإدارة إلى تغيير نهجها بشأن استمرار وجود الحركة في الدوحة»، عادّة أن ذلك الوجود «لم يعد مفيداً أو مقبولاً». وأضاف المسؤول الأميركي أن القرار الأميركي تزامن أيضاً مع رفع السرية عن لوائح اتهام ضد مسؤولين في «حماس»، بمَن في ذلك أحد كبار قادتها، خالد مشعل، المعروف بأنه يقيم في الدوحة. وقال مسؤول ثانٍ في الإدارة الأميركية للصحيفة إنه «بعد رفض المقترحات المتكررة للإفراج عن الرهائن، لم يعد من المقبول أن يكون قادتها موضع ترحيب في عواصم أي شريك للولايات المتحدة».

ولم تُظهر «حماس» أي علامات على التراجع عن موقفها في المفاوضات، بل أصرَّت على «شروط تضمن فعلياً قدرتها على البقاء في السلطة في غزة، وهو شيء لن تقبله الولايات المتحدة وإسرائيل على الإطلاق»، حسب المسؤول الأميركي. وقال هذا المسؤول: «إن الولايات المتحدة طلبت من قطر قبل أسبوعين طرد (حماس)». وأضاف أن «الدوحة وافقت، وأرسلت الإشعار للحركة في نحو 28 أكتوبر الماضي».

وأضاف المسؤول الأميركي أن التفاصيل المتعلقة بالموعد الفعلي لطرد مسؤولي «حماس»، والمكان الذي سيُطلب منهم الذهاب إليه لا تزال قيد البحث. وتم في الماضي ذكر تركيا وإيران وعُمان ولبنان والجزائر وجهات محتملة لقادة «حماس»، لكن هناك مشكلات في كل منها، بالنسبة للولايات المتحدة ولـ«حماس» أيضاً. وتعرَّضت قطر لانتقادات شديدة من جانب إسرائيل وأعضاء الحزب الجمهوري في الكونغرس، الذين قالوا إنه كان بإمكانها فرض مزيد من الضغوط على «حماس»؛ لتأمين الوصول إلى اتفاق بخصوص المحتجزين في غزة.

القيادي بحركة «حماس» خالد مشعل خلال كلمة له في الدوحة (رويترز - أرشيفية)

وفي وقت سابق من هذا العام، أبلغ وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، قطر بضرورة تحذير «حماس» من أنها تخاطر بالطرد من الدوحة إذا لم توافق على وقف الحرب في غزة، في حين وجهت وزارة العدل الأميركية اتهامات لعدد من قادة «حماس» الكبار على خلفية الهجوم الذي وقع في 7 أكتوبر 2023 على إسرائيل. وأحد هؤلاء هو خالد مشعل، الذي يقيم في قطر.

وقالت إذاعة «كان» الإسرائيلية، السبت، إن مجلس الشيوخ الأميركي وجّه مجموعة مطالب عبر أعضاء بارزين فيه إلى وكالات حكومية أميركية، تتضمّن دعوات لتسليم خالد مشعل، القيادي البارز في «حماس»، إلى الولايات المتحدة، وتجميد أصول مسؤولين من الحركة مقيمين في قطر. وتضمّنت المطالب اتهاماً لـ«حماس» بأنَّها استغلت وجودها في قطر للتنسيق مع جهات إيرانية، وأن هذا الوجود لم يسهم في إنجاز أي مفاوضات مثمرة. كما شدد البيان على ضرورة إبلاغ قطر بأن وجود قادة «حماس» على أراضيها لا يتماشى مع العلاقات الأميركية - القطرية، فضلاً عن أن قادة «حماس» لن يكونوا موضع ترحيب في عواصم الشركاء المقربين للولايات المتحدة.

صورة أرشيفية لزعيم «حماس» في غزة يحيى السنوار وإسماعيل هنية إلى جواره تعود لعام 2017 (رويترز)

وأكد مسؤول أميركي لوكالة «رويترز» أن الولايات المتحدة أبلغت قطر بأن وجود حركة «حماس» في الدوحة لم يعد مقبولاً، وأن قطر قدمت هذا الطلب لقادة «حماس» قبل نحو 10 أيام. كذلك أكدت شبكة «سي إن إن» أن قطر وافقت في الأسابيع الأخيرة على طرد «حماس». وقال مسؤول كبير في الإدارة للشبكة إن «حماس هي جماعة إرهابية قتلت أميركيين، ولا تزال تحتجز أميركيين رهائن. بعد رفضها مقترحات عدة للإفراج عن الرهائن، لم يعد ينبغي الترحيب بقادتها في عواصم أي شريك للولايات المتحدة».

وجاء الضغط الجديد على «حماس» في وقت حرج بالنسبة إلى الحركة التي فقدت، الشهر الماضي، رئيس مكتبها السياسي يحيى السنوار الذي يُعدّ قائد الحرب الحالية، وذلك بعد أقل من شهرين على فقدان إسماعيل هنية قائد الحركة السابق الذي اغتيل في طهران.

وحتى اليوم، لم تنتخب «حماس» رئيساً للمكتب السياسي خلفاً للسنوار وهي تدير أمرها بشكل جماعي. لكن مصادر أكدت لـ«الشرق الأوسط» أن الحركة تتجه إلى اختيار خليل الحية رئيس قطاع غزة، رئيساً للمكتب السياسي العام. وكشفت مصادر من داخل «حماس» عن أن الحركة ستختار خليل الحية في حال تهيأت لها الظروف من جديد لاختيار شخصية جديدة لرئاسة المكتب السياسي لها.

خليل الحية عضو المكتب السياسي لحركة «حماس» (رويترز)

ويشغل الحية حالياً منصب رئيس الحركة بغزة، ويتولى مهاماً حيوية وكبيرة داخل قيادة «حماس»، منها قيادة فريق التفاوض بشأن وقف إطلاق النار بغزة، وكذلك ملف التواصل مع حركة «فتح» بشأن مستقبل قطاع غزة. وقالت مصادر «الشرق الأوسط» إن هناك إجماعاً داخل قيادة الحركة على أن تكون شخصية رئيس المكتب السياسي للحركة لإكمال الفترة الحالية من الدورة الانتخابية الأخيرة، من داخل قيادة القطاع وليس من الضفة الغربية أو الخارج. والحية من سكان قطاع غزة. ووفقاً للمصادر، فإن هذا التوجه من قيادة «حماس» ينبع بشكل أساسي بوصفه رسالة وفاء لقيادة الحركة وجماهيرها بغزة، في ظل الظروف التي خلقتها معركة «طوفان الأقصى».

وقالت مصادر أخرى من «حماس» إن هذا الإجماع بشكل أساسي جاء تتويجاً للدورة الانتخابية الأخيرة التي جرت في يوليو (تموز) 2021، التي حصدت فيها قيادة غزة، أهم المراكز والمواقع القيادية والملفات الحساسة داخل الحركة. وكان الحية اختير نائباً لرئيس المكتب السياسي لـ«حماس» في غزة، يحيى السنوار، وتسلم ملفات مهمة، وزار سوريا برفقة وفد من قيادات فصائل فلسطينية في أكتوبر 2022، والتقى حينها الرئيس السوري بشار الأسد، في أول زيارة لقيادي في «حماس» إلى دمشق منذ عام 2012. وتقول مصادر من «حماس» لـ«الشرق الأوسط»، إن الحية كان له دور مهم في تغيير نهج الحركة وانفتاحها مجدداً على «محور المقاومة»، وهو النهج الذي تلقى دعماً من قيادة «كتائب القسام».

وفي أعقاب اغتيال هنية، واختيار السنوار ليكون رئيساً للمكتب السياسي لـ«حماس»، أصبح الحية رئيساً للمكتب السياسي بغزة، وأصبح أكثر قوةً ونفوذاً، قبل أن تصبح العيون عليه أكثر في أعقاب مقتل السنوار بعملية إسرائيلية تمت بـ«الصدفة» في رفح، ليتحول بذلك الشخصية الأبرز لقيادة المكتب السياسي، متفوقاً على قيادات تاريخية مثل خالد مشعل وموسى أبو مرزوق وغيرهما. وأوضحت مصادر أن «اختيار رئيس جديد للمكتب السياسي قد يُتَّخذ في أي لحظة، ولكنه سيبقى دون إعلان رسمي».


مقالات ذات صلة

«اتفاق غزة»: الوسطاء يبحثون عن حل لتعثر «المرحلة الثانية»

العالم العربي فلسطينيون يسيرون على طول زقاق موحل في مخيم مؤقت يؤوي نازحين فلسطينيين بعد هطول أمطار غزيرة بحي الزيتون بمدينة غزة (أ.ف.ب)

«اتفاق غزة»: الوسطاء يبحثون عن حل لتعثر «المرحلة الثانية»

تتواصل جهود الوسطاء للدفع نحو المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة المبرم قبل نحو شهرين، وسط حديث إسرائيل عن أن هناك تعثراً.

محمد محمود (القاهرة)
المشرق العربي الرئيس الفلسطيني محمود عباس (رويترز) play-circle

عباس يرفض «مخططات إسرائيل» لفصل قطاع غزة أو إعادة احتلاله

قال الرئيس الفلسطيني محمود عباس، الجمعة، إن السلطة الفلسطينية لن تقبل أو تتعامل مع مخططات إسرائيل في فصل قطاع غزة عن الضفة، بما فيها القدس، أو إعادة احتلال القط

«الشرق الأوسط» (روما)
الولايات المتحدة​ جندي إسرائيلي يطلق مُسيّرة إسرائيلية فوق قطاع غزة من جنوب إسرائيل 6 ديسمبر 2023 (أ.ف.ب)

مصادر: أميركا حجبت معلومات مخابراتية عن إسرائيل خلال عهد بايدن

ذكرت ستة مصادر مطلعة أن مسؤولي المخابرات الأميركية علّقوا مؤقتاً تبادل بعض المعلومات الأساسية مع إسرائيل خلال إدارة الرئيس السابق جو بايدن.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي أطفال فلسطينيون يتحركون وسط مياه الأمطار التي أغرقت مخيمات الإيواء في خان يونس بجنوب قطاع غزة (إ.ب.أ)

«حماس»: قطاع غزة في «كارثة حقيقية» بعد غرق مراكز الإيواء بمياه الأمطار

قالت حركة «حماس» الفلسطينية إن قطاع غزة يعيش «كارثة حقيقية» بسبب المنخفض الجوي، مما تسبب في غرق كل مراكز الإيواء بفعل الأمطار.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية ماركو روبيو ونظيره الإسرائيلي جدعون ساعر في مقر الخارجية الأميركية في واشنطن (ا.ف.ب)

روبيو يبحث مع نظيره الإسرائيلي تنفيذ خطة ترمب للسلام في غزة

أفادت وزارة الخارجية الأميركية، اليوم، أن الوزير ماركو روبيو التقى مع نظيره الإسرائيلي جدعون ساعر، حيث بحثا قضايا الأمن الإقليمي وخطة ترمب لوقف النار في غزة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

توم براك حاول إقناع نتنياهو بقبول تركيا في غزة

المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا توم برّاك ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في لقاء يوم الاثنين (الحكومة الإسرائيلية)
المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا توم برّاك ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في لقاء يوم الاثنين (الحكومة الإسرائيلية)
TT

توم براك حاول إقناع نتنياهو بقبول تركيا في غزة

المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا توم برّاك ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في لقاء يوم الاثنين (الحكومة الإسرائيلية)
المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا توم برّاك ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في لقاء يوم الاثنين (الحكومة الإسرائيلية)

تطابقت التقارير العبرية، حول لقاء رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، والمبعوث الأميركي الخاص لسوريا سفير الولايات المتحدة لدى تركيا، توم برّاك، الاثنين، في القدس، على تلقّي الأول «رسائل حادة وخاصة» من إدارة الرئيس دونالد ترمب، قبل قمة أميركية - إسرائيلية مرتقبة، نهاية الشهر، في فلوريدا. وتركز الاجتماع بين برّاك ونتنياهو على 3 محاور هي: غزة، وسوريا، واللقاء مع ترمب.

تصريحات غير مقبولة في غزة

وفي ملف غزة، والانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار الهش الذي بدأ أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، فإن صحيفة «يديعوت أحرونوت» أفادت بأن «برّاك حاول تبديد مخاوف نتنياهو من الدور التركي وإقناعه بمشاركتها في القوات الدولية في قطاع غزة، موضحاً أن تركيا هي الدولة الأكثر تأثيراً على (حماس)، والأكثر قدرة على إقناعها بنزع سلاحها».

وأفادت الصحيفة بأن براك ذكّر نتنياهو بأن تركيا «وقّعت على خطة ترمب (بشأن وقف إطلاق النار في غزة)، وتعهدت باسم (حماس) ببند تسليم الأسلحة، وستؤدي مشاركتها إلى تحفيز العديد من الدول المترددة حالياً بالمشاركة في القوة الدولية».

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان خلال توقيعه على إعلان شرم الشيخ حول السلام بالشرق الأوسط (الرئاسة التركية)

وحسبما نقلت الصحيفة، فإن برّاك قال «إن عدم مشاركة تركيا يجعل تلك الدول تتراجع عن المشاركة، والرئيس ترمب لن يسمح بفشل هذه الفكرة، موضحاً أن تصريحات نتنياهو التي قال فيها إنه لا يثق بأن (حماس) ستتخلى عن أسلحتها، وتهديده بأن إسرائيل هي التي ستستطيع ذلك، هي تصريحات غير مقبولة، وتشكل تهديداً للخطة».

وتوافقت الإفادات السابقة، مع ما نقلته «القناة 12 للتلفزيون الإسرائيلي»، الاثنين، أن «البيت الأبيض نقل رسالة (خاصة وحادة) إلى نتنياهو، شددت على أن اغتيال القيادي العسكري البارز في حركة (حماس)، رائد سعد، يشكّل خرقاً لاتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه بوساطة ترمب».

كما أكدت القناة وجود «توتر متصاعد بين إدارة ترمب وحكومة نتنياهو، على خلفية الخلاف حول الانتقال إلى المرحلة الثانية من الاتفاق لإنهاء الحرب على غزة، إضافة إلى السياسات الإسرائيلية الأوسع في المنطقة».

وقال مسؤولان أميركيان للقناة إن وزير الخارجية ماركو روبيو، والمبعوث الخاص للبيت الأبيض ستيف ويتكوف، وجاريد كوشنر صهر الرئيس الأميركي، باتوا «محبطين للغاية» من سلوك نتنياهو.

ونقل التقرير عن مسؤول أميركي رفيع قوله إن فحوى الرسالة التي وُجّهت إلى نتنياهو كان واضحاً: «إذا كنت تريد تدمير سمعتك وإظهار أنك لا تلتزم بالاتفاقات فهذا شأنك، لكننا لن نسمح لك بتدمير سمعة الرئيس ترمب بعد أن توسط في اتفاق غزة».

وفي الضفة الغربية، قال مسؤول أميركي كبير ومصدر مطّلع إن البيت الأبيض يشعر بقلق متزايد إزاء عنف المستوطنين ضد الفلسطينيين، وما يراه «استفزازات إسرائيلية» تضر بالجهود الأميركية لتوسيع (الاتفاقيات الإبراهيمية)، وأضاف المسؤول الأميركي: «الولايات المتحدة لا تطلب من نتنياهو المساس بأمن إسرائيل، بل تطلب منه عدم اتخاذ خطوات تُفسَّر في العالم العربي على أنها استفزازية».

وقال مسؤول أميركي: «نتنياهو تحوّل خلال العامين الماضيين إلى شخصية منبوذة دولياً. عليه أن يسأل نفسه لماذا يرفض (الرئيس المصري عبد الفتاح) السيسي لقاءه، ولماذا، بعد خمس سنوات على اتفاقيات أبراهام، لم تتم دعوته لزيارة الإمارات».

وأضاف: «إدارة ترمب تبذل جهداً كبيراً لإصلاح الوضع، لكن إذا لم يكن نتنياهو مستعداً لاتخاذ خطوات لخفض التصعيد، فلن نضيّع وقتنا في محاولة توسيع (الاتفاقيات الإبراهيمية)»

شتائم لنتنياهو في البيت الأبيض

وبدا لافتاً أن ترمب أوفد براك إلى نتنياهو، رغم الهجوم الذي شنه رئيس الوزراء الإسرائيلي ضد الدبلوماسي الأميركي خلال الآونة الأخيرة، إلى حد تصريحه بأنه يرى فيه «سفيراً تركياً لدى أمريكا، وليس سفيراً أميركياً لدى تركيا».

كما ازدادات حمى غضب نتنياهو من براك، عندما شكك بالديمقراطية الإسرائيلية قبل أسبوعين، ما دعا برّاك للاعتذار، قبل زيارته، عن التصريح مع مطالبة نتنياهو بعدم تضخيم الأزمة على حساب القضايا الكبرى التي جاء لبحثها.

ونقل الصحافي ناحوم بارنياع في «يديعوت أحرونوت»، الاثنين، عن مصدر مطلع، أن «الأمريكيين بدؤوا يكتشفوا أن نتنياهو ليس جاداً في التقدم نحو تطبيق خطة ترمب للسلام، وأنه يعمل كل ما بوسعه كي تبقى إسرائيل في حرب الى الأبد».

وقال بارنياع: «روى لي مصدر مطلع، بأن وابلاً من الشتائم في البيت الأبيض نزلت على رأس رئيس وزراء إسرائيل؛ قيلت كلمات تمتنع صحيفة شريفة عن كتابتها. ولا ينبغي استبعاد إمكانية أن شيئاً من هذا قيل لنتنياهو مباشرة في أثناء نهاية الأسبوع»، وفق ما أفاد الكاتب الإسرائيلي.

خطوط حمراء في سوريا

وتذهب التقديرات الإسرائيلية إلى أن برّاك حدد في اجتماعه مع نتنياهو «خطوطاً حمراء» بشأن النشاط الإسرائيلي في سوريا، عبر التأكيد على رغبة ترمب التي عبّر عنها سابقاً، في أن الرئيس السوري أحمد الشرع يمثل حليفاً لواشنطن، يجب دعمه في مساعيه لاستقرار الدولة ودفعها إلى الأمام، ولذلك يرغب الأميركيون في تجنب أي إجراءات يرونها تقوض حكمه.

ونقلت التقارير العبرية أن برّاك نقل أن الأمريكيين يخشون من أن تؤدي كثرة العمليات الإسرائيلية إلى انهيار النظام في سوريا، بالإضافة إلى رغبتهم في التوصل إلى اتفاق أمني.

وفي شأن لبنان، فإن ترمب يريد من إسرائيل استمرار ممارسة الضغوط على «حزب الله» من خلال عمليات محدودة، لكنه لا يوافق حالياً على عمليات حربية موسعة.

ووذهب محللون إسرائيليون إلى أن نتنياهو لن يرفض كل طلبات برّاك، بل يحاول الانسجام معها ولكن من دون التزام قاطع، وهدفه في ذلك هو أن يمهد الطريق لإنجاح لقائه مع ترمب في فلوريدا، يوم 29 ديسمبر (كانون الاول) الحالي.

ولكن نتنياهو في الوقت نفسه، لم يفوت فرصة الظهور كمن يتخذ قرارات مستقلة، فأرسل قواته لقصف جوي في سوريا، قبل لحظات من وصول براك إلى مكتبه.

جانب من اجتماع المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا توم برّاك ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يوم الاثنين (الحكومة الإسرائيلية)

وفي إطار الاستفزاز لتركيا ورئيسها رجب طيب اردوغان، قرر استضافة قمة ثلاثية تجمعه مع رئيس وزراء اليونان ورئيس قبرص، في لقاء مشترك وُصف في إسرائيل بأنه يحمل رسالة سياسية مباشرة ضد تركيا. بيد أن براك قال في ختام لقائه مع نتنياهو إن الاجتماع كان «حواراً بناءً يهدف إلى تحقيق السلام والاستقرار الإقليميين».


طهران ومينسك تتفقان على خريطة طريق للتعاون خلال عام

لوكاشينكو يستقبل عراقجي الاثنين (الرئاسة البيلاروسية)
لوكاشينكو يستقبل عراقجي الاثنين (الرئاسة البيلاروسية)
TT

طهران ومينسك تتفقان على خريطة طريق للتعاون خلال عام

لوكاشينكو يستقبل عراقجي الاثنين (الرئاسة البيلاروسية)
لوكاشينكو يستقبل عراقجي الاثنين (الرئاسة البيلاروسية)

أعلن وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي التوصل إلى اتفاق بين إيران وبيلاروسيا على إعداد خريطة طريق للتعاون خلال العام المقبل.

وقال عراقجي، خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره البيلاروسي ماكسيم ريجنكوف في إطار زيارته الرسمية إلى مينسك، إنه أجرى «مباحثات جيدة وبناءة ومثمرة» مع ريجنكوف، وكذلك مع الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو، أسهمت في دفع العلاقات الثنائية قدماً، حسبما أفادت وسائل إعلام إيرانية.

وأشار إلى وجود تقارب في وجهات النظر بين البلدين حيال عدد من القضايا الدولية والإقليمية، لافتاً إلى أن طهران ومينسك تتعاونان بشكل وثيق في المحافل الدولية، ولديهما مواقف متقاربة إزاء القضايا الإقليمية.

وقال عراقجي إن زيارة رئيس بيلاروسيا إلى إيران العام الماضي، وكذلك زيارة الرئيس الإيراني إلى بيلاروسيا في أغسطس (آب) الماضي، شكّلتا محطتين مهمتين في مسار العلاقات الثنائية، وأسهمتا في تحقيق قفزة ملحوظة في التعاون السياسي والاقتصادي.

وأشار إلى انعقاد اللجنة الاقتصادية المشتركة بين البلدين الأسبوع الماضي في طهران، موضحاً أن الاجتماع أسفر عن اتفاقات «مهمة وقيمة» تعكس إرادة جادة لدى الطرفين لمواصلة التعاون والاستفادة من القدرات الاقتصادية المتاحة.

وأضاف أن إيران وبيلاروسيا تخضعان لعقوبات أحادية الجانب، وأنهما تتعاونان في مجال مواجهة هذه العقوبات، مشيراً إلى أن البلدين عضوان في مجموعة «أصدقاء ميثاق الأمم المتحدة».

وأوضح أن المشاورات التي جرت خلال الزيارة انتهت إلى الاتفاق على وضع خريطة طريق للتعاون للعام المقبل، تحدد خطوات عملية لتعزيز الاستفادة من إمكانات البلدين.

من جهتها، أفادت وزارة الخارجية البيلاروسية بأن الوزير ريجنكوف أبلغ نظيره الإيراني أن بلاده ستبذل أقصى الجهود لجعل الزيارة الرسمية «مفيدة ومثمرة قدر الإمكان».

ومن مينسك، سيتوجه عراقجي إلى موسكو في إطار زيارة عمل، حيث سيجري، الأربعاء، محادثات مع نظيره الروسي سيرغي لافروف.

وقالت الخارجية الروسية، في بيان، إن الوزيرين يعتزمان مناقشة القضايا الدولية الراهنة بتفصيل، بما في ذلك الوضع المتعلق بالبرنامج النووي الإيراني، إلى جانب تبادل وجهات النظر حول ملفات إقليمية ذات اهتمام مشترك.

ونقلت وكالة «تاس» الروسية، عن البيان، أن لقاء الوزيرين سيجري إيلاء اهتمام خاص للقضايا الراهنة في جدول العلاقات الثنائية الروسية - الإيرانية، بما في ذلك سبل تنفيذ اتفاقية الشراكة الاستراتيجية الشاملة لمدة 25 عاماً، التي دخلت حيز التنفيذ في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.


إضراب في يافا بعد اعتداء مستوطنين على سيدة حامل مُحجبة

مواطنون عرب يتظاهرون في إسرائيل (أغسطس 2023) احتجاجاً على انتشار الجريمة بالبلدات العربية (أ.ف.ب)
مواطنون عرب يتظاهرون في إسرائيل (أغسطس 2023) احتجاجاً على انتشار الجريمة بالبلدات العربية (أ.ف.ب)
TT

إضراب في يافا بعد اعتداء مستوطنين على سيدة حامل مُحجبة

مواطنون عرب يتظاهرون في إسرائيل (أغسطس 2023) احتجاجاً على انتشار الجريمة بالبلدات العربية (أ.ف.ب)
مواطنون عرب يتظاهرون في إسرائيل (أغسطس 2023) احتجاجاً على انتشار الجريمة بالبلدات العربية (أ.ف.ب)

شهدت مدينة يافا إضراباً عاماً، الاثنين، احتجاجاً على الاعتداء العنصري الذي قام به 3 مستوطنين يهود متطرفين، السبت الماضي، على امرأة محجبة في الشهر التاسع من حملها.

وتركز الاحتجاج على إدانة تصرف الشرطة الإسرائيلية، التي لم تعتقل المعتدين، وقبضت على 14 شخصاً من مواطني يافا المحتجين.

وجاء الإضراب في وقت جلبت فيه الشرطة المعتقلين، طالبة تمديد اعتقالهم لـ3 أيام لغرض التحقيق، لكن القاضي رد طلب الشرطة باستهجان، وأمر بالإفراج عن جميع المعتقلين، وقال إن ادعاءاتها بأنهم يحرضون على العنف في الدولة غير صحيحة.

كيف حدث الاعتداء؟

تعرضت عائلة الشاب فادي خيمل من مدينة يافا، مساء السبت، لاعتداء عنصري نفذه 3 من المستوطنين في حيّ العجمي، حيث رش المعتدون أفراد العائلة بغاز الفلفل المُدمِع، واعتدوا عليهم بآلات حادة، وكانت السيدة حنان (زوجة فادي خيمل)، وهي حامل في شهرها التاسع، داخل السيارة برفقة طفليهما البالغين من العمر 5 و7 سنوات، بالإضافة إلى والدته التي تجاوزت الستين من عمرها.

وتروي حنان (30 عاماً): «كنت أقود سيارتي وزوجي يقود سيارة حماتي أمامي، وراحوا يشتمونني».

وتضيف: «بصق (أحدهم) نحو ابنتي الطفلة، فنزلت حماتي من السيارة تتحدث إليهم، لكنهم لم يحترموها؛ بل دفعوها أرضاً. وهنا لاحظت أن أحدهم كان مسلحاً، فرحت أستخدم آلة تنبيه السيارة، وأصيح: إنه مسلح، احذروا، وقد حضر بعض المارة اليهود والعرب وأوقفوا الاعتداء».

ولا يزال بعض أفراد العائلة يتلقون العلاج في المستشفى، ويعاني الطفلان من آلام في جسديهما والعينين من جرّاء الاعتداء.

اعتقال المحتجين على الاعتداء

خرج عشرات المواطنين من عرب يافا يتظاهرون احتجاجاً، وراحوا يهتفون ضد المستوطنين واعتداءاتهم، ويطالبون بتطهير يافا من سمومهم، إذ إنهم قدموا قبل 20 عاماً من المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية إلى يافا، لغرض تهويدها ومحاربة خطر تحولها إلى مدينة ذات أكثرية عربية، وقد فرقتهم الشرطة، بزعم أن مظاهرتهم غير قانونية، واعتقلت 4 منهم.

ثم أكملت حملة الاعتقال في ساعات الفجر من يوم الأحد، وبينهم نائب رئيس الهيئة الإسلامية المنتخبة، الشيخ عصام السطل، والشيخ محمد محاميد، عضو الهيئة وإمام مسجد النزهة، والأستاذ مجد راس، وهو مربٍّ، والمحامي عبد الفتاح زبدة، المتحدث الرسمي باسم الهيئة الإسلامية المنتخبة، وإبراهيم سوري رئيس لجنة الصيادين، والشيخ محمد عايش إمام مسجد البحر، وغيرهم.

وقال رئيس الهيئة الإسلامية في يافا، عبد القادر أبو شحادة، إن «ما حصل مع حنان خيمل لن يتوقف عندها، إنما سيستمرّ من قِبل هؤلاء المتطرّفين الذين لا يروننا بشراً».

وذكر أن «ما تعرّضت له حنان صعب، ويوضح عقلية هؤلاء المتطرفين، ويجب علينا في ظلّ هذا التطرّف، أن نكون يداً واحدة، وهذا ما نراه في يافا اليوم. ما يحصل في يافا، بدأ قبل 20 عاماً، عندما بدأت (النواة التوراتية) تدخل إلى المدينة، وهذه الجماعات خطر على الجميع، وترى الجميع أعداء، وغير آدميين».

متظاهرون من عرب إسرائيل أمام مكتب بنيامين نتنياهو في القدس (وسائل إعلام إسرائيلية)

وقالت صبحيّة أبو شحادة، وهي شقيقة ضحيّة الاعتداء، حنان خيمل: «نقف هنا لنطالب بحقّ حنان التي اعتُدي عليها في المكان الذي يفترض أنه الأكثر أماناً، وهو حارتها؛ فالمستوطنون المعتدون عليها حتى هذه اللحظة طلقاء من دون عقاب».

وقالت سُميّة صافي، والدة المعتقل محمد صافي: «قوات كبيرة من الشرطة اقتحمت منزلنا، الأحد، في مدينة يافا، واعتقلت ابني محمد، وذلك لأنه شارك، أمس، في المظاهرة بالقرب من حديقة الغزازوة، التي طالبت باعتقال المعتدين على العائلة العربية في يافا».

وأضافت: «عندما اعتقلوه كان يعتني بطفله البالغ من العمر شهراً واحداً، بينما كانت والدته تشتري أغراضاً، ولم تقبل الشرطة أن تنتظر حتى تأتي والدته، وتركت الطفل لي على الرغم من أنني أعاني من كسور في يدي».