«الحرس الثوري»: أطلقنا 24 صاروخاً باليستياً على سوريا والعراق والانتقام مستمر

طهران عدت الهجوم «في إطار الدفاع عن النفس»

صورة نشرتها وكالة «إرنا» الرسمية من إطلاق صواريخ «فاتح 110» في موقع غير معروف
صورة نشرتها وكالة «إرنا» الرسمية من إطلاق صواريخ «فاتح 110» في موقع غير معروف
TT

«الحرس الثوري»: أطلقنا 24 صاروخاً باليستياً على سوريا والعراق والانتقام مستمر

صورة نشرتها وكالة «إرنا» الرسمية من إطلاق صواريخ «فاتح 110» في موقع غير معروف
صورة نشرتها وكالة «إرنا» الرسمية من إطلاق صواريخ «فاتح 110» في موقع غير معروف

أعلن قائد الوحدة الصاروخية في «الحرس الثوري» الإيراني إطلاق 24 صاروخاً باليستياً، على شمال العراق وسوريا، في وقت قالت فيه الخارجية الإيرانية إن الهجوم الباليستي في الساعات الأولى من صباح الثلاثاء، يأتي في إطار «الحق المشروع» في الدفاع عن أمنها.

وقال «الحرس الثوري» في رابع بياناته، صباح الثلاثاء، في أعقاب الهجوم الباليستي إنه «استهدف مقر تجسس لـ(الموساد) في إقليم كردستان العراق، ومقر تجمُّع الإرهابيين في أجزاء من سوريا».

وكشف البيان الرابع عن إطلاق 24 صاروخاً باليستياً، من بينها 4 صواريخ من طراز «خيبر شكن» الذي أُطْلِق من قاعدة صاروخية تابعة لـ«الحرس الثوري» في بلدة دارخوين الواقعة غرب مدينة الأحواز جنوب غربي البلاد على بعد 75 كيلومتراً من الحدود الإيرانية - العراقية، باتجاه إدلب في شمال سوريا.

وقال قائد الوحدة الصاروخية، أمير علي حاجي زاده إن «4 صواريخ من طراز (خيبر شكن) أُطْلِقت باتجاه إدلب من جنوب غربي البلاد، من مسافة 1300 كيلومتر، وأصابت مقرات تنظيمات متطرفة»، ووصفها بالعملية «الأبعد مدى لصواريخ (الحرس الثوري)».

وهذه هي المرة الأولى التي تطلق فيها إيران صاروخ «خيبر شكن» بعد نحو عامين من تدشينه، ويبلغ مدى الصاروخ 1450 كيلومتراً وهو أحدث الصواريخ متوسطة المدى. وفي أغسطس (آب) الماضي، كشف «الحرس الثوري» عن نسخة ثانية من صاروخ «خيبر شكن» معلناً عن رفع مداه إلى 1800 كيلومتر ليصبح صاروخاً بعيد المدى. ويعمل الصاروخ بالوقود الصلب، ويبلغ طوله 10.5 متر.

وأشار بيان إلى إطلاق 4 صواريخ باليستية من الغرب، و7 صواريخ أخرى من شمال غربي البلاد، باتجاه مدينة أربيل، بالإضافة إلى 9 صواريخ باليستية، أُطْلِقت باتجاه مناطق في شمال سوريا.

ولم يحدد بيان «الحرس الثوري» نوعية 20 صاروخاً أُطلقت باتجاه العراق وسوريا، لكن قنوات «تلغرام» تابعة لدائرة الإعلام والدعاية في «الحرس الثوري» تداولت مقاطع فيديو، بعد لحظات من الهجوم تشير إلى إطلاق صواريخ من طراز «فاتح 110» من قاعدتين في مدن تبريز، شمال غربي وكرمانشاه غرب البلاد.

وقال بيان «الحرس الثوري: «إن وحدته الصاروخية (جو الفضا) بإشراف استخباراتي شامل على مراكز تجسس العدو وتحركاته ومقراته واجتماعات الإرهابيين الجناة وجّهت ضربات صاروخية باتجاه مقر تجسسي لـ(الموساد) في إقليم كردستان العراق، ومقر تجمع للقادة والعناصر الأساسية المرتبطة بأعمال إرهابية في البلاد خصوصاً تنظيم (داعش)».

بيانات «الحرس الثوري»

وكان «الحرس الثوري» الإيراني قد أصدر 3 بيانات في الساعات الأولى من إعلانه قصفاً بصواريخ باليستية أهدافاً في كلّ من سوريا وإقليم كردستان العراق.

في بيانه الأول بعد لحظات من الهجوم، وصف «الحرس الثوري» عملياته الصاروخية بأنها استهداف «مقرات تجسس وجماعات إرهابية مناهضة لإيران في أجزاء من المنطقة».

أما في بيانه الثاني فقد ذكر أن الهجوم جاء رداً على «الجرائم الأخيرة لجماعات إرهابية (...) في مدينتي كرمان وراسك»، مضيفاً أن الهجوم استهدف تجمعات القادة والعناصر الأساسية المرتبطة بالعمليات الأخيرة، خصوصاً (داعش) في الأراضي السورية المحتلة».

وخاطب البيان رقم 2، المواطنين الإيرانيين قائلاً: «سنلاحق الجماعات الإرهابية أينما كانت، وسنحاسبهم على أفعالهم».

لكن البيان الثالث، أضاف تفاصيل أخرى، مؤكداً أن «(الحرس الثوري) أطلق صواريخ باليستية، على أحد مقرات (الموساد) في إقليم كردستان العراق ودمره بالكامل، وذلك رداً على الشرور الأخيرة للكيان الصهيوني بقتل قادة (الحرس الثوري) وجبهة المقاومة».

وكان البيان يشير ضمناً إلى تهديدات إيران بالرد على القصف الإسرائيلي الذي قضى على مسؤول إمدادات «الحرس الثوري» في سوريا، العميد رضي موسوي، قبل مقتل القيادي في حركة «حماس» صالح العاروري، والقيادي في «حزب الله» وسام الطويل، في ضربات إسرائيلية. وكذلك أبو تقوى السعيدي، القيادي في حركة «النجباء» العراقية الموالية لإيران.

لوحة إعلانية تصور صواريخ إيرانية كُتب عليها بالفارسية والعبرية: «جهزوا توابيتكم» معلقة على مبنى في ساحة فلسطين بطهران (إ.ب.أ)

حملة دعائية

في اللحظات الأولى من الهجوم، ادعت وسائل إعلام «الحرس الثوري» وقوع تفجيرات مهيبة في قاعدة حرير.

وتحدثت وكالة «تسنيم» التابعة لـ«الحرس الثوري» عن هدفين مهمين على الأقل في الهجوم على أربيل. وقالت: «قاعدة التجسس العسكرية الأميركية التي تعمل تحت مسمى القنصلية الأميركية في أربيل، وقاعدة حرير العسكرية هما مقر القوات الأميركية». وتابعت: «ما هو مؤكد أن القوات الأميركية واجهت هجوماً ثقيلاً». وتحدثت بعض قنوات «الحرس الثوري» على «تلغرام» عن مقتل 5 مواطنين أميركيين على الأقل.

واختفت المعلومات عن استهداف مواقع أميركية، بعدما نقلت «رويترز» عن مسؤولين أميركيين، أن الهجمات «لم تستهدف منشآت أميركية»، نافية وقوع أي خسائر.

ورفعت اللوحات الدعائية في أنحاء العاصمة طهران ملصقاً يظهر إطلاق صواريخ باليستية، وكُتبت عليها شعارات باللغتين العبرية والفارسية، ويقول الشعار: «جهزوا توابيتكم».

كما تناقلت مواقع تابعة لـ«الحرس الثوري» صورة من أحد الصواريخ كُتب عليه الوسم «الجاكيت الوردي»، في إشارة إلى فتاة صغيرة قُتلت في هجوم انتحاري بمدينة كرمان الإيرانية. وتحول الوسم إلى حملة لوسائل إعلام «الحرس الثوري» على شبكات التواصل الاجتماعي.

«الهجمات مستمرة»

واستدعى العراق سفيره في طهران للتشاور على خلفية «الاعتداءات» الإيرانية، بينما رأت الولايات المتحدة أن القصف «متهور».

وقال المتحدث باسم الخارجية ناصر كنعاني في بيان إن إيران «لن تتردد في استخدام حقها المشروع للتعامل الرادع مع مصادر تهديد الأمن القومي والدفاع عن أمن مواطنيها»، مضيفاً أن طهران «تمكنت في عملية دقيقة وموجهة وبقدراتها الاستخبارية العالية، من تحديد مقرات المجرمين واستهدافها بأسلحة دقيقة جداً».

وزعم كنعاني أن الهجوم الصاروخي «كان جزءاً من ردّ الجمهورية الإسلامية الإيرانية على أولئك الذين يتخذون إجراءات ضد الأمن القومي الإيراني وأمن المواطنين». ووضع القصف في إطار «العقاب العادل... ضد المعتدين على أمن البلاد» وفق ما أوردت وكالة الصحافة الفرنسية.

وقال قائد «الحرس الثوري» في طهران، حسن حسن زاده، إن «الانتقام من الأعداء لا يزال مستمراً».

وأشاد رئيس البرلمان، محمد باقر قاليباف على منصة «إكس» بالهجوم الذي «أعاد تذكير أميركا والكيان الصهيوني والإرهابيين الداعمين لهما بالقوة»، وأضاف: «لقد ولى زمن الإفلات من العقاب».

وبدوره، قال قائد القوات البرية في الجيش الإيراني، كيومرث حيدري إن «الإرهابيين لن يهنأوا بعد الآن». وأضاف: «سنطوي صفحة الأعداء». ونقلت وكالة «تسنيم» عن حيدري قوله إن «قواتنا المسلحة في أعلى مستويات الاستعداد، وسترد بحزم على أي تهديد على أي مستوى وحجم».

وهذه أول مرة يربط فيها بيان «الحرس الثوري» بين جماعة «جيش العدل» البلوشية المعارضة، والهجوم الدامي في الثالث من يناير (كانون الثاني) على مدينة كرمان، الذي تبناه تنظيم «داعش خراسان». ولم تعرض السلطات الإيرانية دليلاً على ارتباط الجماعة المعارضة بتنظيم «داعش».

ووقع تفجيران انتحاريان في مدينة كرمان بجنوب إيران في مدخل مقبرة مسؤول العمليات السابق في «الحرس الثوري» قاسم سليماني، وذلك خلال مراسم إحياء الذكرى السنوية الرابعة لمقتله في يناير 2020 بغارة أميركية في العراق. وقد أوقع التفجيران اللذان تبنّاهما تنظيم «داعش خراسان»، نحو 90 قتيلاً وعشرات الجرحى.

ورغم تبني «داعش»، للتفجيرين فإن كبار المسؤولين الإيرانيين وجّهوا اتهامات إلى إسرائيل والولايات المتحدة، وتوعدوا بالانتقام الشديد.

وفي 10 يناير قُتل شرطي إيراني في اشتباكات مسلحة بمدينة راسك في محافظة بلوشستان في جنوب شرقي إيران، بين مسلحين من المعارضة البلوشية، وقوات الشرطة الإيرانية.

وكان هذا ثاني هجوم لجماعة «جيش العدل» البلوشية المعارضة، على مقر قيادة شرطة مدينة راسك الحدودية، بعدما قُتل 11 شرطياً إيرانياً في هذه المنطقة الحدودية مع باكستان وأفغانستان.

وتشهد بلوشستان توتراً منذ سبتمبر (أيلول) 2022 بعد مقتل عشرات المتظاهرين بنيران قوات الأمن الإيرانية، لدى محاولتهم اقتحام مقر للشرطة في مدينة زاهدان.

حقائق

هجمات صاروخية سابقة


  • أطلق «الحرس الثوري» في مارس (آذار) 2022، 12 صاروخاً باليستياً من طراز «فاتح 110» على محيط أربيل. وقال حينها إن الهجوم «أصاب مراكز استراتيجية إسرائيلية». وجاء الهجوم رداً على غارة جوية إسرائيلية قضت على اثنين من ضباط «الحرس الثوري» في سوريا.
  • شن «الحرس الثوري» الإيراني في سبتمبر 2022 هجوماً بأكثر من 70 صاروخاً أرض - جو، وأطلق العشرات من الطائرات المسيّرة المفخخة على كردستان العراق، استهدفت مقرات «الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني» ومدرسة للاجئين الإيرانيين، ومخيمات اللاجئين في قضاء كويسنجق بمحافظة أربيل، ومقرات جناحي «حزب الكوملة الكردستاني» في منطقة زركويز بمحافظة السليمانية، ومقرات «حزب الحرية الكردستاني الإيراني» في جنوب أربيل. وفُسرت تلك الهجمات في الداخل الإيراني بأنها محاولة لصرف الأنظار عن الاحتجاجات الشعبية التي اندلعت شرارتها في طهران، وتوسعت في المدن الكردية على خلفية وفاة الشابة الكردية مهسا أميني التي تنحدر من مدينة سقز، في أثناء احتجازها لدى شرطة الأخلاق بدعوى سوء الحجاب.
  • وفي الثامن من يناير 2020 استهدف «الحرس الثوري» قاعدة «عين الأسد» بغرب العراق، مقر القوات الأميركية، رداً على مقتل مسؤول العمليات الخارجية في «الحرس الثوري»، قاسم سليماني بضربة جوية قرب مطار بغداد، أمر بها الرئيس الأميركي دونالد ترمب.
  • وفي سبتمبر 2018، أطلق «الحرس الثوري» 7 صواريخ باليستية قصيرة المدى «أرض - أرض»، على مقر «الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني» (المعارض) في كويسنجق بين أربيل والسليمانية، وسقط نحو 50 شخصاً بين قتيل وجريح.


مقالات ذات صلة

واشنطن تتدخل لتهدئة الاشتباكات بين «قسد» والأمن السوري

المشرق العربي إنزال الأمن السوري حمولة صواريخ «غراد» بمحافظة حمص في سيارة معدة للتهريب باتجاه الحدود اللبنانية (أرشيفية - الداخلية السورية)

واشنطن تتدخل لتهدئة الاشتباكات بين «قسد» والأمن السوري

تقارير: إيران ليس لديها أي تردد في إبرام ترتيبات تكتيكية مع الجماعات المتطرفة مثلما حدث مع تنظيم «القاعدة» و«طالبان»، وقد تتبنى هذا التكتيك في سوريا مع «داعش».

هبة القدسي (واشنطن)
المشرق العربي جانب من أحد اجتماعات قوى «الإطار التنسيقي» (وكالة الأنباء العراقية)

ائتلاف السوداني يطرح «مبادرة شاملة» لحسم ملف رئاسة وزراء العراق

أعلن ائتلاف «الإعمار والتنمية» الذي يقوده رئيس وزراء حكومة تصريف الأعمال محمد السوداني، الاثنين، أنه بصدد طرح «مبادرة سياسية شاملة لحسم منصب رئاسة الوزراء».

فاضل النشمي (بغداد)
خاص توني بلير مستقبلاً الملك عبد الله الثاني في لندن قبل لقائهما المذكور في الوثيقة في 25 فبراير 2003 (أ.ف.ب)

خاص الأردن ينفي طرح دور للهاشميين في عراق ما بعد صدام

الأردن ينفي صحة تقارير عن طرح الملك عبد الله الثاني دوراً هاشمياً في عراق ما بعد صدام، مؤكداً أن محاضر لقاء 2003 مع بلير لا تتضمن ذلك.

محمد خير الرواشدة (عمّان)
المشرق العربي الرئيس الأميركي دونالد ترمب مع مبعوثه الخاص إلى العراق المُعيّن حديثاً مارك سافايا (إكس)

مبعوث ترمب إلى العراق يشترط نزعاً «شاملاً» لسلاح الفصائل

تواصل الولايات المتحدة ضغوطها على القيادات السياسية والفصائلية في العراق لإنهاء ملف نزع سلاح الفصائل، باعتباره أحد أهم الأهداف الرئيسة التي تسعى إلى تحقيقه.

فاضل النشمي (بغداد)
الاقتصاد جولة تفقدية من وزارة النفط العراقية لمشروع استثمار الغاز المصاحب بالناصرية (إكس)

العراق يعتزم بدء تشغيل مشروع غاز الناصرية والغراف في عام 2027

أعلنت وزارة النفط، الاثنين، عن تشغيل مشروع غاز الناصرية والغراف في الربع الأول من 2027.

«الشرق الأوسط» (بغداد)

مسؤولون إسرائيليون يحذرون: التسريبات الإعلامية حول إيران قد تشعل حرباً جديدة

أنظمة الدفاع الجوي الإسرائيلية أثناء تصديها للصواريخ الإيرانية فوق تل أبيب في يونيو الماضي (أ.ب)
أنظمة الدفاع الجوي الإسرائيلية أثناء تصديها للصواريخ الإيرانية فوق تل أبيب في يونيو الماضي (أ.ب)
TT

مسؤولون إسرائيليون يحذرون: التسريبات الإعلامية حول إيران قد تشعل حرباً جديدة

أنظمة الدفاع الجوي الإسرائيلية أثناء تصديها للصواريخ الإيرانية فوق تل أبيب في يونيو الماضي (أ.ب)
أنظمة الدفاع الجوي الإسرائيلية أثناء تصديها للصواريخ الإيرانية فوق تل أبيب في يونيو الماضي (أ.ب)

حذر مسؤولون عسكريون واستخباراتيون إسرائيليون من أن التسريبات والإحاطات الإعلامية الصادرة من إسرائيل في الأيام الأخيرة، بشأن احتمالية تجدد الاشتباك مع إيران، قد تؤدي بالفعل إلى رد فعل غير مدروس من طهران، وتتسبب في اندلاع حرب أوسع.

هل تشعل التسريبات الإسرائيلية حرباً حقيقية؟

ونقل موقع «واي نت»، التابع لصحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية، عن المسؤولين، قولهم إنه «إلى جانب صرف الانتباه عن قضايا رئيسية أخرى في إسرائيل - بما في ذلك التحقيق الحكومي في هجمات 7 أكتوبر (تشرين الأول)، والتأخير في تنفيذ المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة مع (حماس) - فإن هذه التنسريبات والإحاطات الإعلامية، التي تُنسب غالباً إلى (مسؤول دبلوماسي رفيع المستوى)، أو (مصادر استخباراتية غربية)، تُنذر بخطر إشعال حرب حقيقية».

وحذر المسؤولون من أن سوء التواصل مع إيران «قد يُشعل فتيل صراع مُنهك آخر لا ينوي أي من الطرفين خوضه حالياً».

وقد حذر ضباط كبار في الجيش الإسرائيلي مراراً وتكراراً هذا العام، لا سيما بعد الحرب التي اندلعت بين إسرائيل وإيران في يونيو (حزيران) الماضي، من أن سوء التعامل مع الملف الإيراني قد يكون الشرارة الرئيسية لتجدد الأعمال العدائية بين البلدين.

تحذير من هجوم إيراني استباقي

وفي الوقت الراهن، تعتمد تقييمات إيران للتهديدات بشكل كبير على التقارير الإعلامية الإسرائيلية، إذ يواجه عملاء المخابرات الإيرانية صعوبة متزايدة في العمل على الأرض داخل إسرائيل. ومنذ بداية الحرب، تم إحباط 34 محاولة تجسس إيرانية داخل إسرائيل.

وحذّر مسؤولون أمنيون إسرائيليون كبار قائلين: «إذا شعر الإيرانيون بأن رياح الحرب تهب من هنا مجدداً، فقد يفكرون في شنّ هجوم استباقي».

وأضافوا: «إذا كان الهدف هو استئناف الهجمات هناك أو الحفاظ على وقف إطلاق النار الحالي، فمن الأفضل التزام الصمت بدلاً من إغراق وسائل الإعلام بمثل هذه الضجة. وقد يكون النشاط غير المعتاد الذي رصدته وكالات الاستخبارات الغربية في إيران نابعاً جزئياً من شائعات لا أساس لها من الصحة انتشرت على قنوات (تلغرام) الإسرائيلية حول الاستعداد للتصعيد».

وقال المسؤولون إن تعافي إيران يمضي قدماً دون عوائق.

ولفتوا إلى أنه «في ظل غياب آلية إنفاذ دولية أو أي ترتيب دبلوماسي للحد من نفوذ طهران، شرعت القوات الإيرانية في إعادة بناء قدراتها الصاروخية فور انتهاء المواجهة التاريخية مع إسرائيل هذا الصيف. واستمر تدفق الخبرات المتقدمة في إنتاج الصواريخ والتمويل الكبير بشكل مطرد خلال الأشهر الأخيرة إلى وكلاء إيران الإقليميين، من اليمن إلى لبنان».

وقد خلص مسؤولون في الجيش الإسرائيلي إلى أنه في حال استمرار هذا التوجه، فمن المرجح اندلاع جولة أخرى من الأعمال العدائية مع إيران. ومع ذلك، فقد أوصوا إسرائيل بعدم شن أي هجوم إلا في حال تجاوز طهران لشروط بعينها.

الجيش يشكك في تصريحات القيادة السياسية

وفي الوقت الراهن، يعتقد المسؤولون العسكريون أن إيران لم تتجاوز هذه الشروط بعد. وقد أعربت مصادر في الجيش الإسرائيلي، يوم الاثنين، عن تشككها إزاء موجة التصريحات العلنية الأخيرة الصادرة عن القيادة السياسية؛ فعلى سبيل المثال، قالوا إن المناورات العسكرية الإيرانية التي أُجريت هذا الشهر، لا تشير بالضرورة إلى استعداد لشن هجوم وشيك على إسرائيل.

ويرى مسؤولون أمنيون إسرائيليون أن إيران لا تزال تفتقر إلى مصلحة استراتيجية في الرد على إسرائيل في هذه المرحلة، وهم يعتقدون أن طهران «تُركز على تحسين قدراتها العسكرية، مستفيدةً من إخفاقاتها خلال الصيف، وتعزيز قدراتها الاستخباراتية، وزيادة تسليح (حزب الله) والحوثيين»، مشيرين إلى أن دافع الحفاظ على الذات لدى النظام الإيراني يطغى حالياً على أي رغبة في الانتقام.


«الباليستي» الإيراني تحت المجهر الأميركي ــ الإسرائيلي

صورة نشرتها وكالة «ميزان» التابعة للسلطة القضائية من المناورات الصاروخية
صورة نشرتها وكالة «ميزان» التابعة للسلطة القضائية من المناورات الصاروخية
TT

«الباليستي» الإيراني تحت المجهر الأميركي ــ الإسرائيلي

صورة نشرتها وكالة «ميزان» التابعة للسلطة القضائية من المناورات الصاروخية
صورة نشرتها وكالة «ميزان» التابعة للسلطة القضائية من المناورات الصاروخية

وضعت الولايات المتحدة وإسرائيل البرنامج الصاروخي الإيراني تحت المجهر، مع تصاعد التوتر الإقليمي وتضارب المعطيات بشأن تحركات عسكرية داخل إيران. وتشير تقديرات غربية إلى أن طهران تسعى إلى إعادة بناء قدراتها الصاروخية والنووية بعد حرب يونيو (حزيران)، في حين تؤكد إيران أن برنامجها «دفاعي بحت» وخارج أي مسار تفاوضي.

وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أمس، إن إسرائيل «على علم» بأن إيران تجري «تدريبات» في الآونة الأخيرة، لافتاً إلى أن الأنشطة النووية الإيرانية ستُبحث خلال لقائه المرتقب مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب، محذراً من أن أي تحرك إيراني سيُقابل برد عنيف، ومشدداً في الوقت نفسه على أن إسرائيل لا تسعى إلى مواجهة.

من جهته، قال السفير الأميركي لدى إسرائيل، مايك هاكابي، إن طهران «لم تستوعب الرسالة كاملة» بعد القصف الأميركي لمنشأة فوردو خلال حرب يونيو. وفي تل أبيب، أعلن السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام تأييده توجيه ضربات لإيران، معتبراً أن إعادة بناء الترسانة الصاروخية باتت تضاهي خطورة البرنامج النووي.

في المقابل، شددت الخارجية الإيرانية على أن البرنامج الباليستي «خارج طاولة التفاوض»، فيما أكد قائد الجيش الإيراني أمير حاتمي أن القوات المسلحة «تراقب بدقة» تحركات خصومها وسترد «بحزم» على أي اعتداء.

وسجل الداخل الإيراني تبايناً بشأن تقارير عن مناورات صاروخية محتملة، إذ تحدثت وسائل إعلام قريبة من «الحرس الثوري» عن تحركات واختبارات في عدة محافظات، قبل أن ينفي التلفزيون الرسمي إجراء أي مناورات، مؤكداً أن المشاهد المتداولة «غير صحيحة».


نتنياهو: نعلم بالتدريبات الإيرانية الأخيرة

TT

نتنياهو: نعلم بالتدريبات الإيرانية الأخيرة

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال مؤتمر صحافي مع رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس والرئيس القبرصي نيكوس كريستودوليدسفي القدس (إ.ب.أ)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال مؤتمر صحافي مع رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس والرئيس القبرصي نيكوس كريستودوليدسفي القدس (إ.ب.أ)

قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الاثنين، ‌إن تل أبيب على ​علم ‌بأن إيران تجري «تدريبات» في الآونة الأخيرة.

وأضاف نتنياهو، وفقاً لوكالة «رويترز»، ‌أن ‍أنشطة طهران النووية ستخضع للنقاش مع الرئيس الأميركي دونالد ​ترمب خلال زيارته في وقت لاحق من هذا الشهر.

و أضاف نتنياهو في بيان مشترك مع نظيره اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس والرئيس القبرصي نيكوس كريستودوليدس «نحن نراقب الوضع ونتخذ الاستعدادات اللازمة. أود أن أوضح لإيران أن أي عمل ضد إسرائيل سيقابل برد قاس للغاية»، بحسب صحيفة«يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية في موقعها الإلكتروني (واي نت).

ولم يدل نتنياهو بمزيد من المعلومات عن إشارته إلى التدريبات الإيرانية.

تأتي تصريحات نتنياهو في سياق تصاعد التحذيرات الأميركية – الإسرائيلية من عودة إيران إلى إعادة بناء قدراتها الصاروخية والنووية، بعد الحرب التي اندلعت بين الطرفين في يونيو (حزيران) الماضي.

ويتزايد القلق في إسرائيل، من أن التحركات الصاروخية الإيرانية الأخيرة قد لا تكون مجرد تدريبات اعتيادية، بل جزءاً من جهود أوسع لإعادة بناء الترسانة الباليستية التي تضررت خلال الحرب.

ونقل موقع «أكسيوس» عن مسؤولين إسرائيليين أمس، أن هامش تحمل المخاطر بات أقل من السابق، في ظل تجربة الهجوم الذي نفذته حركة «حماس» في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، وما أعقبه من حرب متعددة الجبهات.

ورغم أن التقديرات الاستخباراتية لا تشير إلى هجوم إيراني وشيك، فإن المخاوف تتركز على احتمال سوء تقدير متبادل قد يقود إلى مواجهة غير مقصودة.

وتقول تقديرات أمنية غربية إن الضربات التي استهدفت منشآت إيرانية حساسة خلال تلك الحرب لم تُنه التهديد بالكامل، بل دفعت طهران، وفق هذه التقديرات، إلى السعي لإعادة ترميم قدراتها بأساليب أكثر تحصيناً.

وقال قائد الجيش الإيراني، أمير حاتمي أن القوات المسلحة تراقب «بدقة» تحركات خصومها، وستتعامل «بحزم» مع أي أعمال عدائية.

تباينت وسائل إعلام رسمية في إيران بشأن تقارير عن بدء اختبار صاروخي في عدة محافظات من البلاد، في وقت تتصاعد فيه التوترات مع الولايات المتحدة وإسرائيل، ويتواصل الخلاف مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

ونقلت وكالة «فارس» التابعة لـ«الحرس الثوري»، عن مشاهدات ميدانية وتقارير واردة من مواطنين وقوع اختبار صاروخي في نقاط مختلفة من إيران.

وفي وقت لاحق، نفى حساب التلفزيون الرسمي في بيان مقتضب على «تلغرام» إجراء أي مناورات صاروخية.