المرأة المصرية تُكرس دورها القيادي في المؤسسات الإعلامية

علا الشافعي لـ«اليوم السابع» وريهام السهلي لـ«دي إم سي»

ريهام السهلي  (صفحتها الشخصية على "فيسبوك")
ريهام السهلي (صفحتها الشخصية على "فيسبوك")
TT

المرأة المصرية تُكرس دورها القيادي في المؤسسات الإعلامية

ريهام السهلي  (صفحتها الشخصية على "فيسبوك")
ريهام السهلي (صفحتها الشخصية على "فيسبوك")

في خطوة عُدّت تكريساً لدور المرأة المصرية القيادي في الإعلام، أعلنت الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، وهي الشركة المالكة عدداً من وسائل الإعلام المسموعة والمقروءة والمرئية في مصر، تعيين الكاتبة الصحافية علا الشافعي في منصب رئيس تحرير موقع وصحيفة «اليوم السابع» اليومية، في حين اختيرت الإعلامية ريهام السهلي، رئيساً لشبكة تلفزيون «دي إم سي».

بهذا القرار تنضم الشافعي والسهلي إلى تاريخ ومسيرة حافلة للمرأة المصرية في قيادة الإعلام تمتد أكثر من قرن من الزمان، تربّعت خلاله على عرش القيادة الإعلامية لفترات، وتراجع دورها في أخرى، وإن ظلت حاضرة بقوة في كل المواقع الإعلامية كصحافية، ومقدمة برامج، ومعدة تلفزيونية، وغيرها من المواقع التحريرية والإدارية.

وفي حين رحّب إعلاميون وصحافيون بالقرار، وعدوه «خطوة مُبشرة» تُعيد للمرأة مكانتها على رأس الهرم الإعلامي في مصر، فإنهم أشاروا إلى أن «القرار يتوافق مع اتجاه عام في الدولة المصرية بالإعلاء من شأن المرأة في جميع المجالات».

علا الشافعي (صفحتها الشخصية على "فيسبوك")

تاريخ طويل

ينسجم اختيار السهلي لقيادة شبكة قنوات «دي إم سي» مع تاريخ طويل تصدّرت فيه الإعلاميات المصريات المشهد، وتربّعت على عرش قيادته، فكانت الإعلامية آمال فهمي أول سيدة تتولى منصب رئيسة «إذاعة الشرق الأوسط» عام 1964. وأصبحت تماضر توفيق، أول سيدة تتقلّد منصب رئيس اتحاد الإذاعة والتلفزيون عام 1977، لتسيطر النساء من ثم على هـذا المنصب الذي تولّته في ما بعد سامية صادق، وسهير الإتربي، وصفاء حجازي، ودرية شرف الدين، وهذا قبل أن تصعد الأخيرة إلى قمة الهرم الإعلامي فتتولى منصب وزير الإعلام عام 2013. وحالياً تتولى نائلة فاروق، منصب رئيس التلفزيون المصري.

وبدافع إحساسها بثقل المسؤولية الملقاة على عاتقها، رفضت السهلي التعليق على منصبها الجديد، مكتفية بقولها لـ«الشرق الأوسط» إنها «تشعر بالمسؤولية، وتنتظر تسلم مهام عملها حتى تخطو لتنفيذ مهمتها الجديدة على النحو المأمول».

وتجدر الإشارة إلى أن السهلي تخرجت في كلية الإعلام بالجامعة الأميركية في القاهرة عام 1993، ثم حصلت على درجة الماجستير في مجال العلوم السياسية متخصصة في دراسات الشرق الأوسط عام 1997. وعرفها الجمهور من خلال العمل في قناة «النيل الدولية» كمقدمة لبرنامج أغانٍ، قبل أن تستكمل مسيرتها الإعلامية في عدد من القنوات الفضائية المصرية.

الصحافة المكتوبة

على صعيد الصحافة المطبوعة أيضاً كان للمرأة المصرية مسيرة حافلة. وطبعاً، قبل تقدّمها في التلفزيون، بزغ نجم المرأة في الصحافة المكتوبة. فقبل قرابة قرن وضعت صحافيات مصريات ركيزة القيادة النسوية، وكانت جميلة حافظ أول امرأة مصرية تؤسس مجلة نسائية هي «الريحانة» عام 1907، التي تحولت في ما بعد إلى جريدة عام 1908. وتلتها منيرة ثابت، التي كانت أول امرأة تصدر صحيفة سياسية، هي جريدة «الأمل»، وكذلك كانت أول رئيس تحرير لمجلة سياسية، وأول صحافية نقابية.

أيضاً، هناك الكاتبة الصحافية الراحلة فاطمة يوسف، والدة الأديب إحسان عبد القدّوس، التي أسّست وترأست مجلس تحرير مجلة «روزاليوسف» عام 1925. وبعد مؤسسة «روزاليوسف»، عرفت الصحافة أمينة السعيد، كأول امرأة تتولى منصب رئيس تحرير مجلة «المصوّر» عام 1973، وكانت السعيد أيضاً أول امرأة تترأس مؤسسة «دار الهلال» الصحافية الرسمية عام 1976.

غير أن هذا الدور القيادي على الصعيد الصحافي «تراجع نسبياً» في العقد الأخير، وفق الصحافي المصري عماد الدين حسين، رئيس تحرير صحيفة «الشروق» المصرية. ويقول حسين لـ«الشرق الأوسط»، في هذا الصدد، إن «واحدة من مفارقات مجال الإعلام، أن الكليات المتخصّصة تُسيطر عليها الفتيات، بينما يتصدر الرجال مشهد الحياة المهنية بتقلد المناصب القيادية سواء في الصحف أو القنوات». وأرجع حسين ذلك إلى «ما يتضمنه العمل الإعلامي من مشقة، واحتياجه لساعات تفرغ، ووجود في قلب الأحداث، إضافة إلى قيود مجتمعية يشوبها الفكر ذكوري والتمييز على أساس الجندر، لم تتمكن النساء من مجاراتها». واعتبر من ثم أن تمثيل المرأة في المناصب القيادية الإعلامية خلال السنوات الأخيرة «غير مُعبر عن حجم تأثيرها الحقيقي على الساحة».

في أي حال، ربما جاء قرار اختيار الشافعي لرئاسة تحرير صحيفة يومية عامة ليعيد الأمور إلى نصابها بعض الشيء، وهو ما تعبر عنه الشافعي بقولها إن اختيارها هذا المنصب «ليس فقط تكريساً لدور المرأة القيادي؛ بل أيضاً تأكيد لرسالة إعلامية متماسكة خالية من التصنيفات الجندرية».

الواقع أن الشافعي لم تكن تتوقع اختيارها هـذا المنصب، وفي لقاء مع «الشرق الأوسط» قالت إنها لم تعتقد يوماً أن ثمة مَن يراها في هذه المنطقة من القيادة، بينما انصب اهتمامها منذ أن تخرّجت في كلية الإعلام في جامعة القاهرة عام 1993 على العمل الصحافي وتطوره، من دون متابعة للمناصب والمسميات. وتضيف أن «مفاجأة» تعيينها أصابتها بـ«التجمد، لا سيما مع احتفاء زملائها بها». وحقاً، الاحتفاء بالشافعي، كان له أسباب عدة من بينها، أنها أول امرأة تتولى رئاسة تحرير صحيفة يومية، بعد سنوات درجت فيها الصحافيات المصريات على رئاسة المجلات المتخصصة، والإصدارات الأسبوعية. وراهناً تتولى الصحافية سوسن مراد رئاسة تحرير مجلة «البيت» الصادرة عن مؤسسة الأهرام الصحافية، في حين تتولى الصحافية سمر الدسوقي رئاسة تحرير ثلاث مجلات هي «الكواكب» و«حواء» و«طبيبك الخاص» بمؤسسة «دار الهلال» الصحافية.

انتصار للكفاءة وليس المرأة

الصحافي المصري أحمد ناجي قمحة، رئيس تحرير مجلتي «السياسة الدولية» و«الديمقراطية» في مؤسسة الأهرام، لا يعد تعيين سيدات في مناصب قيادية في الصحافة والإعلام انتصاراً للمرأة؛ بل «تأكيداً على استراتيجية ترتكز على الكفاءة كمعيار للترقي الوظيفي». وصرح قمحة لـ«الشرق الأوسط» موضحاً أن «المرأة حاضرة على مدار تاريخ المهنة، ولا يُمكن وصف الحركة الأخيرة بالمناهضة للتمييز الجندري، لأنه غير حاضر في الصحافة والإعلام من الأساس». ويضيف أن «اختيار كل من الشافعي والسهلي لم يأتِ بغرض تمكين النساء، بل بفضل تاريخ كل منهن في مجالها، ومن ثم، فنحن أمام إعلاء لمفهوم الكفاءة والخبرات من دون أي اعتبارات للنوع».

وأشار قمحة إلى بُعد آخر يمثله اختيار الشافعي، تحديدًا، وهو «اختيار صحافية لها باع في مجال الفن والثقافة، ما يعكس أيضاً اهتمام الدولة بالمكوّن الفني والثقافي» على حد تعبيره. وللعلم، برز اسم الشافعي في مجالي الفن والثقافة، فإلى جانب دراستها الإعلامية حصلت على بكالوريوس المعهد العالي للسينما قسم سيناريو عام 1999، وبدأت مسيرتها المهنية من صحيفة «الأهرام» اليومية، قبل أن تنضم إلى «اليوم السابع» مع انطلاقها عام 2008.

ومن جانبه، اعتبر خالد البلشي، نقيب الصحافيين في مصر، خلال حوار مع «الشرق الأوسط» أن القرارات الأخيرة «انتصار للمهنة، سواء كانت تمكيناً للمرأة أو للقيادات المستحقة». غير أنه وضع المهنية وقواعد العمل الصحافي كركيزة للاحتفاء أو المحاسبة. وقال إنه «لن يحتفي بتعيين صحافي في منصب فقط على أساس الجنس أو السن، بل ما يعنيه بوصفه نقيباً للصحافيين، حماية المهنة وحقوق العاملين بها، وليس جديدًا على الصحافة والإعلام أن يتزيّنا بالسيدات».

وبدورها، فسّرت الصحافية المصرية دعاء النجار، عضو مجلس نقابة الصحافيين المصريين، مقرر لجنة المرأة بالنقابة، الصعود الأخير للقيادات النسائية في الإعلام، بأنه «انعكاس لاهتمام الدولة المصرية الحديثة بالمرأة». ودلّلت على ذلك في حديثها لـ«الشرق الأوسط» بقولها إن «مصر وصلت إلى أكبر تمثيل نسائي في الحكومة والمجالس النيابية خلال العقد الأخير، إذ تمثل المرأة 25 في المائة من البرلمان المصري... وفي عام 2018 شغلت المرأة ربع مجلس الوزراء. كذلك وصلت نسبة السيدات في مجلس الشيوخ (الغرفة الثانية للبرلمان) إلى 14 في المائة، و31 في المائة من منصب نائب محافظ، و27 في المائة نائبات وزراء».

أيضاً، شدّدت النجار على مكتسبات المرأة في الصحافة والإعلام. وذكرت أنه «منذ 2017 كان هناك توسع في تمثيل المرأة في الهيئة الوطنية للصحافة، والمجلس الأعلى للإعلام، وفي رئاسة تحرير المجلات والإصدارات، وفي مجالس الإدارات والجمعيات العمومية سواء بالانتخاب أو بالتعيين». وأردفت: «لقد شهدت نقابة الصحافيين في الدورة التي بدأت في 2021، ولأول مرة في تاريخ النقابة، إقرار لجنة للمرأة، كما ضم مجلسا النقابة العامة والفرعية بالإسكندرية لأول مرة 4 عضوات».

النجار رأت أن «حركة التغيير الأخيرة لم تأتِ اعتباطاً، كما لن تمر مرور الكرام، فتشكيل المجتمعات يأتي تراكمياً بخطوات منسجمة بين المجتمع والقيادة السياسية. وفي جزء من هذا المسار يجري تكريس دور المرأة المصرية القيادي في الصحافة والإعلام».


مقالات ذات صلة

 «صندوق النقد» يتوصل لاتفاق مع مصر بشأن المراجعة الرابعة

الاقتصاد أرشيفية لمواطن داخل أحد محلات الصرافة في القاهرة يستبدل الجنيه بالدولار (رويترز)

 «صندوق النقد» يتوصل لاتفاق مع مصر بشأن المراجعة الرابعة

توصل صندوق النقد الدولي إلى اتفاق على مستوى الخبراء بشأن المراجعة الرابعة بموجب اتفاق تسهيل ممدد مع مصر، وهو ما قد يتيح صرف 1.2 مليار دولار بموجب البرنامج.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
العالم العربي عشرات الآلاف من المصريين خلال مظاهرات 30 يونيو 2013 ضد حكم الرئيس الإخواني الراحل محمد مرسي (أرشيفية - أ.ف.ب)

مصر: اتهامات لـ«الإخوان» بـ«التضليل» إثر مزاعم عن مظاهرات

اتَّهم برلمانيون وإعلاميون مصريون عناصر جماعة «الإخوان» المحظورة، بـ«التضليل» ونشر «الشائعات»، عقب مزاعم عن وجود مظاهرات في أنحاء مصر.

محمد عجم (القاهرة)
العالم العربي رئيس الوزراء المصري في لقاء سابق مع مشايخ وعواقل سيناء (مجلس الوزراء المصري)

مصر: «عفو رئاسي» عن 54 سجيناً من سيناء

قرَّر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، العفو عن 54 سجيناً من أبناء سيناء، من المحكوم عليهم في قضايا، في خطوة رحّب بها مشايخ وعواقل قبائل سيناء.

أحمد إمبابي (القاهرة)
العالم العربي وزير الدفاع المصري يتفقد أحد تشكيلات قوات الدفاع الجوي (المتحدث العسكري)

وزير الدفاع المصري يؤكد قدرة بلاده على تحقيق «توازن إقليمي»

أكد وزير الدفاع المصري، الفريق أول عبد المجيد صقر، أن بلاده تمتلك القدرة على تحقيق «التوازن الإقليمي» في المنطقة التي قال إنها «تموج بمتغيرات متسارعة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي الأمير فيصل بن فرحان والوزير بدر عبد العاطي (الخارجية المصرية)

السعودية ومصر تبحثان الوضع في سوريا

بحث وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان مع نظيره المصري بدر عبد العاطي، في اتصال هاتفي، الاثنين، مستجدات الأوضاع على الساحة السورية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

مشهد الحرب طغى على شاشات المحطات اللبنانية

انفجار أجهزة البايجر أدّى الى تصاعد الحرب (أ.ف.ب)
انفجار أجهزة البايجر أدّى الى تصاعد الحرب (أ.ف.ب)
TT

مشهد الحرب طغى على شاشات المحطات اللبنانية

انفجار أجهزة البايجر أدّى الى تصاعد الحرب (أ.ف.ب)
انفجار أجهزة البايجر أدّى الى تصاعد الحرب (أ.ف.ب)

طغى مشهد الحرب على أحداث لبنان لسنة 2024، لا سيما في الأشهر الأخيرة من العام، وهي أشهر أمضاها اللبنانيون يترقّبون بقلق مصير بلدهم غير آبهين بأي مستجدات أخرى تحصل على أرضهم أو في دول مجاورة. وشكّلت محطات التلفزة الخبز اليومي للمشاهدين، فتسمروا أمام شاشاتها يتابعون أحداث القصف والتدمير والموت.

توقيف حاكم مصرف لبنان رياض سلامة شكّل مفاجأة للبنانيين

المشهد الإعلامي: بداية سلسة ونهاية ساخنة

عند اندلاع ما أُطلق عليها «حرب الإسناد» في 8 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، لم يتأثر المشهد الإعلامي في لبنان، فقد أبقى أصحاب المحطات المحلية مع بداية عام 2024 على برامجهم المعتادة، وخاضت التلفزيونات موسم رمضان بشكل عادي، متنافسة على تقديم الأفضل للمشاهد. لم تتبدل أجندة البرامج في محطات «إل بي سي آي»، و«الجديد»، و«إم تي في». وتابع اللبنانيون برامج الترفيه والحوارات السياسية والألعاب والتسلية، وكأن لا شيء غير عادي يحدث. وفي موسم الصيف، ركنت المحطات كعادتها إلى إعادات درامية وحلقات من برامج ترفيهية. فهذا الموسم يتسم عادة بالركود، كون المُشاهد عموماً يتحوّل إلى نشاطات أخرى يمارسها بعيداً عن الشاشة الصغيرة.

لكن منذ أن جرى تفجير أجهزة الاستدعاء (البيجر) بعناصر «حزب الله»، في 17 سبتمبر (أيلول) من العام الحالي، انقلب المشهد الإعلامي رأساً على عقب. وضعت جميع المحطات مراسليها ومقدمي نشرات الأخبار لديها في حالة استنفار، وصار المشهد السائد على الشاشة الصغيرة، من حينها، يتألّف من نقل مباشر وحوارات سياسية متواصلة.

حالة استنفار عام سادت محطات التلفزة لمواكبة أحداث الحرب

مقتل صحافيين خلال الحرب

لم توفر الحرب الدائرة في لبنان منذ بداياتها الجسم الإعلامي الذي خسر عدداً من مراسليه على الأرض. وُصف استهدافهم بـ«جريمة حرب» هزّت المشهد واستدعت استنكاراً واسعاً.

ولعل الحدث الأبرز في هذا المجال هو الذي جرى في أكتوبر 2024 في بلدة حاصبيا الجنوبية.

فقد استهدفت غارة إسرائيلية فندقاً كان قد تحول إلى مقر إقامة للصحافيين الذين يغطون أخبار الحرب؛ مما أسفر عن مقتل 3 منهم وإصابة آخرين. قُتل من قناة «الميادين» المصوّر غسان نجار، ومهندس البث محمد رضا، كما قُتل المصوّر وسام قاسم من قناة «المنار». ونجا عدد آخر من الصحافيين الذين يعملون في قناة «الجديد»، ووسائل إعلامية أخرى.

وضع لبنان على اللائحة الرمادية (لينكد إن)

تمديد أوقات البث المباشر

أحداث الحرب المتسارعة التي تخلّلها اغتيالات، وقصف عنيف على لبنان، سادت المشهد الإعلامي. وشهدت محطات التلفزة، للمرة الأولى، تمديد أوقات البث المباشر ليتجاوز 18 ساعة يومياً.

وجنّدت محطات التلفزة مراسليها للقيام بمهمات يومية ينقلون خلالها الأحداث على الأرض. وتنافست تلك المحطات بشكل ملحوظ كي تحقّق السبق الصحافي قبل غيرها، فقد مدّدت محطة «إم تي في»، وكذلك «الجديد» و«إل بي سي آي»، أوقات البث المباشر ليغطّي أي مستجد حتى ساعات الفجر الأولى.

وحصلت حالة استنفار عامة لدى تلك المحطات. فكان مراسلوها يصلون الليل بالنهار لنقل أحداث الساعة.

برامج التحليلات السياسية والعسكرية نجمة الشاشة

أخذت محطات التلفزة على عاتقها، طيلة أيام الحرب في لبنان، تخصيص برامج حوارية تتعلّق بهذا الحدث. وكثّفت اللقاءات التلفزيونية مع محللين سياسيين وعسكريين. وبسبب طول مدة الحرب استعانت المحطات بوجوه جديدة لم يكن يعرفها اللبناني من قبل. نوع من الفوضى المنظمة ولّدتها تلك اللقاءات. فاحتار المشاهد اللبناني أي تحليل يتبناه أمام هذا الكم من الآراء. وتم إطلاق عناوين محددة على تلك الفقرات الحية. سمّتها محطة الجديد «عدوان أيلول». وتحت عنوان «تحليل مختلف»، قدّمت قناة «إل بي سي آي» فقرة خاصة بالميدان العسكري وتطوراته. في حين أطلقت «إم تي في» اسم «لبنان تحت العدوان» على الفقرات الخاصة بالحرب.

أفيخاي أدرعي نجماً فرضته الحرب

انتشرت خلال الحرب الأخبار الكاذبة، وخصّصت بعض المحطات مثل قناة «الجديد» فقرات خاصة للكشف عنها. وبين ليلة وضحاها برزت على الساحة الإعلامية مواقع إلكترونية جديدة، وكانت مُتابعة من قِبل وسائل الإعلام وكذلك من قِبل اللبنانيين. ومن بينها «ارتكاز نيوز» اللبناني. كما برز دور «وكالة الإعلام الوطنية»، لمرة جديدة، على الساحة الإعلامية؛ إذ حققت نجاحاً ملحوظاً في متابعة أخبار الحرب في لبنان. وشهدت محطات تلفزة فضائية، مثل: «العربية» و«الجزيرة» و«الحدث»، متابعة كثيفة لشاشاتها ومواقعها الإلكترونية.

أما الحدث الأبرز فكان متابعة اللبنانيين للمتحدث الإعلامي للجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي. فالحرب فرضته على اللبنانيين لتوليه مهمة الكشف عن أسماء قادة الحزب الذين يتمّ اغتيالهم. كما كان يطل في أوقات متكررة، عبر حسابه على «إكس»، يطالب سكان مناطق محددة بمغادرة منازلهم. فيحدد لهم الوقت والساعة والمساحة التي يجب أن يلتزموا بها، كي ينجوا من قصف يستهدف أماكن سكنهم.

عودة صحيفة إلى الصدور

في خضم مشهد الحرب الطاغي على الساحة اللبنانية، برز خبر إيجابي في الإعلام المقروء. فقد أعلنت صحيفة «نداء الوطن»، في 11 نوفمبر (تشرين الثاني)، استئناف صدورها، ولكن بإدارة جديدة. فقد سبق أن أعلن القيمون عليها في فترة سابقة عن توقفها. وكان ذلك في شهر مايو (أيار) من العام نفسه.

توقيف حاكم مصرف لبنان يتصدّر نشرات الأخبار

سبق انشغال الإعلام اللبناني بمشهد الحرب خبر توقيف حاكم مصرف لبنان رياض سلامة. كان الخبر الأبرز في نشرات الأخبار المتلفزة. لم يتوقع اللبنانيون في 3 سبتمبر من عام 2024 أن يستيقظوا على خبر شكّل مفاجأة لهم. ففي هذا اليوم تم توقيف رياض سلامة على ذمة التحقيق، وذلك بتهم تتعلّق بغسل أموال واحتيال واختلاس. جاءت هذه الخطوة في إطار تحقيق يتعلّق بشركة الوساطة المالية اللبنانية «أبتيموم إنفيست»، وقبل أسابيع قليلة من تصنيف لبنان ضمن «القائمة الرمادية» لمجموعة العمل المالي «فاتف» (FATF)؛ مما يهدّد النظام المالي اللبناني المتأزم.

اغتيال أمين عام حزب الله حسن نصرالله تصدّر مشهد الحرب

أخبار تصدّرت المشهد الإعلامي لعام 2024

تصدّرت المشهد الإعلامي لعام 2024 سلسلة من الأحداث. شملت أخبار اغتيالات قادة «حزب الله»، وفي مقدمهم أمينه العام حسن نصر الله في 27 سبتمبر. كما انشغلت نشرات الأخبار المتلفزة بالحديث عن وضع لبنان على «القائمة الرمادية»، وهو تصنيف من شأنه أن يفاقم معاناة البلاد اقتصادياً في ظل الأزمة المالية المستمرة منذ عام 2019. أما أحدث الأخبار التي تناقلتها محطات التلفزة فهو قرار الإفراج عن المعتقل السياسي جورج إبراهيم عبد الله بعد قضائه نحو 40 عاماً في السجون الفرنسية.

وقف إطلاق النار يبدّل المشهد المرئي

في 27 نوفمبر أُعلن وقف إطلاق النار، بعد توقيع اتفاق مع إسرائيل. فتنفّست محطات التلفزة الصعداء. وانطلقت في استعادة مشهديتها الإعلامية المعتادة استعداداً لاستقبال الأعياد وبرمجة موسم الشتاء.