بيرنز: روسيا ستصبح شريكاً صغيراً ومستعمرة اقتصادية للصين بسبب أخطاء بوتين

مدير «سي آي إيه» زار كييف سراً... واتصل بنظيره الروسي لينفي أي دور لواشنطن في تمرد «فاغنر»

مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية وليام بيرنز (رويترز)
مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية وليام بيرنز (رويترز)
TT
20

بيرنز: روسيا ستصبح شريكاً صغيراً ومستعمرة اقتصادية للصين بسبب أخطاء بوتين

مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية وليام بيرنز (رويترز)
مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية وليام بيرنز (رويترز)

قال مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه)، وليم بيرنز، إن الاقتصاد الروسي تضرر بشدة ولسنوات مقبلة جراء حرب الرئيس بوتين في أوكرانيا، متوقعاً أن تصبح روسيا شريكاً صغيراً و«مستعمرة اقتصادية» للصين «بسبب أخطاء» بوتين. وأضاف بيرنز أن «تداعيات أقوال وأفعال» زعيم التمرد، يفغيني بريغوجين، ستظهر تباعاً على روسيا، متوقعاً أن يؤثر التمرد عليها لبعض الوقت.

مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية وليام بيرنز (أ.ف.ب)
مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية وليام بيرنز (أ.ف.ب)

وأضاف بيرنز، وهو سفير سابق لواشنطن في موسكو، في محاضرة ألقاها أمام مؤسسة ديتشلي في أكسفوردشير بإنجلترا، إن تمرد بريغوجين «مثّل تحدياً» للدولة الروسية، وهو تذكير واضح بالآثار السيئة لحرب بوتين على مجتمعه ونظامه. وأكد بيرنز أن التمرد هو «شأن داخلي» روسي، و«لم يكن لنا أي دور فيه». وقال بيرنز: «من اللافت للنظر أن بريغوجين سبق أفعاله بإدانة لاذعة لمنطق الكرملين الكاذب بشأن غزو أوكرانيا وإدارة القيادة العسكرية الروسية للحرب».

بوتين لدى مخاطبته الشعب الروسي بخصوص تمرد «فاغنر» السبت الماضي (أ.ب)
بوتين لدى مخاطبته الشعب الروسي بخصوص تمرد «فاغنر» السبت الماضي (أ.ب)

وتابع: «تأثير هذه الكلمات وتلك الأفعال سوف يستمر لبعض الوقت، في تذكير حي بالتأثير المدمر لحرب بوتين على مجتمعه ونظامه». ووصف بيرنز التمرد بأنه «تحدٍ مسلح للدولة الروسية»، لكنه قال إنه «شأن روسي داخلي لم تشارك فيه الولايات المتحدة، ولم يكون لها أي دور فيه».

وجاءت تصريحات بيرنز بعد الأنباء التي كشفت عن قيامه بزيارة سرية إلى أوكرانيا، بداية الشهر الماضي، وإجرائه مكالمة هاتفية بنظيره الروسي، لتأكيد عدم ضلوع واشنطن بهذا التمرد.

شي وبوتين في موسكو (أ.ب)
شي وبوتين في موسكو (أ.ب)

وأبلغ مدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية نظيره الروسي، سيرغي ناريشكين، أن أميركا ليست متورطة في التمرد الفاشل، من قبل يفغيني بريغوجين، زعيم مجموعة فاغنر الروسية الخاصة، طبقاً لما ذكرته جريدة «وول ستريت جورنال» نقلاً عن مسؤولين مطلعين. ويُعتقد أن الاتصال الهاتفي مع ناريشكين، رئيس جهاز المخابرات الخارجية الروسية، هو أعلى مستوى اتصال بين الحكومتين منذ محاولة الانتفاضة، قبل أسبوع.

كان بريغوجين قد قام في الرابع والعشرين من الشهر الماضي بتمرد، كان يستهدف الزحف إلى موسكو، لكن تم إنهاء التمرد بوساطة رئيس بيلاروس، أليكسندر لوكاشينكو، حيث تم التوصل إلى اتفاق يقضي بأن يغادر بريغوجين روسيا ليعيش بالمنفى في بيلاروس، على أن تعود قواته إلى مواقعها في المناطق المحتلة من أوكرانيا. وعقب إنهاء التمرد، نفي بريغوجين أنه كان يهدف إلى تغيير النظام في روسيا.

وأضاف بيرنز أن حرب بوتين على أوكرانيا كشفت بوضوح ضعف روسيا عسكرياً، وتمثل بالفعل فشلاً استراتيجياً لها. ورغم ذلك، قال بيرنز إنه «من الخطأ دوماً التهوين من هوس بوتين بالسيطرة على أوكرانيا».

وكان بيرنز قد التقى في زيارة سرية إلى كييف بالرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، ومسؤولي المخابرات الأوكرانيين، لمناقشة «استراتيجية الهجوم المضاد» في أوكرانيا. وأتت الزيارة، التي لم يكشف عنها في حينها، في وقت باشر فيه الجيش الأوكراني هجوماً مضاداً شرق البلاد وجنوبها ضد القوات الروسية في فترة سابقة من يونيو (حزيران) بعد ترقب دام أسابيع.

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (إ.ب.أ)
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (إ.ب.أ)

وكانت صحيفة «واشنطن بوست» أول من كشف خبر الزيارة، وقد ذكرت أن المسؤولين الأوكرانيين عرضوا خططهم لاستعادة مناطق احتلها الروس وبدء مفاوضات وقف إطلاق نار بحلول نهاية السنة الحالية. وبحسب التقارير، فقد جرت المناقشات السرية قبل تمرد زعيم «فاغنر» بريغوجين، ضد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وقيادات الجيش الروسي. ونقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» عن مسؤول أميركي قوله إن بيرنز «توجه إلى أوكرانيا على ما درج القيام به بانتظام، منذ بدء الغزو الروسي قبل أكثر من سنة».

وكانت أوكرانيا حذرة في الإعلان عن تحقيقها مكاسب في هجومها المضاد الذي شنته بداية الشهر الماضي، حيث أقرّ رئيسها فولوديمير زيلينسكي بالصعوبات التي تواجهها قواته في مواجهة التحصينات الروسية.

وفيما أعرب المسؤولون الأوكرانيون عن إحباطهم في الأيام الأخيرة، دعوا واشنطن والغرب إلى تزويدها بأسلحة أكثر تقدماً للمساعدة في إضعاف المواقع الدفاعية الروسية والسماح للقوات الأوكرانية باستعادة مزيد من الأراضي.

رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة الجنرال مارك ميلي (أ.ب)
رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة الجنرال مارك ميلي (أ.ب)

وقال الجنرال مارك ميلي، رئيس الأركان الأميركية المشتركة، إن الولايات المتحدة واثقة من أن الهجوم المضاد لأوكرانيا ضد روسيا يحرز تقدماً، على الرغم من عدم حدوث أي انقطاع كبير في الخطوط الروسية. وأكد أن الوتيرة البطيئة لتقدم أوكرانيا «جزء من طبيعة هذه الحرب». وأضاف: «ما قلته هو أن هذا سيستغرق 6، أو 8، أو 10 أسابيع، سيكون صعباً للغاية. سيكون طويلاً جداً، وسيكون دموياً للغاية. ولا ينبغي لأحد أن تكون لديه أي أوهام حول أي من ذلك». وقال ميلي، في أوضح إشارة إلى نية واشنطن تعزيز نوعية الأسلحة التي ترسلها إلى أوكرانيا، إن الولايات المتحدة تدرس صراحة تزويد أوكرانيا بالذخائر العنقودية، وصواريخ طويلة المدى «إيه تي إيه سي إم إس»، حتى «بعض طائراتها» المقاتلة من طراز «إف 16». وقال ميلي إن «هذه الأشياء مطروحة على الطاولة»، لكن «ليس هناك قرار في هذه المرحلة».


مقالات ذات صلة

دنيس روس: الرياض منصة مثالية للقمة الأميركية - الروسية

خاص أكد روس أن مشاركة ولي العهد السعودي في القمة المرتقبة دليل ثقة الرئيسين ترمب وبوتين بالقيادة السعودية (أ.ف.ب)

دنيس روس: الرياض منصة مثالية للقمة الأميركية - الروسية

قال الدبلوماسي الأميركي السابق دنيس روس، إن القمة الأميركية - الروسية المرتقبة في العاصمة السعودية الرياض، تعكس اهتمام الأطراف بالتفاوض بشأن الحرب.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
أوروبا شخص يضع وردة على قبر المعارض الروسي أليكسي نافالني في الذكرى الأولى لرحيله بموسكو (رويترز)

الاتحاد الأوروبي يحمّل بوتين «المسؤولية النهائية» عن وفاة نافالني

أكد الاتحاد الأوروبي اليوم (الأحد) أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يتحمل «المسؤولية النهائية» عن وفاة المعارض أليكسي نافالني.

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر (أ.ب)

رئيس الوزراء البريطاني يحذر من «انقسامات» داخل حلف «الناتو»

حذر رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، من ما وصفها بـ«انقسامات» داخل حلف شمال الأطلسي (الناتو)، وسط جدل أوروبي-أميركي بشأن الحرب في أوكرانيا والانفاق العسكري.

«الشرق الأوسط» (لندن)
أوروبا المستشار الألماني أولاف شولتس والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في لقاء ثنائي على هامش مؤتمر ميونيخ للأمن (د.ب.أ)

زيلينسكي يدعو من ميونيخ أوروبا للتحرك ضد روسيا

عبّر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، أمس، عن قلقه بشأن التطورات الأخيرة والموقف الأميركي بخصوص الحرب الدائرة منذ 3 سنوات مع روسيا، وما جرى تداوله حول لقاء

راغدة بهنام (ميونيخ)
أوروبا وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف (أ.ب) play-circle

واشنطن وموسكو تتفقان على التحضير لقمة روسية أميركية ذات مستوى عالٍ

أعلنت روسيا أن وزير خارجيتها سيرغي لافروف ونظيره الأميركي ماركو روبيو أجريا اتصالاً هاتفياً بعد أيام على مباحثات هاتفية بين الرئيسين ترمب وبوتين.

«الشرق الأوسط» (موسكو)

مؤيدون للمعارض الروسي نافالني يكرمونه في ذكرى وفاته

روس يصطفون لزيارة قبر زعيم المعارضة الراحل أليكسي نافالني بموسكو في الذكرى الأولى لوفاته الأحد (إ.ب.أ)
روس يصطفون لزيارة قبر زعيم المعارضة الراحل أليكسي نافالني بموسكو في الذكرى الأولى لوفاته الأحد (إ.ب.أ)
TT
20

مؤيدون للمعارض الروسي نافالني يكرمونه في ذكرى وفاته

روس يصطفون لزيارة قبر زعيم المعارضة الراحل أليكسي نافالني بموسكو في الذكرى الأولى لوفاته الأحد (إ.ب.أ)
روس يصطفون لزيارة قبر زعيم المعارضة الراحل أليكسي نافالني بموسكو في الذكرى الأولى لوفاته الأحد (إ.ب.أ)

زار المئات الأحد، قبر أليكسي نافالني في موسكو، على الرغم من خطر التعرض لأعمال انتقامية من قبل السلطات، بعد عام من وفاة أبرز معارضي الكرملين في معتقله بسيبيريا.

وتقاطر أفراد ومجموعات صغيرة، بينهم عائلات مع أطفالها، طوال الصباح إلى مقبرة بوريسوفسكوي في الطقس البارد. وبحلول ساعات الصباح المتأخرة، كانت المقبرة مغطاة فعلياً بجبل صغير من الزهور، واستمر وصول العشرات من الأشخاص، بمفردهم أو في مجموعات صغيرة.

وتوفي نافالني، العدو السياسي الأول للرئيس فلاديمير بوتين، في ظروف غامضة في معتقل بالقطب الشمالي.

وزار عدد من الدبلوماسيين الغربيين، بينهم ممثلون للسفارات الأميركية والفرنسية والإسبانية والنرويجية والاتحاد الأوروبي، قبر المعارض. وكان نافالني ناشطاً صاحب كاريزما في مجال مكافحة الفساد والعدو السياسي الأول لبوتين، وقد صنفه القضاء الروسي «متطرفاً».

وكل من يشير علناً إلى المعارض أو إلى منظمته، صندوق مكافحة الفساد، ويُغفل الإشارة إلى إعلان «تطرفهما»، يتعرض لعقوبات شديدة. ولا يزال هذا التهديد سارياً على الرغم من وفاة نافالني في ظروف غامضة في سجن بالقطب الشمالي في 16 فبراير (شباط) 2024، ونفي جميع المتعاونين معه تقريباً خارج روسيا.

والدا زعيم المعارضة الروسية أليكسي نافالني برفقة أقارب ومؤيدين خلال زيارة القبر في موسكو الأحد (رويترز)
والدا زعيم المعارضة الروسية أليكسي نافالني برفقة أقارب ومؤيدين خلال زيارة القبر في موسكو الأحد (رويترز)

تحقيق الحلم

أما أرملة نافالني يوليا نافالنايا التي تولت زمام الأمور في حركته، فمن المقرر أن تشارك في فعالية ببرلين، حيث يعيش كثير من أنصار المعارض الروسي. ودعت يوليا في رسالة مصورة بثت الأحد، إلى مواصلة النضال من أجل روسيا «حرة ومسالمة». وقالت: «نعلم ما الذي نناضل من أجله: روسيا مستقبلية حرة ومسالمة وجميلة، تلك التي حلم بها أليكسي، ممكنة. دعونا نفعل كل شيء لتحقيق حلمه».

تحميل بوتين «المسؤولية»

وفي بروكسل، قالت مسؤولة الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس، في بيان، إن بوتين يتحمل «المسؤولية النهائية» عن وفاة المعارض. وأكدت أن «نافالني ضحى بحياته من أجل روسيا حرة وديمقراطية»، داعية إلى «الإفراج فوراً ودون قيد أو شرط عن محامي أليكسي نافالني وجميع السجناء السياسيين».

وكان المستشار الألماني أولاف شولتس أحد أوائل الزعماء الغربيين الذين كرموا ذكراه الأحد، موجهاً تحية لرجل مات «لأنه ناضل من أجل الديمقراطية والحرية في روسيا». وحذرت قنوات عبر «تلغرام» مؤيدة للكرملين، أنصار المعارض الراحل من زيارة المقبرة.

وجاء في رسالة نشرها الصحافي دميتري سميرنوف، المؤيد للكرملين وقنوات أخرى: «نصيحة مختصرة لمن يعتزمون الذهاب إلى هناك ولكنهم ليسوا متأكدين بعد: لا تذهبوا!». وجاء في رسالة بثتها هذه القنوات إلى «الأخ الأكبر وعينه الساهرة»، مع صورة لعلامة تشير إلى وجود كاميرا مراقبة على أبواب المقبرة.

محاكمات

وفككت السلطات الروسية بشكل منهجي حركة أليكسي نافالني، وأرسلت كثيراً من أنصاره إلى السجن.

وتتم حالياً محاكمة 4 صحافيين في روسيا بتهمة «المشاركة في جماعة متطرفة». وفي يناير (كانون الثاني) الماضي، حُكم على 3 من المحامين المدافعين عن زعيم المعارضة بالسجن لمدد من 3 سنوات ونصف السنة إلى 5 سنوات، لنقلهم رسائله أثناء وجوده رهن الاحتجاز. وتكثّف السلطات الروسية قمعها لمعارضي فلاديمير بوتين، خصوصاً المقرّبين من نافالني، ومنتقدي غزوها لأوكرانيا قبل نحو 3 سنوات.

وأوقف نافالني في يناير 2021 عند عودته من ألمانيا، حيث كان يتلقّى العلاج بعد تعرّضه لتسمّم في سيبيريا حمّل الكرملين مسؤوليته. وحكم عليه بعقوبات مشدّدة على خلفية «التطرّف»، وما زالت ملابسات وفاته في معسكر اعتقال بالقطب الشمالي في فبراير (شباط) 2024، غامضة.

وتأتي هذه الفعاليات التكريمية في وقت أصبحت فيه المعارضة الروسية التي فقدت قائدها ومزقتها الصراعات الداخلية، ضعيفة بشكل غير مسبوق. ويكافح قادتها المنفيون في كثير من البلدان من أجل إحياء روح النضال ضد الرئيس فلاديمير بوتين، خصوصاً في روسيا، حيث يُقابَل أي انتقاد للحكومة بقمع شديد.