قمة مصرية - أردنية بالقاهرة تدعو للوقف الفوري لإطلاق النار في غزة

جددت الرفض التام لـ«التهجير القسري» للفلسطينيين

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مباحثات في القاهرة مع العاهل الأردني عبد الله الثاني (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مباحثات في القاهرة مع العاهل الأردني عبد الله الثاني (الرئاسة المصرية)
TT

قمة مصرية - أردنية بالقاهرة تدعو للوقف الفوري لإطلاق النار في غزة

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مباحثات في القاهرة مع العاهل الأردني عبد الله الثاني (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مباحثات في القاهرة مع العاهل الأردني عبد الله الثاني (الرئاسة المصرية)

في ثالث قمة بينهما منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، استضافت القاهرة، الأربعاء، لقاءً بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، والملك عبد الله الثاني بن الحسين، عاهل المملكة الأردنية الهاشمية، ركز على مناقشة تطورات الأوضاع الإقليمية خاصة في قطاع غزة، وتجديد التأكيد على «الوقف الفوري لإطلاق النار، ورفض جميع محاولات تصفية القضية الفلسطينية، أو تهجير الفلسطينيين خارج أراضيهم أو نزوحهم داخلياً»، بحسب بيان للرئاسة المصرية.

وقال المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، أحمد فهمي، إن السيسي وعبد الله، أعربا عن الارتياح لوتيرة التنسيق والتشاور بين البلدين، مضيفاً أن «المباحثات تناولت تطورات الأوضاع الإقليمية خاصة في قطاع غزة، والمأساة الإنسانية التي تواجه القطاع، وخلفت آلاف القتلى والجرحى ومئات آلاف النازحين، فضلاً عن التدمير الواسع الذي أصاب البنية التحتية والمنشآت في القطاع».

وأشار بيان الرئاسة المصرية إلى أن السيسي وعبد الله أكدا رفضهما التام «لجميع محاولات تصفية القضية الفلسطينية، أو لتهجير الفلسطينيين خارج أراضيهم أو نزوحهم داخلياً».

وشدد البيان على أن الحل الوحيد الذي يجب أن يدفع المجتمع الدولي نحو تنفيذه، هو «الوقف الفوري لإطلاق النار، ونفاذ المساعدات الإغاثية بالكميات والأحجام والسرعة اللازمة التي تحدث فارقاً حقيقياً في التخفيف من معاناة أهالي القطاع، مع الدفع الجاد نحو مسار سياسي للتسوية العادلة والشاملة، يفضي لإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من يونيو (حزيران) 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وفقاً لمقررات الشرعية الدولية ذات الصلة».

جلسة مباحثات مصرية - أردنية في القاهرة بحضور وفدي البلدين (الرئاسة المصرية)

كما أكد الجانبان أن المسؤولية السياسية والأخلاقية الكبيرة تقع على عاتق المجتمع الدولي، نحو تنفيذ قرارات مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة، على النحو الذي يحفظ مصداقية المنظومة الدولية، وعلى أهمية عدم توسع دائرة الصراع بما يتسبب في زعزعة الأمن والاستقرار على المستويين الإقليمي والدولي.

وأجرى السيسي وعبد الله في القاهرة مباحثات ثنائية مرتين خلال الشهرين الماضيين، كما شارك العاهل الأردني في قمة القاهرة للسلام التي استضافتها مصر في أكتوبر (تشرين أول) الماضي. وشارك السيسي وعبد الله في القمة العربية الإسلامية الطارئة التي استضافتها مدينة الرياض في 11 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

لقاء وزاري

وكان وزيرا الخارجية في البلدين قد التقيا في القاهرة، الثلاثاء، وتبادلا الرؤى إزاء تطورات الوضع في غزة والمساعي الهادفة للوصول لوقف إطلاق النار، وتنفيذ قرار مجلس الأمن الأخير رقم 2720 بشأن زيادة نفاذ المساعدات الإنسانية إلى القطاع، وإنشاء آلية أممية لمراقبة ومتابعة دخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع، وذلك على ضوء العوائق والعراقيل التي يضعها الجانب الإسرائيلي على دخول المساعدات.

شواغل مشتركة

من جانبه، أشار المحلل السياسي الأردني، محسن الشوبكي، إلى أهمية التنسيق المصري - الأردني في المرحلة الراهنة، لافتاً إلى تعدد الشواغل المشتركة بين القاهرة وعمان، ارتباطاً بالأزمة في قطاع غزة أو التوترات الراهنة في البحر الأحمر، والذي عدّه مسرحاً استراتيجياً لمصالح البلدين المتشاطئين فيه.

وأضاف الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» أن البلدين معنيان بشكل أساسي بتصاعد المخاوف من تهجير الفلسطينيين خارج أراضيهم، مشدداً على أن ذلك يمثل «تهديداً جدياً للأمن القومي» في كلا البلدين، وقد أعلنت القيادة السياسية فيهما «مواقف واضحة وحاسمة» لرفض أي مخططات إسرائيلية في هذا الصدد، واعتبار أي خطوات تقود إلى تلك النتيجة، سواء عبر استمرار العدوان الإسرائيلية أو بتدمير سبل العيش في الأراضي الفلسطينية «خطاً أحمر، ويجب أن تمتنع إسرائيل عن الاقتراب منه حالياً ومستقبلاً».

وحذرت مصر والأردن مراراً من أي إجراءات إسرائيلية لتهجير الفلسطينيين قسرياً أو دفعهم إلى النزوح إلى أراضيها بسبب الاعتداءات ضدهم. وأكد الرئيس المصري عدة مرات أن بلاده «لم ولن تسمح بتصفية القضية الفلسطينية على حساب دول الجوار»، وأنه «لا تهاون في حماية الأمن القومي»، مشدداً على الرفض التام لأي إجراءات لتهجير الفلسطينيين داخلياً أو دفعهم للنزوح خارج أراضيهم. كما اعتبر العاهل الأردني في كلمته خلال قمة القاهرة للسلام، أن التهجير القسري للفلسطينيين أو التسبب بنزوحهم «جريمة حرب وخط أحمر».

بشر الخصاونة (أ.ف.ب/ غيتي)

وسبق لرئيس الوزراء الأردني، بشر الخصاونة، أن صرح، الشهر الماضي، بأن عمل إسرائيل بأي شكل من الأشكال نحو تهجير الفلسطينيين من الضفة وغزة سيكون بمنزلة «إعلان حرب» على بلاده، حسبما أوردت وكالة «بترا» الرسمية.

بدوره، أكد أمين عام المجلس المصري للشؤون الخارجية مساعد وزير الخارجية الأسبق، السفير على الحفني، أن الشعور بالقلق من مآلات الأحداث في قطاع غزة يضفي أهمية كبرى على التنسيق المصري - الأردني، الذي وصفه بأنه «مستمر ومتواصل على مختلف الأصعدة ويعكس توافقاً كبيراً بين البلدين».

وأضاف الحفني لـ«الشرق الأوسط» أن القاهرة وعمان تدركان خطورة الموقف على الأرض في قطاع غزة، مشيراً إلى أن «الهزائم التي تُمنى بها قوات الاحتلال الإسرائيلي تزيد المخاوف من أن تُقدم الحكومة المتطرفة في تل أبيب على توسيع نطاق الحرب، وإقحام أطراف أخرى في الصراع»، ما يستدعي برأيه مزيداً من التنسيق والتشاور بين «قوى الاعتدال» في المنطقة.

وأضاف أن مصر والأردن يتشاركان كذلك العديد من الرؤى بشأن مستقبل القضية الفلسطينية، مرجحاً أن تكون ترتيبات الوضع الراهن وما بعد وقف إطلاق النار، وبخاصة على المسار الفلسطيني وإعادة اللحمة بين القوى الفلسطينية، محل اهتمام كبير من قيادتي البلدين، فضلاً عن تطورات الأوضاع في البحر الأحمر، مشدداً على اهتمام البلدين بخفض التصعيد في هذه المنطقة التي تحظى بأهمية استراتيجية لدى الطرفين.


مقالات ذات صلة

حملة اعتقالات ومداهمات إسرائيلية واسعة في الضفة الغربية

المشرق العربي عناصر من الجيش الإسرائيلي في مدينة طولكرم بالضفة الغربية (أ.ب) play-circle

حملة اعتقالات ومداهمات إسرائيلية واسعة في الضفة الغربية

شن الجيش الإسرائيلي، اليوم الأربعاء، حملة اعتقالات ومداهمات واسعة في مناطق متفرقة من الضفة الغربية المحتلة، وفق ما ذكرته وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا).

«الشرق الأوسط» (رام الله) نظير مجلي (تل أبيب)
المشرق العربي جنود إسرائيليون خلال عملية عسكرية في الضفة الغربية (أ.ف.ب)

القوات الإسرائيلية تقتل فتى فلسطينياً في الضفة الغربية

قالت وزارة الصحة الفلسطينية إن الجيش الإسرائيلي قتل بالرصاص فتى فلسطينياً يبلغ من العمر 16 عاماً خلال مداهمة ببلدة تقوع جنوب شرقي بيت لحم.

«الشرق الأوسط» (رام الله)
العالم العربي فلسطينيون يسيرون على طول زقاق موحل في مخيم مؤقت يؤوي نازحين فلسطينيين بعد هطول أمطار غزيرة بحي الزيتون بمدينة غزة (أ.ف.ب)

«اتفاق غزة»: الوسطاء يبحثون عن حل لتعثر «المرحلة الثانية»

تتواصل جهود الوسطاء للدفع نحو المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة المبرم قبل نحو شهرين، وسط حديث إسرائيل عن أن هناك تعثراً.

محمد محمود (القاهرة)
المشرق العربي امرأة فلسطينية تمر عبر الدمار الناتج عن الحرب في مخيم النصيرات بوسط قطاع غزة (أ.ف.ب) play-circle

تقرير: أميركا تضغط على دول لإرسال قوات إلى غزة... ولا استجابة بعد

أفادت صحيفة أميركية، السبت، بأن إدارة ترمب تسعى لتجنيد قوة متعددة الجنسيات من 10 آلاف جندي بقيادة جنرال أميركي؛ لتحقيق الاستقرار في قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
تحليل إخباري أحد عناصر «حماس» يحرس منطقة يبحثون فيها عن جثث الرهائن بمساعدة اللجنة الدولية لـ«الصليب الأحمر» في غزة (أ.ف.ب)

تحليل إخباري «قوة استقرار غزة»... اجتماع مرتقب بالدوحة لسد الفجوات

تستضيف العاصمة القطرية، الدوحة، اجتماعاً عسكرياً، الثلاثاء، لبحث «تشكيل قوة الاستقرار» في قطاع غزة التي تنص عليها خطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب للسلام.

محمد محمود (القاهرة )

تحديث مصري لنماذج التنبؤ ورصد المياه المقبلة من منابع النيل

وزير الري المصري هاني سويلم يتابع إجراءات تحديث مراكز التنبؤ والرصد في اجتماع الأربعاء (وزارة الموارد المائية والري المصرية)
وزير الري المصري هاني سويلم يتابع إجراءات تحديث مراكز التنبؤ والرصد في اجتماع الأربعاء (وزارة الموارد المائية والري المصرية)
TT

تحديث مصري لنماذج التنبؤ ورصد المياه المقبلة من منابع النيل

وزير الري المصري هاني سويلم يتابع إجراءات تحديث مراكز التنبؤ والرصد في اجتماع الأربعاء (وزارة الموارد المائية والري المصرية)
وزير الري المصري هاني سويلم يتابع إجراءات تحديث مراكز التنبؤ والرصد في اجتماع الأربعاء (وزارة الموارد المائية والري المصرية)

تواصل الحكومة المصرية إجراءات متابعة تدفقات مياه نهر النيل بعد أن تعرضت أراضٍ زراعية للغرق خلال الأشهر الماضية؛ بسبب ما وصفته بـ«الإدارة غير المنضبطة لسد النهضة الإثيوبي»؛ وقررت وزارة الري والموارد المائية تحديث نماذج التنبؤ والرصد بدول منابع النيل.

وبين مصر وإثيوبيا توترات متصاعدة بسبب «سد النهضة» الذي دشنته أديس أبابا على الرافد الرئيسي لنهر النيل دون التنسيق مع دولتَي المصب، مصر والسودان.

وناقش اجتماع عقده وزير الموارد المائية والري، هاني سويلم، الأربعاء، إجراءات «تحديث نماذج التنبؤ والرصد بدول منابع النيل لتقدير كميات المياه الواصلة لبحيرة السد العالي» بجنوب البلاد.

ولجأت مصر، الشهر الماضي، إلى فتح «مفيض توشكى» لتصريف كميات المياه الزائدة خلف «السد العالي» عقب شكواها من إدارة «غير منضبطة» للسد الإثيوبي، و«تصريفات عشوائية» لمياه النيل الأزرق، الذي يعد المنبع الرئيسي لنهر النيل في السودان ومصر.

متابعة مصرية يومية لتدفق مياه نهر النيل (وزارة الري المصرية)

وقال أستاذ الموارد المائية بالمركز القومي للبحوث، أحمد فوزي دياب، إن نماذج التنبؤ بالأمطار وتدفقات المياه إلى نهر النيل تشكل جزءاً رئيسياً من السياسة المائية للدولة، ويزداد الاهتمام بها «نظراً لعدم إبلاغ إثيوبيا دولتَي المصب بتصريفات المياه من سد النهضة، ما يجعل التحديث المستمر في تقنياتها أمراً مطلوباً».

وأوضح في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن نماذج التنبؤ «تقوم على معادلات رياضية من خلال حساب كميات الأمطار المتوقعة والمياه الواردة من دولة المنبع (إثيوبيا) إلى السودان، ومنها إلى مصر، وقياس إيراد النيل حسب الطبيعة الجغرافية واستخدامات الدول وحركة الفيضان للتعرف على كميات المياه القصوى والدنيا التي يمكن أن تصل إلى مصر».

وعددّت الحكومة المصرية إجراءات مواجهة فيضانات النيل بعد أن تعرّضت أراضٍ زراعية ومنازل للغرق في عدد من المناطق بدلتا النيل في شمال البلاد، مطلع أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وقالت إنها أولت اهتماماً بعمليات تطهير الترع وإزالة التعديات على أراضي «طرح النهر» إلى جانب إقدامها على فتح «مفيض توشكى» لاستيعاب كميات المياه حال زيادة منسوب مياه النيل.

ووجهت الحكومة المصرية الشهر الماضي اتهامات لإثيوبيا بالقيام بـ«تصرفات متتابعة في سد النهضة في غياب للضوابط الفنية والعلمية في تشغيله، مع استمرار النهج العشوائي في إدارته، بما يعرض نهر النيل لتقلبات غير مأمونة التأثير»، وأكدت أن «الإدارة الأحادية للسد تُمثل تهديداً لحقوق ومصالح دولتَي المصب، وتؤثر على تشغيل السدود الواقعة خلف سد النهضة».

لكن دياب أكد أن أي مخاطر سلبية من سد النهضة يمكن التعامل معها عبر منظومة إدارة المياه في مصر، وأن السد العالي إلى جانب مفيض توشكى لديهما القدرة على استيعاب تدفق كميات كبيرة من المياه على المدى القريب أو البعيد.

وركز اجتماع وزير الري، الأربعاء، على تعزيز التعاون بين مصر ودول حوض النيل، وذلك من خلال «تنفيذ مشروعات لخدمة المواطنين بهذه الدول مثل إنشاء آبار جوفية تعمل بالطاقة الشمسية لأغراض الشرب، وخزانات أرضية، ومراسٍ نهرية، ومشروعات لمكافحة الحشائش، وإنشاء مراكز للتنبؤ بالفيضان، ومركز لنوعية المياه، وتنفيذ دراسات فنية للإدارة المتكاملة للموارد المائية بدول حوض النيل».

ويؤكد أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة، عباس شراقي، أن مصر تمتلك مراكز لمتابعة حالة الأمطار والتنبؤ بها عن طريق الأقمار الاصطناعية وتتبع السحب وسرعتها وكثافتها وزمن وصولها إلى مناطق منابع النيل باستخدام نماذج رياضية لتحديد الكميات الواردة، وأن التحديث المستمر فيها ضروري في ظل وجود متغيرات تمثلت في تدفقات المياه من سد النهضة، ووجود إدارة مائية منفردة عليه من جانب إثيوبيا.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن مصر تحسب إيراد النيل وفقاً لتقديرات سنوية للتعرف على منسوب المياه في المعدلات الطبيعية، «لكن ما حدث بعد تشغيل سد النهضة أن وصول المياه يُمكن أن يختلف من شهر إلى آخر بسبب غلق بوابات السد وفتحها بتوقيتات غير معروفة وغير منتظمة».

وتضع مصر سياسة مائية تبدأ مع العام المائي في مطلع أغسطس (آب) الذي ينتهي في يوليو (تموز)، وفقاً لشراقي الذي أكد أنه «لا مخاوف من تراجع إيراد النيل، ولكن يمكن أن تتدفق كميات كبيرة من المياه في شهر وتنخفض في آخر بسبب فتح توربينات سد النهضة أو غلقها».

وقال وزير الموارد المائية المصري في تصريحات إعلامية، الاثنين الماضي: «النمط الإثيوبي في إدارة الأنهار الدولية يعتمد على افتعال الأزمات»، محذراً من «سوء إدارة سد النهضة في الجفاف والفيضان، وهو ما يترك تبعات خطيرة على دولتَي مصب نهر النيل».


آلاف التونسيين يتظاهرون ضد التلوث البيئي في قابس

أهالي قابس ناشدوا الرئيس قيس سعيد تفكيك مجمع للصناعات الكيميائية بسبب التلوث (أ.ف.ب)
أهالي قابس ناشدوا الرئيس قيس سعيد تفكيك مجمع للصناعات الكيميائية بسبب التلوث (أ.ف.ب)
TT

آلاف التونسيين يتظاهرون ضد التلوث البيئي في قابس

أهالي قابس ناشدوا الرئيس قيس سعيد تفكيك مجمع للصناعات الكيميائية بسبب التلوث (أ.ف.ب)
أهالي قابس ناشدوا الرئيس قيس سعيد تفكيك مجمع للصناعات الكيميائية بسبب التلوث (أ.ف.ب)

خرج الآلاف من أهالي مدينة قابس، جنوبي تونس، الأربعاء، في مسيرة جديدة، مطالبين الرئيس قيس سعيد، والسلطات المحلية بتفكيك مجمع للصناعات الكيميائية بسبب التلوث البيئي، حسبما ذكر تقرير لوكالة الصحافة الألمانية.

وهذا أحدث تحرك احتجاجي في المدينة، الواقعة على جنوب الساحل التونسي، بعد مسيرات سابقة، وإضراب عام في 21 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، للضغط على السلطة.

وخلال المظاهرة ردَّد المحتجون بشكل خاص «الشعب يريد تفكيك الوحدات»، ورفعوا شعار «أنقذوا قابس».

وعلى مدار الأشهر الأخيرة شهدت قابس حالات اختناق جماعية متكررة بين أطفال في مدرسة «شط السلام»، القريبة من المجمع الكيميائي، مما أثار غضب الأهالي.

وتصنَّف قابس من بين الواحات البحرية النادرة في البحر الأبيض المتوسط، لكنَّ التلوث الممتد لعقود، ومنذ تأسيس المجمع الكيميائي عام 1972، أضر كثيراً بالبيئة والهواء والشواطئ والثروة السمكية، ووضع المنطقة أمام مستقبل قاتم.

وتسعى الحكومة على الأرجح إلى استكمال مشاريع سابقة للحد من التلوث المنبعث من المجمع الكيميائي، لتفادي التكلفة الاقتصادية والمالية للتفكيك، وهو ما يرفضه الأهالي والمجتمع المدني في قابس.

ومنذ إنشاء المجمع الكيميائي عام 1972، تحول «خليج قابس» إلى واحد من أكثر المواقع تلوثاً في البحر الأبيض المتوسط، حيث يمكن ملاحظة سواد المواد السامة وهي تطفو على سطح مياه الخليج.

ويحوِّل المجمع الكيميائي الفوسفات القادم من مناجم ولاية قفصة إلى حمض فوسفوري ومواد كيميائية، مثل «الأمونيتر» و«فوسفات الأمونيوم»، ثم يصب نفاياته الصناعية في البحر دون معالجة، بمعدل يصل إلى 14 ألف طن من مادة «الفوسفوجيبس» يومياً، وهي كميات كفيلة بتحويل البحر إلى مقبرة للثروة السمكية، التي كانت تتباهى بها الولاية قبل عقود، حسب خبراء.

ويُنتج المجمع أيضاً سماد DAP 18-46 المعروف بسمّية تصنيعه، وهو نفس السماد، الذي أوقفت فرنسا تصنيعه وظلت تستورده من تونس، غير آبهة بمطالبات داخلية بوقف استيراده بسبب تكلفته البيئية والصحية.


«قوات الدعم السريع» السودانية أخفت أدلة على فظائع في الفاشر

سودانيون خلال مظاهرة الأسبوع الماضي في مروة ضد «قوات الدعم السريع» (إ.ب.أ)
سودانيون خلال مظاهرة الأسبوع الماضي في مروة ضد «قوات الدعم السريع» (إ.ب.أ)
TT

«قوات الدعم السريع» السودانية أخفت أدلة على فظائع في الفاشر

سودانيون خلال مظاهرة الأسبوع الماضي في مروة ضد «قوات الدعم السريع» (إ.ب.أ)
سودانيون خلال مظاهرة الأسبوع الماضي في مروة ضد «قوات الدعم السريع» (إ.ب.أ)

قامت «قوات الدعم السريع» السودانية بتدمير وإخفاء أدلة على عمليات قتل جماعي، ارتكبتها بعد اجتياحها مدينة الفاشر في إقليم دارفور بغرب البلاد، وفق ما كشف تقرير جديد.

وقال «مختبر الأبحاث الإنسانية» بجامعة ييل، الذي يستخدم صوراً للأقمار الاصطناعية لرصد الفظائع منذ بدء الحرب بين الجيش و«قوات الدعم السريع»، الثلاثاء، إن هذه الأخيرة «دمرت وأخفت أدلة على عمليات القتل الجماعي واسعة النطاق، التي ارتكبتها» في عاصمة ولاية شمال دارفور.

وأثارت سيطرة «قوات الدعم السريع» العنيفة على آخر معاقل الجيش في إقليم دارفور في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، غضباً دولياً بسبب تقارير تحدثت عن عمليات إعدام خارج إطار القضاء، واغتصاب ممنهج واحتجاز جماعي. وأكد «مختبر الأبحاث الإنسانية» أنه حدد في أعقاب سيطرة «الدعم السريع» على المدينة 150 أثراً يتطابق مع رفات بشرية. وتتطابق عشرات من هذه الآثار مع تقارير عن عمليات الإعدام، كما تتطابق عشرات أخرى مع تقارير تفيد بأن «قوات الدعم السريع» قتلت مدنيين أثناء فرارهم.

وأضاف المختبر، حسب تقرير لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، أنه في غضون شهر اختفى ما يقرب من 60 من تلك الآثار، بينما ظهرت 8 مناطق حفر قرب مواقع القتل الجماعي، لا تتوافق مع ممارسات الدفن المدنية. وخلص التقرير إلى أن «عمليات قتل جماعي، وتخلص من الجثث على نطاق واسع ومنهجي قد حدثت»، مقدراً عدد القتلى في المدينة بعشرات الآلاف. وطالبت منظمات إغاثة والأمم المتحدة مراراً بالوصول الآمن إلى الفاشر، حيث لا تزال الاتصالات مقطوعة، ويُقدر عدد الناجين المحاصرين بعشرات الآلاف، وكثير منهم محتجزون لدى «قوات الدعم السريع».

وأمس الثلاثاء، أعربت منظمة الصحة العالمية عن قلقها إزاء تقارير تفيد باحتجاز أكثر من 70 من أفراد طواقم صحية، ونحو خمسة آلاف مدني بشكل قسري في نيالا بجنوب غربي السودان.

وأسفرت الحرب المتواصلة في السودان، منذ 15 أبريل (نيسان) 2023، بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان، و«قوات الدعم السريع» بقيادة نائبه السابق محمد حمدان دقلو، عن مقتل عشرات الآلاف. ودفعت الحرب نحو 12 مليوناً إلى النزوح داخل البلاد أو اللجوء إلى خارجها، وأدت إلى تدمير البنية التحتية، مما جعل السودان يعاني «أسوأ أزمة إنسانية» في العالم، حسب الأمم المتحدة.

وقال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم غيبرييسوس، على «إكس»: «نشعر بالقلق إزاء التقارير الواردة من نيالا، عاصمة ولاية جنوب دارفور السودانية، التي تفيد باحتجاز أكثر من 70 عاملاً في مجال الرعاية الصحية، بالإضافة إلى نحو خمسة آلاف مدني». مضيفاً أن المعتقلين «محتجزون في ظروف غير صحية، كما هناك تقارير عن تفشي الأمراض».