الجزائر: الجنرال نزار ينفي الاتهام السويسري له بارتكاب «جرائم حرب»

تلويح جزائري بقطع العلاقات مع برن

الجنرال خالد نزار (الشرق الأوسط)
الجنرال خالد نزار (الشرق الأوسط)
TT

الجزائر: الجنرال نزار ينفي الاتهام السويسري له بارتكاب «جرائم حرب»

الجنرال خالد نزار (الشرق الأوسط)
الجنرال خالد نزار (الشرق الأوسط)

رفض وزير الدفاع الجزائري الأسبق الجنرال خالد نزار، اتهام النيابة السويسرية له بارتكاب «جرائم ضد الإنسانية»، مرتبطة بتسعينات القرن الماضي، حينما كان الاقتتال مشتداً بين الإسلاميين المسلحين والجيش. ولوّحت الحكومة الجزائرية بقطع علاقاتها مع سويسرا، في هذه القضية، مؤكدة أن «استقلال القضاء السويسري لا يبرر انعدام مسؤولية الدولة».

وجاء في بيان لفريق الدفاع عن نزار (85 سنة)، الأحد، أنه «ينفي بشدة ارتكاب أعمال يمكن اعتبارها جرائم حرب، أو جرائم ضد الإنسانية، أو الأمر بارتكابها، أو تنظيمها، أو المساعدة على ارتكابها، أو حتى التسامح معها»، مبرزاً أنه «لطالما عارض، على وجه الخصوص، التعذيب، الذي لم يتردد في إدانته علناً في التسعينات».

طالبات في العاصمة الجزائرية في بدايات العشرية الدموية بتسعينات القرن الماضي (غيتي)

ويعدّ هذا الموقف، أول رد فعل من المسؤول العسكري الكبير سابقاً، منذ الإعلان الثلاثاء الماضي، بسويسرا، عن باكورة معركة قضائية بدأت منذ 12 سنة، تخص اتهامه بـ«ارتكاب جرائم حرب». وانطلقت القضية في 2011، بناء على شكوى من شخصين ينتميان إلى «الجبهة الإسلامية للإنقاذ» المحظورة، يعيشان بسويسرا، زعما أنهما «تعرضا لتعذيب» في الجزائر، مطلع تسعينات القرن الماضي، «بناء على أوامر من نزار».

وأفاد محامو نزار في بيانهم، بأن التحقيق في القضية «اتخذ من بدايته طابعاً سياسياً؛ فقد ادعى أصحاب الشكوى التزامهم الإسلامي في ذلك الوقت كما هو الحال الآن، والجنرال خالد نزار يجسد رفض المشروع السياسي الإسلامي المتطرف. ولا يزال التاريخ المؤلم للعقد الأسود الجزائري، في قلب معركة آيديولوجية وتذكارية حقيقية». وأضاف البيان: «يبدو أن المصير القضائي للسيد نزار، قد تم حسمه مسبقاً، على رغم المبدأ الأساسي المتمثل في افتراض البراءة».

والخميس الماضي، أعلنت الخارجية الجزائرية، أن الوزير أحمد عطاف، أبلغ نظيره السويسري إناسيو كاسيس، خلال مكالمة هاتفية، أن بلاده تعد اتهام نزار «أمراً غير مقبول»، وأن القضية «بلغت حدوداً لا يمكن التسامح معها، والحكومة الجزائرية عازمة كل العزم على استخلاص كل النتائج، بما فيها تلك التي هي أبعد من أن تكون مرغوبة في مستقبل العلاقات الجزائرية - السويسرية»، في إشارة ضمناً، إلى أن الجزائر قد لا تتردد في قطع علاقاتها مع برن.

وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف (الخارجية الجزائرية)

وأكد عطاف أن «استقلالية القضاء (في سويسرا) لا تبرر اللامسؤولية، وأن أي نظام قضائي لا يمكن أن يعطي لنفسه الحق المطلق في الحكم على سياسات دولة مستقلة وذات سيادة»، عادّاً أن القضاء السويسري «قدّم باستخفاف شديد، منبراً للإرهابيين وحلفائهم ومؤيديهم، بغية محاولة تشويه سمعة الكفاح المشرف الذي خاضته بلادنا ضد الإرهاب، وتلطيخ صورة وذكرى أولئك الذين سقطوا في مجابهته».

وبرأي النيابة العامة الفيدرالية في سويسرا، فإن نزّار «باعتباره شخصاً مؤثّراً في الجزائر بصفته وزيراً للدفاع وعضواً بالمجلس الأعلى للدولة، وضع أشخاصاً محلّ ثقة لديه في مناصب رئيسية، وأنشأ عن علم وتعمّد هياكل تهدف إلى القضاء على المعارضة»، وقد «تبع ذلك جرائم حرب واضطهاد معمّم ومنهجي لمدنيين اتُّهموا بالتعاطف مع المعارضين».

وجرى التحقيق مع نزار لأول مرة في 2011، عندما زار سويسرا بغرض التداوي من مشاكل بسبب التدخين، حيث فوجئ بشكوى إسلاميين ضده. وسُمح له بالعودة إلى بلاده بعد أن تعهد بالاستجابة لاستدعاءات النيابة مستقبلاً. وقد أكد للصحافة أنه «مستعد لمواجهة في محاكمة علنية مع متهميه». وبعد سنوات من الإجراءات القضائية، تم حفظ الملف على أساس عدم وجود أدلة كافية تدين نزار. غير أن الادعاء السويسري بعث الإجراءات، أخيراً، ووجّه له الاتهام رسمياً.

قوات أمن جزائرية في العاصمة الجزائر (أرشيفية - رويترز)

وإن كان نزار في نظر خصومه الإسلاميين، شخصاً «متسلطاً استغل نفوذه لقمع المعارضة»، يعده مؤيدوه «بطلاً أنقذ البلاد من قيام جمهورية إسلامية على الطريقة الأفغانية». ففي بداية 1992، قرر نزار مع فريق من الضباط العسكريين ومسؤولين سياسيين، إلغاء نتائج انتخابات برلمانية حققت فيها «جبهة الإنقاذ» فوزاً ساحقاً، في دورها الأول. وأجبر هذا الوضع الرئيس الراحل الشاذلي بن جديد على الاستقالة، واقتيد قادة «الإنقاذ» إلى السجن واعتُقل المئات من مناضلي الحزب الإسلامي. إثر ذلك، دخلت البلاد في حرب خطيرة، خلفت عشرات القتلى ما زالت البلاد حتى اليوم تتعامل مع تبعاتها.

«استقلال القضاء السويسري لا يبرر انعدام مسؤولية الدولة»

محامو خالد نزار


مقالات ذات صلة

الجزائر و«بروكسل» لبحث «أزمة اتفاق الشراكة»

شمال افريقيا ممثل السياسة الخارجية في «الاتحاد الأوروبي» سابقاً جوزيب بوريل في لقاء سابق مع الرئيس تبون (الرئاسة الجزائرية)

الجزائر و«بروكسل» لبحث «أزمة اتفاق الشراكة»

يبحث وفد من الاتحاد الأوروبي مع مسؤولين جزائريين، مطلع العام الجديد، «أزمة اتفاق الشراكة»، بغرض حل «تعقيدات إدارية» تواجه صادرات دول الاتحاد إلى الجزائر.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا وزير خارجية الجزائر أحمد عطاف (الخارجية الجزائرية)

وزير خارجية الجزائر: نتعامل مع الدول وليس الحكومات

شدد على «وحدة التراب السوري وضرورة شمول الحل لجميع السوريين دون إقصاء، وإشراف الأمم المتحدة على أي حوار سياسي للحفاظ على مستقبل سوريا».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الرئيس تبون أثناء خطابه أمام أعضاء البرلمان (الرئاسة)

الجزائر: تصعيد غير مسبوق واتهامات خطيرة لباريس

حملَ خطاب تبون دلالات على تدهور كبير في العلاقات الجزائرية - الفرنسية، تجاوز التوترات والخلافات الظرفية التي كانت سمتها الغالبة منذ استقلال الجزائر عام 1962.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الرئيس الجزائري (وكالة الأنباء الجزائرية)

تبون للفرنسيين: اعترفوا بجرائمكم في الجزائر إن كنتم صادقين

شنّ الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون هجوماً شديد اللهجة على فرنسا وتاريخها الاستعماري في بلاده، وخاطب قادتها قائلاً: «اعترفوا بجرائمكم إن كنتم صادقين».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا تبون خلال إلقائه كلمته أمام البرلمان (وكالة الأنباء الجزائرية)

تبون للفرنسيين: اعترِفوا بجرائمكم في الجزائر إذا كنتم صادقين

«لقد تركوا لنا الأمراض. كانوا يريدون الانضمام إلى نادي الدول التي تمتلك القنبلة الذرية على حسابنا. تعالوا نظفوا ما تركتموه. لسنا بحاجة إلى أموالكم...».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

مقتل 27 مهاجراً بعد غرق قاربين قبالة سواحل تونس

مهاجرون عبر قوارب الموت اعترض خفر السواحل التونسية قاربهم (أ.ف.ب)
مهاجرون عبر قوارب الموت اعترض خفر السواحل التونسية قاربهم (أ.ف.ب)
TT

مقتل 27 مهاجراً بعد غرق قاربين قبالة سواحل تونس

مهاجرون عبر قوارب الموت اعترض خفر السواحل التونسية قاربهم (أ.ف.ب)
مهاجرون عبر قوارب الموت اعترض خفر السواحل التونسية قاربهم (أ.ف.ب)

أعلن مسؤول في الحماية المدنية في تونس، الخميس، انتشال 27 جثة لمهاجرين من دول أفريقيا جنوب الصحراء، الأربعاء، وإنقاذ 83 آخرين بعد غرق قاربين قبالة الساحل التونسي، في أثناء محاولتهما الوصول إلى أوروبا.

وأكد مدير لحماية المدنية td صفاقس، زياد السديري، لوكالة الصحافة الفرنسية، أنه «من بين الجثث الـ27 التي جرى انتشالها قبالة سواحل (أرخبيل) قرقنة (شرق)، يوجد نساء وأطفال».

مهاجرون انطلقوا من سواحل تونس أملاً في الوصول إلى أوروبا (أ.ف.ب)

من جانبه، أكد مسؤول في الحرس الوطني، طلب عدم اسمه، أن نحو 110 مهاجرين من مختلف دول أفريقيا جنوب الصحراء كانوا على متن قاربين «غادرا الساحل بالقرب من صفاقس ليلة 31 ديسمبر (كانون الأول) الماضي إلى 1 يناير (كانون الثاني)» الجاري.

وأضاف أن «العمليات جارية للبحث عن مهاجرين آخرين مفقودين».

وحسب السديري، فقد نُقل 15 من أصل 83 شخصاً أنقذتهم قوات خفر السواحل التونسية، التابعة للحرس الوطني، إلى المستشفى.

وهذه أحدث مأساة تشهدها المنطقة الوسطى للبحر الأبيض المتوسط، حيث تنطلق قوارب المهاجرين خصوصاً من سواحل تونس وليبيا. وحسب بيانات منصة «مهاجرون مفقودين»، التابعة للمنظمة الدولية للهجرة، فقد توفي أو فُقد 1691 شخصاً وسط البحر المتوسط عام 2024، من بينهم 74 طفلاً.

وإلى جانب ليبيا، تعد تونس التي يبعُد بعض سواحلها أقل من 150 كيلومتراً عن جزيرة لامبيدوزا الإيطالية، نقطة الانطلاق الرئيسية في شمال أفريقيا للمهاجرين الساعين لعبور البحر الأبيض المتوسط.

تظاهرة لأمهات شبان تونسيين فُقدوا في البحر عبر رحلة سرية (أ.ف.ب)

وفي 18 من ديسمبر الماضي، لقي 20 مهاجراً على الأقل، متحدرين من أفريقيا جنوب الصحراء، حتفهم في غرق سفينة قبالة سواحل صفاقس (وسط شرق). وقبل ذلك بستة أيام، وبالضبط في 12 من ديسمبر الماضي، أعلن عناصر خفر السواحل أنهم أنقذوا في اليوم السابق 27 مهاجراً من أفريقيا جنوب الصحراء، غادروا من منطقة جبنيانة في ولاية صفاقس، لكن تم العثور على 15 آخرين وقد فارقوا الحياة، فيما فُقد آخرون.

ومنذ مطلع العام، سجل «المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية» ما بين 600 و700 حالة وفاة، أو اختفاء لمهاجرين أبحروا من السواحل التونسية، بعد تسجيل أكثر من 1300 حالة وفاة واختفاء عام 2023.

كانت منظمة «إس أو إس هيومانيتي» الألمانية غير الحكومية لإنقاذ المهاجرين في البحر، قد انتقدت تمويلات الاتحاد الأوروبي الضخمة لدول ثالثة من أجل إدارة الحدود الخارجية وإجراءات اللجوء، وقالت إنها تؤدي إلى انتهاكات خطيرة ومتزايدة لحقوق الإنسان.

وأشارت المنظمة في بيان لها، إلى تمويلات الاتحاد الأوروبي في وسط البحر الأبيض المتوسط والموجَّهة أساساً إلى دول تونس وليبيا وألبانيا. وقالت: «إنهم بذلك يدعمون انتهاكات حقوق الإنسان ضد الأشخاص في أثناء التنقل من خلال إنفاق ملايين من أموال دافعي الضرائب؛ فمن عام 2016 إلى عام 2027، سيستثمر الاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء ما لا يقل عن 7.327 مليون يورو في إدارة الحدود في ليبيا وتونس».