السيسي: استقرار السودان ستكون له نتائج إيجابية على الأطراف الإقليمية كافة

دعا الوكالات الإغاثية والدول المانحة لتوفير الدعم اللازم لدول الجوار

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي (أرشيفية - د.ب.أ)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي (أرشيفية - د.ب.أ)
TT
20

السيسي: استقرار السودان ستكون له نتائج إيجابية على الأطراف الإقليمية كافة

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي (أرشيفية - د.ب.أ)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي (أرشيفية - د.ب.أ)

أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أن استقرار السودان الشقيق، والحفاظ على وحدة أراضيه، وتماسك مؤسساته، ستكون لها نتائج إيجابية ليس فقط على الشعب السوداني، ولكن على الأطراف الإقليمية كافة.

جاء ذلك في كلمة الرئيس السيسي باجتماع «مجلس السلم والأمن الأفريقي» حول السودان على مستوى رؤساء الدول والحكومات بـ«الفيديو كونفرنس». وأكد الرئيس المصري، اليوم (السبت)، ضرورة التوصل إلى وقف شامل ومستدام لإطلاق النار في السودان، وبما لا يقتصر على الأغراض الإنسانية.

وأعرب السيسي عن تقديره لتوجيه الدعوة إلى مصر، للمشاركة في هذا الاجتماع المهم، لمناقشة تطورات الأوضاع في دولة السودان الشقيقة. وقال: «إن اجتماعنا اليوم يحمل، بالإضافة إلى أهميته السياسية، قيمة رمزية بتأكيده استمرار الشراكة بين الأطراف الأفريقية، والشركاء الدوليين كافة، والوكالات الإغاثية للعمل معاً، نحو سودان مستقر وآمن».

وأشار السيسي إلى أن مصر تثمن جهود مفوضية الاتحاد الأفريقي، بقيادة رئيس المفوضية موسى فقي، في التعامل مع الأزمة السودانية، التي كان أبرزها، الاجتماع الموسع الذي عُقد على المستوى الوزاري، يوم 20 أبريل (نيسان) الماضي، وأثمر عن تشكيل آلية، تضم الأطراف الفاعلة، ومن بينها مصر.

وقال الرئيس السيسي: «يأتي اجتماعنا اليوم لاعتماد خطة خفض التصعيد التي تمت صياغتها بالتنسيق مع دول الجوار، بما يمثل خطوة مهمة في سبيل تحقيق الاستقرار والتوافق الداخلي وإنهاء الصراع الدامي الحالي». كما أكد الرئيس المصري، خلال كلمته، ضرورة التنسيق الوثيق مع دول الجوار لحلحلة الأزمة السودانية، واستعادة الأمن والاستقرار باعتبارها طرفاً أصيلاً، ولكونها الأكثر تأثراً بالأزمة، والأكثر حرصاً على إنهائها في أسرع وقت. وقال السيسي إن مصر التزمت بمسؤولياتها عبر استقبال نحو 150 ألف مواطن سوداني حتى اليوم، بجانب استضافة نحو 5 ملايين مواطن سوداني، تتم معاملتهم بوصفهم مواطنين. وأشار إلى أن القاهرة اضطلعت بمسؤوليتها باعتبارها دولة جوار للسودان عبر تكثيف التواصل مع الأطراف الفاعلة لإنهاء الوضع الجاري. وشدد السيسي على أن الحفاظ على مؤسسات الدولة الوطنية بالسودان يعد «العمود الفقري» لحمايتها من خطر الانهيار. ودعا الرئيس السيسي الوكالات الإغاثية والدول المانحة لتوفير الدعم اللازم لدول الجوار حتى يتسنى لها الاستمرار في الاضطلاع بهذا الدور. وأكد السيسي أن بلاده ستواصل التنسيق مع الشركاء كافة لدعم جهود توفير الاحتياجات الإنسانية العاجلة للسودان. ولفت إلى أن الجهود المبذولة في إطار الاتحاد الأفريقي تأتي مكملة لمسارات أخرى، ومن ضمنها جامعة الدول العربية التي أقرت قمتها الأخيرة تشكيل مجموعة اتصال وزارية عربية للتعامل مع الأزمة، وكذا جهود تجمع «الإيقاد»، والاتفاقيات التي تم التوقيع عليها خلال مفاوضات «جدة». واندلع القتال بين الجيش السوداني وقوات «الدعم السريع» في منتصف الشهر الماضي، في الوقت الذي كانت الأطراف العسكرية والمدنية تضع فيه اللمسات النهائية على عملية سياسية مدعومة دولياً.

حقائق

150 ألف

 مواطن سوداني دخلوا الأراضي المصرية منذ اندلاع القتال في السودان


مقالات ذات صلة

الجيش السوداني يعلن استرداد مناطق في النيل الأزرق وسنار

شمال افريقيا شاحنة تمر بجوار دبابة في مدخل ود مدني بالسودان في فبراير 2025 (أ.ف.ب)

الجيش السوداني يعلن استرداد مناطق في النيل الأزرق وسنار

طالب أحد قادة «الدعم السريع» حكومة جنوب السودان «بتسلم الفارين من عناصر مالك عقار وتجريدهم من السلاح».

أحمد يونس (كمبالا)
شمال افريقيا صورة ملتقَطة في يناير 2024 تظهر نساءً وأطفالاً في مخيم زمزم للنازحين بالقرب من الفاشر في شمال دارفور بالسودان (رويترز)

مؤتمر دولي بلندن منتصف أبريل لـ«السلام وحماية المدنيين» في السودان

في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أبلغ نائب رئيس «مجلس السيادة» مالك عقار، المبعوث البريطاني اعتراض حكومته على المواقف البريطانية من الحرب السودانية.

وجدان طلحة (بورتسودان)
شمال افريقيا عناصر من «قوات الدعم السريع» (أ.ب)

«الدعم السريع» وحلفاؤها يوقعون دستوراً انتقالياً يمهّد لحكومة موازية في السودان

وقّعت «قوات الدعم السريع» السودانية شبه العسكرية وجماعات متحالفة معها دستورا انتقاليا، اليوم (الثلاثاء)، ما يمهد لإنشاء حكومة موازية وينذر بتقسيم البلاد.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا رئيس الوزراء السوداني السابق عبد الله حمدوك (غيتي)

حمدوك يطلق نداءً لوقف فوري غير مشروط لإطلاق النار بالسودان

ناشد «الأطراف الإقليمية والدولية كافة، الامتناع عن أي فعل يطيل أمد النزاع، وفرض حظر شامل على توريد السلاح لكل أطراف النزاع، وضمان تجفيف موارد تمويل الحرب».

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا من معارك الخرطوم (أرشيفية - رويترز)

الجيش السوداني يقترب من السيطرة على شرق الخرطوم

قال متحدثون باسم «تحالف تأسيس» إن أحد أهداف الحكومة التي ينوون تشكيلها، هو تحييد طيران الجيش الذي اتهموه بـ«استهداف المدنيين على أسس عنصرية».

أحمد يونس (كمبالا)

الشرع يتموضع بروتوكولياً في «القمة العربية»... ويحبط رهانات

أحمد الشرع عقب كلمته في افتتاح مؤتمر الحوار الوطني الشهر الماضي (أ.ف.ب)
أحمد الشرع عقب كلمته في افتتاح مؤتمر الحوار الوطني الشهر الماضي (أ.ف.ب)
TT
20

الشرع يتموضع بروتوكولياً في «القمة العربية»... ويحبط رهانات

أحمد الشرع عقب كلمته في افتتاح مؤتمر الحوار الوطني الشهر الماضي (أ.ف.ب)
أحمد الشرع عقب كلمته في افتتاح مؤتمر الحوار الوطني الشهر الماضي (أ.ف.ب)

على رغم أن «القمة العربية الطارئة» التي عقدت في القاهرة، الثلاثاء، كانت من أجل القضية الفلسطينية واتخاذ موقف عربي موحد بشأن الحرب في غزة، فإن الرئيس السوري للمرحلة الانتقالية أحمد الشرع «يمكن اعتباره أحد أكثر المستفيدين خلال تلك القمة، حيث تموضع بروتوكولياً بين القادة العرب، وأحبط الرهانات على نبذه واستبعاده عقب وصوله للسلطة»، بحسب ما أكده خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط».

الخبراء أشاروا إلى أن الشرع «بدا كما لو كان رئيساً متمرساً، حيث استغل كل الإجراءات البروتوكولية الخاصة بحضور القمم لإظهار نفسه وشخصيته خلال القمة العربية الطارئة، بدءاً من استقباله في المطار، ثم لقائه مع رئيس البلد المضيف، فضلاً عن عقد محادثات مع قادة آخرين، ومسؤولين دوليين على هامش القمة، وإلقاء كلمة وعدم الاكتفاء بالمشاركة الصامتة من أجل التصويت على القرارات فقط».

وتعد تلك هي الزيارة الأولى للشرع إلى مصر منذ وصوله للسلطة، حيث تم استقباله رسمياً في مطار القاهرة الدولي، ثم التقاه الرئيس عبد الفتاح السيسي، وعقدا جلسة محادثات ثنائية، أكد الشرع خلالها رغبته في «فتح صفحة جديدة للعلاقات بين سوريا ومصر».

وعقب وصول الشرع للسلطة في سوريا، بدت على السطح علامات تم تفسيرها على أنها تفيد بتوتر العلاقات مع السلطة المصرية، بخاصة بعد انتشار صورة جمعت الشرع مع أحد المطلوبين للقضاء في مصر، وأيضاً قيام أحد المصريين الذين كانوا يقاتلون إلى جانب الشرع في سوريا بتسجيل فيديو وجّه فيه إساءات للحكومة المصرية؛ إلا أن تقارير إعلامية سورية أفادت بتوقيف سلطات دمشق لهذا الشاب.

أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، مصطفى كامل السيد، قال لـ«الشرق الأوسط» إن «الشرع منذ وصوله للسلطة كان حريصاً على ألا يُغضب أي دولة، وبخاصة مصر، وتم اتخاذ إجراءات ضد أي أمور بدرت من أشخاص على أرض سوريا في حقّها، كما لم يطلق أي تصريحات تثير الانتقادات أو الخلافات، وكذلك غيّر في طريقة ملابسه ومظهره، ولذلك جاءت ثمرة جهوده متمثلة في احتضان القادة العرب له بالقمة العربية، وهي أول مؤتمر دولي يحضره منذ توليه السلطة».

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يستقبل الرئيس السوري المؤقت أحمد الشرع خلال القمة العربية الطارئة بالعاصمة الإدارية الجديدة في مصر 4 مارس 2025 (أ.ب)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يستقبل الرئيس السوري المؤقت أحمد الشرع خلال القمة العربية الطارئة بالعاصمة الإدارية الجديدة في مصر 4 مارس 2025 (أ.ب)

وأوضح السيد أن «الشرع أظهر براعة خلال القمة، حيث أكد حضوره وحضور دولته على أنها لها علاقات طبيعية مع الجميع، وثبّت مكانته كرئيس لهذه الدولة، وأكد على استعادة موقعها بين العرب داخل الجامعة العربية».

كذلك، فإن الشرع عقد على هامش القمة جلسة محادثات مع الرئيس اللبناني الجديد جوزيف عون، وبحثا المسائل العالقة بين الجانبين.

والتقى أيضاً الرئيس الفلسطيني محمود عباس «أبو مازن»، ورئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، رشاد محمد العليمي. كما عقد جلسة محادثات مع الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، حيث ناقشا سبل دعم المجتمع الدولي لسوريا، كما قابل رئيس المجلس الأوروبي، أنطونيو كوستا.

جانب من لقاء السيسي والشرع في القاهرة عقب «القمة العربية» (الرئاسة المصرية)
جانب من لقاء السيسي والشرع في القاهرة عقب «القمة العربية» (الرئاسة المصرية)

وكان من أبرز مشاهد القمة التي أثارت تفاعلاً كبيراً على مواقع التواصل الاجتماعي، أنه بعد التقاط الزعماء المشاركين الصورة التذكارية وتوجههم إلى قاعة الاجتماعات، كان الشرع يسير متأخراً عن بقية الزعماء، فما كان من أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، إلا أن تأخر قليلاً وأمسك بيد الشرع، وقدّمه ليسير في الصف الثاني مع ابتسامة متبادلة.

من جانبه، قال مساعد وزير الخارجية المصري سابقاً، السفير رؤوف سعد، إن «الشرع جاء إلى القمة العربية بدعوة رسمية من مصر، أي أنه استجاب للدعوة المصرية ولم يأتِ رغماً عن القاهرة، وتعامل بشكل طبيعي وفقاً للبروتوكول والحقوق المكفولة له، لأن مصر أيضاً تعاملت معه بحكمة ورغبة في ضمّه للصفّ العربي في تلك اللحظة الحرجة بالمنطقة».

سعد أضاف لـ«الشرق الأوسط»، أنه «على عكس ما راهن البعض، فإن مصر لم تعادِ ولن تعادي سوريا تحت أي ظرف، وهذا ظهر جلياً في تلك القمة، ومن خلال لقاء الرئيس السيسي بالشرع ومصافحتهما معاً».

تجدر الإشارة إلى أن هناك أصواتاً مصرية كثيرة كانت تراهن على أن القاهرة لن تتعامل مع الشرع، وبرز بين هذه الأصوات إعلاميون وناشطون سياسيون، وصفوا الشرع بـ«الإرهابي» وأنه «صناعة أميركية»، وأكدوا صعوبة تطبيع العلاقات بين سلطات البلدين في وجوده.

وفي كلمته بالقمة العربية الطارئة، قال الشرع إن عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية بعد سنين من الغياب هي لحظة تاريخية ترسخ مفاهيم الوحدة والعمل المشترك، موضحاً أن تلك العودة تأتي في وقت بالغ الأهمية لا يمكن خلاله تجاوز التحديات إلا من خلال التعاون المشترك.

وترى أستاذة العلوم السياسية بجامعة القاهرة، نورهان الشيخ، أن «ما حصده الشرع في القمة العربية جاء نتيجة الدعم السابق له من دول كبرى كالسعودية التي استقبلته في زيارة رسمية، وأيضاً قيام عدد من القادة والمسؤولين الغربيين بزيارة دمشق ولقائه بعد أيام من توليه السلطة».

الشيخ أكدت لـ«الشرق الأوسط» أنه «لم يكن هناك منطق للرهانات على نبذه من جانب بعض الدول العربية، خاصة أنه لم يصدر منه ما يعزز تلك الرهانات، وكان يصرح من أول يوم في السلطة بحرصه على العلاقة مع جميع الدول».

وشدّدت على أن «الدبلوماسية المصرية تتعامل بحكمة وحرفية شديدة. ولو لم تتم دعوته للقمة، لكان ذلك سيثير الاستفهام، وبما أنه تمت دعوته، فكان طبيعياً أن يحصل على التقدير اللازم، لأن هذه هي تقاليد الدبلوماسية المصرية، بخاصة أن الرجل يؤكد يومياً تقديره الكبير لمصر ولجميع الدول العربية».