داريا مدينة مُدمَّرة قرب دمشق تطلب ردَّ تضحياتها في إسقاط نظام الأسد

نموذج يفسر عدم عودة النازحين إلى مناطقهم حيث لا إعادة إعمار ولا تصليح للبنية التحتية

صبي يركب دراجة هوائية متضررة في حيٍّ تضرر جراء الحرب في داريا، إحدى ضواحي دمشق (نيويورك تايمز)
صبي يركب دراجة هوائية متضررة في حيٍّ تضرر جراء الحرب في داريا، إحدى ضواحي دمشق (نيويورك تايمز)
TT

داريا مدينة مُدمَّرة قرب دمشق تطلب ردَّ تضحياتها في إسقاط نظام الأسد

صبي يركب دراجة هوائية متضررة في حيٍّ تضرر جراء الحرب في داريا، إحدى ضواحي دمشق (نيويورك تايمز)
صبي يركب دراجة هوائية متضررة في حيٍّ تضرر جراء الحرب في داريا، إحدى ضواحي دمشق (نيويورك تايمز)

يقود محمد العباد، شاب نحيل يرتدي بنطال جينز أسود ونظارة شمسية، دراجته النارية عدة مرات أسبوعياً على تلة حصوية تراكمت من بقايا حيّه القديم المهشم في مدينة تقع على أطراف دمشق، العاصمة السورية.

في الأعلى، يتأمل مشهداً رملياً قاتماً شبيهاً بمشهد المريخ. لا يوجد ما يشير إلى أن هذا الحي كان يوماً ما مجتمعاً مزدهراً من منازل تقليدية من طابق واحد مبنية حول ساحات وحدائق صغيرة.

في الأفق، يرى عباد، البالغ من العمر 29 عاماً، أبراج الشقق في المزة، وهي منطقة سكنية راقية نسبياً في دمشق، نجت من الحرب الأهلية التي استمرت 14 عاماً سالمة إلى حد كبير.

قال عباد في ظهيرة أحد أيام الصيف الأخيرة، وقد تصلب صوته: «لم يحدث شيء هناك». هناك، كما ترى، لم يكن هناك قصف، ولا إطلاق نار، لا شيء. جميعهم ممثلون، فنانون، أناسٌ أثرياء، مؤيدون للنظام. لم يلحق بهم مكروه، لم يمسوهم، لكنهم دمروا حياتنا. هذا يُغضبني بشدة.

كان حيّ «الخليج» القديم الذي سكنه عباد، في داريا، المدينة المُدمّرة كغيرها من مدن في أنحاء سوريا. إنعاش هذه المدينة هو أحد التحديات الرئيسية التي تواجهها الحكومة الجديدة التي لا تزال هشة. يجب عليها، بطريقة ما، حشد موارد هائلة للمساعدة في توفير المأوى وفرص العمل لملايين الأشخاص الذين يشعرون أنهم ضحّوا بكل شيء للإطاحة بحكومة الرئيس بشار الأسد، ولم تُستعد منازلهم أو حياتهم بعد.

طوابير للحصول على الأرز واللحم بداريا بعد أن أصبحت المبادرات المحلية والمطابخ الخيرية ضرورية لدعم الأسر في سوريا (نيويورك تايمز)

تقع داريا على بُعد نحو 30 دقيقة بالسيارة من وسط دمشق، لكنها عالمٌ مختلف، فهي واحدة من سلسلة مجتمعاتٍ ذات أغلبية سنية من الطبقة العاملة تُحيط بالعاصمة، التي شكّلت العمود الفقري للمعارضة في المنطقة ضد الأسد.

النظام، المُصمّم على جعل أماكن مثل داريا غير صالحة للعيش، أخضعها لغضبه الوحشي. قُصفت بالبراميل المتفجرة، وقُصفت بالغاز أحياناً، وحوصرت، وجُوّعت، وأُخليت من سكانها، ثم جُردت من كل ما يُحمل تقريباً. «تعفيش»، تُسمع مراراً وتكراراً بالعربية، أي «نهب».

قال محمد جناينة، رئيس بلدية داريا والمهندس المدني: «في البداية، كنا سعداء لأن دمشق لم تُدمر؛ إنها مدينة جميلة جداً. لكن عندما نعود إلى داريا، نشعر بالدمار. لا نتوقف عن سؤال أنفسنا: لماذا حدث هذا لداريا؟ لماذا كل هذا الدمار؟».

بعد الدوار الرئيسي عند مدخل داريا، تُعلّق لافتة على الشارع العريض تُنبه الزوار إلى احترام ذكرى الموتى. كُتب عليها: «الرجاء الدخول بهدوء، ففي كل خطوة كان هناك شهيد».

مسعفة تفحص طفلة داخل عيادة متنقلة أمام مبنى مدمر في داريا (نيويورك تايمز)

في عام 2011، قبل الحرب، صرّح رئيس البلدية في مقابلة بأن عدد سكان داريا بلغ 350 ألف نسمة، وكان العديد منهم من النجارين والكهربائيين وغيرهم من الحرفيين المهرة الذين يكسبون عيشاً كريماً في المصانع. استقطبت المنطقة المستشفى الوطني، الذي يضم 160 سريراً، أطباء وممرضين وعاملين في المجال الطبي، وكان يضم مجتمعاً زراعياً كبيراً.

تتاخم داريا قاعدة المزة الجوية، وهي منشأة عسكرية رئيسية تضم مركز احتجاز معروفاً بقسوته للسجناء السياسيين. خشيت القوات الحكومية من تسلل مقاتلي المعارضة إلى القاعدة من شوارع الخليج المتعرجة، التي يقطنها 40 ألف شخص، فقامت بهدم جميع المنازل لإنشاء منطقة عازلة.

كان وضع بقية داريا أفضل قليلاً. وقال السكان إن أسوأ حدث شهده يوم واحد كان مذبحة في أغسطس (آب) 2012، عندما اقتحم الجنود المدينة وقتلوا سكانها. قُتل ما لا يقل عن 700 شخص، وفقاً لياسر جمال الدين، المتحدث باسم قوات الدفاع المحلية.

درج مبنى مدمر في داريا الضاحية التي حوصرت لفترة طويلة وتضررت بشدة خلال الحرب الأهلية في سوريا (نيويورك تايمز)

بعد ذلك، فرّ نحو ثلاثة أرباع السكان. منع جنود النظام السكان من العودة، وطلبوا رشاوى ضخمة للسماح بمرور أي شيء عبر نقاط التفتيش، فارتفعت أسعار المواد الغذائية الأساسية كالقهوة والسكر والدقيق والزيت ارتفاعاً جنونياً.

كانت داريا شبه خالية من السكان بين عامي 2016 و2019، عندما بدأ الجنود بالسماح للسكان بالعودة تدريجياً.

وصرح رئيس البلدية بأن عدد سكانها، الذي بلغ 25 ألف نسمة في ديسمبر (كانون الأول) عند سقوط النظام، يتجاوز الآن 150 ألف نسمة. ولا يزال نحو نصف المعتقلين، وعددهم 5400 شخص، في عداد المفقودين، بينما توفي 450 شخصاً في الحجز، وفقاً لنشطاء.

الدمار مُذهل. تصطف المباني السكنية المنهارة جزئياً في شارع تلو الآخر. وتتدلى كتل من الخرسانة، لا تزال مُثبتة على قضبان البناء، على الشوارع الفارغة كتمثال شيطاني متحرك. وقدّر تقرير للبنك الدولي صدر عام 2022 أن 43 في المائة من مساكن داريا قد دُمرت.

من حيث البنية التحتية والخدمات المتضررة، صنّف التقرير داريا أسوأ مدينة من بين المدن الأربع عشرة التي شملها المسح. يحتاج نحو ثلث شبكة طرقها إلى إصلاحات كبيرة. أدى القصف المتواصل إلى تدمير شبكات الكهرباء والمياه والصرف الصحي. تسد الأنقاض أنابيب الصرف الصحي، فتتسرب النفايات إلى الأرض. سبعة من أصل ثمانية مرافق صحية معطلة تقريباً. والمستشفى الوطني أصبح هيكلاً فارغاً.

عائلة تتجمع في ما تبقى من شقتها المدمرة بداريا إحدى ضواحي دمشق (نيويورك تايمز)

بعد فراره إلى الخارج عام 2013، عاد رئيس البلدية عام 2020؛ قال: «عندما عدت أول مرة، كنت أتجنب داريا. لم أكن أرغب في رؤية الدمار؛ كان الأمر صادماً. عندما ترى منزلك، وكل ما عملت من أجله، مدمراً بالكامل، تشعر باكتئاب شديد».

داريا مثالٌ نموذجيٌّ على سبب قلة عدد العائدين من بين ملايين اللاجئين. فهم لا يملكون منازل ولا وظائفَ يعودون إليها، وعادةً ما يفتقرون إلى الموارد اللازمة لإعادة الإعمار. في جوبر، حيٌّ من أحياء دمشق المُدمَّرة مثل داريا، لم يُسمح للسكان بالعودة إلا مؤخراً.

بعد خطبة صلاة الجمعة الأخيرة، احتشد المصلون للمطالبة بإعادة الإعمار. وثار جدلٌ حول ما إذا كان ينبغي الضغط على الحكومة أم منحها المزيد من الوقت.

كان المسجد أشبه بلوحةٍ بريديةٍ من الدمار. حثّ إمامه عمر ربيعة، الواقف أمام جدارٍ خرسانيٍّ عارٍ، الحكومة على حماية العائدين وبناء منازلهم. وقال: «منذ التحرير، ننتظر حلولاً عمليةً تُبيّن لأبنائنا أن شيئاً ما يتغير». وحذّر المصلين من الاستياء من أولئك الذين يملكون المال لإعادة الإعمار. وقال: «لن يُبنى هذا البلد على كل هذه الضغائن».

صرح وزير المالية السوري، محمد يسر برنية، مؤخراً، وهو اقتصادي بارز، بأنه لن تكون هناك أموال عامة لإعادة الإعمار في أي وقت قريب، وأن الحكومة تتطلع إلى القطاع الخاص. وقال في مقابلة قصيرة: «نحن بحاجة إلى الابتكار».

لكن السكان قلقون من أنه ما لم تُصلح الحكومة البنية التحتية الأساسية، سيتردد المستثمرون من القطاع الخاص في البناء.

العائدون الفقراء إلى مساكن متهالكة

قالت هند صادق، البالغة من العمر 55 عاماً، وهي أم لعائلة مكونة من سبعة أفراد تعيش على أرضية إسمنتية في إحدى الغرف التي تم ترميمها: «ليس لدينا مكان نذهب إليه، هذا منزلنا». تنتشر ثقوب الرصاص على جدران المبنى، ومعظم الغرف عبارة عن مسار عوائق من الأنقاض المحطمة والنوافذ المكسورة، تبرز الأنابيب المتشققة والقضبان بزوايا غريبة.

عادت ست عائلات إلى ما كان في السابق 24 شقة في مبنى عائلي من ستة طوابق. لا أحد يخرج ليلاً، حين لا يوجد أناس ولا سيارات ولا إنارة في الشوارع المظلمة، فقط قطعان الكلاب الضالة تجوب الشوارع. قالت صادق: «لا يزال الوضع أفضل من العيش في ظل النظام السابق».

خديجة القرة بين أنقاض منزلها السابق في داريا (نيويورك تايمز)

وافقتها الرأي خديجة القرة، شقيقة زوجها. قالت إنها تبلغ من العمر 51 عاماً، ثم أضافت: «بالنظر إلى ما رأيته (في سنوات الحرب)، يجب أن يكون عمري 500». وعندما سُئلت عن تأثير العيش وسط الدمار الشامل على مزاجها، قالت: «لقد اعتدنا على ذلك. الدمار يعكس حياتنا».

يستأجر عباد الآن منزلاً في داريا، ولكن عندما يشتد غضبه حيال منزله المدمر، يقفز على دراجته النارية ليشعر، ولو جسدياً، بقربه من حياته السابقة، قال: «نأتي إلى هنا لتخفيف الضغط عن قلوبنا».

وقال إنه بدون مساعدة، لا يمكن للحي أن ينتعش. «قد يستغرق الأمر 20 عاماً. الأمر لا يقتصر على داريا فقط، بالطبع - إنه كذلك في كل أنحاء سوريا».

* خدمة «نيويورك تايمز»


مقالات ذات صلة

بريطانيا تفرض عقوبات على مرتكبي أعمال عنف بحق المدنيين في سوريا

المشرق العربي مواطنون سوريون يلوّحون بأعلامهم الوطنية خلال احتفالات الذكرى السنوية الأولى لإطاحة الرئيس السابق بشار الأسد في دمشق (أ.ب)

بريطانيا تفرض عقوبات على مرتكبي أعمال عنف بحق المدنيين في سوريا

فرضت بريطانيا، الجمعة، ​عقوبات على أفراد ومنظمات قالت إنهم مرتبطون بأعمال عنف ارتكبت بحق المدنيين في سوريا، وبعضهم كان يدعم حكومة الرئيس السابق بشار الأسد.

«الشرق الأوسط» (لندن )
المشرق العربي الرئيس السوري أحمد الشرع -على اليمين- يصافح مظلوم عبدي قائد «قوات سوريا الديمقراطية» المدعومة من الولايات المتحدة والتي يقودها الأكراد... في العاصمة السورية دمشق 10 مارس 2025 (سانا)

تقرير: مساعٍ حثيثة لإنقاذ اتفاق دمج قوات «قسد» بالدولة السورية قبل نهاية العام

قال أشخاص مشاركون ومطّلعون على محادثات لدمج قوات كردية مع الدولة السورية إن مسؤولين سوريين وأكراداً وأميركيين يسعون لإظهار تقدّم في اتفاق متعثر بهذا الشأن.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي عناصر من قوات الأمن العراقية في بغداد (أ.ب - أرشيفية)

الاستخبارات العراقية تعتقل «هدفين» داخل الأراضي السورية بالتعاون مع «التحالف الدولي»

تمكّنت قوات استخبارية عراقية، بالتنسيق مع قوات الأمن السورية و«التحالف الدولي»، من اعتقال هدفين مهمين مطلوبين للقضاء العراقي بإنزال جوي شمال شرقي سوريا.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
العالم العربي مسلحون من «قسد» خلال عرض عسكري في مدينة القامشلي (أرشيفية - رويترز)

دمشق و«قسد» تُسارعان لإنقاذ اتفاق الدمج قبل انقضاء المهلة

قال عدة أشخاص مشاركين في محادثات لدمج القوات الكردية مع الدولة السورية إن المسؤولين السوريين والأكراد والأميركيين يسعون جاهدين لإظهار تقدم في اتفاق متعثر.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي القضاة خلال جلسة محاكمة المتهمين بأحداث الساحل السوري الخميس (سانا)

جلسة ثانية لمحاكمات أحداث الساحل السوري

عُقدت، الخميس، الجلسة الثانية من المحاكمة العلنية للمتهمين بارتكاب انتهاكات خلال أحداث الساحل السوري في مدينة حلب بشمال البلاد.

موفق محمد (دمشق)

بريطانيا تفرض عقوبات على مرتكبي أعمال عنف بحق المدنيين في سوريا

مواطنون سوريون يلوّحون بأعلامهم الوطنية خلال احتفالات الذكرى السنوية الأولى لإطاحة الرئيس السابق بشار الأسد في دمشق (أ.ب)
مواطنون سوريون يلوّحون بأعلامهم الوطنية خلال احتفالات الذكرى السنوية الأولى لإطاحة الرئيس السابق بشار الأسد في دمشق (أ.ب)
TT

بريطانيا تفرض عقوبات على مرتكبي أعمال عنف بحق المدنيين في سوريا

مواطنون سوريون يلوّحون بأعلامهم الوطنية خلال احتفالات الذكرى السنوية الأولى لإطاحة الرئيس السابق بشار الأسد في دمشق (أ.ب)
مواطنون سوريون يلوّحون بأعلامهم الوطنية خلال احتفالات الذكرى السنوية الأولى لإطاحة الرئيس السابق بشار الأسد في دمشق (أ.ب)

فرضت بريطانيا، اليوم الجمعة، ​عقوبات على أفراد ومنظمات قالت إنهم مرتبطون بأعمال عنف ارتكبت بحق المدنيين في سوريا، وبعضهم كان يدعم حكومة الرئيس السابق بشار الأسد مالياً.

وزيرة الخارجية البريطانية إيفينت كوبر (أ.ف.ب)

وفي ‌حين خففت ‌بريطانيا بعض ‌العقوبات ⁠المفروضة ​على ‌سوريا لدعمها في مساعي إعادة الإعمار بعد انهيار نظام الأسد قبل عام، أكدت أنها تتخذ إجراءات ضد مَن يحاولون تقويض السلام ⁠في البلد الواقع بمنطقة الشرق الأوسط.

وجاء ‌في بيان أن ‍الإجراءات الحكومية ‍تستهدف أفراداً ضالعين في أعمال ‍العنف بمنطقة الساحل في سوريا خلال مارس (آذار)، وكذلك أعمال العنف التي ارتكبت خلال ​الحرب الأهلية في البلاد.

صورة بشار الأسد بملامح ممحوّة (الشرق الأوسط)

وقالت وزيرة الخارجية البريطانية إيفيت ⁠كوبر: «تحقيق المساءلة والعدالة لجميع السوريين أمرٌ ضروري لضمان التوصل إلى تسوية سياسية ناجحة ومستدامة في سوريا».

وتتضمن العقوبات تجميد الأصول وحظر السفر، وتشمل أربعة أفراد وثلاث منظمات، كما تشمل أيضاً شخصين قدّما دعماً ‌مالياً لنظام الأسد.


«الصحة العالمية»: 1092 مريضاً توفوا بانتظار الإجلاء من غزة منذ منتصف 2024

يقوم مسعفون بإجلاء جرحى ومرضى سرطان من مستشفى كمال عدوان في بيت لاهيا بشمال قطاع غزة (أ.ف.ب)
يقوم مسعفون بإجلاء جرحى ومرضى سرطان من مستشفى كمال عدوان في بيت لاهيا بشمال قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

«الصحة العالمية»: 1092 مريضاً توفوا بانتظار الإجلاء من غزة منذ منتصف 2024

يقوم مسعفون بإجلاء جرحى ومرضى سرطان من مستشفى كمال عدوان في بيت لاهيا بشمال قطاع غزة (أ.ف.ب)
يقوم مسعفون بإجلاء جرحى ومرضى سرطان من مستشفى كمال عدوان في بيت لاهيا بشمال قطاع غزة (أ.ف.ب)

توفي أكثر من ألف مريض وهم ينتظرون إجلاءهم من غزة منذ يوليو (تموز) 2024، حسب ما نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» عن منظمة الصحة العالمية، اليوم (الجمعة).

وقال المدير العام للمنظمة، تيدروس أدهانوم غيبرييسوس، على «إكس»، إن «1092 مريضاً توفوا وهم ينتظرون الإجلاء الطبي بين يوليو 2024 ونوفمبر (تشرين الثاني) 2025».

وأوضح تيدروس أن مصدر هذا العدد وزارة الصحة الفلسطينية في غزة، وهو «على الأرجح أقل من العدد الفعلي».

وأضاف المدير العام لمنظمة الصحة العالمية: «منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023، قامت المنظمة وشركاؤها بإجلاء أكثر من 10600 مريض يعانون مشكلات صحية خطيرة من غزة، من بينهم أكثر من 5600 طفل يحتاجون إلى العناية المركزة».

ودعا «مزيداً من الدول للمبادرة إلى استقبال مرضى من غزة»، وحثّ على «استئناف عمليات الإجلاء الطبي إلى الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية»، مشيراً إلى أن «هناك أشخاصاً يعتمد بقاؤهم على قيد الحياة على ذلك».

بعد أكثر من عامين من الحرب بين إسرائيل وحركة «حماس» دخلت هدنة هشة حيز التنفيذ في 10 أكتوبر بضغط من الولايات المتحدة، إلا أن عمليات الإجلاء الطبي ما زالت تسير ببطء شديد.

وقال الناطق باسم منظمة الصحة العالمية، طارق جاساريفيتش، الجمعة، في جنيف، إنّ نحو 18500 مريض، من بينهم أكثر من 4000 طفل، ما زالوا بحاجة إلى نقلهم للعلاج خارج غزة.

وصرّح مسؤول في منظمة «أطباء بلا حدود» لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، في أوائل ديسمبر (كانون الأول) بأن هذه الأرقام تشمل فقط المرضى المسجلين رسمياً، وأن العدد الفعلي للمرضى المنتظرين أعلى بكثير.

وحتى الآن، استقبلت أكثر من 30 دولة مرضى من غزة، لكنّ عدداً قليلاً من الدول، من بينها مصر والإمارات العربية المتحدة، استقبلت أعداداً كبيرة منهم، وفق منظمة «أطباء بلا حدود».


ردود فعل عراقية على انتخاب برهم صالح رئيساً لوكالة اللاجئين

برهم صالح المفوض السامي لوكالة اللاجئين التابعة للأمم المتحدة (ا.ب)
برهم صالح المفوض السامي لوكالة اللاجئين التابعة للأمم المتحدة (ا.ب)
TT

ردود فعل عراقية على انتخاب برهم صالح رئيساً لوكالة اللاجئين

برهم صالح المفوض السامي لوكالة اللاجئين التابعة للأمم المتحدة (ا.ب)
برهم صالح المفوض السامي لوكالة اللاجئين التابعة للأمم المتحدة (ا.ب)

أعلن الرئيس العراقي السابق، برهم صالح، الجمعة، انتخابه رسمياً مفوضاً سامياً جديداً للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، متعهداً بنهج أممي يقوم على الالتزام بالقانون الدولي.

وافقت الجمعية العامة للأمم المتحدة، الخميس، على تعيين صالح رئيساً للوكالة، ليكون أول رئيس لها من الشرق الأوسط منذ أواخر سبعينات القرن الماضي. وانتخبت الهيئة الدولية المكونة من 193 عضواً السياسي الكردي البالغ من العمر 65 عاماً مفوضاً سامياً للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بالتوافق وبضربة مطرقة من رئيسة الجمعية أنالينا بيربوك. وانفجر الدبلوماسيون في قاعة الجمعية بالتصفيق مع إعلان انتخاب صالح رسمياً.

«نهج قيادي»

وفي بيانه الأول، تعهد صالح عبر إكس، بعد انتخابه رسمياً، بأن تكون تجربته الشخصية أساساً لنهج قيادي «يرتكز على التعاطف والواقعية والالتزام المبدئي بالقانون الدولي».

وقال صالح: «يشرفني انتخابي مفوضاً سامياً للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين. بصفتي لاجئاً سابقاً، أدرك تماماً كيف يمكن للحماية والفرص أن تغير مجرى الحياة».

وأكد صالح أن مسؤوليته الأولى ستكون تجاه «اللاجئين وغيرهم من المشردين قسراً، من خلال حماية حقوقهم وكرامتهم، وإيجاد حلول دائمة لضمان أن يظل النزوح وضعاً مؤقتاً وليس مصيراً دائماً».

وشدد صالح على أن تحقيق ولاية المفوضية يتطلب «تركيزاً متجدداً على التأثير والمساءلة والكفاءة»، واصفاً إياها بـ«المسؤولية المشتركة» التي تتطلب حشد الموارد من القطاعين العام والخاص.

كما أشار إلى العمل مع «الدول الأعضاء والشركاء في القطاعات العامة والخاصة والخيرية لحشد القدرات والموارد والإرادة الجماعية اللازمة للوصول إلى من هم في أمسِّ الحاجة إليها».

لاجئون سودانيون من الفاشر في مخيم للاجئين شرق تشاد - 23 نوفمبر 2025 (رويترز)

ترحيب عراقي

وجاء اختيار صالح بعد عملية تنافسية ضمت 12 شخصية دولية بارزة من أوروبا وأميركا، وفقاً لما كشفه مستشاره، محمد هورامي.

وقال هورامي، إن «لجنة عليا تابعة للأمم المتحدة برئاسة الأمين العام أنطونيو غوتيريش، أجرت مقابلات مع المرشحين، وقد حُسم المنصب في النهاية لصالح الدكتور برهم صالح»، وفق شبكة «روداو» الكردية.

وأشار إلى أن الرئيس العراقي السابق «سيباشر مهامه رسمياً في العام الجديد».

ولاقى انتخاب صالح ترحيباً كبيراً في الأوساط الكردية والعراقية، حيث هنأ رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني، في اتصال هاتفي، صالح على تسنمه المنصب، معرباً عن «سروره البالغ لتولي شخصية كردية هذا المنصب المهم على مستوى الأمم المتحدة».

لاجئون أفغان مع أمتعتهم ينتظرون الترحيل لدى وصولهم في شاحناتهم إلى الحدود الباكستانية الأفغانية بتورخام في 16 سبتمبر 2025 (أ.ف.ب)

وقال رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، إنه «يثمن هذا الاختيار»، معتبراً إياه خطوة «تعني الكثير لدعم هذا الملف الإنساني المهم».

وأضاف السوداني، خلال مؤتمر صحافي، أن هذا الاختيار يبرهن على «أن العراق يمكن أن يسهم بشخصيتيه السياسية والاعتبارية في وضع الحلول، وتقديم الدعم والعون الأممي للاجئين في العالم».

وكتب رئيس الحكومة السابق مصطفى الكاظمي، في منصة «إكس»، أن صالح «سيكون خير ممثل عن العراق، وخير أمين لتحقيق الرؤية الإنسانية».

ويأتي تولي صالح لهذا المنصب في وقت حرج، حيث تواجه المفوضية «نزوحاً قياسياً وضغوطاً شديدة على الموارد الإنسانية»، بحسب وصفه في بيانه.