اجتماع إسرائيلي - سوري في باريس لمناقشة «ممر إنساني» إلى السويداء

أعربت دمشق عن قلقها من استخدام الممر لتهريب الأسلحة

دخول القافلة الإنسانية التاسعة إلى محافظة السويداء عبر بصرى الشام الأربعاء (سانا)
دخول القافلة الإنسانية التاسعة إلى محافظة السويداء عبر بصرى الشام الأربعاء (سانا)
TT

اجتماع إسرائيلي - سوري في باريس لمناقشة «ممر إنساني» إلى السويداء

دخول القافلة الإنسانية التاسعة إلى محافظة السويداء عبر بصرى الشام الأربعاء (سانا)
دخول القافلة الإنسانية التاسعة إلى محافظة السويداء عبر بصرى الشام الأربعاء (سانا)

يجتمع المبعوث الأميركي إلى سوريا، توم براك، في باريس الأسبوع المقبل، مع وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي، رون ديرمر، ووزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني، في محاولة للتوصل إلى اتفاق تعمل عليه الولايات المتحدة لإنشاء ممر إنساني بين إسرائيل والسويداء، بحسب تقارير صحافية.

وصرح مصدران لموقع «أكسيوس» بأن الاجتماع كان مقرراً في الأصل، اليوم الأربعاء، ولكن تم تأجيله لإتاحة المزيد من الوقت لإكمال الاستعدادات، وتنقيح جدول الأعمال.

وهذا هو الاجتماع الثاني من نوعه خلال ثلاثة أسابيع، بعد 25 عاماً من انعدام التواصل تقريباً بين إسرائيل وسوريا.

وكان الاجتماع الأول قد عُقد في باريس يوليو (تموز) الماضي بين الشيباني ووزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي، رون ديرمر، بحضور المبعوث الأميركي لسوريا توم براك.

وقال براك في منشور على منصّة «إكس»: «لقد التقيتُ مساء اليوم السوريين والإسرائيليين في باريس».

وفي منشوره على «إكس»، قال براك إنّ «هدفنا كان الحوار وتهدئة الأوضاع، وهذا بالضبط ما حقّقناه. لقد جدّدت كل الأطراف التزامها مواصلة هذه الجهود»، في إشارة إلى الاشتباكات الطائفية الدامية التي وقعت أخيراً في جنوب سوريا.

قصف إسرائيلي على مقر قيادة الأركان في دمشق 16 يوليو (رويترز)

وتسعى إدارة ترمب إلى التوصل إلى اتفاق لإنشاء ممر إنساني بين إسرائيل ومدينة السويداء جنوب سوريا لإيصال المساعدات إلى الدروز هناك، وفقاً لما ذكره مسؤول أميركي، ومسؤولان إسرائيليان لموقع «أكسيوس». وكانت إسرائيل قد قصفت سوريا، الشهر الماضي، وسط اشتباكات عنيفة في السويداء، مدّعيةً أنها كانت تتصرف دفاعاً عن الدروز في سوريا تضامناً مع الأقلية الدرزية في إسرائيل.

ولم تكتفِ بقصف الدبابات السورية المتجهة إلى السويداء، بل قصفت العاصمة دمشق أيضاً، وهي خطوة أثارت قلق المسؤولين الأميركيين، الذين خشوا من أن إسرائيل تُؤجج حالة عدم الاستقرار في سوريا.

بندين الدروز الموالين للهجري خلال دورية في السويد بعد حدوث وقف إطلاق النار (أ.ف.ب)

وقال «أكسيوس» إن اتفاقاً بين الحكومتين السورية والإسرائيلية على ممر إنساني قد يُسهم في إصلاح العلاقات، وربما في إعادة بناء الزخم وراء المساعي الأميركية لمزيد من الخطوات نحو تطبيع العلاقات مستقبلاً. كما يُمكن لمثل هذا الممر أن يُساعد في تحسين الوضع في السويداء، بحسب الموقع، حيث ظل الوضع متقلباً رغم وقف إطلاق النار.

وقد حذّرت الأمم المتحدة هذا الأسبوع من تدهور الوضع، وصعوبة إيصال المساعدات المنقذة للحياة بسبب حواجز الطرق، وانعدام الأمن.

مع ذلك، أعربت الحكومة السورية عن قلقها للولايات المتحدة من أن تستخدم الميليشيات الدرزية مثل هذا الممر لتهريب الأسلحة.

وقبل عدة أسابيع، أراد الإسرائيليون إيصال مساعدات إلى الدروز في السويداء عبر الأردن، لكن الأردنيين رفضوا. وبدلاً من ذلك، قام الجيش الإسرائيلي بإسقاط مساعدات إنسانية جواً.

وصرح مسؤولون إسرائيليون بأن إسرائيل طلبت بعد ذلك من الولايات المتحدة المساعدة في الحصول على موافقة سورية على ممر مساعدات.

برّاك والصفدي والشيباني خلال لقائهم الثلاثاء في عمَّان (رويترز)

والتقى براك في عمّان وزيري خارجية الأردن وسوريا، الثلاثاء، لمناقشة سبل استقرار الوضع في السويداء. واتفقت سوريا والأردن والولايات المتحدة، أمس (الثلاثاء)، على تشكيل مجموعة عمل ثلاثية لدعم حكومة دمشق في جهودها الرامية لتثبيت وقف إطلاق النار في محافظة السويداء جنوب البلاد، وإيجاد حل شامل للأزمة.

وذكرت الدول الثلاث في بيان مشترك أن الاتفاق جاء خلال اجتماع عقده وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني ونظيره الأردني أيمن الصفدي والمبعوث الأميركي إلى سوريا توم برّاك، في العاصمة الأردنية عمّان، لبحث الأوضاع في سوريا، وسبل دعم عملية إعادة بنائها «على الأسس التي تضمن أمنها، واستقرارها، وسيادتها، ووحدتها، وعدم التدخل بشؤونها».


مقالات ذات صلة

نائب رئيس الحكومة اللبنانية: مسار المفاوضات السياسية مع إسرائيل لم ينطلق

خاص الرئيس اللبناني جوزيف عون مستقبلاً نائب رئيس الحكومة طارق متري (رئاسة الجمهورية)

نائب رئيس الحكومة اللبنانية: مسار المفاوضات السياسية مع إسرائيل لم ينطلق

نفى نائب رئيس الحكومة اللبنانية طارق متري أن يكون مسار المفاوضات السياسية مع إسرائيل قد انطلق، مع تعيين مفاوضين مدنيين من قبل الطرفين.

بولا أسطيح (بيروت)
شؤون إقليمية تركيا تطالب «قسد» بالاندماج في الجيش السوري أفراداً وليس وحدة منفصلة (أ.ف.ب)

تركيا تُطالب «قسد» بخريطة طريق لتنفيذ اتفاق الاندماج في الجيش السوري

طالبت تركيا «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) بالتخلّي عن خطابها «الانفصالي»، والتخلُّص من «الإرهابيين» بصفوفها، والاندماج في الجيش السوري، والخضوع لسلطة مركزية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني (أ.ف.ب)

سوريا تؤكد التزامها «الثابت» بمكافحة تنظيم «داعش»

أكدت سوريا، اليوم، التزامها الثابت بمكافحة تنظيم «داعش»، مشيرة إلى أنها ستواصل تكثيف العمليات العسكرية ضد التنظيم في جميع المناطق التي يهددها.

المشرق العربي جندي أميركي يزود مقاتلة من طراز «إف-16 إي» بقنبلة «جي بي يو-31» في نطاق مسؤولية القيادة المركزية الأميركية (رويترز) play-circle 00:39

5 ساعات من القصف... ضربات أميركية واسعة ضد «داعش» في سوريا

أعلن وزير الدفاع الأميركي بيت هيغسيث، الجمعة، إطلاق عملية عسكرية ضد تنظيم «داعش» في سوريا رداً على هجوم في تدمر أودى بحياة 3 أميركيين.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي الرئيس السوري أحمد الشرع (أ.ف.ب)

الرئيس السوري يهنئ الشعب برفع عقوبات «قيصر» ويؤكد بدء مرحلة البناء

رحّب الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع، الجمعة، برفع الولايات المتحدة نهائياً العقوبات المفروضة على سوريا، في خطوة تمهّد لعودة الاستثمارات إلى البلاد.

«الشرق الأوسط» (دمشق)

فصائل عراقية تنضم إلى دعوات لحصر السلاح بيد الدولة

عرض لـ«الحشد الشعبي» في بغداد (د.ب.أ)
عرض لـ«الحشد الشعبي» في بغداد (د.ب.أ)
TT

فصائل عراقية تنضم إلى دعوات لحصر السلاح بيد الدولة

عرض لـ«الحشد الشعبي» في بغداد (د.ب.أ)
عرض لـ«الحشد الشعبي» في بغداد (د.ب.أ)

يسارع قادة ميليشيات عراقية هذه الأيام إلى إعلان دعواتهم لحصر السلاح بيد الدولة، في تطور يثير مفاجآت وعلامات استفهام وكذلك انتقادات على المستوى المحلي، ذلك أن هذه الشخصيات كانت حتى وقت قريب تتمسك بسلاحها وتتحدى الدولة علناً في المجاهرة به بذريعة انتمائها لـ«محور المقاومة»، الذي يناهض الولايات المتحدة الأميركية، ويشدد على خروج قواتها من العراق.

ولا تبتعد تحليلات محلية في تفسير هذه «الظاهرة» عن ضغوطات أميركية في العراق، إلى جانب تحولات إقليمية محتملة، إلى جانب سعي هذه الفصائل إلى الانتقال للعمل السياسي بعد فوزها بمقاعد في البرلمان الجديد.

وإلى جانب دعوة أطلقها رئيس «تيار الحكمة»، عمار الحكيم، صدرت في غضون اليومين الأخيرين دعوات لحصر السلاح بيد الدولة من ثلاث شخصيات فصائلية معروفة ومدرجة ضمن لائحة العقوبات والإرهاب الأميركية.

ثلاثة فصائل

ويتصدر تلك الشخصيات أمين عام «عصائب أهل الحق»، قيس الخزعلي، الذي بات له وجود وازن في البرلمان بنحو 27 مقعداً، حيث قال، الجمعة: «نحن نؤمن بحصر السلاح بيد الدولة، وسنعمل على تحقيقه بخطوات واقعية». التوجه ذاته عبَّر عنه أمين عام «أنصار الله الأوفياء»، حيدر الغراوي، وكذلك فعل شبل الزيدي، قائد «كتائب الإمام عليّ».

ويجمع قادة الفصائل الثلاثة انضواءهم ضمن مظلة قوى «الإطار التنسيقي» الشيعية، وإدراجهم على لائحة الإرهاب الأميركية، ما يعزز فرضية أنهم يسعون إلى المناورة السياسية تجاه واشنطن التي تشدد على عدم القبول بمشاركة عناصر من الفصائل المسلحة ضمن التشكيلة الحكومية المقبلة.

جدية واشنطن

ورأى الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية، نزار حيدر، أن إطلاق دعوات لحصر السلاح من قيادات فصائلية يعود في أساسه إلى أن «القوى الشيعية ومعها كل الفصائل بدأت تشعر بجدية الموقف الأميركي في عدم التعامل مع حكومة جديدة تشترك فيها الفصائل».

ويقول حيدر لـ«الشرق الأوسط»، إن «الفصائل على وجه التحديد تسابق الزمن حالياً لإثبات حُسن نواياها لواشنطن قبل أن يصل مبعوثها الخاص مارك سافايا إلى بغداد».

ويُقسِّم حيدر الفصائل المسلحة إلى نوعين، الأول، الذي انخرط بالعملية السياسية والانتخابية على عدة مراحل كانت آخرها الانتخابات النيابية الأخيرة، ومنها الذي شارك في الحكومات السابقة بوزير أو أكثر. وهذه الفصائل سعت وتسعى للتحول من كونها قوة مسلحة خارج سلطة الدولة إلى كونها جزءاً من مؤسسات الدولة الأمنية وغيرها.

ويرى أن النوع الأول «هو مَن يدعو حالياً إلى حصر السلاح بيد الدولة ليجد المقبولية لدى المجتمع الدولي والإقليمي، وتحديداً الولايات المتحدة».

أما النوع الثاني، ويتعلق بـ«الفصائل التي ما زالت لا تجد نفسها في العملية السياسية على الرغم من انخراطها في الانتخابات النيابية الأخيرة، وما زالت توظف الخطاب (المقاوم) في مسعى منها للحصول على أكبر المكاسب السياسية والمالية والأمنية قبل إعلانها الانخراط التام بالدولة».

تكتيك مرحلي

ويتفق إحسان الشمري، رئيس «مركز التفكير السياسي»، حول أهمية وتأثير الضغوط الأميركية المسلطة على الفصائل وإرغامها على إعلان تخليها عن السلاح خارج إطار الدولة.

ويرى الشمري في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن «دعوات نزع السلاح يجب النظر إليها من ناحية التوقيت الذي يتزامن مع الاشتراطات الأميركية المتعلقة بضرورة تفكيك السلاح وحصره بيد الدولة والقائد العام للقوات المسلحة، وأيضاً بقرب وصول المبعوث الأميركي مارك سافايا إلى العراق».

ويعتقد الشمري أنها تأتي أيضاً ضمن توقيت مفاوضات تشكيل الحكومة الجديدة، ذلك أن «هذه الجماعات تسعى إلى الانخراط في الحكومة الجديدة وهي تدرك حجم الممانعة الأميركية في هذا الاتجاه».

عناصر من «كتائب حزب الله» خلال استعراض ببغداد في سبتمبر 2024 (رويترز)

ولا يستبعد أنها تأتي كذلك ضمن «سياق تكتيكي مرحلي لاختبار مدى الاستجابة الأميركية لمثل هذه الدعوات، وأيضاً قد تكون مدخلاً لانخرط هذه الفصائل في مفاوضات مباشرة مع واشنطن».

ويلفت الشمري إلى أن دعوات الفصائل العراقية «لا يمكن فصلها عن طبيعة خطاب (حزب الله) اللبناني، وهي متسقة مع اشتراطاته لنزع السلاح، إذ تريد أن تبدو عملية نزع السلاح وكأنها إجراءات وترتيبات محلية داخلية وليست نتيجة ضغوط أميركية وخارجية».


نائب رئيس الحكومة اللبنانية: مسار المفاوضات السياسية مع إسرائيل لم ينطلق

الرئيس اللبناني جوزيف عون مستقبلاً نائب رئيس الحكومة طارق متري (رئاسة الجمهورية)
الرئيس اللبناني جوزيف عون مستقبلاً نائب رئيس الحكومة طارق متري (رئاسة الجمهورية)
TT

نائب رئيس الحكومة اللبنانية: مسار المفاوضات السياسية مع إسرائيل لم ينطلق

الرئيس اللبناني جوزيف عون مستقبلاً نائب رئيس الحكومة طارق متري (رئاسة الجمهورية)
الرئيس اللبناني جوزيف عون مستقبلاً نائب رئيس الحكومة طارق متري (رئاسة الجمهورية)

نفى نائب رئيس الحكومة اللبنانية طارق متري أن يكون مسار المفاوضات السياسية مع إسرائيل قد انطلق مع تعيين مفاوضين مدنيين من قبل الطرفين، لافتاً إلى أن التركيز راهناً هو على سحب الذرائع الإسرائيلية، من خلال تفعيل عمل لجنة وقف النار (الميكانيزم) لتجنب جولة حرب جديدة.

وأشار متري في حديث لـ«الشرق الأوسط» إلى أن المهمة الأساسية للجنة «التحقق من الخطوات والإجراءات التي يقوم بها الجيش اللبناني في إطار تنفيذ واجباته كاملة، واقترابه من استكمال خطته لجنوبي الليطاني»، مضيفاً: «لكن إسرائيل يمكنها أن توسِّع عملياتها العسكرية بذرائع ومن دون ذرائع». وأشار متري إلى «تلميحات بوجود ضغوط أميركية لمنع إسرائيل من شن جولة حرب جديدة على لبنان».

العلاقات اللبنانية السورية

ويتولى متري ملف العلاقات اللبنانية- السورية التي تم التداول بإصابتها بانتكاسة، بعد فشل زيارة الوفد القضائي اللبناني إلى دمشق، في الحادي عشر من الشهر الجاري، في تحقيق النتائج المرجوة فيما يتعلق بالتوصل إلى معاهدة قضائية جديدة تنظِّم آلية تسليم السجناء السوريين الموقوفين في لبنان، بعدما ظهر تباين واسع في مقاربة الطرفين لبنود مشروع الاتفاقية.

ويُعتبر حل هذا الملف أولوية للسلطات السورية، وهو ما أكده متري، لافتاً إلى أهمية الانتهاء من هذه المسألة؛ سواء للسوريين أو اللبنانيين، متحدثاً عن ضغوط كبيرة يمارسها أهالي السجناء.

وأوضح متري أنه «قبل شهرين انطلقنا بمناقشة مسودة أولى لاتفاقية تعاون قضائي، وقد جرت مناقشتها، ولكنها لم تكن مُرضية؛ إذ كان تنفيذها يتطلَّب وقتاً، وإقرارها من قبل مجلس النواب. لذلك أعددنا مشروع اتفاقية ثانية نوقشت في دمشق الأسبوع الماضي، وشهدت أخذاً وردّاً حول بنودها، ولكنها أيضاً لم تكن مُرضية للطرف السوري. بناءً عليه، طلبنا منه إعداد اقتراحات لتعديلها بغية العمل عليها والأخذ بها. وتتطلب هذه المسودة -حصراً- إقرارها من قبل مجلس الوزراء».

وشدد متري على وجود «إرادة سياسية لمعالجة هذا الملف في أسرع وقت ممكن؛ إذ إن كل يوم يمرُّ يزيد الأمور تعقيداً»، قائلاً: «نحن مستعجلون لنقل العلاقات اللبنانية- السورية من مرحلة المعالجة إلى مرحلة التعاون، بما يطوي صفحة الإشكالات والتناقضات السابقة».

ورداً على سؤال عن الإشكاليات التي لا تزال تحول دون اعتماد مسودة اتفاقية لحلِّ ملف السجناء السوريين، أشار متري إلى أن «الاعتراضات تركزت على استثناء بعض المحكومين، إضافة إلى ملف الموقوفين»، مؤكداً أن الطرف اللبناني يعمل على معالجة هذا الملف بسرعة: «وقد أُطلق سراح نحو 100 موقوف بموجب إخلاءات سبيل، بينما أُفرج خلال شهرين عن 22 موقوفاً كانوا موقوفين على خلفية الانتماء إلى تنظيم كان محظوراً -هو (جبهة النصرة)- ولم يعد كذلك».

وتحدَّث متري عن «صعوبات كثيرة واجهها القضاء اللبناني، ما أدَّى إلى تباطؤ كبير في عمله. أضف أنه -وبفعل الظروف السابقة- لم يلتزم القضاء العسكري في بعض الأحكام بأعلى المعايير القضائية». ولكنه شدَّد على أن «الأمور تبقى قابلة للحل، ما دامت هناك إرادة سياسية لبنانية، وما دام الجميع مدركاً لأهمية المعالجة بعيداً عن المماحكات». وأضاف: «للدولة اللبنانية مصلحة كبرى في هذه المرحلة، لالتقاط الفرصة الراهنة، والعمل بعد سنوات طويلة على بناء علاقات سوية وسليمة مع سوريا؛ علاقات تقوم على التكافؤ والاحترام والتعاون»، مؤكداً أن «السوريين اليوم لا يرغبون في الهيمنة على لبنان ولا التدخل في شؤونه».

أما بالنسبة لبقية الملفات العالقة بين البلدين، فنفى متري أن تكون في «حالة جمود»، موضحاً أن «نحو 400 ألف سوري عادوا إلى بلادهم، ولكنهم يواجهون صعوبات في السكن، مع وجود اهتمام عربي بأوضاعهم».

وإذ أكد أن «التركيز مستمر على ضبط الحدود بين البلدين»، أوضح أن «مسألة الترسيم لم تبدأ بعد، وهي مسؤولية تقع على عاتق الطرفين». وأوضح أن «الجانب الفرنسي يقدِّم مساهمة تقنية في هذا المجال عبر تقديم خرائط الانتداب الفرنسي، والتي ستساعد في عملية الترسيم».

وكان متري ووزير العدل، عادل نصار، قد عقدا اجتماعاً مع رئيس الجمهورية جوزيف عون يوم الجمعة، في إطار السعي للتوصُّل إلى اتفاقية بين لبنان وسوريا، تتعلَّق بملفِّ السجناء والموقوفين. وشدد عون على ضرورة درس أفضل الصيغ القانونية الممكنة للتفاهم والاتفاق مع الجانب السوري، مؤكداً على وجود رغبة قوية في إقامة أفضل العلاقات مع سوريا، وتعزيز التعاون المشترك في مختلف المجالات.


غزة: أسلحة جديدة في أيدي المجموعات المسلحة المناهضة لـ«حماس»

مقاتلون من حركة «حماس» في غزة (أرشيفية - رويترز)
مقاتلون من حركة «حماس» في غزة (أرشيفية - رويترز)
TT

غزة: أسلحة جديدة في أيدي المجموعات المسلحة المناهضة لـ«حماس»

مقاتلون من حركة «حماس» في غزة (أرشيفية - رويترز)
مقاتلون من حركة «حماس» في غزة (أرشيفية - رويترز)

ضجّت وسائل التواصل الاجتماعي في الساعات الأخيرة، بنشر مقاطع فيديو وصور لأسلحة جديدة ظهرت في أيدي عناصر المجموعات المسلحة الموجودة في مناطق السيطرة الإسرائيلية داخل قطاع غزة، التي تعدّ نفسها البديل الذي سيحل مكان حكم «حماس» في القطاع، وباتت تطور من أساليبها الهادفة للمشارَكة في الإطاحة بالحركة.

واختلفت الآراء حول مصدر تلك الأسلحة إنْ كانت من قبل إسرائيل، وهي جديدة، أم أنها أسلحة استولت عليها القوات الإسرائيلية من عناصر «حماس» في القطاع، وسلمت جزءاً بسيطاً منها لتلك العناصر، أو أن تلك المجموعات استولت عليها من أنفاق وأماكن قتال عناصر الحركة بعد مقتل كثير من نشطائها في عمليات ملاحقة جرت خصوصاً في رفح.

الفلسطيني ياسر أبو شباب الذي يقود ميليشيا مسلحة في غزة تناوئ «حماس» والذي قُتل (صورة نشرتها «يديعوت أحرونوت»)

ونُشر مقطع فيديو وصورة، تعودان لغسان الدهيني، الذي تولى قيادة «القوات الشعبية» بدلاً من ياسر أبو شباب الذي قُتل منذ أسابيع في رفح جنوب قطاع غزة، وهو يحمل قذيفة «تاندوم» وهي قذيفة مطورة من قاذف «آر بي جي»، وكانت «حماس» تستخدمها كثيراً خلال السنوات الماضية وخلال الحرب الأخيرة، وكان في مقطع الفيديو يتفقد صندوقاً يحمل به أسلحة جديدة، ومن حوله كثير من المسلحين.

ويبدو أن الأمر لم يقتصر على الدهيني، الذي تنتشر مجموعاته في رفح جنوب قطاع غزة، حيث نُشر مقطع فيديو لعناصر تتبع مجموعات تطلق على نفسها «الجيش الشعبي» التي يقودها أشرف المنسي، في مناطق جباليا وبيت لاهيا شمال القطاع، حيث ظهر برفقتها قذائف «آر بي جي» بعدد محدود جداً.

ولا تنفي أي من المجموعات المسلحة بغزة أنها تتلقى دعماً من إسرائيل، التي كان رئيس وزرائها، بنيامين نتنياهو، أكد ذلك في تصريحات سابقة كان أصدرها في يونيو (حزيران) الماضي.

وأقر شوقي أبو نصيرة، وهو ضابط أمن فلسطيني سابق يقود أحدث تلك المجموعات وأصغرها والتي تنتشر شرق خان يونس، جنوب القطاع، خلال مقابلة مع «قناة 14» العبرية اليمينية، قبل أيام عدة، بأن إسرائيل أمدته والمجموعات الأخرى بالسلاح والمال والطعام، وأن بينهم تنسيقاً أمنياً كبيراً.

عناصر من «كتائب القسام» التابعة لحركة «حماس» في رفح جنوب غزة (أرشيفية - رويترز)

وتتهم مصادر من «حماس» كانت تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، منذ أيام، مجموعة أبو نصيرة بإرسال مجموعة من المسلحين، قتلوا الضابط في جهاز الأمن الداخلي التابع لحكومة غزة التي تقودها الحركة، أحمد زمزم، بإطلاق النار على مركبته في مخيم المغازي وسط القطاع، وهو الأمر الذي عُدّ في القطاع بأنه تغيير في أساليب تلك المجموعات التي يبدو أنها تتنافس فيما بينها لتظهر ولاءها لإسرائيل وقدرتها على تحقيق أهداف من خلال مثل هذه الضربات التي تعدّ نوعية.

وأعلنت وزارة الداخلية التابعة لحكومة «حماس»، أنها اعتقلت أحد المنفذين، وضبطت بحوزته مسدساً كاتماً للصوت، تم استخدامه في العملية، مشيرةً إلى أن المعتقل اعترف بأنه التقى ضابط مخابرات إسرائيلياً برفقة المنفذين الآخرين، وبوجود أبو نصيرة؛ للتنسيق للعملية التي هدفت لإحداث الفوضى بغزة.

مقاتلون من «كتائب القسام» التابعة لـ«حماس» في قطاع غزة (أرشيفية - «كتائب القسام» عبر «تلغرام»)

وبيَّنت أن ضابط المخابرات الإسرائيلية سلم المنفذين 3 مسدسات مزودة بكواتم صوت، و3 دراجات كهربائية، وملابس مزودة بكاميرات صغيرة الحجم، وهواتف موصولة بسماعات لاسلكية، بالإضافة إلى إحداثيات مسار تحرك زمزم.

وبعد الحادثة، أعلنت قوة «رادع» التابعة لأمن الفصائل الفلسطينية المسلحة، وبالتنسيق مع وزارة الداخلية بغزة، فتح «باب التوبة» أمام مَن وصفتهم بـ«العملاء» الذين يخدمون تلك المجموعات المسلحة.

وقالت منصة «حارس» التابعة لأمن تلك الفصائل، الجمعة، إن عدداً من الأشخاص قاموا بتسليم أنفسهم للأجهزة الأمنية بغزة خلال فترة المهلة التي حُدِّدت بـ10 أيام، مشيرةً إلى أنه تتم حالياً معالجة ملفاتهم وفقاً للإجراءات القانونية المعمول بها، معلنةً انتهاء الحملة رسمياً.

مقاتلون من «حماس» في غزة (أرشيفية - رويترز)

وأكدت المنصة استمرار سريان قرار ملاحقة المتعاونين مع الاحتلال وتفكيك شبكاتهم، مشيرة إلى أن هذه الإجراءات ستتواصل دون توقف، محذرةً من التواصل مع «عملاء المرتزقة» أو المنصات الإعلامية الداعمة لهم، مشددةً على أن هذه الوسائل تستخدم أسماء متعددة بهدف التأثير على الوعي العام ومحاولة شرعنة التعاون مع الاحتلال. كما قالت.

وعلى الرغم من هذه الإعلانات من قبل «حماس»، فإن تلك المجموعات إلى جانب مجموعات أخرى تنشط في مناطق سيطرة إسرائيل خلف الخط الأصفر، وهو ما نسبته 50 في المائة من مساحة قطاع غزة، تنشر منذ أيام عدة، وباستمرار، مقاطع فيديو تظهر عمليات تدريب لما قالت عنها عناصر جديدة انضمت إليها.

وأعلنت تلك المجموعات سلسلة من الدورات الجديدة، واستحداث أقسام عسكرية لضمهم إليها، مثل قوات النخبة ومكافحة الإرهاب، وغيرها، الأمر الذي يشير إلى أنها ما زالت قادرة على مواجهة «حماس» حتى وإن كان بالحد الأدنى مما كانت تتوقعه إسرائيل منها.