قانون الانتخاب يُنذر بتجدد الاشتباك السياسي في لبنان

المادة الـ112 نقطة خلاف لتحديد الأحجام في البرلمان المقبل

نواب الأكثرية تقدموا باقتراح قانون لإلغاء المادة الـ112 وطالبوا بعقد جلسة نيابية للمصادقة على اقتراحهم وهو ما يرفضه «الثنائي» و«الوطني الحر» (رويترز - أرشيفية)
نواب الأكثرية تقدموا باقتراح قانون لإلغاء المادة الـ112 وطالبوا بعقد جلسة نيابية للمصادقة على اقتراحهم وهو ما يرفضه «الثنائي» و«الوطني الحر» (رويترز - أرشيفية)
TT

قانون الانتخاب يُنذر بتجدد الاشتباك السياسي في لبنان

نواب الأكثرية تقدموا باقتراح قانون لإلغاء المادة الـ112 وطالبوا بعقد جلسة نيابية للمصادقة على اقتراحهم وهو ما يرفضه «الثنائي» و«الوطني الحر» (رويترز - أرشيفية)
نواب الأكثرية تقدموا باقتراح قانون لإلغاء المادة الـ112 وطالبوا بعقد جلسة نيابية للمصادقة على اقتراحهم وهو ما يرفضه «الثنائي» و«الوطني الحر» (رويترز - أرشيفية)

يُنذر تصاعد وتيرة الخلاف بين الأكثرية و«الثنائي الشيعي» (حركة أمل وحزب الله)، ومعه «التيار الوطني الحر»، حول التعديلات المقترحة على قانون الانتخاب، بإقحام لبنان في اشتباك سياسي هو نسخة طبق الأصل عن الاشتباك الدائر حول حصرية السلاح بيد الدولة.

وهذا ما يشكل قلقاً لدى معظم السفراء العرب والأجانب على مصير الانتخابات النيابية المقررة في ربيع 2026، واحتمال ترحيلها إلى موعد لاحق، رغم أن رئيس الجمهورية العماد جوزيف عون يصر على إنجازها في موعدها، ولا يرى مبرراً لتأجيلها كونها تشكل محطة أساسية لإعادة تكوين السلطة.

المادة الـ112

فالخلاف حول قانون الانتخاب يكمن في المادة الـ112 منه التي تطالب الأكثرية بإلغائها بما يسمح للمنتشرين اللبنانيين في الاغتراب بالاقتراع لـ128 نائباً في جميع الدوائر الانتخابية بحسب قيودهم في لوائح الشطب، فيما يتمسك الثنائي و«التيار الوطني» بحرفية ما نصت عليه باستحداث 6 مقاعد تمثل الاغتراب اللبناني، على أن توزّع مناصفة بين المسلمين والمسيحيين.

ومصدر الخلاف يعود إلى أن كل فريق ليس في وارد التراجع عن موقفه لأنه يعتقد أن هذه المادة تشكل، من وجهة نظره، بيضة القبان لتحديد الأحجام في المجلس النيابي المقبل، وهذا ما تطمح له المعارضة للإمساك بزمام المبادرة النيابية على عكس ما هو قائم حالياً.

وكان نواب الأكثرية تقدموا باقتراح قانون بصفة المعجل المكرر يقضي بإلغاء المادة الـ112 التي لم تُطبق في دورة الانتخابات الأخيرة، لأن إلغاءها يتيح للمغتربين تسجيل أسمائهم للاقتراع من مقر إقامتهم في الخارج للنواب الـ128.

وطالبوا بعقد جلسة نيابية للمصادقة على اقتراحهم، في مقابل إصرار الثنائي و«التيار الوطني» على التمسك بها لحصر تمثيل المغتربين بالمقاعد النيابية الستة المستحدثة، مع أنها بحاجة إلى إصدار المراسيم التطبيقية لتوزيعها على القارات، حيث يوجد الانتشار اللبناني.

تحولات المنطقة

وتأتي مطالبة الأكثرية بإلغاء المادة الـ112 مع التحولات التي شهدتها المنطقة، وأدت إلى تغيير في ميزان القوى أفقد «الثنائي» الكثير من حلفائه، ويكاد يكون وحيداً في الدفاع عن موقفه حول حصرية السلاح، رغم أن حزب «القوات اللبنانية» كان قد وافق على تمثيل الاغتراب بـ6 مقاعد قبل أن يعيد النظر في موقفه ويتزعم المطالبين بإلغائها؛ لأن الظروف السياسية التي أملت إدراجها في القانون قد انقلبت رأساً على عقب، ولم يعد من مبرر، من وجهة نظره، للإبقاء عليها بذريعة أن حصر تمثيل المنتشرين بمقاعد خاصة بهم لا يسمح لهم بالانخراط بالعمل السياسي ولو عن بعد.

تردد الحكومة

ومع أن التعديلات المقترحة على القانون لا تزال تراوح مكانها، ولم تتمكن اللجنة النيابية الفرعية التي شُكّلت خصيصاً للنظر فيها من حسم الخلاف في ظل الهوة القائمة بين الأكثرية والثنائي و«التيار الوطني»، يبدو أن الحكومة تتردد بالتدخل لحسمه، وكأنها ترمي المسؤولية على المجلس النيابي الذي ينتظر منها أن تتقدم بمشروع قانون في هذا الخصوص.

وكانت المعارضة استبقت اجتماعات اللجنة وتقدمت بعريضة موقعة من قبل نصف عدد النواب زائداً واحداً على اقتراح قانون يقضي بإلغاء المادة، وهي بحاجة الآن لتوقيع 4 نواب على العريضة التي رفعتها بتوقيع 61 نائباً بدعوة رئيس المجلس النيابي نبيه بري، ومن وجهة نظرها، لعقد جلسة تشريعية تنتهي بإلغائها، وإن كانت مصادر بري ترد على العريضة بأنه وحده مَنْ يدعو البرلمان للانعقاد، وأن من يود من المنتشرين الاقتراع لـ128 نائباً عليه الحضور شخصياً إلى لبنان.

الحكومة اللبنانية خلال جلسة لها برئاسة رئيس الجمهورية جوزيف عون (أ.ب)

وإلى أن يُحسم الخلاف حول المادة الـ112 قبل أن يضيق الوقت، تقول مصادر سياسية لـ«الشرق الأوسط»، إن حسمها بات ضرورياً لأن شطبها من القانون يسمح للمنتشرين في الاغتراب بتسجيل أسمائهم قبل نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، للاقتراع في الدوائر الانتخابية بحسب قيودهم، وإلا فإن عدم البت بها بتعذر انعقاد الجلسة التشريعية يعني أنها تصبح نافذة للتطبيق باقتراعهم في الدوائر بمقر إقامتهم لانتخاب 6 نواب يمثلون الاغتراب.

وعليه، فإن الاشتباك السياسي الذي يحاصر المشهد العام في البلد يدور على محورين من دون أن يبدّل من اصطفاف القوى: الأول يتعلق بالخلاف حول حصرية السلاح، والثاني باشتداد الصراع الخاص بقانون الانتخاب.

محطة لتسجيل نقاط

وتقول مصادر الأكثرية لـ«الشرق الأوسط»، إنها تتعامل مع الاستحقاق النيابي على أنه محطة تسمح لها بتسجيل نقاط في البرلمان المنتخب تؤدي حكماً لتقليص نفوذ «الثنائي» بتعديل ميزان القوى لمصلحتها، وهي تراهن على قدرتها على تأمين العدد المطلوب من النواب للتوقيع على العريضة للمطالبة بعقد جلسة تشريعية لإلغاء المادة الـ112. وهذا يتطلب موافقة نواب «اللقاء الديمقراطي» بتوقيعهم عليها، مع أنهم وقعوا على اقتراح القانون بإلغائها.

وتنطلق الأكثرية في تشددها بإلغاء هذه المادة من أن اقتراع المغتربين في دورة الانتخابات السابقة صب لمصلحة المعارضة ومعها «قوى التغيير»، وأن الاستحقاق النيابي المقبل سيحمل حتماً مفاجأة لا يتحملها الثنائي و«التيار الوطني» باقتراعهم بأعداد كبيرة للوائح المدعومة منهم.

وهذا ما يُحدث تغييراً في ميزان القوى النيابي من شأنه أن يؤدي إلى تقليص نفوذ الثنائي واحتمال خرقه في بعض الدوائر التي يسيطر عليها، إذا سجّلت نسبة اقتراع رقماً لا يستهان به وتخطى كل تقدير.

تبدل المزاج الانتخابي

وفي المقابل، فإن الثنائي، بحسب المصادر السياسية، لا يريد أن يسمح بإلغاء هذه المادة، وهذا ما قاله عدد من نوابه في اجتماعات اللجنة الفرعية، وإنما على طريقتهم، وبالتالي يتحسب منذ الآن لتبدّل المزاج الانتخابي للمقترعين في بلاد الانتشار، في ظل توقعه للضغوط الأميركية والعربية التي ستُمارس عليهم لتأييد خصومه ومنع محازبيه من القيام بأي دعاية انتخابية للترويج لهم، وتهديدهم في حال عدم امتثالهم للتعليمات بامتناعهم عن تأييدهم.

ورأت أن الثنائي، انطلاقاً من مخاوفه حيال تعريض محازبيه في الاغتراب لمضايقات يصر على استيعابها وتنفيسها، لا يرى من خيار له سوى تمسكه بالمادة الـ112 لعلها تبدد هواجسه من وجود مخطط لإلغائه، كما يروج عدد من نوابه لاستنهاض بيئته ودعوتها للإقبال بكثافة على صناديق الاقتراع، بذريعة أن هناك من يحاول إضعاف الشيعة في المعادلة السياسية.


مقالات ذات صلة

مصدر: الصواريخ المضبوطة داخل البوكمال كانت ستهرب إلى «حزب الله» في لبنان

المشرق العربي ضبط صواريخ من نوع «سام 7» معدة للتهريب خارج البلاد في البوكمال شرق سوريا (سانا)

مصدر: الصواريخ المضبوطة داخل البوكمال كانت ستهرب إلى «حزب الله» في لبنان

رجحت مصادر أن تكون الجهة التي كان من المفترض تهريب دفعة صواريخ «سام 7» إليها عبر الأراضي السورية هي «حزب الله» بلبنان، الذي كان يقاتل أيضاً إلى جانب نظام الأسد.

موفق محمد (دمشق)
المشرق العربي الحكومة اللبنانية ملتئمة برئاسة رئيس الجمهورية جوزيف عون (الرئاسة اللبنانية)

لبنان: سلام يدافع عن «استرداد الودائع» رغم الاعتراضات الواسعة

دافع رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام عن مشروع قانون استرداد الودائع المصرفية المجمدة منذ عام 2019، واصفاً إياه بـ«الواقعي» و«القابل للتنفيذ».

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي مودعون يرفعون لافتات اعتراضية على مشروع قانون استعادة الودائع خلال تحركات شعبية على طريق القصر الجمهورية (الشرق الأوسط)

انطلاقة «غير آمنة» لمشروع قانون الفجوة المالية في لبنان

كشف توسّع موجة الاعتراضات على مشروع قانون «الفجوة» المالية، حجم العقبات التي تعترض الوصول إلى محطة تشريع القانون في البرلمان.

علي زين الدين (بيروت)
المشرق العربي ضابط في الجيش اللبناني إلى جانب ضابط إيطالي ضمن عديد «اليونيفيل» خلال مهمة مشتركة في جنوب لبنان (اليونيفيل)

إيطاليا تطلب رسمياً من لبنان إبقاء قواتها في الجنوب بعد انسحاب «اليونيفيل»

طلبت إيطاليا رسمياً من لبنان، إبقاء قوات لها في منطقة العمليات الدولية جنوب الليطاني بجنوب البلاد بعد انسحاب «اليونيفيل» منها، وهو مطلب رحب به لبنان.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي من اعتصام سابق لأهالي ضحايا انفجار مرفأ بيروت (أرشيفية - الشرق الأوسط)

صمت مالك سفينة «النيترات» يراكم تعقيدات التحقيق في انفجار مرفأ بيروت

لم تحقق مهمة المحقّق العدلي في ملفّ انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار غايتها في العاصمة البلغارية صوفيا، إذ لم يتمكن من استجواب مالك الباخرة روسوس.

يوسف دياب (بيروت)

تقرير: أميركا وحلفاؤها يجددون مساعيهم لعقد مؤتمر حول إعادة إعمار غزة

منظر عام لمخيم للنازحين الفلسطينيين في الجامعة الإسلامية بمدينة غزة (أ.ف.ب)
منظر عام لمخيم للنازحين الفلسطينيين في الجامعة الإسلامية بمدينة غزة (أ.ف.ب)
TT

تقرير: أميركا وحلفاؤها يجددون مساعيهم لعقد مؤتمر حول إعادة إعمار غزة

منظر عام لمخيم للنازحين الفلسطينيين في الجامعة الإسلامية بمدينة غزة (أ.ف.ب)
منظر عام لمخيم للنازحين الفلسطينيين في الجامعة الإسلامية بمدينة غزة (أ.ف.ب)

ذكرت وكالة «بلومبرغ» للأنباء، نقلاً عن مصادر مطلعة، اليوم الاثنين، أن الولايات المتحدة وحلفاءها يجددون مساعيهم لعقد مؤتمر حول إعادة إعمار قطاع غزة، في ظل سعي إدارة الرئيس دونالد ترمب لإعطاء زخم جديد لاتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حماس».

وقالت المصادر إنه جرت دراسة واشنطن كمكان محتمل للمؤتمر الذي قد يُعقد مطلع الشهر المقبل على أقرب تقدير، وأن مصر من بين عدة مواقع أخرى قيد الدراسة.

وأضاف مصدر أن المؤتمر لن يُعقد على الأرجح إلا بعد أن يُكمل المسؤولون تشكيل «مجلس السلام» بقيادة ترمب، والمقرر أن يشرف على الحكومة الانتقالية، بموجب اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه بين إسرائيل و«حماس» في أكتوبر.

ترمب يعرض النسخة التي وقَّع عليها لاتفاق غزة في شرم الشيخ (أرشيفية - أ.ف.ب)

وأشارت «بلومبرغ» إلى أن المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف التقى مسؤولين من مصر وتركيا وقطر في فلوريدا خلال عطلة نهاية الأسبوع لبحث تنفيذ وقف إطلاق النار.

وأضافت أن المؤتمر جزء من جهد أوسع نطاقاً للحفاظ على زخم خطة السلام التي وضعها الرئيس الأميركي والمؤلفة من 20 بنداً، والتي قُسّمت إلى مرحلتين، تهدف الأولى إلى وقف القتال وتأمين إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين، أما المرحلة الثانية، والأكثر صعوبة، فتتمثل في الانتقال إلى إدارة طويلة الأمد لغزة، مع نزع سلاح «حماس» وتشكيل قوة دولية لتحقيق الاستقرار.

وذكرت «بلومبرغ» أن مسؤولين أميركيين أقروا بصعوبة المرحلة الثانية، إذ يواجه مجلس السلام العديد من التساؤلات، بدءاً من تحديد أعضائه، كما لم يتم بعد إنشاء قوة الاستقرار الدولية، في حين أن أصعب مهام المرحلة الثانية ربما تكون نزع سلاح «حماس».


واشنطن تتدخل لتهدئة الاشتباكات بين «قسد» والأمن السوري

أفراد مسلحون من الشرطة العسكرية التابعة لـ«قوات سوريا الديمقراطية» يشاركون في مظاهرة تحت شعار «بإرادتنا سنحمي ثورتنا» في القامشلي السورية الأربعاء الماضي (رويترز)
أفراد مسلحون من الشرطة العسكرية التابعة لـ«قوات سوريا الديمقراطية» يشاركون في مظاهرة تحت شعار «بإرادتنا سنحمي ثورتنا» في القامشلي السورية الأربعاء الماضي (رويترز)
TT

واشنطن تتدخل لتهدئة الاشتباكات بين «قسد» والأمن السوري

أفراد مسلحون من الشرطة العسكرية التابعة لـ«قوات سوريا الديمقراطية» يشاركون في مظاهرة تحت شعار «بإرادتنا سنحمي ثورتنا» في القامشلي السورية الأربعاء الماضي (رويترز)
أفراد مسلحون من الشرطة العسكرية التابعة لـ«قوات سوريا الديمقراطية» يشاركون في مظاهرة تحت شعار «بإرادتنا سنحمي ثورتنا» في القامشلي السورية الأربعاء الماضي (رويترز)

أفادت مصادر في واشنطن للشرق الأوسط، بأن المبعوث الأميركي توم برّاك وقائد القيادة المركزية الأميركية براد كوبر، يجريان اتصالات لتهدئة الاشتباكات التي اندلعت مجدداً، الاثنين، بين «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) والجيش السوري في حيي الشيخ مقصود والأشرفية عند مدخل حلب الشمالي، بهدف منع تصعيد تستفيد منه «داعش»، وتستفيد منه قوى إقليمية معادية.

واندلعت الاشتباكات بعد استهداف قناصة قوات (قسد) للمناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة السورية في انتهاك لاتفاقيات وقف إطلاق النار المبرمة بين الجانبين حيث يقاوم الأكراد المدعومون من الولايات المتحدة خطط الاندماج في الحكومة الانتقالية في دمشق خوفاً من فقدان الحكم الذاتي شمال شرقي سوريا.

ويخيم شبح التدخلات الإيرانية على هذه الاشتباكات التي تستهدف تقويض سيطرة الحكومة السورية الجديدة، حيث كشفت تقارير استخباراتية أميركية، أن إيران تقوم بتكثيف جهودها للحفاظ على تدفق الأسلحة إلى سوريا وإلى ميليشياتها في المنطقة، والتكيف مع الإجراءات التي اتخذتها دمشق لتفكيك الطرق غير المشروعة لتهريب الأسلحة.

كما أشارت عدة تقارير إلى قيام «قسد» بتعزيز علاقاتها مع «حزب الله» في لبنان، وعقدت اجتماعاً سرياً في بيروت مع ممثلين من «حزب الله» برئاسة عمار الموسوي بهدف تقييم التحديات الأمنية في سوريا وسط الخلافات بين «قسد» وحكومة أحمد الشرع مع تجدد الاشتباكات العسكرية بين الجانبين.

دبلوماسيون عاينوا نفقاً لـ«حزب الله» حيّده الجيش اللبناني في منطقة جنوب الليطاني خلال جولة برفقة الجيش اللبناني بجنوب لبنان (مديرية التوجيه)

3 ممرات للتهريب

قال تقرير بمعهد دراسات الحرب (isw) إن إيران تعيد إحياء طرق التهريب، ومساعدة تنظيم «داعش» لشن هجمات داخلية لتقويض ثقة الولايات المتحدة بالشريك السوري، محذراً من تصاعد صراعات بالوكالة وانتشار شبكات التهريب في ظل حالة عدم الاستقرار التي تمر بها سوريا خلال المرحلة الانتقالية.

وكشفت التقارير أن تهريب الأسلحة الإيرانية إلى سوريا يتخذ مزيجاً من المسارات التقليدية وأخرى جديدة، لكن الطرق البرية والشاحنات تظل هي الأساسية في المسارات التي تتخذها طهران لتهريب الأسلحة عبر 3 ممرات أساسية، الأول من بغداد إلى دمشق عبر الرمادي والبوكمال ودير الزور وتدمر، والثاني من طهران عبر البصرة وبغداد والتنف إلى دمشق، أما الأقل نشاطاً فهو الطريق الثالث من إيران عبر الموصل والحسكة إلى اللاذقية؛ ما يسهل نقلها لاحقاً إلى «حزب الله» في لبنان. وتولي إيران أهمية كبيرة لشمال شرقي سوريا الذي تسيطر عليه «قوات سوريا الديمقراطية».

ضبط صواريخ من نوع «سام - 7» معدة للتهريب خارج البلاد في البوكمال شرق سوريا (سانا)

وكشفت التقارير أن الشحنات تشمل عبوات ناسفة وقذائف «هاون» وألغاماً مضادة للدبابات ومتفجرات بلاستيكية وصواريخ مضادة للطائرات وأنظمة دفاع جوي وقاذفات قنابل يدوية وطائرات من دون طيار. وتسربت تقارير عن شبكة أنفاق تحت الأرض بالقرب من الحدود السورية العراقية في البوكمال يرجح أن «الحرس الثوري» الإيراني أنشأها منذ عام 2018، وكان يستخدمها لنقل الأسلحة عبر سوريا إلى «حزب الله».

وتشير التقارير إلى أن الحكومة السورية الجديدة لا تملك قدرات واضحة لفرض السيطرة على جميع أراضيها، وأنها تحتاج إلى سنوات؛ كي تتمكن من ضبط الحدود، ومنع التهريب عبر أراضيها.

إحباط المحاولات

تجتهد السلطات السورية في التصدي لمحاولات التهريب الإيرانية، وفي ديسمبر (كانون الأول) الحالي، أشادت القيادة المركزية الأميركية بالقيادة في دمشق، لاعتراضها شحنات متجهة إلى «حزب الله».

الخبير بشؤون الشرق الأوسط عطا محمد تبريز، ذكر أنه «لا توجد تقارير موثقة حول تصرفات إيران، لكن وسائل إعلام مختلفة نشرت تقارير حول جهود طهران لإعادة بناء قوات موالية لها في سوريا»، مضيفاً، أنها «تحاول التعاون مع القوات المعارضة لحكومة الشرع، وتضخيم أصواتها»، مؤكداً أنه لا إمكانية لقبول نفوذ إيران مرة أخرى في سوريا.

مراسم إعادة جثامين الجنود الأميركيين الذين قُتلوا في هجوم لتنظيم «داعش» في (أ.ب)

ويقول مايكل نايتس، الباحث الأول بمعهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، إنه على الرغم من أن انهيار نظام بشار الأسد أمر مشجع، فإن هذا لا يعني أن إيران، الداعم السابق لنظام الأسد، ستتخلى ببساطة عن استخدام سوريا لإعادة تشكيل «حزب الله» في لبنان.

ويشير نايتس إلى أنه مع رفع العقوبات عن سوريا، من المفترض أن تشهد تدفقاً من المركبات والأموال والمساعدات الإنسانية ومواد إعادة الإعمار والسلع الاستهلاكية، ومعظمها يتم عبر النقل بالشاحنات من الدول المجاورة. ويمكن لإيران بسهولة استخدام هذا التدفق لإعادة إمداد أذرعها في سوريا والعراق ولبنان بالسلاح.

ويحذر نايتس من أن إيران ليس لديها أي تردد في إبرام ترتيبات تكتيكية مع الجماعات الجهادية السنية - مثلما حدث في الماضي مع تنظيم «القاعدة» و«طالبان» - وقد تتبنى هذا التكتيك في سوريا مع تنظيم «داعش».


ائتلاف السوداني يطرح «مبادرة شاملة» لحسم ملف رئاسة وزراء العراق

جانب من أحد اجتماعات قوى «الإطار التنسيقي» (وكالة الأنباء العراقية)
جانب من أحد اجتماعات قوى «الإطار التنسيقي» (وكالة الأنباء العراقية)
TT

ائتلاف السوداني يطرح «مبادرة شاملة» لحسم ملف رئاسة وزراء العراق

جانب من أحد اجتماعات قوى «الإطار التنسيقي» (وكالة الأنباء العراقية)
جانب من أحد اجتماعات قوى «الإطار التنسيقي» (وكالة الأنباء العراقية)

أعلن ائتلاف «الإعمار والتنمية»، الذي يقوده رئيس الوزراء بحكومة تصريف الأعمال محمد شياع السوداني، الاثنين، أنه بصدد طرح «مبادرة سياسية شاملة» لحسم منصب رئاسة الوزراء وإنهاء حالة الانسداد.

وذكر إعلام «تيار الفراتين»، الذي يتزعمه السوداني، في بيان، أن الأخير ترأس اجتماعاً دورياً للائتلاف في مكتبه، خُصص لمناقشة التطورات المتسارعة في المشهد السياسي، ومراجعة نتائج الحوارات المكثفة التي أجراها الائتلاف مع القوى السياسية والوطنية خلال المرحلة الماضية، فضلاً عن تثبيت ملامح رؤيته لإدارة الدولة في الاستحقاق المقبل.

وأشار البيان إلى أن ائتلاف «الإعمار» يعمل على «بلورة مبادرة سياسية متكاملة» تهدف إلى كسر حالة الانسداد السياسي، وإنهاء المراوحة التي عطّلت حسم ملف رئاسة مجلس الوزراء، من خلال طرح معالجات «واقعية» تستند إلى التوافق الوطني والاستحقاق الدستوري.

وأكد أن المبادرة تمثل خطوة سياسية مسؤولة لإعادة تحريك العملية السياسية ووضعها على مسارها الصحيح، مشيراً إلى أن تفاصيلها ستُطرح أمام قوى «الإطار التنسيقي» في اجتماعه المرتقب، بما يفتح الباب أمام تفاهمات سياسية جادة تفضي إلى تشكيل حكومة مستقرة وقادرة على إدارة المرحلة المقبلة.

وشدد البيان على أن المبادرة «تنطلق من قناعة راسخة لدى قيادة (تيار الفراتين) وائتلاف (الإعمار والتنمية) بضرورة حسم الخيارات السياسية بعيداً عن التسويف، والعمل على تشكيل حكومة قوية وفاعلة تعبّر عن تطلعات الشارع العراقي، وتضع أولويات الإصلاح والاستقرار السياسي والاقتصادي في صدارة برنامجها الحكومي».

إلى ذلك، قال العضو في ائتلاف «الإعمار والتنمية»، قصي محبوبة، لـ«الشرق الأوسط»، إن «المبادرة ستكون عبارة عن شروط الائتلاف لاختيار رئيس الوزراء».

ولم يدلِ محبوبة بتفاصيل أخرى حول المبادرة، مكتفياً بالقول إن «تفاصيلها ستُعلن كاملة في اجتماع قوى (الإطار) المتوقع مساء اليوم (الاثنين)».

ويرجّح مصدر مسؤول في قوى «الإطار التنسيقي» أن تتمحور مبادرة السوداني حول «اختيار شخصية أخرى من داخل ائتلاف (الإعمار والتنمية) لشغل منصب رئاسة الوزراء، بالنظر إلى الممانعة التي تبديها بعض أطراف (الإطار) حيال تولّي السوداني ولاية ثانية».

ولا يستبعد المصدر، في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، أن «تتضمّن مبادرة السوداني آلية اختيار رئيس الوزراء الجديد، سواء عبر انتخابات داخلية بين الشخصيات المتنافسة داخل (الإطار)، أو من خلال اتفاق أغلبية قادة (الإطار)».

وأضاف المصدر أنه «من غير المتوقع أن يقبل قادة (الإطار) بأي شروط يطرحها تحالف السوداني؛ فهم لا يمانعون تقديم شخصية أخرى غيره للمنصب، لكن من دون إلزام أو شرط بقبولها لشغل المنصب».

ويؤكد المصدر أن رئيس ائتلاف «دولة القانون» نوري المالكي «لا يزال متمسّكاً بترشيحه لمنصب رئيس الوزراء، ويرفض تولّي السوداني المنصب لولاية ثانية، في مقابل وجود بعض القيادات الداعمة لبقاء السوداني، لكن وفق شروط جديدة تضمن توازنَ المصالح بين أطراف (الإطار التنسيقي) كافة».

وكان «الإطار التنسيقي» قد دعا، الأسبوع الماضي، إلى عقد جلسة مجلس النواب وانتخاب هيئة رئاسته، بعد إخفاقه في التوافق على اختيار مرشح لرئاسة الوزراء.

ويتوقع أغلب المراقبين استمرار حالة عدم الاتفاق على اسم محدد لرئاسة الحكومة، خصوصاً مع الفسحة الزمنية التي تفصل القوى السياسية عن مواعيد انعقاد الجلسة الأولى للبرلمان، ثم انتخاب رئيس الجمهورية الذي سيكلّف الكتلة الكبرى بتقديم مرشحها لرئاسة الوزراء، وهي إجراءات تمتد لمدّة تصل إلى ثلاثة أشهر كحدٍّ أعلى وفق التوقيتات الدستورية.

وكان رئيس الجمهورية عبد اللطيف رشيد قد حدّد، الأسبوع الماضي، يوم 29 ديسمبر (كانون الأول) الحالي موعداً لعقد الجلسة الأولى للبرلمان الجديد، والتي يُفترض أن يجري خلالها انتخاب رئيس المجلس ونائبَيه.