أزمة مياه وكهرباء واتصالات تخنق دمشق وريفها

أقل نسبة أمطار منذ 6 عقود... وتخبط في برامج التقنين

ارتفع الاعتماد على شراء صهاريج المياه في ظل أزمة خانقة (إ.ب.إ)
ارتفع الاعتماد على شراء صهاريج المياه في ظل أزمة خانقة (إ.ب.إ)
TT

أزمة مياه وكهرباء واتصالات تخنق دمشق وريفها

ارتفع الاعتماد على شراء صهاريج المياه في ظل أزمة خانقة (إ.ب.إ)
ارتفع الاعتماد على شراء صهاريج المياه في ظل أزمة خانقة (إ.ب.إ)

«أشعر بأننا معاقبون»... قالت أم علاء من سكان حي الروضة وسط العاصمة دمشق تعليقاً على برنامجي تقنين المياه والكهرباء اللذين تطبقهما الحكومة أخيراً، حيث يقتصر تزويد الكهرباء على ساعة واحدة مقابل فترات انقطاع تتراوح بين 5 و9 بحسب الأحياء وأيام الأسبوع.

وتشتكي السيدة وغيرها ليس من قلة ساعات التزويد فحسب، وإنما أيضاً من عدم التنسيق بين قطاعي المياه والكهرباء. وترى أم علاء أنه «من غير المنطقي قطع المياه في أثناء ساعة تزويد الكهرباء»، مشيرة إلى أن ذلك يحرم الناس من إنجاز الأعمال المنزلية وفرصة ملء الخزانات، وتقول: «نضطر لشراء مياه الصهاريج في وقت نؤمِّن فيه بصعوبة ثمن الأكل».

وتبدي أم علاء انزعاجاً كبيراً من تبدد الوعود برفع ساعات تزويد الكهرباء وتضيف: «وُعدنا بأن الكهرباء ستتحسن خلال 3 أشهر، ولكن بعد مضي 8 أشهر حُرمنا من الماء والكهرباء معاً من دون أن نعرف إلى متى يستمر هذا الوضع».

ارتفع الاعتماد على شراء صهاريج المياه في ظل أزمة خانقة (إ.ب.إ)

ذروة موجة الجفاف

ومع حلول شهر أغسطس (آب) تصل سوريا إلى ذروة موجة الجفاف التي سبق أن تم التحذير منها في أبريل (نيسان) الماضي، مع انخفاض منسوب المياه إلى أدنى مستوى منذ عقود، وفرض الحكومة إجراءات إضافية لترشيد استهلاك المياه، وفرض تقنين للكهرباء على نحو خانق قد تمتد أكثر من 12 ساعة أحياناً، في وقت كان ينتظر فيه السوريون انفراجات في الأوضاع المعيشية المتفاقمة منذ سنوات. هذا وتأمل الناس خيراً بكلام السلطة الجديدة التي فور توليها الحكم بدمشق وعدت بتحسين الاقتصاد، وتأمين موارد الطاقة في أقل من 3 أشهر.

نبع الفيجة في وادي بردى المزوّد الرئيسي للمياه في دمشق وريفها (أ.ب)

إلا أنه رغم ما أعلن من رفع العقوبات الاقتصادية وتعليقها، لم يلمس السوريون أي أثر إيجابي بعد، بل إن الأزمات تفاقمت في القطاعات الخدمية الأساسية مثل الكهرباء والماء والاتصالات، وسط ارتفاع هائل في الأسعار، ما زاد من الأعباء المعيشية، وولَّد حالة من الاحتقان والقلق.

وهناك من يرد أسباب ذلك إلى التحديات السياسية الكبيرة التي تحاصر الحكومة، بينما يرى آخرون أن الوعود قد تكون صادقة، لكنها تنمّ عن «عدم خبرة في الإدارة». ويقول خالد صياح وهو عضو في إحدى لجان أحياء دمشق: «من الواضح أن السلطة الجديدة لدى تسلمها إدارة البلد لم تعرف حجم التحديات المطروحة، وأطلقت الوعود اعتماداً على تجربتها في إدارة محافظة واحدة (إدلب)؛ لأن الأمر بعد الوصول إلى دمشق أعقد والتحديات أكثر كثيراً».

وأكّد صياح في حديث مع «الشرق الأوسط» ضرورة التوصّل لحلول سياسية تنعكس بدورها على الأوضاع المعيشية، لافتاً إلى حالة الركود التي تضرب الأسواق، وشح السيولة بين الناس.

زوار يشاهدون جفاف الخزان الرئيسي للنبع في عين الفيجة بوادي بردى بسوريا في مايو 2025 (أ.ب)

إمكانات ضئيلة

الشغل الشاغل لعموم السوريين اليوم أزمات المياه أو الكهرباء وحتى الاتصالات، في فصل صيف لاهب على مختلف الصعد. ووزعت المؤسسة العامة لمياه الشرب في محافظة دمشق وريفها برنامج تزويد المياه للأحياء خلال شهر أغسطس المقبل بزيادة في ساعات التقنين. وأوضح مدير عام مؤسسة المياه في دمشق وريفها، أحمد درويش، أن العاصمة تعاني حالياً من «تحديات كبيرة على صعيد إمدادات المياه». وقال في تصريحات للإعلام إن «إعادة تنظيم أدوار التزويد تجري بما يتماشى مع الإمكانات المتاحة».

وأوضح أن الانقطاع المتكرر للمياه يعود إلى 3 عوامل رئيسية؛ أولها التراجع الملحوظ في منسوب المصادر المائية، وثانيها نقص مصادر الطاقة اللازمة لضخ المياه، وثالثها الأعطال الطارئة التي تصيب خطوط الشبكة بين الحين والآخر. وأشار درويش إلى وجود خطة طوارئ تهدف إلى إعادة تأهيل أكبر عدد ممكن من الآبار والمصادر المائية لتعويض النقص، إلى جانب صيانة شبكات النقل والتوزيع.

أما فيما يخص المشاريع الاستراتيجية التي تدرس لضمان استدامة الإمدادات المائية على المدى الطويل، فقال إن تنفيذها يتطلب «موارد مالية وفنية وبشرية ضخمة».

نبع عين الفيجة بريف دمشق الغربي الذي يعدّ المصدر الرئيسي لمياه الشرب بالمدينة (وسائل تواصل)

حالة طوارئ

كانت مؤسسة المياه أعلنت رفع حالة الطوارئ في أبريل الماضي في ظل شح الموارد المائية، وارتفاع الطلب على المياه، وانخفاض هطول الأمطار إلى 30 في المائة من كمية الأمطار السنوية لنبع الفيجة، بينما لم يتجاوز الهطول المطري لمدينة دمشق 23 في المائة، وهي أقل نسبة يتم تسجيلها منذ 6 عقود، وحذرت المؤسسة من فصل صيف قاسٍ.

وتحتاج مدينة دمشق وريفها إلى 450 ألف متر مكعب يومياً من المياه، ويقدَّر حجم النقص بنحو 100 ألف متر مكعب خلال فصل الصيف.

ومع أن أزمة المياه تعد من الأزمات الدائمة في سوريا ففي هذا الصيف لأول مرة يلجأ سكان العاصمة إلى شراء مياه الصهاريج التي انتشرت في السنوات السابقة على نطاق واسع في ريف دمشق ومناطق أخرى بعيدة عن العاصمة.


مقالات ذات صلة

واشنطن تتدخل لتهدئة الاشتباكات بين «قسد» والأمن السوري

المشرق العربي إنزال الأمن السوري حمولة صواريخ «غراد» بمحافظة حمص في سيارة معدة للتهريب باتجاه الحدود اللبنانية (أرشيفية - الداخلية السورية)

واشنطن تتدخل لتهدئة الاشتباكات بين «قسد» والأمن السوري

تقارير: إيران ليس لديها أي تردد في إبرام ترتيبات تكتيكية مع الجماعات المتطرفة مثلما حدث مع تنظيم «القاعدة» و«طالبان»، وقد تتبنى هذا التكتيك في سوريا مع «داعش».

هبة القدسي (واشنطن)
المشرق العربي ضبط صواريخ من نوع «سام 7» معدة للتهريب خارج البلاد في البوكمال شرق سوريا (سانا)

مصدر: الصواريخ المضبوطة داخل البوكمال كانت ستهرب إلى «حزب الله» في لبنان

رجحت مصادر أن تكون الجهة التي كان من المفترض تهريب دفعة صواريخ «سام 7» إليها عبر الأراضي السورية هي «حزب الله» بلبنان، الذي كان يقاتل أيضاً إلى جانب نظام الأسد.

موفق محمد (دمشق)
شؤون إقليمية وزراء الخارجية والدفاع السوريون والأتراك خلال لقائهم في دمشق (الدفاع التركية - إكس)

سوريا وتركيا تتهمان «قسد» بالمماطلة بتنفيذ اتفاق الاندماج وسط تصعيد في حلب

اتهمت أنقرة ودمشق «قسد» بالمماطلة في تنفيذ اتفاقية الاندماج في الجيش السوري الموقعة في 10 مارس الماضي، وأكدتا رفض أي محاولات للمساس بوحدة سوريا واستقرارها.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي عناصر من «قوات سوريا الديمقراطية» في دير الزور بشرق سوريا (رويترز - أرشيفية) play-circle 00:32

تهدئة بعد اشتباكات دامية بين الجيش السوري و«قسد» في حلب

ذكرت وسائل إعلام سورية أن «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) التي يقودها الأكراد شنت هجوماً استهدف نقاطاً لقوى الأمن الداخلي في حلب.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي جانب من لقاء الشرع مع الوفد التركي (سانا) play-circle

الشرع يبحث مع وفد تركي التطورات الإقليمية

استقبل الرئيس السوري أحمد الشرع اليوم (الاثنين) وفدا تركيا ضم وزير الخارجية هاكان فيدان، ووزير الدفاع يشار غولر، ورئيس جهاز الاستخبارات العامة إبراهيم كالن.

«الشرق الأوسط» (دمشق)

لبنان: انطلاقة «غير آمنة» لمشروع «استعادة الودائع»

مودعون يعترضون على مشروع قانون حكومي لاستعادة الودائع بالتزامن مع انعقاد جلسة لمجلس الوزراء في القصر الرئاسي شرق بيروت (الشرق الأوسط)
مودعون يعترضون على مشروع قانون حكومي لاستعادة الودائع بالتزامن مع انعقاد جلسة لمجلس الوزراء في القصر الرئاسي شرق بيروت (الشرق الأوسط)
TT

لبنان: انطلاقة «غير آمنة» لمشروع «استعادة الودائع»

مودعون يعترضون على مشروع قانون حكومي لاستعادة الودائع بالتزامن مع انعقاد جلسة لمجلس الوزراء في القصر الرئاسي شرق بيروت (الشرق الأوسط)
مودعون يعترضون على مشروع قانون حكومي لاستعادة الودائع بالتزامن مع انعقاد جلسة لمجلس الوزراء في القصر الرئاسي شرق بيروت (الشرق الأوسط)

عكستِ الاعتراضات على مشروع قانون استعادة الودائع المجمدة منذ عام 2019 في لبنان، انطلاقةً غير آمنةٍ له، إذ بدأتِ الحكومة بمناقشة المسودة، بالتزامن مع اعتراضات سياسية من قوى ممثلة بالحكومة وخارجها، وانتقادات عميقة من قبل «جمعية المصارف»، فضلاً عن تحركات شعبية نُظمت بالتزامن مع جلسة مجلس الوزراء.

وأكد الرئيس اللبناني جوزيف عون أنّه لا يقف مع أي طرف ضدّ آخر، وأنّ النقاش يجب أن يتم تحت قبة البرلمان، فيما دافع رئيس الحكومة نواف سلام عن المسودة، وشدّد على أنَّ مشروع قانون الفجوة المالية واقعي وقابل للتنفيذ، مؤكداً أنَّ أي تأخير في إقراره قد يضر بثقة المواطنين والمجتمع الدولي.

وبرزتِ اعتراضات قانونية على إدراج مواد ذات «مفعول رجعي» لضرائب واقتطاعات وتعديلات في القيم الدفترية للمدخرات المحوّلة بعد عام 2019، والعوائد المحصّلة على الودائع في سنوات سابقة.


مواجهات في حلب توقع قتلى وجرحى

نقل المصابين إلى مشفى الرازي  جراء القصف من حي الشيخ مقصود على الأحياء السكنية في حلب (سانا)
نقل المصابين إلى مشفى الرازي جراء القصف من حي الشيخ مقصود على الأحياء السكنية في حلب (سانا)
TT

مواجهات في حلب توقع قتلى وجرحى

نقل المصابين إلى مشفى الرازي  جراء القصف من حي الشيخ مقصود على الأحياء السكنية في حلب (سانا)
نقل المصابين إلى مشفى الرازي جراء القصف من حي الشيخ مقصود على الأحياء السكنية في حلب (سانا)

قتل شخصان وأصيب 6 مدنيين بينهم امرأة وطفل بجروح جراء اشتباكات اندلعت في مدينة حلب شمال سوريا بين القوات الحكومية وقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، تزامنت مع زيارة وفد تركي إلى دمشق، في وقت توشك مهلة تنفيذ بنود اتفاق 10 مارس (آذار) بين «قسد» والسلطات على الانتهاء.

وفي حين تبادل الطرفان الاتهامات بالتسبّب في اندلاع الاشتباكات، أفادت مصادر في واشنطن لـ«الشرق الأوسط»، بأن المبعوث الأميركي توم برّاك وقائد القيادة المركزية الأميركية براد كوبر، يجريان اتصالات لتهدئة الاشتباكات لمنع تصعيد يستفيد منه «داعش»، وقوى إقليمية معادية.

واتهمت أنقرة ودمشق «قسد» بالمماطلة في تنفيذ الاتفاقية الموقعة في 10 مارس الماضي، وأكدتا رفض أي محاولات للمساس بوحدة سوريا واستقرارها.

جاء ذلك في مؤتمر صحافي بدمشق ‌بعد محادثات بين وفد تركي رفيع المستوى ‌والرئيس السوري ​أحمد الشرع ‌ووزير الخارجية أسعد الشيباني وآخرين، وقال الشيباني إن دمشق لم تلمس «أي مبادرة أو إرادة جادة» من «قسد» لتنفيذ الاتفاق، لكنها اقترحت في الآونة الأخيرة عليهم طريقة أخرى لدفع العملية قدماً.


ائتلاف السوداني يطرح مبادرة لحسم رئاسة وزراء العراق

جانب من أحد اجتماعات قوى «الإطار التنسيقي» (وكالة الأنباء العراقية)
جانب من أحد اجتماعات قوى «الإطار التنسيقي» (وكالة الأنباء العراقية)
TT

ائتلاف السوداني يطرح مبادرة لحسم رئاسة وزراء العراق

جانب من أحد اجتماعات قوى «الإطار التنسيقي» (وكالة الأنباء العراقية)
جانب من أحد اجتماعات قوى «الإطار التنسيقي» (وكالة الأنباء العراقية)

يعتزم ائتلاف «الإعمار والتنمية»، الذي يترأسه محمد شياع السوداني، رئيس حكومة تصريف الأعمال العراقية، طرحَ «مبادرة سياسية شاملة» لحسم منصب رئاسة الوزراء.

وذكر إعلام «تيار الفراتين»، الذي يتزعمه السوداني، في بيان، أمس، أنَّ ائتلاف «الإعمار» يعمل على «بلورة مبادرة سياسية متكاملة» تهدف إلى كسر حالة الانسداد السياسي، مشيراً إلى أنَّ تفاصيلها ستُطرح أمام قوى «الإطار التنسيقي» في اجتماعه المرتقب.

إلى ذلك، قال العضو في ائتلاف «الإعمار والتنمية» قصي محبوبة لـ«الشرق الأوسط» إنَّ «المبادرة ستكون عبارة عن شروط الائتلاف لاختيار رئيس الوزراء»، دون ذكر تفاصيل.

من ناحية ثانية، رحب مارك سافايا، مبعوث الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، إلى العراق، في تدوينة عبر منصة «إكس» بإعلان بعض الفصائل المسلحة استعدادها لبحث نزع سلاحها، لكنَّه شدّد على «أن يكون نزع السلاح شاملاً، وغير قابل للتراجع».