جرمانا هادئة... والأمن يعزز حواجزه لطمأنة سكانها الدروز

«الشرق الأوسط» ترصد حياة طبيعية في ريف دمشق رغم المخاوف من تداعيات أحداث السويداء

حركة سير ضعيفة عند المدخل الشمالي لضاحية جرمانا في ريف دمشق الشرقي الجمعة (الشرق الأوسط)
حركة سير ضعيفة عند المدخل الشمالي لضاحية جرمانا في ريف دمشق الشرقي الجمعة (الشرق الأوسط)
TT

جرمانا هادئة... والأمن يعزز حواجزه لطمأنة سكانها الدروز

حركة سير ضعيفة عند المدخل الشمالي لضاحية جرمانا في ريف دمشق الشرقي الجمعة (الشرق الأوسط)
حركة سير ضعيفة عند المدخل الشمالي لضاحية جرمانا في ريف دمشق الشرقي الجمعة (الشرق الأوسط)

تشهد ضاحية جرمانا جنوب شرقي دمشق، التي تشكل طائفة الموحدين الدروز أحد مكوناتها السكانية، حياة طبيعية وهدوءاً تاماً، بحسب ما رصدت «الشرق الأوسط» في جولة لها، الجمعة.

ويترافق الهدوء مع استجابة قوى الأمن الداخلي (التابعة للحكومة السورية) لمطالب الأهالي بزيادة الحواجز على مداخلها وتعزيز المراقبة فيها، بسبب مخاوف من ردود فعل قد يقوم بها سكان بلدات وقرى مجاورة ذات غالبية سنية، على خلفية الأحداث التي تشهدها محافظة السويداء بين مسلحين دروز وعشائر بدوية وعربية.

في مدخل جرمانا الشمالي المتفرع من طريق المتحلق الجنوبي، بدت بعد ساعات الظهيرة حركة السيارات المتجهة إلى وسط الضاحية عادية، بينما أكد عنصر من الأمن الداخلي كان يقف على حاجز المدخل، أن الوضع في الضاحية «مستقر وهادئ تماماً». ومع تريث مندوب «الشرق الأوسط» بمتابعة الطريق إلى وسط جرمانا، قال العنصر: «هل تخشى شيئاً؟ لا يوجد أي توتر في الداخل. تفضل».

أكد هذا العنصر الأمني أنه ومنذ اندلاع الأحداث الدامية في محافظة السويداء ذات الغالبية السكانية الدرزية جنوب سوريا، الأحد الماضي، لم تحصل أحداث لافتة في جرمانا، سوى «مظاهرة لعدد قليل من الشبان (الدروز) يعدّون على أصابع اليد، (احتجاجاً على تطورات الأوضاع في السويداء)، وقد جرى تفريقهم مباشرة».

شارع رئيسي في منطقة الجمعيات بضاحية جرمانا بريف دمشق الشرقي الجمعة (الشرق الأوسط)

ومع الوصول إلى ساحة الكرامة وسط المدينة، التي تتفرع منها أربع طرق رئيسية تؤدي إلى الجادات الفرعية، كانت أغلبية المحال التجارية تمارس نشاطها، لكن حركة السيارات والمارة بدت ضعيفة نوعاً ما. وقد عزا صاحب محل لبيع المكسرات والسكاكر ذلك إلى أن اليوم يوم جمعة وهو عطلة رسمية، مؤكداً أن في «الأيام العادية تكون الحركة أكثر».

وفي مؤشر على اطمئنان رسمي لناحية الوضع الأمني في الضاحية، لوحظ عدم وجود انتشار لعناصر الأمن الداخلي في جميع الطرقات الرئيسية التي كانت فيها المحال التجارية والمقاهي تمارس أعمالها. ولكن عناصر الأمن المنتشرين على حواجز مداخل جرمانا يقومون بعمليات تفتيش دقيقة للسيارات في مسربي الدخول والخروج.

أحد النشطاء في الضاحية، وهو من الطائفة الدرزية، أكد أن الوضع «هادئ في جرمانا» منذ بدء الأحداث في السويداء، ولم يحصل أي تغيير، فالحياة تسير بشكل طبيعي واعتيادي، موضحاً أن «الدوائر الحكومية تواصل عملها بشكل اعتيادي، والأمن الداخلي ما زال موجوداً ويقوم بمهامه في حفظ الأمن والاستقرار والسلم الأهلي».

وذكر المصدر لـ«الشرق الأوسط» أن هناك خطوطاً حمراء لا يمكن تجاوزها، وهي أن انتماء جرمانا هو إلى محيطها المتمثل بغوطة دمشق الشرقية، وأن العلاقة يجب أن تكون جيدة وفعالة مع دمشق، بالإضافة إلى التمسك بالحفاظ على السلم الأهلي في المدينة ومع محيطها.

تجمع مسلحين محليين من الطائفة الدرزية أمام حاجز أُقيم عند مدخل جرمانا الشمالي في 29 أبريل الماضي (أرشيفية - الشرق الأوسط)

ولفت المصدر إلى أن هناك «مطالبات بمحاسبة مرتكبي الانتهاكات في السويداء من جميع الأطراف، وفتح المعابر الإنسانية لإيصال المساعدات إلى المدنيين في المحافظة». وشدد على أن «الضاحية لم تتعرض لأي مضايقات من البلدات والقرى المجاورة، ولم تحصل أي مشاكل في الداخل منذ اندلاع أحداث السويداء».

في المقابل، أكد مصدر محلي آخر «حرص سكان الضاحية على بقائها بعيدة عن أي صدامات أو خلافات، لأن جرمانا جزء من الدولة»، لافتاً إلى أن «حماية هذه المنطقة يقع على عاتق الدولة، وأهاليها يساعدون في ذلك».

لكن المصدر لم يخف لـ«الشرق الأوسط»، أن هناك «مخاوف لدى بعض الأهالي من تعرّض الضاحية لمضايقات أو هجمات (من البلدات المجاورة) في ظل ما يحدث في السويداء». وأضاف: «نتواصل مع الامن الداخلي، وقد استجاب لهذه المخاوف وأقام حواجز إضافية على مداخلها وعزز المراقبة على الحواجز وفي محيط الضاحية».

وتتبع جرمانا إدارياً محافظة ريف دمشق، وتبعد عن وسط دمشق نحو 5 كيلومترات، وقد شهدت نهضة عمرانية في أواخر العقد الأخير من القرن العشرين.

وقبل اندلاع الثورة السورية ضد نظام بشار الأسد بداية عام 2011، كان عدد سكانها نحو 600 ألف نسمة؛ معظمهم من الدروز والمسيحيين، وفق تقديرات مصادر محلية.

وازداد عدد سكانها كثيراً خلال سنوات الحرب الـ14، ويصل حالياً إلى نحو مليوني نسمة، وفق تقديرات بعض أهاليها، وذلك بعد أن شكلت ملاذاً لمئات آلاف النازحين من جميع المحافظات السورية التي شهدت معارك خلال سنوات الحرب.

وبعد موجات النزوح الكبيرة إلى جرمانا بات سكانها خليطاً من جميع المحافظات، والقوميات، والأديان، والطوائف.

ومع إطلاق فصائل المعارضة المسلحة عملية «ردع العدوان» شمال غربي البلاد، أواخر نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2024، واقترابها من دمشق، أسقط أهالي جرمانا تمثال الرئيس السابق حافظ الأسد، بينما سقط نظام بشار الأسد في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

لكن جرمانا، شهدت أعمال عنف في 28 أبريل (نيسان) الماضي، وأدت إلى مقتل عدد من الأشخاص، وذلك على أثر تداول تسجيل صوتي مزعوم يتضمن إساءة إلى الإسلام.

وتمكنت السلطات السورية من بسط سيطرتها وإعادة الأمن والاستقرار إلى جرمانا، بموجب اتفاقات مع الجهات الفاعلة، ووجهاء في المنطقة.


مقالات ذات صلة

سوريا تؤكد التزامها «الثابت» بمكافحة تنظيم «داعش»

المشرق العربي وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني (أ.ف.ب)

سوريا تؤكد التزامها «الثابت» بمكافحة تنظيم «داعش»

أكدت سوريا، اليوم، التزامها الثابت بمكافحة تنظيم «داعش»، مشيرة إلى أنها ستواصل تكثيف العمليات العسكرية ضد التنظيم في جميع المناطق التي يهددها.

المشرق العربي استخدمت قوات القيادة المركزية الأميركية في عمليتها ضد تنظيم «داعش» طائرات مقاتلة ومروحيات هجومية ومدفعية (سنتكوم)

«البنتاغون» يعلن إطلاق عملية واسعة ضد تنظيم «داعش» في سوريا

أعلن وزير الدفاع الأميركي بيت هيغسيث، الجمعة، إطلاق عملية عسكرية ضد تنظيم «داعش» في سوريا رداً على هجوم في تدمر أودى بحياة ثلاثة أميركيين.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي الرئيس السوري أحمد الشرع (أ.ف.ب)

الرئيس السوري يهنئ الشعب برفع عقوبات «قيصر» ويؤكد بدء مرحلة البناء

رحّب الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع، الجمعة، برفع الولايات المتحدة نهائياً العقوبات المفروضة على سوريا، في خطوة تمهّد لعودة الاستثمارات إلى البلاد.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
الخليج فتاة تحمل العلم السوري خلال الاحتفال بالذكرى السنوية الأولى للإطاحة بالنظام السابق في دمشق (أ.ب)

السعودية ترحب بإلغاء أميركا عقوبات «قانون قيصر» ضد سوريا

رحبت السعودية، الجمعة، بقرار الولايات المتحدة إلغاء العقوبات المفروضة على سوريا، بموجب «قانون قيصر».

«الشرق الأوسط» (الرياض)
رجلان يرتديان زي سانتا كلوز في أحد شوارع دمشق (أ.ب)

دمشق ترحّب برفع العقوبات الأميركية

رحّبت سوريا، الجمعة، برفع الولايات المتحدة نهائياً العقوبات المفروضة عليها، في خطوة تمهّد لعودة الاستثمارات إلى البلاد بعد سنوات من الحرب.

«الشرق الأوسط» (دمشق)

الحكيم يدعو إلى حصر السلاح بيد الدولة


الأمن العراقي قال إنه نفّذ إنزالاً بالأراضي السورية واعتقل قياديين في «داعش» (إعلام حكومي)
الأمن العراقي قال إنه نفّذ إنزالاً بالأراضي السورية واعتقل قياديين في «داعش» (إعلام حكومي)
TT

الحكيم يدعو إلى حصر السلاح بيد الدولة


الأمن العراقي قال إنه نفّذ إنزالاً بالأراضي السورية واعتقل قياديين في «داعش» (إعلام حكومي)
الأمن العراقي قال إنه نفّذ إنزالاً بالأراضي السورية واعتقل قياديين في «داعش» (إعلام حكومي)

دعا عمار الحكيم، أحدُ قادة تحالف «الإطار التنسيقي» في العراق، إلى حصر السلاح بيد الدولة، مشدداً على عدم استخدامه أداة للضغط على صناع القرار في البلاد.

وقال الحكيم، في كلمة أمس، إنَّ «السلاح ينبغي أن يكون بيد الدولة، اتساقاً مع الدستور، بإرادة العراقيين وأحزابهم، وليس بإملاءات خارجية».

وأعرب الحكيم، الذي يرأس حزب «تيار الحكمة»، عن رفضه لاستخدام السلاح خارج الدولة أداة للضغط على من يتخذ القرار.

وقال فهد الجبوري، وهو قيادي في حزب الحكيم، إنَّ «واشنطن أبدت ملاحظات تتعلَّق بمشاركة الفصائل في الحكومة الجديدة».

بدورها، دعت «كتائب الإمام علي»، وهي فصيل مسلَّح فاز أخيراً بعدد من المقاعد في البرلمان، إلى «حصر السلاح بيد الدولة وتقوية (الحشد الشعبي)». وقال شبل الزيدي، أمين عام الكتائب، في بيان، إنَّ «الفوز الكبير للقوى الفصائلية في الانتخابات يضعها أمام اختبار مهم».


«الخط الأصفر» مصيدة موت للغزّيين

الطفلة الغزية أرجوان المصابة بسوء تغذية حاد تتلقى الطعام من أمها في مستشفى الناصر بخان يونس  أمس (رويترز)
الطفلة الغزية أرجوان المصابة بسوء تغذية حاد تتلقى الطعام من أمها في مستشفى الناصر بخان يونس أمس (رويترز)
TT

«الخط الأصفر» مصيدة موت للغزّيين

الطفلة الغزية أرجوان المصابة بسوء تغذية حاد تتلقى الطعام من أمها في مستشفى الناصر بخان يونس  أمس (رويترز)
الطفلة الغزية أرجوان المصابة بسوء تغذية حاد تتلقى الطعام من أمها في مستشفى الناصر بخان يونس أمس (رويترز)

حوّلت إسرائيلُ «الخط الأصفر» الوارد في خريطة الانسحاب من قطاع غزة، إلى ما يمكن أن يوصف بـ«مصيدة للموت»؛ تقتل من خلالها كل من يقترب منه. وخلال 24 ساعة قُتل 4 فلسطينيين في بلدة بني سهيلا شرق خان يونس، والتي تبعد نحو 200 متر من «الخط الأصفر» الذي يفصل القطاع إلى جزأين، وفقاً لخطة السلام الموقعة في 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وتقول مصادرُ فلسطينية إنَّ إسرائيلَ فعلياً حوَّلت «الخط الأصفر» إلى «مصيدة للموت»، تقتل الغزيين عنده بدم بارد.

وأعلنتِ الأمم المتحدة أنَّ المجاعةَ في غزة انتهت، لكنَّ السوادَ الأعظم من سكان القطاع ما زالوا يواجهون مستويات مرتفعة من انعدام الأمن الغذائي.


سوريا تؤكد التزامها «الثابت» بمكافحة تنظيم «داعش»

وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني (أ.ف.ب)
وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني (أ.ف.ب)
TT

سوريا تؤكد التزامها «الثابت» بمكافحة تنظيم «داعش»

وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني (أ.ف.ب)
وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني (أ.ف.ب)

أكدت سوريا، اليوم، التزامها الثابت بمكافحة تنظيم «داعش»، مشيرة إلى أنها ستواصل تكثيف العمليات العسكرية ضد التنظيم في جميع المناطق التي يهددها.

وتقدمت وزارة الخارجية السورية بتعازيها الحارة لعائلات الضحايا من رجال الأمن السوريين والأميركيين الذين قتلوا في الهجمات الإرهابية التي وقعت في تدمر وشمال سوريا الأسبوع الماضي. مؤكدة أنّ هذه الخسارة تبرز ضرورة تعزيز التعاون الدولي لمكافحة الإرهاب.

وقالت الخارجية السورية عبر منصة "إكس»: «تؤكد سوريا التزامها الثابت بمكافحة تنظيم داعش وضمان عدم وجود ملاذات آمنة له في الأراضي السورية. وستواصل تكثيف العمليات العسكرية ضد التنظيم في جميع المناطق التي يهددها».

عملية أمنية في مدينة تدمر عقب الهجوم الإرهابي على وفد سوري - أميركي مشترك (الداخلية السورية)

وأضافت: «تدعو الجمهورية العربية السورية الولايات المتحدة والدول الأعضاء في التحالف الدولي للانضمام إلى دعم جهود الجمهورية في مكافحة الإرهاب، بما يسهم في حماية المدنيين واستعادة الأمن والاستقرار في المنطقة».

و شنت طائرات تابعة للتحالف الدولي غارات على مواقع يعتقد أنها تابعة لتنظيم «داعش» في مناطق شمال وشرق سوريا.

وقالت مصادر محلية في محافظات الرقة ودير الزور، بحسب وكالة الانباء الألمانية (د ب أ)، إن «طائرات حربية أميركية شنت غارات في بادية دير الزور والرقة وسمع صوت أربعة انفجارات في منطقة البشري في ريف الرقة الجنوبي الشرقي، ليل الجمعة-السبت، وسط صوت تحليق للطائرات الحربية في سماء مناطق ريف الرقة الشرقي ودير الزور الغربي في المنطقة التي تنشط فيها خلايا تنظيم داعش منذ مطلع الشهر الحالي».