إدارة ترمب تباشر حلحلة عقد رفع العقوبات على سوريا

قادة فصائل فلسطينية مدعومة من إيران غادروا دمشق

الأمير محمد بن سلمان يرحب بالرئيس السوري أحمد الشرع أمام أنظار الرئيس الأميركي دونالد ترمب في الرياض 14 مايو 2025 (رويترز)
الأمير محمد بن سلمان يرحب بالرئيس السوري أحمد الشرع أمام أنظار الرئيس الأميركي دونالد ترمب في الرياض 14 مايو 2025 (رويترز)
TT

إدارة ترمب تباشر حلحلة عقد رفع العقوبات على سوريا

الأمير محمد بن سلمان يرحب بالرئيس السوري أحمد الشرع أمام أنظار الرئيس الأميركي دونالد ترمب في الرياض 14 مايو 2025 (رويترز)
الأمير محمد بن سلمان يرحب بالرئيس السوري أحمد الشرع أمام أنظار الرئيس الأميركي دونالد ترمب في الرياض 14 مايو 2025 (رويترز)

شرعت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب في «إجراءات سريعة» لتنفيذ تعهده أمام ولي العهد السعودي رئيس مجلس الوزراء، الأمير محمد بن سلمان، والرئيس السوري الانتقالي، أحمد الشرع، برفع العقوبات الأميركية عن سوريا، وسط تباينات في واشنطن حيال كيفية القيام بذلك، وشمولية القرارات المطلوبة في هذا الاتجاه. فيما كشف مصدر فلسطيني عن أن قادة الفصائل الفلسطينية المدعومة من إيران غادروا دمشق بعد تضييق الخناق عليهم.

ويأمل عدد من المسؤولين في بدء رفع الإجراءات العقابية التي ينبغي أن تتخذها الإدارات المختلفة في أقرب وقت، ولا سيما في وزارة الخارجية، رغم «بعض التحفظ» لدى وزارة الخزانة، بحسب ما كشفه ناشطون في الجالية السورية الأميركية لـ«الشرق الأوسط»، موضحين أن «هناك أولوية رفع العقوبات ذات الصلة بالأعمال المصرفية في سوريا، ولا سيما لجهة نظام سويفت» الذي يسمح بالتحويلات المالية عبر العالم. ويرى أحدهم أن هذه العقوبات لم تعد مبررة بعد إطاحة حكم الرئيس السوري بشار الأسد في أواخر العام الماضي، آملاً في أن يساهم ذلك في إعادة الاستقرار إلى البلاد بعد حرب أهلية استمرت 13 عاماً، وفي مساعدة حكومة الشرع على المضي في توجهات جديدة.

سوريون يرفعون علم السعودية احتفالاً بإعلان رفع العقوبات عن بلدهم في دمشق 14 مايو 2025 (إ.ب.أ)

ويحتاج رفع بعض العقوبات إلى قرارات تنفيذية من الرئيس ترمب لإزالة عقوبات راكمها الرؤساء السابقون على مر السنين على سوريا. غير أن إدارته ستحتاج إلى الكونغرس لإزالة بعض أشد العقوبات، ومنها «قانون قيصر» لعام 2019، وقانون عام 1979، الذي يدرج سوريا على قائمة الدول الراعية للإرهاب، وقانون أقرته إدارة الرئيس السابق جورج بوش عام 2003 لـ«محاسبة سوريا واستعادة السيادة اللبنانية». ويستطيع الرئيس الأميركي تعليق تنفيذ بعض هذه القوانين لمدة ستة أشهر فقط.

شبكة معقدة

اقترح مسؤولون في الإدارة نهجاً تدريجياً، تُمنح بموجبه إعفاءات قصيرة الأجل قريباً من بعض العقوبات، ثم يربطون التمديدات أو إصدار قرار تنفيذي أوسع نطاقاً باستيفاء سوريا للشروط، مما قد يبطئ بشكل كبير - أو حتى يمنع بشكل دائم - تخفيف العقوبات على المدى الطويل. ويقول النقاد إن ذلك من شأنه أن يعيق قدرة الحكومة المؤقتة على جذب الاستثمارات وإعادة إعمار سوريا بعد الحرب.

وقال الناطق باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض ماكس بلوستاين إن «العقوبات المفروضة على سوريا عبارة عن شبكة معقدة من القوانين والإجراءات التنفيذية وقرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة التي يجب تفكيكها بعناية وحذر». وأضاف أن الإدارة «تحلل الطريقة المثلى للقيام بذلك».

مدخل مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين جنوب دمشق الخميس (أ.ف.ب)

وقد يُعلن عن جولة أولى من الإجراءات لتخفيف العقوبات، الأسبوع المقبل، وفقاً لمسؤولين أميركيين مُطلعين على المناقشات. وقدمت وزارة الخارجية مقترحاً جرى تداوله بين المسؤولين عقب تعهد ترمب خلال زيارته للشرق الأوسط، الأسبوع الماضي، يحدد متطلبات شاملة لمراحل تخفيف العقوبات أو رفعها الدائم، بما في ذلك تفكيك الجماعات الفلسطينية المسلحة كمطلب رئيسي، وفقاً لأحد المسؤولين الأميركيين المطلعين على الخطة.

القيود المصرفية

وهناك مقترحات إضافية متداولة، بما في ذلك مقترح عُرض هذا الأسبوع أكد بشكل عام اتخاذ كل الإجراءات الممكنة، بأسرع وقت ممكن، لمساعدة سوريا في إعادة الإعمار. وإلى جانب الإعفاءات من العقوبات، تشمل المناقشات تخفيف القيود على الخدمات المصرفية والأعمال التجارية ورفع التصنيفات الإرهابية الأميركية القديمة.

وهذا الأسبوع، دعا وزير الخارجية، ماركو روبيو، إلى اتباع نهج حذر في شهادته أمام المشرعين الأميركيين، قائلاً إن الحكومة الانتقالية السورية التي لم يمضِ على تشكيلها سوى خمسة أشهر قد تكون على بُعد أسابيع من «الانهيار وحرب أهلية شاملة ذات أبعاد أسطورية».

ولكن عندما سئل عن الشكل العام لتخفيف العقوبات، قدم شرحاً من كلمة واحدة: «تدريجياً». وأقرّ بأن قادة سوريا المؤقتين «لم يجتازوا فحص خلفياتهم مع مكتب التحقيقات الفيدرالي».

وقالت الناطقة باسم وزارة الخارجية الأميركية، تامي بروس، التي كانت في المملكة العربية السعودية عندما أعلن الرئيس ترمب رفع العقوبات عن سوريا، واصفة ذلك بأنه كان «لحظة مثيرة للغاية». وأوضحت أن «هذا أمر ناقشناه، وتساءل الكثيرون عن موعد حدوثه»، مؤكدة أن «الوقت حان. وأعلم أن هناك فريقاً بدأ العمل على ذلك فوراً، ويعمل عليه الآن».

ونبهت إلى أن الرئيس ترمب «يتمتع ببعض الصلاحيات فيما يتعلق بما يمكن إنجازه، لكن العقوبات تُدار من خلال إدارات مختلفة في هذا البلد»، مشيرة إلى أن «عكس مسارنا، ورفع العقوبات يشمل إداراتٍ مثل وزارة الخزانة»، بالإضافة إلى وزارة الخارجية، ولذلك فإن هذه «عملية ستستغرق بعض الوقت»، علماً بأن «إدارة ترمب سرّعت وتيرة العمل قليلاً، وهم يدركون أهمية إنجاز الأمور بسرعة، وهذه هي نيتهم ​​في إنجاز الأمور بسرعة»؛ لأن المسؤولين الأميركيين يدركون أن هناك إلحاحاً وإدراكاً أيضاً في الإدارة بأن «الأمور يجب أن تتم بأسرع وقت ممكن».

رجل يعمل على ترميم نصب يمثل القدس وسط مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين جنوب دمشق الخميس (أ.ف.ب)

مغادرة قادة فصائل

غادر قادة فصائل فلسطينية كانت مقربة من الحكم السابق في سوريا، وتتلقى دعماً من طهران، دمشق، وفق ما أكدت مصادر فلسطينية لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، بعد تضييق السلطات عليهم وتسليم الفصائل سلاحها.

وكانت واشنطن طلبت من السلطات السورية قبيل رفع العقوبات الاقتصادية عن سوريا ترحيل المنظمات الفلسطينية المتعاونة مع طهران. وأكّد قيادي في فصيل فلسطيني، رفض الكشف عن هويته وأصبح خارج دمشق، أن «معظم قادة الفصائل الفلسطينية التي تلقت دعماً من طهران غادروا دمشق» إلى دول عدة بينها لبنان. وعدّد من بين هؤلاء: خالد جبريل، نجل مؤسس الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين - القيادة العامة، وخالد عبد المجيد، الأمين العام لجبهة النضال الشعبي في سوريا، وزياد الصغير، الأمين العام لحركة «فتح» الانتفاضة. وتنضوي تلك الفصائل مع مجموعات أخرى من لبنان والعراق واليمن في إطار ما يعرف بـ«محور المقاومة» الذي تقوده طهران، التي كانت أبرز داعمي الأسد.

وأوضح القيادي الفلسطيني أن قادة الفصائل المعنية «لم يتلقّوا أي طلب رسمي من السلطات بمغادرة الأراضي السورية، لكنهم تعرّضوا لمحاولات تضييق، وتمّت مصادرة ممتلكات تابعة لفصائلهم ومقدراتها، عدا عن اعتقال زملائهم»، مضيفاً: «باتت تلك الفصائل ممنوعة من العمل بحكم الأمر الواقع».


مقالات ذات صلة

الشيباني وأبو قصرة في موسكو لإجراء مباحثات

المشرق العربي وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني ونظيره الروسي سيرغي لافروف في لقاء سابق في موسكو (أ.ب)

الشيباني وأبو قصرة في موسكو لإجراء مباحثات

وصل وفد سوري بقيادة وزيري الخارجية والدفاع إلى العاصمة الروسية موسكو، وفق ما أعلنت إدارة الإعلام بوزارة الخارجية والمغتربين السورية.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
المشرق العربي إنزال الأمن السوري حمولة صواريخ «غراد» بمحافظة حمص في سيارة معدة للتهريب باتجاه الحدود اللبنانية (أرشيفية - الداخلية السورية)

واشنطن تتدخل لتهدئة الاشتباكات بين «قسد» والأمن السوري

تقارير: إيران ليس لديها أي تردد في إبرام ترتيبات تكتيكية مع الجماعات المتطرفة مثلما حدث مع تنظيم «القاعدة» و«طالبان»، وقد تتبنى هذا التكتيك في سوريا مع «داعش».

هبة القدسي (واشنطن)
المشرق العربي ضبط صواريخ من نوع «سام 7» معدة للتهريب خارج البلاد في البوكمال شرق سوريا (سانا)

مصدر: الصواريخ المضبوطة داخل البوكمال كانت ستهرب إلى «حزب الله» في لبنان

رجحت مصادر أن تكون الجهة التي كان من المفترض تهريب دفعة صواريخ «سام 7» إليها عبر الأراضي السورية هي «حزب الله» بلبنان، الذي كان يقاتل أيضاً إلى جانب نظام الأسد.

موفق محمد (دمشق)
شؤون إقليمية وزراء الخارجية والدفاع السوريون والأتراك خلال لقائهم في دمشق (الدفاع التركية - إكس)

سوريا وتركيا تتهمان «قسد» بالمماطلة بتنفيذ اتفاق الاندماج وسط تصعيد في حلب

اتهمت أنقرة ودمشق «قسد» بالمماطلة في تنفيذ اتفاقية الاندماج في الجيش السوري الموقعة في 10 مارس الماضي، وأكدتا رفض أي محاولات للمساس بوحدة سوريا واستقرارها.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي عناصر من «قوات سوريا الديمقراطية» في دير الزور بشرق سوريا (رويترز - أرشيفية) play-circle 00:32

تهدئة بعد اشتباكات دامية بين الجيش السوري و«قسد» في حلب

ذكرت وسائل إعلام سورية أن «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) التي يقودها الأكراد شنت هجوماً استهدف نقاطاً لقوى الأمن الداخلي في حلب.

«الشرق الأوسط» (دمشق)

الشيباني وأبو قصرة في موسكو لإجراء مباحثات

وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني ونظيره الروسي سيرغي لافروف في لقاء سابق في موسكو (أ.ب)
وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني ونظيره الروسي سيرغي لافروف في لقاء سابق في موسكو (أ.ب)
TT

الشيباني وأبو قصرة في موسكو لإجراء مباحثات

وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني ونظيره الروسي سيرغي لافروف في لقاء سابق في موسكو (أ.ب)
وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني ونظيره الروسي سيرغي لافروف في لقاء سابق في موسكو (أ.ب)

وصل وفد سوري يضم وزيري الخارجية والدفاع إلى العاصمة الروسية موسكو اليوم الثلاثاء، وفق ما أعلنت إدارة الإعلام بوزارة الخارجية والمغتربين السورية.

ونقلت وكالة الأنباء الرسمية (سانا) عن الإدارة قولها إن وزير الخارجية أسعد حسن الشيباني ووزير الدفاع اللواء مرهف أبو قصرة ومسؤولون في الاستخبارات العامة وصلوا إلى موسكو لإجراء مباحثات مع المسؤولين الروس.


وزير الدفاع الإسرائيلي: لن ننسحب أبداً من قطاع غزة

فلسطينيون يسيرون وسط الدمار الذي خلفته الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة (أ.ب)
فلسطينيون يسيرون وسط الدمار الذي خلفته الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة (أ.ب)
TT

وزير الدفاع الإسرائيلي: لن ننسحب أبداً من قطاع غزة

فلسطينيون يسيرون وسط الدمار الذي خلفته الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة (أ.ب)
فلسطينيون يسيرون وسط الدمار الذي خلفته الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة (أ.ب)

تعهد وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس اليوم الثلاثاء بأن إسرائيل «لن تنسحب أبدا من قطاع غزة»، قائلا إنه سيجري إنشاء مواقع عسكرية زراعية جديدة في شمال غزة، بدلاً من المستوطنات التي تم إخلاؤها في إطار انسحاب إسرائيل من القطاع عام 2005.

ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن كاتس قوله خلال مراسم أقيمت في بيت إيل: «سنفعل ذلك بالطريقة الصحيحة وفي التوقيت المناسب. قد يعترض البعض، لكننا نحن من نتولى زمام الأمور».

وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس (د.ب.أ)

وتأتي تصريحات كاتس وسط تكهنات متزايدة حول خطط إسرائيل طويلة الأمد لغزة في أعقاب وقف إطلاق النار مع حماس، وفي الوقت الذي استبعد فيه الرئيس الأميركي دونالد ترمب إمكانية ضم إسرائيل للضفة الغربية عندما سُئل عن هذا الأمر مؤخراً.

وفي إشارة لهذه الأمر، قال كاتس: «هذه الحكومة حكومة استيطانية. إذا أمكن تطبيق السيادة، فسنطبقها. نحن الآن في مرحلة سيادة عملية، وفي هذه اللحظة، وبفضل المواقف والقوة التي أظهرتها إسرائيل منذ فاجعة 7 أكتوبر (تشرين الأول) المروعة، تتاح لنا فرص لم نشهدها منذ زمن طويل».

كما ألقى وزير المالية بتسلئيل سموتريتش كلمةً بعد كاتس، تفاخر فيها بـ«الحملة الاستيطانية واسعة النطاق» في الضفة الغربية خلال السنوات الأخيرة.


إصابة 3 فلسطينيين برصاص إسرائيلي واعتقال العشرات في الضفة

جنود إسرائيليون خلال دورية في رام الله (أ.ف.ب)
جنود إسرائيليون خلال دورية في رام الله (أ.ف.ب)
TT

إصابة 3 فلسطينيين برصاص إسرائيلي واعتقال العشرات في الضفة

جنود إسرائيليون خلال دورية في رام الله (أ.ف.ب)
جنود إسرائيليون خلال دورية في رام الله (أ.ف.ب)

أصيب ثلاثة مواطنين فلسطينيين برصاص القوات الإسرائيلية في مدينة نابلس، فجر اليوم الثلاثاء، فيما شهدت مناطق متفرقة من الضفة الغربية حملة اعتقالات واسعة، طالت عشرات الفلسطينيين، عقب اقتحام منازل الفلسطينيين، وتفتيشها، والعبث بمحتوياتها.

ونقل المركز الفلسطيني للإعلام عن مصادر محلية قولها إن «قوات جيش الاحتلال أطلقت النار على مركبة مدنية قرب حاجز عورتا شرقي نابلس، ما أدى إلى انقلابها، وإصابة ثلاثة مواطنين».

وأفادت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني بأن «طواقمها تعاملت مع ثلاث إصابات، بينها إصابة بالرصاص في اليد، وإصابتان جراء انقلاب المركبة، حيث جرى نقل المصابين إلى مستشفيات نابلس لتلقي العلاج».

وقال نادي الأسير إن «قوات الاحتلال اعتقلت 21 فلسطينياً من مدينة دورا، جنوب غربي محافظة الخليل، بعد اقتحامات واسعة لمنازل الفلسطينيين»، مشيراً إلى أن الاعتقالات طالت خمسة فلسطينيين من بلدة دير الغصون شمالي طولكرم.

وامتدت الاقتحامات إلى بلدة تقوع جنوب شرقي بيت لحم، وبلدات جيوس شمال قلقيلية، وعزون شرقها، وسنيريا جنوباً، إضافة إلى تفتيش واسع لمنازل المواطنين في بلدة بيت أمر شمال الخليل، واقتحام بلدة قباطية جنوب جنين.