رغبة سكان جنوب لبنان في العودة تصطدم بندرة الخدمات والاستهدافات الإسرائيلية

قتيلان بغارتين... والأمم المتحدة: عشرات الآلاف لا يستطيعون الرجوع

نيران مشتعلة إثر غارة إسرائيلية استهدفت ضاحية بيروت الجنوبية الأسبوع الماضي (أ.ب)
نيران مشتعلة إثر غارة إسرائيلية استهدفت ضاحية بيروت الجنوبية الأسبوع الماضي (أ.ب)
TT

رغبة سكان جنوب لبنان في العودة تصطدم بندرة الخدمات والاستهدافات الإسرائيلية

نيران مشتعلة إثر غارة إسرائيلية استهدفت ضاحية بيروت الجنوبية الأسبوع الماضي (أ.ب)
نيران مشتعلة إثر غارة إسرائيلية استهدفت ضاحية بيروت الجنوبية الأسبوع الماضي (أ.ب)

تصطدم رغبة سكان المنطقة الحدودية بجنوب لبنان في العودة إلى منازلهم مع غياب الخدمات الأساسية، بينها شبكات المياه والخدمات الصحية، كما تصطدم بالخروقات الإسرائيلية المتواصلة لاتفاق وقف إطلاق النار، وكان آخرها الخميس، حيث قتل شخصان وأصيب اثنان آخران في استهدافين منفصلين ببلدة ميس الجبل الحدودية.

وأفادت وسائل إعلام محلية باستهداف مسيّرة إسرائيلية آلية «بيك أب» بين بلدتي ميس الجبل وبليدا جنوب لبنان. وأعلنت وزارة الصحة اللبنانية أن «الغارة التي شنها العدو الإسرائيلي بمسيَّرة على سيارة في بلدة ميس الجبل جنوب لبنان أدت إلى سقوط شهيد لبناني وإصابة سوريَّين».

ولاحقاً، استهدفت مسيَّرة إسرائيلية سيارة عند ساحة بركة ميس الجبل؛ ما أدى إلى وقوع قتيل، وفق ما أفادت به «الوكالة الوطنية للإعلام» الرسمية اللبنانية، مشيرة إلى إصابة آخر بجروح. وأفادت بأن القتيل عنصر في الدفاع المدني اللبناني.

ونقلت «القناة12» الإسرائيلية عن مصدر أمني قوله إن الجيش الإسرائيلي «اغتال عنصراً آخر في (حزب الله) بغارة ثانية على جنوب لبنان». وأضافت: «هاجمنا للمرة الثانية جنوب لبنان لاستهداف عنصر من (حزب الله)».

وكانت مسيّرة إسرائيلية قد حلقت على علو منخفض جداً فوق أجواء بيروت والضاحية الجنوبية. كما حلق الطيران المسيّر الإسرائيلي على علو منخفض فوق منطقة بشامون والجوار والهرمل وقرى البقاع الشمالي في شرق لبنان.

عودة السكان

وتحول الخروقات الإسرائيلية دون عودة السكان إلى الجنوب، وهي تُضاف إلى غياب الخدمات الأساسية، وفق ما قال نائب المنسقة الأممية للبنان، عمران ريزا، محذراً بأن «عشرات الآلاف من الناس في بنت جبيل وصور في جنوب لبنان لا يستطيعون العودة لمنازلهم بأمان بسبب الدمار الذي لحق بشبكات المياه الرئيسية». وأكد ريزا عبر منصة «إكس» أن هناك حاجة ملحة لاستعادة الخدمات الأساسية، «فالحلول المؤقتة لا تكفي»، على حد قوله. وأضاف أن العاملين بالرعاية الصحية في بنت جبيل يبذلون قصارى جهدهم، «لكن ذلك ليس بديلاً عن ضرورة توفر الخدمات الصحية»، مؤكداً أن الأطفال «يحتاجون مدارس آمنة ورعاية صحية وأملاً في المستقبل».

وجاء تصريح ريزا غداة زيارته المنطقة الحدودية وتفقده الدمار في صور وبنت جبيل. وقال في بيان صادر عن منسقية الأمم المتحدة: «ما رأيته في جنوب لبنان كان مؤلماً وملهماً في آن. إن حجم الدمار في القرى والمراكز الصحية وأنظمة المياه مروع، لكن الأشخاص الذين التقيتهم كانوا مصدر إلهام حقيقي»، مضيفاً: «من الواضح أنهم يريدون العودة إلى منازلهم، وإعادة البناء، واستئناف حياتهم المنتجة».

وأشار ريزا إلى أن الجميع «ما زالوا يشعرون بانعدام الأمن. كثيرون ما زالوا يفتقرون إلى أساسيات الحياة، مثل المياه والكهرباء، ولا يزال عدد كبير من الناس نازحين؛ بعدما سُّويت منازلهم بالأرض».

وأضاف: «تحدث الناس عن حاجتهم إلى السلام، والتنقل الآمن، والخدمات الأساسية، والدعم لإعادة الإعمار، كما شاركوا الصدمات التي مّروا بها هم وأطفالهم، وأكدوا أهمية معالجة الصحة النفسية في أعقاب ما عاشوه». ورأى أن «التمويل المستدام أمر بالغ الأهمية لاستعادة المياه، والكهرباء، والرعاية الصحية، والتعليم، ولمساعدة الناس المتطلعين إلى المضي قدماً على طريق التعافي والاستقرار». وشدد على أنه «لا وقت لنضيعه. يجب أن تنطلق جهود التعافي فوراً».

«حزب الله»

ولم تُتخذ أي خطوة رسمية بعد لإعادة إعمار ما دمرته الحرب؛ الأمر الذي هو محط انتقاد من قبل «حزب الله»، الذي قال النائب عنه حسين الحاج حسن إن «دور الدولة هو الأساس في مواجهة الاعتداءات الإسرائيلية، وفرض الانسحاب، وعودة الأسرى، وإعادة الإعمار، ومطالبة الجهات الضامنة والراعية لاتفاق وقف إطلاق النار بالضغط على العدو الإسرائيلي لتطبيقه، ونحن نريد للدولة أن يكون موقفها قوياً، وسنبقى داعمين لها، لا سيما أننا جزء أساسي منها؛ سواء في مجلس الوزراء وفي مجلس النواب وفي البلديات والمخاتير والهيئات المنتخبة وفي النقابات... وكل المؤسسات».

وشدد في تصريح على أن «من واجبات الحكومة والدولة وكل مسؤوليها أن يزيدوا من ضغطهم وعملهم وتماسكهم باتجاه الضامنين للاتفاق، الذي حصل في 27 نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الماضي، والذي طبقه لبنان والتزم بكل ما عليه فيه، فيما العدو الصهيوني وقبله الولايات المتحدة الأميركية لم يلتزما بهذا القرار، لا سيما أن أميركا تغطي العدوان الصهيوني، وهي شريكة كاملة بهذا العدوان».

وتساءل: «ماذا فعلت اللجنة الخماسية المعنية بتطبيق اتفاق وقف النار خلال 5 أشهر وماذا أنجزت وما الدور الذي قامت به؟ حيث هناك ما يزيد على 3 آلاف انتهاك وعدوان إسرائيلي على لبنان، فضلاً عن مئات الشهداء والجرحى والدمار والقتل والخطف والتجريف وتدمير المنازل والمزارع».

وتقول السلطات اللبنانية إن عمليات الجيش اللبناني في جنوب الليطاني، أنجزت سحب 85 في المائة من أسلحة «حزب الله» ومنشآته بالمنطقة، وترى أنه «على الجانب الإسرائيلي الانسحاب، ليصبح الجيش مسؤولاً كلياً عن ضبط الحدود».


مقالات ذات صلة

مسؤول أممي يتوقع عودة مليون لاجئ إلى سوريا في عام 2026

المشرق العربي قادمون من لبنان عند معبر «جديدة يابوس» جنوب غربي سوريا في 6 أكتوبر الماضي (أ.ف.ب)

مسؤول أممي يتوقع عودة مليون لاجئ إلى سوريا في عام 2026

تقديرات «المفوضية» أن أكثر من 4 ملايين سوري سيعودون خلال فترة عامين، ما يجعل الدعم المالي الدولي مسألة عاجلة لضمان الاستقرار ومنع تفاقم الأزمات الإنسانية.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي عناصر من «حزب الله» خلال مناورة عسكرية بجنوب لبنان في مايو 2023 (د.ب.أ)

سيناتور أميركي يتهم «حزب الله» بإعادة تسليح نفسه

اتهم عضو مجلس الشيوخ الأميركي، ليندسي غراهام، «حزب الله» بالسعي إلى إعادة تسليح نفسه

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي مقر «المصرف المركزي» في بيروت (الوكالة الوطنية للإعلام)

لبنان: مشروع قانون استرداد الودائع يُفجر غضب المصارف والمودعين

أثار الإعلان عن الخطوط العريضة لقانون استرداد الودائع المصرفية المجمدة منذ عام 2019 غضب المودعين في المصارف اللبنانية وجمعية المصارف.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي الدخان يتصاعد من موقع غارة إسرائيلية استهدفت جنوب لبنان (أ.ف.ب)

الجيش الإسرائيلي يعلن استهداف عنصرين بـ«حزب الله» في جنوب لبنان

أعلن الجيش الإسرائيلي، اليوم الأحد، استهداف عنصرين بـ«حزب الله» في جنوب لبنان، رغم اتفاق وقف إطلاق النار الساري بين الجيش والجماعة اللبنانية.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي آلية للجيش اللبناني في بلدة ميس الجبل بجنوب لبنان تعبر قرب أبنية متضررة جراء الحرب (أرشيفية - رويترز)

النازحون من جنوب لبنان ينتشرون في العمق... ويبدأون حياة جديدة

لا يزال نحو مائة ألف مواطن لبناني من الطائفة الشيعية، تهجروا من منازلهم ومناطقهم نتيجة الحرب الإسرائيلية الأخيرة على لبنان، يعيشون في مناطق متفرقة.

بولا أسطيح (بيروت)

مسؤول أممي يتوقع عودة مليون لاجئ إلى سوريا في عام 2026

قادمون من لبنان عند معبر «جديدة يابوس» جنوب غربي سوريا في 6 أكتوبر الماضي (أ.ف.ب)
قادمون من لبنان عند معبر «جديدة يابوس» جنوب غربي سوريا في 6 أكتوبر الماضي (أ.ف.ب)
TT

مسؤول أممي يتوقع عودة مليون لاجئ إلى سوريا في عام 2026

قادمون من لبنان عند معبر «جديدة يابوس» جنوب غربي سوريا في 6 أكتوبر الماضي (أ.ف.ب)
قادمون من لبنان عند معبر «جديدة يابوس» جنوب غربي سوريا في 6 أكتوبر الماضي (أ.ف.ب)

توقّعت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين عودة نحو مليون لاجئ سوري إلى بلادهم خلال عام 2026، في ظل التعافي التدريجي الذي تشهده سوريا عقب سقوط نظام بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول) 2024.

وقال غونزالو فارغاس يوسا، ممثل المفوضية في سوريا، إن نحو 1.3 مليون لاجئ سوري عادوا بالفعل إلى بلادهم منذ ديسمبر 2024، إضافة إلى نحو مليونَي شخص من النازحين داخلياً الذين عادوا إلى مناطقهم الأصلية.

وأوضح أن ذلك يعني أن أكثر من 3 ملايين سوري عادوا، خلال فترة زمنية قصيرة نسبياً، إلى مناطقهم في بلد أنهكته الحرب على المستويات الاقتصادية والبنيوية والخدمية.

تكدُّس السوريين أمام البوابات الحدودية في تركيا انتظاراً لعودتهم إلى بلادهم (أ.ب)

وقال المسؤول الأممي لوكالة «الأناضول»، إنه كان في سوريا قبل أشهر قليلة من سقوط النظام المخلوع، وشهد عن قرب مرحلة الانتقال السياسي في البلاد. وأشار إلى أن الخوف الذي كان يهيمن على المجتمع السوري «تراجع بسرعة، ليحلّ محله شعور واسع بالأمل».

وأضاف أنه توجّه مع فريقه يوم 9 ديسمبر 2024 إلى الحدود اللبنانية، حيث شاهد آلاف السوريين يعودون تلقائياً إلى بلادهم بعد أكثر من 14 عاماً من اللجوء القسري. ولفت إلى أن الكثير من العائدين السوريين عبّروا عن فرحتهم ببلوغ وطنهم عبر تقبيل الأرض فور وصولهم.

الحاجة للدعم الدولي

وفي ما يخص التوقعات المستقبلية، قال يوسا: «منذ 8 ديسمبر 2024، عاد لاجئون سوريون بشكل أساسي من تركيا ولبنان والأردن، وبنسب أقل من مصر والعراق».

وأضاف: «تشير تقديراتنا إلى أن عام 2026 قد يشهد عودة نحو مليون شخص إضافي، ما يعني أن أكثر من 4 ملايين سوري سيعودون خلال فترة عامين». وأشار إلى أن «هذا الحجم الكبير من العودة يتم في ظروف بالغة الصعوبة، ما يجعل الدعم المالي الدولي مسألة عاجلة وحاسمة لضمان الاستقرار ومنع تفاقم الأزمات الإنسانية».

السوريون في تركيا يواصلون عودتهم إلى بلادهم منذ سقوط نظام الأسد (أ.ب)

دور تركي فاعل

وأشاد يوسا بدور تركيا، موضحاً أنها استضافت أعداداً كبيرة من اللاجئين السوريين لسنوات طويلة، ولعبت في الوقت ذاته «دوراً إيجابياً» في دعم الحكومة السورية الجديدة عقب 8 ديسمبر 2024.

وأشار إلى أن ممثلين عن القطاع الخاص التركي بدأوا بزيارة سوريا لاستكشاف فرص الاستثمار. واعتبر المسؤول الأممي خطوة المستثمرين الأتراك «مؤشراً مهماً» على بدء مرحلة جديدة من التعافي الاقتصادي وإعادة الإعمار.

عودة بعد عزلة

وفي تقييمه للمرحلة الراهنة، اعتبر يوسا أن ما تشهده سوريا هو عملية انتقالية معقّدة ستستغرق وقتاً، في ظل الدمار الواسع الذي خلّفته الحرب على مدى 14 عاماً.

وقال: «بعد حرب طويلة، من الطبيعي أن تكون البلاد مدمرة اقتصادياً وبنيوياً، وهذا التعافي لن يكون فورياً. ومع ذلك، فإن الحكومة والشعب السوري يستحقون إشادة كبيرة لنجاحهم في إعادة ربط البلاد بالعالم خلال فترة قصيرة نسبياً».

وأشار إلى أن سوريا كانت معزولة عن الساحة الدولية لأكثر من 14 عاماً، قبل أن تعود خلال عام واحد فقط إلى إقامة علاقات مع عدد متزايد من الدول، وهو ما اعتبره «تطوراً بالغ الأهمية».

وأكد المسؤول الأممي أن رؤية أعداد كبيرة من السوريين يعودون إلى ديارهم «تمثّل مؤشراً إيجابياً، إلا أن تحسن الأوضاع الاقتصادية بشكل ملموس سيحتاج إلى وقت، ما يستدعي دعماً دولياً منسقاً ومستداماً».

محل صرافة وتحويل أموال في دمشق يوم 18 ديسمبر بعد أن أُلغيت عقوبات «قيصر» الصارمة التي فُرضت على سوريا في عهد الرئيس السابق بشار الأسد (رويترز)

مفتاح التعافي

وسلّط ممثل «المفوضية» الضوء على جملة من العوامل الضرورية لتسريع عملية التعافي في سوريا، وفي مقدمتها الرفع الكامل للعقوبات.

وأعرب عن أمله أن يفتح رفع العقوبات الباب أمام استثمارات واسعة من القطاع الخاص في خطوة ضرورية لمرحلة إعادة الإعمار والتنمية.

وأوضح أن «المفوضية» وشركاءها يقدّمون دعماً مباشراً للعائدين، خاصة في ما يتعلق بإعادة استخراج الوثائق الرسمية.

ولفت إلى أن أكثر من ربع العائدين يفتقرون إلى وثائق أساسية مثل الهويات الشخصية أو سندات الملكية.

مطار دمشق الدولي يستقبل آلاف السوريين منذ سقوط النظام (سانا)

والخميس، وقّع الرئيس الأميركي دونالد ترمب في حفل بالبيت الأبيض قانون تفويض «الدفاع الوطني» لعام 2026 المتضمن بنداً لإلغاء العقوبات المفروضة على سوريا بموجب «قانون قيصر»، وبذلك تم رفع العقوبات رسمياً عن سوريا.

وفي 11 ديسمبر 2019 أقر الكونغرس الأميركي «قانون قيصر» لمعاقبة أركان نظام الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد على «جرائم حرب» ارتكبها بحق المدنيين.

وجرى توقيع «قانون قيصر» خلال ولاية ترمب الرئاسية الأولى (2017 ـ 2021)، لكن تطورات سوريا أواخر العام الماضي دفعته إلى العمل على إلغائه.

ورحبت «الخارجية السورية» في بيان، الجمعة، بـ«الإزالة النهائية» للعقوبات الاقتصادية المفروضة على سوريا بموجب «قانون قيصر»، وما تضمنه من إجراءات أثرت على مختلف مناحي الحياة المعيشية والاقتصادية.

وأضافت الوزارة أن الخطوة «تطور مهم يسهم في تخفيف الأعباء عن الشعب السوري، ويفتح المجال أمام مرحلة جديدة من التعافي والاستقرار».


ساعر: «حماس» تحاول ترسيخ سيطرتها على غزة... ولن نقبل ذلك

وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر (د.ب.أ)
وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر (د.ب.أ)
TT

ساعر: «حماس» تحاول ترسيخ سيطرتها على غزة... ولن نقبل ذلك

وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر (د.ب.أ)
وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر (د.ب.أ)

قال وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر، اليوم (الأحد)، إن حركة «حماس» الفلسطينية لا تعمل على نزع سلاحها.

وأوضح ساعر، عبر منصة «إكس»، أنه أخبر السيناتور الأميركي ليندسي غراهام خلال لقائهما أن «(حماس) لا تنزع سلاحها، بل تحاول ترسيخ سلطتها في غزة، وليس التخلي عنها»، مشدداً: «نحن لن نقبل هذا».

وأضاف ساعر: «إذا قامت (حماس) بنزع سلاحها سيكون هناك إعادة إعمار ومستقبل أفضل لغزة».

وحضّت الولايات المتحدة وقطر ومصر وتركيا، السبت، الطرفين المعنيين بوقف إطلاق النار في غزة على الوفاء بالتزاماتهما وممارسة ضبط النفس، وفق ما أفاد الموفد الأميركي ستيف ويتكوف بعد محادثات في ميامي.

واجتمع مسؤولون من الدول الثلاث مع ويتكوف، المبعوث الخاص للرئيس دونالد ترمب، لمراجعة المرحلة الأولى من وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ في 10 أكتوبر (تشرين الأول)، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

وجاء في بيان نشره ويتكوف على منصة «إكس»: «نؤكد مجدداً التزامنا الكامل بخطة السلام المكونة من 20 نقطة والتي وضعها الرئيس، وندعو جميع الأطراف إلى الوفاء بالتزاماتها، وممارسة ضبط النفس، والتعاون مع ترتيبات المراقبة».

ودعت الدول الأربع إلى «إنشاء وتفعيل» إدارة انتقالية «على المدى القريب»، وهي خطوة تنص عليها المرحلة الثانية من الاتفاق، لافتة النظر إلى أن المشاورات ستستمر في الأسابيع المقبلة بشأن تنفيذها.

وبموجب الاتفاق، من المفترض أن تنسحب إسرائيل من مواقعها الحالية في غزة، وأن تتولى سلطة مؤقتة إدارة القطاع الفلسطيني بدلاً من حركة «حماس»، وأن يتم نشر «قوة استقرار دولية».


إجراءات أمنية مشددة لحماية احتفالات الميلاد ورأس السنة في سوريا

إضاءة شجرة الميلاد في قرية القنية بريف إدلب الغربي (سانا)
إضاءة شجرة الميلاد في قرية القنية بريف إدلب الغربي (سانا)
TT

إجراءات أمنية مشددة لحماية احتفالات الميلاد ورأس السنة في سوريا

إضاءة شجرة الميلاد في قرية القنية بريف إدلب الغربي (سانا)
إضاءة شجرة الميلاد في قرية القنية بريف إدلب الغربي (سانا)

لأول مرة منذ 14 عاماً، احتفل المسيحيون في محافظة إدلب بإنارة شجرة عيد الميلاد، بحضور وسائل إعلام محلية ودولية، في وقت اتخذت فيه وزارة الداخلية إجراءات أمنية احترازية مشددة؛ لضمان حماية الأماكن التي تشهد تجمعات حاشدة.

ومع بدء الطوائف المسيحية المختلفة في سوريا التحضير لأعياد الميلاد ورأس السنة والاحتفالات بإنارة شجرة الميلاد وإقامة البازارات، نفذت قوى الأمن الداخلي انتشاراً كثيفاً في أحياء باب شرقي وباب توما والقصاع والقصور. بدأ ذلك مساء السبت بقطع بعض الطرق، ومنع دخول السيارات في الشوارع المكتظة بمحيط الكنائس، وسط حراسة مشددة، وذلك عقب حادثة سرقة تعرض لها نصب تذكري للقديس بولس في باب كيسان أمام باب دير مار بولس لطائفة الروم الكاثوليك، في حادثة غامضة أحدثت صدمة في أوساط المسيحيين.

وقالت مصادر من أهالي الحي بالقرب من الدير، إن اللصوص استغلوا أن موقع النصب المصنوع من البرونز والنحاس، والبالغ ارتفاعه ثلاثة أمتار ونصف المتر، قريب من ساحة باب مصلى على الشارع العام، كما استغلوا اقتصار الحراسة على شخص واحد من الكنيسة، حيث قاموا في ساعة متأخرة من الليل بإزالة التمثال عن قاعدته وسرقته، حيث لم يتبادر لذهن العابرين في المكان أن من يقوم بفك النصب بطريقة احترافية لصوص.

عنصر أمن سوري على سطح يطل على كنيسة القصير أثناء الاحتفال بإنارة شجرة الميلاد (متداولة)

وأرخت حادثة سرقة نصب القديس بولس بظلال ثقيلة على أجواء العيد في دمشق، مع أن التحليلات تتجه إلى أن الدافع هو سرقة المعدن المصنوع منه، إلا أن ذلك زاد التحديات الأمنية لدى السلطات التي تبدي اهتماماً خاصاً هذا العام بضبط الأمن في أماكن الاحتفالات والتجمعات الشعبية عموماً والدينية خصوصاً. وبدا هذا واضحاً في المدن والبلدات التي تشهد احتفالات، مثل مدينة حمص والبلدات التابعة لها، وفي بلدات الساحل السوري، ومحافظة حماة، والمناطق كافة التي سبق أن حصلت فيها حوادث عنف ذات طابع طائفي.

صورة جوية لبلدة الغسانية ذات الأغلبية المسيحية جنوب حمص وقد بدأ سكانها بالعودة إلى منازلهم ومتاجرهم المدمرة (أ.ف.ب)

كما برز بوضوح الاهتمام الرسمي باحتفالات البلدات المسيحية مثل القنية واليعقوبية في محافظة إدلب التي عاد إليها قسم كبير من أبنائها بعد الإطاحة بنظام الأسد، حيث كانت تلك المناطق ولسنوات ساحات للمواجهات العسكرية ومخيمات النازحين.

فرقة كنسية تعزف في ساحة كنيسة الصليب المقدس بدمشق احتفالاً بإضاءة شجرة عيد الميلاد (سانا)

واتخذت قوات الأمن التابعة لوزارة الداخلية السورية إجراءات أمنية في إدلب لضمان إقامة الفعاليات بشكل آمن. كما عُزفت موسيقى عيد الميلاد للمرة الأولى، بعد أن اقتصرت الاحتفالات خلال سنوات الحرب على الصلوات داخل الكنيسة وفي المنازل.

وأظهرت الصور المتداولة للاحتفالات مشاركة واسعة من الأهالي؛ كونها الأولى منذ عام 2011، ولها أهمية تتجاوز أبعاد الاحتفال الديني إلى التأكيد على بدء عودة الحياة الطبيعية لمناطق كانت الأولى باندلاع المواجهات العسكرية.

صورة متداولة لتمثال مار بولس المسروق (متداولة)

في الأثناء، حاولت «الشرق الأوسط» التواصل مع الكنيسة لمعرفة مزيد من التفاصيل، إلا أنه تم التحفظ على المعلومات، لأن الأمر ما زال قيد التحقيق.

وقال الأب سلامة سمعان في تصريحات، إنه سيكتفي بقول جملة واحدة فقط: «دمشق من دون مار بولس». وللقديس بولس أهمية روحية ورمزية عند المسيحيين والدمشقيين، كونه يعبر عن لحظة اهتداء بولس إلى المسيحية على أسوار دمشق، وقد نفذه نحات إيطالي ووضع أمام باب كيسان، حيث إن مدخل الدير هو الموقع الذي اهتدى فيه القديس بولس، ويظهر بالنصب لحظة وقوعه عن ظهر الحصان، وكان نظره متجها نحو السماء.

رجل ينتظر عند كشك عصير زين ضمن التحضيرات لأعياد الميلاد في دمشق (أ.ب)

يقول الإعلامي السوري ثابت سالم لـ«الشرق الأوسط»: «لو عرف اللصوص رمزية نصب بولس بغض النظر عن البُعد الديني، ما أقدموا على هذه الفعلة»، لافتاً إلى أنه في بداية أبريل (نيسان) عام 2007 ، قامت نانسي بيلوسي رئيسة مجلس النواب الأميركي بزيارة لدمشق، وقُبيل مغادرتها قالت في مؤتمر صحافي: «I am on the road to Damascus»، وترجمتها: «أنا على طريق دمشق»، مرددة تعبير بولس.

ويشير سالم إلى أن وزير الخارجية آنذاك وليد المعلم لم يفهم ما قصدته بيلوسي في تصريحها المهم، ولم يرد على تصريحها رغم لغته الإنجليزية القوية. وأنه عادة ما يستخدم هذا القول للإشارة إلى تحول بولس الرسول أو شاؤول إلى المسيحية عند تل كوكب قُرب داريا، نتيجة رؤيته المعروفة للهداية، وهو الضابط اليهودي المكلف بتأديب المسيحيين في دمشق وإنهاء وجودهم.